أنشطة المركز / للمركز كلمة
رسالة تحذير ونذير إلى أهلنا في فلسطين.
رسالة تحذير ونذير إلى أهلنا في فلسطين
قال تعالى: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" الأنفال/46
يراقب مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية عن كثب ما آلت إليه الأمور في قطاع غزة ورام الله من أحداث مؤسفة بين أبناء الشعب الفلسطيني الواحد, وهو التي حذر وناشد العقلاء والحكماء من ذي قبل في أكثر من مقال وفتوى لتدارك الأمور ومعالجتها قبل أن تسري الفتنة كالنار في الهشيم، ولكن للأسف بدل من ذلك نجد تصعيدياً بالقرارات والخطابات التي لا تنم عن فعل حكيم يدعو للحكمة وتقديم مصلحة الأمة، بقدر ما تنم عن حالة غريبة عن مجتمعنا تحاول خدمة أجندات غربية وخارجية تبين مدى حالة التخبط والعمى عند البعض من أجل إرضاء أو كسب حزبي مقيت ولو أدى ذلك لحالة من تقسيم الشعب الفلسطيني واقتتاله ونهاية لكل عناوين الجهاد والمقاومة، وحينها لا يستطيع الشعب الفلسطيني أن ينتصر على نفسه بعد أن تسيل الدماء ويكون القتل بالعشرات يومياً -على من يعرف طبيعة وديموغرافية الشعب الفلسطيني - وحينها تكون المأساة التي سيتكلم عنها كل عدو باجتراء وسخرية وهو ما بدا واضحاً من خلال التصريحات عن عدم أهلية الأطراف الفلسطينية لإقامة دولة فلسطينية ولو على بضع أمتار!!
وعليه وجب التحذير والتذكير أنه لا فائدة من رفع السلاح بين أبناء هذا الشعب مهما كانت الأسباب والمسببات الساعية لإشعال نار الفتنة وإيقاد أتونها، وهو ليس بشرف أو مفخرة أن نتعالى على بعضنا بقدر ما هو خسة وبيع للضمير من أجل أهواء ومصالح خاصة, وهذا الذي حذرنا منه ربنا U فقال: "قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ" (الأنعام:65).
ولنعلم أنه لا يجوز بأي حال من الأحوال ترويع المسلم وتخويفه في المسجد أو البيت أو السوق أو الطريق أو المؤسسات أو في أي مكان عموماً فضلاً عن قتله واستباحة دمه، قال تعالى: " ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً".
فالمسلم لا ينصر أحداً على باطل، مسلماً كان أو غير مسلم، فرداً كان أو كياناً، مهما كانت الدوافع والمبررات، وولائه للحق الذي نزل من عند الله، شعارنا أننا قوّامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسنا، وإن من نصر قومه على الباطل فهو كالبعير الذي تردى وهو ينزع بذنبه! كما قال صلى الله عليه وآله وسلم.
وعلى الجميع أن يتقوا الله ويكفوا عن تخريب وتدمير مؤسسات الأمة والتي هي ملك للأمة وليست ملكاً لفردٍ أو حزبٍ أو تنظيمٍ أو جماعةٍ أو حركةٍ خاصة وأنها قامت وبنيت بأموالٍ جمعت باسم الأمة، وتخريبها والاعتداء عليها فيه خيانة للدين والأمة.
إنها الحرب الأهلية التي سعت يهود لتحقيقها من وراء انسحابها من غزة, وتلك القرارات الأوسلوية التي عرف الأعداء كيف يديرونها ويفاوضون عليها بحيث يخرج الجانب الآخر مهزوماً بامتياز, تلاحقه تلك القرارات على مر العصور مكبلاً بآصار التبعية والانقياد على موافقته ليجر الآخرين نحو الهلاك المحتم.
ويبقى على علماء الأمة من داخل فلسطين وخارجها والمخلصين والعقلاء جميعاً في كل فرقةٍ أو فئةٍ أو حزبٍ أو تنظيمٍ أو حركةٍ مسؤولية جسيمة في وقف تصاعد حمام الدم وهول الأحداث، ويجب ألا ننسى ولا تغيب عن ذاكرتنا ولو للحظة بشاعة الحرب الأهلية اللبنانية والعراقية والأفغانية ...الخ، فإذا ما اشتعلت أتون الحرب الأهلية الفلسطينية فإنها ستفوق مثيلاتها من المجازر دمويةً وحقداً.
قال ربنا U: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ" وعليه فإن على فصائل المقاومة أن تعود إلى الحرب المشروعة الحقيقية لدفع العدوان: العدوان على بلاد الإسلام، والتي يحاول الأعداء صرفهم عنها، وهي والله عزها وشرفها في الدنيا والآخرة، لنقطع الطريق على الأعداء ونكون على مستوى الأمانة والمسئولية، ولا نسوّد جهادنا المتميز الذي جمع القلوب حوله، ولنتذكر أننا في أيام فضيلة شريفة عند الله جل وعلا وهي كذلك من الأشهر الحرم التي حرّم الله فيها ابتداء الكفار بالقتال فكيف بالمسلمين!!
اللهم اعصمنا من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، وأبرم لأمتنا أمر رشد تحقن به دماء المسلمين ...
مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية