دراسات وتوثيقات / ترجمات وقراءات

إيهود أو لمرت "خليفة شارون" .

(أنا أكثر اليهود حظاً في الكون)

 

لقاء صحفي معه يوم أن كان عمدة للقدس:

أترك للقارئ التأمل في كلام خليفة شارون الجديد والذي كان في التسعينيات عمدة مدينة القدس، والذي سيكون له الأثر في السياسة التي تحكم يهود إذا ما أصبح رئيساً للوزراء ورئيساً لحزب (كديما) الجديد الذي أسسه شارون فدونك المقابلة فاقرأها. 

 

س: هل للديانات التوحيدية الرئيسة فـي نـظـــرك مطالب دينية فيما يتعلق بالقدس؟ أي الإسلام، والنصرانية، واليهودية؟

أولمرت: لا، فهناك اختلاف بينها؛ إذ لا توجد مـقـارنــــة بين مركزية القدس في الديانة اليهودية من ناحية وبين وضعها في الديانة المسيحية والإســلامـيــة من ناحية أخرى، إن الإسلام لم يعتبر القدس أبداً أهم مدينة؛ فالقدس حسب التقاليد الإسـلامية هي فقط ثالث أهم مدينة، ومركز الإسلام هو مكة.

وعـندما يصلي المسلمون فإنهم يتجهون بوجوههم نحو مكة، وبالمناسبة فإنهم عندما يقفون في الـمسجد الأقصى فإنهم يديرون ظهورهم لجبل الهيكل. إضافة لذلك فإنه لم تكن القدس عبر تاريخها الطويل أبداً ولأي لحظة عاصمة لأي كيان عربي أو مسلم [!]،

لقد كانت الرملة (وهي بلدة صغيرة تقع على بعد40 كيلو متراً شمال القدس) عاصمة لذلك الكـيـــان لفترة ما خلال بداية الحكم الإسلامي للقدس، وذلك من أجل عدم جعل القدس بالــــذات العاصمة حتى لا تزاحم مكانة مكة!!

 أما النصارى، فإن أهم وأقدس مكان لهم في القـــدس هي كنيسة القيامة والتي يعتقد أنها مكان دفن المسيح وطريق الآلام الذي سار فيه المسيح. إن القدس بلا شك مكان مهم (للمسيحية).

أما بالنسبة لنا نحن اليهود فإن القدس هي كـل شــيء؛ فـهـي مـركــز التاريخ اليهودي، ومركز الحياة اليهودية، ومركز الديانة اليهودية. إن القدس تمثل أطـهـر تعبير لكل ما صلى اليهود من أجله وحلموا به وصرخوا من أجله وماتوا من أجله خلال الألفي عام التي تلت تدمير الهيكل الثاني، كان على كل يهودي ملتزم خلال الألفي عام تـلـك أن يصلـي ثلاث مرات في اليوم، على الأقل، ويذكر القدس في كل صلاة وهو يتوقع أن يرجعنا الإله بفضله إلى القدس يوماً ما.

 

س: هل يجب أن تترجم المطالب الدينية إلى حقوق سياسية وإقليمية؟

أولمرت: بالتأكيد، فالحقوق السياسية لا تنبع من فراغ، والأمــر بسيط؛ فهذه الحقوق تتبع إطاراً ذا أبعاد تاريخية ودينية وسياسية، فما هـــــو ـ بـعـــد ذلك كله ـ أساس الادعاءات الفلسطينية حول كون القدس عاصمتهم؟ إن هذه الادعاءات يـجـب أن يـكـون لها جذور في التاريخ حتى يكون لها أساس، ثم انظر إلى التفاصيل بعد ذلك؛ فما هو الـتـاريــخ الفـعـلي للشعب الفلسطيني في القدس؟

 

س: مـاذا عن حقـوق السكان المسلمين الذين يقطنون القدس اليوم؟

أولمرت: إن 28% من سكان القدس اليوم هم فلسطينيون، وأنا لا أنكر هذه الحقيقة، وفي نفس الــوقت فإن القدس ليست أول مدينة تحتوي على أقلية قومية، ولا توجد أي مدينة تحتوي عـلــى أقليات من هذا النوع وتم تقسيمها بحدود عرقية، إن ذلك لم يحدث أبداً، والقدس لن تكون أول مدينة تقسم بهذا الشكل.

 

س: هل يمكن القول إن كلاً من اليهود والمسلمين يسعى لكسب الدعم النصراني لموقفهم؟ بكلمات أخرى: هل يكون النصارى هم العامل الحاسم؟

أولمرت: إن هذا أحد الطرق لتفسير ذلك، إلا أنه ليس أدقها حيث إننا لن نسمح لأي كائن من كان بأن يحـــدد هــذا الصراع. وهذا الصراع في الواقع قد تم تحديده بالفعل منذ ثلاثة آلاف سنة. إن القدس لـيـسـت حقـيـقــــة نحاول خلقها الآن، إن القدس كانت وهي الآن وستظل عاصمتنا للأبد، ولن يقوم النصـارى أو غيرهم بتحديد نتيجة هذه المعركة لنا بشكل مفتعل أو فني. نحن من سنحدد نتيجة هذا الصراع، ولدينا المثابرة، والعزيمة وقوة الإرادة والقوة النابعة من الالتزام، والآن فمن الـصـحـيــح القول إن المجتمع النصراني هو الأقوى سياسياً في العالم، ونتيجة لذلك يسعى طرفا المعركة لكسب هذا المجتمع في صالحهما، ولا يقتصر ذلك على القدس فقط بل وعلى النزاع العـربـــي ـ الإسرائيلي، إننا نرغب أن تكون الدول المأهولة بالنصارى كالأوروبيين والأمريكان داعـمـــــــة لنا، وإنني أعتقد أنها كذلك لدرجة كبيرة، إلا أنني أكرر مرة أخرى أن ذلك لا يعني أنهم يقررون من الذي سينتصر في القدس.

 

س: هـل أنت قلق من أن تتحول القدس اليهودية إلى مديـنــــة الحــاريدين (Haredi) وبمعنى أصح أن تصبح القدس مكاناً يهيمن عليه التقليديون المتطرفون؟

أولمرت: إنني لست قلقاً. نعم! الحاريديون لهم معدل ولادة مؤثر إلا أن ما لا يدركه الناس هــو أن الحاريديين لهم أعلى معدل هجرة من القدس، والسبب لذلك اقتصادي، حيث إن أثمـان الإسـكـان في القدس مرتفعة جداً والحاريديون هم الأقل قدرة مالية؛ ولذلك يبحثون عن السكن خـــارج الـمـديـنـة، ولهذا السبب ذاته فإن بلدات كبيتار، وكريات سيفر، وما تينونياهو تطورت، بالإضافة للـمـناطق السكنية للحاريديين في بلدات بيت شمس، وكريات غات وأشدود، لقد تطورت هذه بشكل سريع على مدى السنوات الثلاث الماضية.

 

س: ماذا عن التطلعات الاقتصادية للقدس وهي إحدى أفقر المدن الإسرائيلية؟

أولمرت: إننا نحاول تحسينها من خـــلال القيام يجـهــــود منسقة بين البلدية والحكومة الوطنية، إن الالتزام بتقوية القدس ليس مجرد مصلحة محـلـيــة أو أمل لأي رئيس لبلدية القدس يريد أن ينجح في عمله، بل إنها أولوية إسرائيلية على أعـلـى الـمـسـتـويات، إن ضمان تقوية القدس ـ يجعل الناس يرغبون السكن هنا؛ وانتقال الأعمال إلى هـنـــا ـ يعني إعطاء هؤلاء الناس الحوافز الصحيحة، وإنني أعتقد أنه بإمكاننا ذلك وسنقوم بذلـك فـي الـنـهـايــــــة، إن الحكومة الوطنية وحدها تمتلك المعدات والوسائل لتحقيق تغيير كهذا، فبإمكانها عـلـى سـبـيل المثال أن تقرر أن كل مهاجر جديد لإسرائيل سيحصل على منحة إضافية في حال قرر السكن في القدس بدلاً من أي مكان آخر في إسرائيل، وعندما يحصل ذلك سترى كيف سيفضل المهاجرون السكن في القدس، وبنفس المنوال في حال حصلت كل من المحطات التصنيعية على منحة إضافية إذا قررت العمل في القدس فإنك سترى المزيد من ذلك في المدينة؛ إن الموضوع متعلق بالأولويات الوطنية.

