أنشطة المركز / للمركز كلمة

خطاب أوباما بين الشيطنة والتمجيد

 

 

خطاب أوباما بين الشيطنة والتمجيد

 

 

عيسى القدومي

 

 

 

أوقع خطاب الرئيس الأمريكي الجديد أوباما الموجه للعالم الإسلامي من القاهرة الكثير من ردود الأفعال والأقوال ، فمن خطاب تنصيبه كرئيس للولايات المتحدة إلى خطابه في القاهرة وما بينهما من تصريحات ؛ عمل أوباما على تحديد رؤيته للعالم الإسلامي - بموقف غير مسبوق – فاجأ الكثيرين حيث قال: " أريد أن أسلك منهجاً جديداً مع العالم الإسلامي يقوم على الاحترام المشترك ؛ العالم تغير وأنه حان الوقت كي نتغير معه".

والمسلمون منقسمون ما بين متفائل غارق في بحر الآمال التي يتوقعها من هذا الرئيس الذي تعود أصوله لأسرة إسلامية ، عاش طفولته في أكبر دولة إسلامية "أندونيسيا" ، وبها لعب مع أطفالها ، ودرس في مدارسها ، وطرقت آذانه أصوات المؤذنين في مساجدها ؛ وأوصلهم هذا الارتياح إلى اعتبارها نقطة تحول في المسار التاريخي لتسوية القضية الفلسطينية !!  

 

وبين مُشَيطنٌ لهذا الخطاب على الرغم من تلك العبارات الإيجابية التي نطق بها – على خلاف أسلافه من رؤساء الولايات المتحدة - معتبراً أن الخطاب ما هو إلا محاولة لتحسين صورة ممارسات دولته في العالم الإسلامي على وجه الخصوص؛  وصورة من صور الدهاء والمكر للإسلام والمسلمين وقضاياهم العادلة ؛ ووعود لا تجد طريقها نحو التطبيق ، ومحاولة فاشلة لاستعادة الثقة المفقودة !!

 

وما بين هذا وذاك نرى أن الطريق بأوله ، والغرق في بحر المدح والتمجيد من أجل بضع عبارات سمعناها كحال الغريق الذي يتعلق بقشة ؛ المهم هو أن يتغير الموقف على الأرض ، وأن نري سياسات وإجراءات وممارسات تتوقف في فلسطين بالتحديد لأنها بؤرة الصراع وفيه معيار صدق النوايا ؛ فلا يمكن أن تغير أمريكا صورتها في العالم الإسلامي بدون المساهمة في إزالة الظلم التاريخي الواقع على الفلسطينيين .  

 

ومن الغريب أن يسارع البعض بإهدائه الأغاني والأناشيد – ممن هو محسوب على الإسلاميين -  والبعض كناه بأطيب الكنى - كأبو حسين - ونتفاءل ونصفه بأطيب الأوصاف وإلى الآن لم سمعنا إلا كلمات ولم نر فعلاً حقيقياً .

 

وأشفق –حقيقة- على حال أمتنا ؛ حيث وصل بنا الضعف أن نجعل من الكلام نصراً ، ونحن على يقين أن القضية الفلسطينية والتي عمرها الحقيقي الذي تجاوز الـ100 عام من الزمن لن تغيرها كلمات بل أفعال حقيقية ؛ والأيام بيننا فقد طال الظلم على أمتنا وأهل فلسطين مازالوا تحت ممارسات الاحتلال منذ 61 عاماً ؛ ومدة حكم باراك أوباما قد لا تطول أكثر من أربع سنوات ونحن ننتظر - الماء تكذب الغطاس – ولذا أرى أن نكون موضوعيين في كتاباتنا ؛ وأكثر عمقاً في تحليلاتنا ؛ ونشر مواقفنا ؛ وأركز بالخصوص على كتاب الصحافة الإسلامية.

 

نعم تلك الخطابات وهذه التصريحات أثرت في الكثيرين في تحسين صورة أمريكا, ولكنّ الوقائع على الأرض هي الحكم في النهاية !! وبها نحكم على الخطابات: فإما تكون أوهام لتهدئة النفوس ، وتمرير المخططات في المنطقة وزيادة الشق في عالمنا العربي والإسلامي ؛ أو أقوال تتبعها أفعال وقرارات تلزم الكيان الغاصب فك المغتصبات وهدم الجدار العنصري العازل ، وتوقيف الاعتداءات ، وتدمير البنية التحتية ، وافتعال الإحداث ، وتأجيج الاقتتال والفراق بين الأطراف الفلسطينية.

 

.