 

س: وهل سيقدم الـمـهــاجرون والـمصانع بالرغم من المشاكل العالقة في القدس وبالرغم من الصراع الذي يأخذ مكانه الآن حول مستقبل المدينة؟

أولمرت: أجل؛ وذلك لأنه في النهايـــــة لا يوجد اختلاف سياسي رئيس بين القدس وتل أبيب. إن القدس تعاني من التفجيرات الانتحـارية وكذلك تل أبيب، وبشكل عام فإن أي شخص مستاء من الوضع في القدس ـ وقد يكون له الحق في ذلك ـ سيجد أن المشاكل ليست مقتصرة على تلك المدينة فقط، ومن ناحية أخــــــرى فإن مزايا العيش في القدس ـ الطقس الرائع والهواء الرائع والدمج الجميل بين القديم والحــديـث وديناميكية مجتمع القدس، والتطوير في الاقتصاد والصناعة في القدس ـ هي حوافز كبرى للناس ليأتوا ويسكنوا هنا.

 

س: لو قبلنا أن العرب واليهود لهم حق العيش حيثما يرغبون، فهل ستقوم باحترام تقليد الأحياء المنفصلة كما هو الآن؟ أم ستفضل رؤية هذه مفككة؟

أولمرت: ليس بإمكاني أن أقول لك إن حلمي هو أن أجد الـمـزيـد مـــن العرب يعيشون في الـقــــدس، إنني آمل أن لا يكون هناك المزيد من العرب يعيشون في الـقــدس؛ وذلـك لأن الاختلافات القومية لها أثر على نمط الحياة والمناخ والعلاقات بين مختلف السكان. لدينا ما يـكـفـي مــن الـمـشـاكـل في القدس، إن أولئك القاطنين في القدس لديهم الحق في حياة متساوية، وليس لدينا القدرة والسلطة لطردهم؛ إلا أنني لا أبحث عن حلول من شأنها أن تجلب المزيد من العرب للمدينة. لا، أنا لا أحبذ ذلك.

 

س: لنفترض أن هناك عـــــدداً معيناً من العرب في القدس، هل يجب أن يعيش هؤلاء مع اليهود جنباً إلى جنب دون زيادة أو نقص في هذا العدد؟

أولمرت: ذلك ليس على قمة أولوياتي، وهو شيء لا أخشى منه.

 

س: إلا أنه يبدو أن الـعــرب لا يـريـدون التـكـامل، وهم يفضلون مدارس منفصلة وأماكن منفصلة للعيش؟

أولـمرت: ذلك مرة أخرى ليس على قمة أولوياتي، وأنا لا أخشى حدوث ذلك، وفي حالة حدوثه فليكن الأمر كذلك.

 

س: ما هي أولى أولوياتك إذن؟

أولـمرت: القيام باستثمارات رئيسية في مناطق ذات أهمية لمستقبل القدس، هذا هو السبب الذي جعلني أفضل بناء المجمع السكني في حارهوما (جبل أبو غنيم).

 

س: ولماذا هذا المشروع على هذه الدرجة من الأهمية؟

أولـمــرت: إنه مشروع استراتيجي سيوفر 7000 وحدة سكنية إضافية للقدس، مما يجعله مدينة صغيرة بحد ذاته. وذلك من أجل تخفيف المشاكل السكنية في المدينة. إن الآلاف من الأطفـال يعيشون الآن في المدينة من دون سكن ملائم بإمكان آبائهم شراؤه، وهناك مصلحة حقيقية كما ترى في البناء في حارهوما، إضافة لذلك فإن المشروع يقع في موقع استراتيجي سيؤثر في مستقبل القدس.

 

س: بأثر رجعي، هل تم التعامل مع قرار البناء السابق بشكل سليم؟

أولـمـرت: بالـتـأكـيد، لم يكن هناك أي طريق آخر لبناء حارهوما، وأنا سعيد جداً لبنائنا حارهوما، وإنني أعدك أننا سنستمر في بناء حارهوما، إن المشروع لم يتم تجميده.

 

س: لقد نقلت صحـيـفـــــة مصرية تصريحاً لك ذكرت فيه أن إطالة فترة محادثات مسيرة السلام يخدم المصالح الإسرائـيـلـيـة؛ لأنـــــــه يسـمـح للإسرائيليين (بإنهاء مشاريع البناء الاستيطانية) هل هذا ما تشعر به بالفعل؟

أولـمـرت: لا أذكر أنني قلت شيئاً من هذا القبيل؛ إلا أننا لا نحتاج إلى أي عذر لاستمرار البنـاء في أي مكان نرى ضرورة البناء فيه، ربما قلت: إن العرب قد يعتقدون أنهم يعاقبون إسرائـيــــل من خلال تعليق المحادثات ليكتشفوا في النهاية أنهم يعاقبون أنفسهم بالفعل، إنني لا أتـذكـر أنني تفوهت بما ذكرته؛ ولكن كما تعرف فإن الصحافة العربية لا تحتاج لأي حقائق من أجل بناء جدالهم، إنه بإمكانهم بكل سهولة خلق الحقائق التي تناسبهم.

 

س: هل ستقوم بفتح نفق (ألهسمونيان) (تحت المسجد الأقصى) بطريقة مختلفة عن السنة الماضية لو أتيح لك أن تقوم بذلك مرة أخرى؟

أولمرت: لا، بل يجب ألا يتغير أي شيء قمنا به، باستثناء أنه في المرة القادمة على رئيس الوزراء أن يتأكد من كون الجيش متأهباً لمنع ردود الفعل التي سببت العنف قبل عام، فلو كان الجيش جـاهـزاً وفي مواقعه السليمة لما حدث هناك عنف ضد أناس أبرياء كما حصل بالفعل.

 

س: لقد ذكر صائب عريقات أحد كبار معاوني عرفات حول حادثة النفق (أن الحكومات الإسرائيلية كلما وجــدت نفـسـهـا تواجه أزمات داخلية سواء نتيجة الفساد، أو انتهاك الثقة أو الرشوة فإنها تحاول صرف الانتباه، إن هذا ما حدث مع ايهود أولمرت عندما تم اتهامه بالرشوة، لم يكن أمامه خــيــار آخر سوى فتح نفق القدس من أجل صرف الأنظار عمّـا كان يجري في المحاكم) هل لك تعليق على ذلك؟

أولمرت: في الواقع هذا لا يستحق أي تعلـيـق، لقد اتهمت بترتيب حفلة من أجل الحصول على تبرعات غير قانونية، وقد تم تبرئتي بـشـكــل قـطعي ودون أي التباس في محكمة تل أبيب، قبل عدة أسابيع، ولذلك فإنني نظيف من أي أثـر لأي نــشـــاط إجــرامي.

إن هذا الـنقـاش يجسد التفكير العربي، وهو حالة واضحة للإسقاط الذهني، حيث يصـمــونـنــي بالطريقة نفسها التي يعالج بها عرفات ومساعدوه مشاكلهم.

 

س: لـقــد ذكرت فور انتخابك رئيساً للبلدية أنك تفضل التفاوض على وضع القدس الآن قبل الـغـــد، بمعنى أنك تريد القفز لمفاوضات الوضع النهائي، فهل لا زلت تشعر بالشيء نفسه؟

أولمرت: أجل، إلا أن ذلك متأخر الآن، لقد طرحت ذلك قبل ثلاث سنوات، عندما كنا لا نـزال فـي المراحل البدائية لتطبيق أوسلو، لقد كان تسويغي لذلك بسيطاً وهو أنه إذا تركنا قضية الـقــدس للنهاية فقد نجد أنفسنا ندعو المجتمع الدولي ليضغط علينا من أجل تقديم التنازلات في الـقــــدس. وكـمــا حــدث فإننا الآن على مشارف المرحلة النهائية من المسار التفاوضي، وعليه فليس هناك الكثير مـمـــــا يمكن لإسرائيل القيام به الآن؛ فالمدينة سيتم التفاوض حولها الآن على أي حال.

 

س: ما هو الحل طويل الأمد الذي تفضله لحل الخلاف حول القدس؟

أولمرت: لقد تم تفصيل الحل قبل ثلاثة آلاف سنة، القدس مدينة واحدة، مدينة موحدة وعاصمة لإسرائيل، لقد حسم الأمر، فأي حل آخر يمكن أن يكون غير هذا؟

 

س: هل تشتمل هذه الرؤيا على نوع من الحكم الذاتي لعرب القدس؟

أولمرت: حكم ذاتي؟ لا، حرية؟ نعم.

 

س: ماذا عن أي تدابير خاصة أو حقوق طائفية للقاطنين العرب؟

أولـمـرت: لا شيء يتعدى الحرية الشخصية، هم مخولون بممارسة جميع حقوق المواطنين الأحـــــرار في مجتمع ديمواقراطي. سيكون لهم حقوق فردية تماماً كما يمتلك كل يهودي حقوقاً فردية، لن يمتلك العرب أو اليهود أي حقوق طائفية خاصة في القدس.

 

س: لـقـد توصـــل يـوسـي بـيـلـيـن وأبــــو مازن لاتفاقية من ثلاثة عناصر؛ حيث سيقوم الفلسطينيون ببناء مركز حكومة في قضاء أبـو ديـس ويطلقون عليه (القدس) وستكون القدس الغربية لإسرائيل، أما القدس الشرقية فستبقى مـوضـــع النزاع في الوقت الراهن مع بقائها تحت السيطرة الإسرائيلية؛ أما جبل الهيكل فإنه سـيـبـقــى تحت السيطرة العربية. ماذا تعتبر هذه الاتفاقية؟

أولمرت: إنها خطة غبية ومتهورة وغير مسؤولة، إنها تتحدث عن وضع أجزاء من القدس تحــت الـسـيادة الكاملة للفلسطينيين بما فيها بعض الأماكن المسيحية المقدسة. هل لك أن تتخيل قيام اليهود بمنح المسلمين الحقوق فوق كنيسة القيامة وهي أقدس مكان للنصارى في القدس؟ وأي مسلمين؟ منظمة التحرير الفلسطينية؟ يا للغباء!

 

س: وماذا عن فكرة كون أبو ديس العاصمة الفلسطينية. وأي قيمة لتلك الفكرة؟

أولمرت: إنها سـخـيـفـة، إن أولـئـك الـــذي يتحدثون عن تلك الخطة يعتقدون أن العرب سيقبلون بحل يبقيهم خارج القدس الفـعـلـيــــة، لو كان العرب جاهزين لذلك فإن السؤال سيكون مختلفاً جداً إلا أنني أشك بذلك جداً.

 

س: هل تقول إن أبو ديس تشبه الحملة القديـمـة التي تقول بأن (الأردن هو فلسطين) أي منح الفلسطينيين شيئاً لا يرغبونه بالذات على أمل إزاحة عبئهم عن إسرائيل؟

أولمرت: أجل، ربما يأخذون ما قدم لهم، إلا أن ذلك لن يقنعهم لفترة طويلة.

 

س: هل من العدل القول إن السياسة الأمريكية الرسمية تجاه القدس مجمدة زمنياً؟ بمعنى أنها لا زالت تدعو لتدويل المدينة وترفض الاعـتـراف بالسـيـطـــرة الإسرائيلية على الجزء الشرقي منها ولا زالت تحتفظ بالسفارة في تل أبيب؟

أولمرت: للأسف فإن السياسة الأمريكية الرسمية لم تتحرك بأي تطورات فعلية ولا بالنظرة التي يبديها معظم الشعب الأمريكي.

 

س: ولِمَ لا؟

أولمـرت: إن هذا شيء ربما بإمكان الأمريكان تفسيره أفضل مني. إنه بإمكاني فقط ملاحظة أنه إذا كـان الكونغرس يعكس فعلياً التوجهات الشعبية الأمريكية، ويفترض فيه هذا؛ لأن مجلس الـنـواب يـنـتـخــب كل سنتين، فليس بإمكان أحد أن يتجاهل حقيقة أن الغالبية العظمى من رجال الكونـغــرس (والـشـيـــوخ) قد صوّتوا لصالح الاعتراف بالقدس العاصمة الموحدة وغير المقسمة لدولة إسرائيل؛ وبالإضـافـــة إلـى ذلـك فـقــــد طالبوا بنقل السفارة الأمريكية للقدس.

 

س: وهـــــل تـتـصــرف إدارة كلينتون وفق القانون فيما يتعلق بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؟

أولمرت: حسب الجدول الزمـني في القانون؛ فإن الإدارة لا زال لديها بعض الوقت، حتى عــــام 1999م، لتقوم بـنـقـل السفارة، ولا استشعر أن الإدارة تقوم بجهود كبيرة في ذلك، إنني آمل استمرار تزايد الضغط حتى تصبح السفارة الأمريكية بالفعل في القدس بحلول عام 1999م.

 

س: لـقـــد قال أحمد الطيبي مستشار عرفات حول إسرائيل (أنا لا أعرف ما الذي يحرك أيهود أولمرت) إن هذا الموضوع يستحق بحثاً جدياً؛ فهل لك أن ترد على ذلك؟

أولمرت: لماذا لا يقوم الطيبي باستغلال وقته ويُجري أبحاثاً حول هذا الموضوع ينصح فيها عرفات بـدلاً من هدر طاقته كعميل أجنبي، إن دوافعي بسيطة وهي حماية وحدة القدس، هذا هو طموحي وتطلعي وحلمي.

 

س: هل تستمتع بوظيفتك؟

أولمرت: إنـنـي أعـتـبـر نـفــسي ربما أكثر يهودي تميزاً في الكون؛ وذلك نتيجة المصادفة التاريخية التي منحتني القوة لقيادة هذه المدينة في هذا الوقت من تاريخها، ماذا يمكن أن يكون أكثر إثارة وأكثر سحــراً وأكثر أهمية وأكثر مسؤولية من أن تكون قائداً للمدينة التي صلى من أجلها كل يهودي على مدى الألفي سنة الماضية؟

 

س: ماذا يعني كونك عمدة لبلدية القدس؟

أولمرت: دعني أخبرك بقـصـة قد تعطيك فكرة عن ذلك. لقد وصلت إلى نيويورك قبل أيام قليلة على متن الطيران الفرنسي بعد تغيير الطائرات في باريس، وعند وصولي جاءني أحد موظفي شركة الطيران وكنت مـع زوجـتـي عـنـدما كنا نهم بمغادرة الطائرة وسألني: (هل أنت السيد أولمرت؟) أجبته (نعم) فقال: إذن لــــديّ بعض الأخبار السيئة لك، لقد خفق قلبي؛ حيث كان هناك تفجيران انتحاريان رئـيـسـيــان في الشهرين السابقين وخفت على الفور من أخبار انفجار آخر، أو أي نوع من الكوارث في المدينة، فسألته بقلق: (ما الأمر؟) فأجاب: إن حقائبك لم تلحق الطائرة في باريس، ولن تـصـــل إلى هنا قبل الغد. عندها بدأت أضـحـك بارتياح، ونظرت إليّ امرأة تعمل في شركة الطيران معتقدة أنني مجنون. إن هذا ما يعنيه أن تكون عمدة لبلدية القدس. إنها ليست بالوظيفة المريحة.

 

الهوامش:

  • هـو رئيس بلدية القدس منذ عام 1993م، وهو من مواليد فلسطين ـ عمل محامياً وكاتباً صحفـيــاً ودخل البرلمان الإسرائيلي عام 1973م وعيين وزيراً للصحة في الفترة من 1988 ـ 1992م. وقـد أجرت معه هذه المقابلة دورية (الشرق الأوسط) الربع سنوية ديسمبر 1997م. وهي دورية تهـتـم بالدعاية للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، ويرأس تحريرها (دانيال بايبس) وهو كاتــب معروف بعدائه الشديد للمسلمين ودفاعه المستميت عن مصالح إسرائيل في أمريكا.

.