فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول
حتى لا تخسر فلسطين عقول أبنائها
حتى لا تخسر فلسطين عقول أبنائها
غزة – ساهر الحاج – مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية
الحديث عن الهجرة في فلسطين ربما له بعض الاعتبارات الاستثنائية ، بسبب الوضع الأمني والاقتصادي الذي يفرضه واقع الاحتلال وقد يحاول البعض الزج بالحديث عن الهجرة لنقد أقطاب الصراع في قطاع غزة وتوجيه أصابع الاتهام لهم ، لكننا هنا بصدد إيجاد حل لهذه المسألة بدلاً من الردح المبرمج، لعلنا نخرج بنتيجة تحفظ أثمن ما تملك فلسطين وهي عقول وأدمغة من يعيشون على أرضها.
ففي الوقت الذي يتمنى فيه الكثير من المخلصين الوصول إلى أرض الرباط والموت على ثراها دفاعاً عن الأقصى وأرض فلسطين المسلوبة، وقبل كل هذا وذاك هو أن تكون هذه الأعمال خالصة لله سبحانه وتعالى، والحقيقة أنه في الآونة الأخيرة خصوصاً بعد إحكام الحصار على قطاع غزة ومنع الميرة والدواء من الدخول إلى المحاصرين فيها ، نجد كمّاً من العقول والأدمغة تحلم بل باتت تفكر وتعمل على إدراج أسمائها ضمن الحالات الإنسانية للمرور عبر معبر رفح الذي يفتح موسمياً لحالات استثنائية ، وفي هذه السطور نحاول وضع الأسباب ومقابلها مباشرة حلولاً واقعية بعيداً عن المثالية التي من الصعب تحقيقها في ظل ظروف ربما تختلف عن أي ظرف في العالم.
لذا لكي نتفادى شر هذه المصيبة لابد علينا القيام بما يلي :
- تقوية وتعزيز الجانب الديني لدى الشباب ووضع آلية لربطهم بأرضهم من منطلق عقدي خالص لأن أقوى رابط يمكن أن يربط الفلسطيني بأرض الرباط هو الرباط العقائدي ، وهذه خصوصية لكل مسلم يحيا على أرض فلسطين التي هي بأمس الحاجة إلى أهلها وأدمغة أبنائها ، ولا شك أن من رسخت العقيدة في صدره لن ينجرف مع التيار مطلقاً وسيكون فلتر العقيدة مرشحاً لكل الشوائب التي قد تدفعه للتفكير في الهجرة من أرض الرباط ، ولا شك أن هناك العديد من المشايخ الذين انبروا للفتاوى للتصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، ولكن مما ينبغي أن نذكّر به هو التربية الصحيحة ونشر العقيدة الصحيحة هي من أهم عوامل قبول الفتوى والعمل بها.
- الاهتمام بالعقول المتميزة وإتاحة الفرصة لهم فور ظهور بوادر التميز ، وعدم إهمالهم مهما كان ، ولعل الجانب الذي يطغى هنا على هذه المسألة هو أن الكثير من أصحاب القرار في التوظيف يضعون التصنيف الحزبي على سلم أولوياتهم سواء في الضفة أو غزة، وفي كثير من الأحيان تجد الأكاديمي يدرس طلاباً هم أكفأ منه ولكن نظراً لوضعه الحزبي وصل إلى مكانة جامعية !!
- دائماً نعول على الجانب الاقتصادي المتدهور ونضرب الكف على الكف ، لكن ثمة سؤال هنا ، هل مع وجود إمكانيات بسيطة بالتوازي مع معاملة واحتضان دافئ لهذه العقول وتقديرها في المحافل وإعطائها الفرصة لتثبت جدارتها فكل إنسان خلق ليشعر بكيانه ، في رأيي إن الشخص سيفكر مرتين قبل الهجرة لو وجد صدراً حانياً صادقاً معه.
- نترك الحبل على غاربه عندما تستعد دول أوربية بتقديم منح دراسية لأوائل الطلبة والمتفوقين ، ثم بعد ذلك لا نجد هؤلاء مطلقاً بين أظهرنا ، وهنا لابد من تقييد مثل هذا الاستقطاب الذي يكبدنا خسائر من الصعب وصفها ، فلابد من وضع اتفاقية بين هذه الجامعات تضمن وتكفل عودة هؤلاء إلى أرض الوطن وقبل كل شيء أن تكون هناك حاجة للدراسة هناك يحددها نخبة من العلماء لديهم حس شرعي صحيح حتى يتم الاستفادة منهم وإلا تتعرض هذه المؤسسات الأوربية للمقاضاة والمساءلة .
- وضع رقابة صارمة على أصحاب المكاتب الذين يروجون للهجرة ويتقاضون أموالاً هائلة من شباب ربما باعوا أمتعة أهلهم للخروج من غزة بسبب إغراءات يقدمها أصحاب هذه المكاتب .... وفي النهاية يجد المهاجر نفسه وقع فريسة لعبدة الدينار والدولار .
- الصورة الذهنية التي وصلت إلينا عن الغرب من قبل الماكينات الإعلامية التي ما فتئت تصور الغرب وأوربا على أنها جنان! ولا يتم تسليط الضوء على المهانة والذل والهوان الذي يتعرض له المهاجرون والتصنيف العنصري، ناهيك عن مئات الآلاف من الحوادث التي تكشف وجهاً آخراً لهذا الغرب! الذي يجب أن يكون الجميع على دراية به حتى لا يفاجأ هناك بعكس ما تصوره بسبب المنهل الذي رجع إليه وأخذ منه ، وهو لا يعي أن لهذا الغرب صورة يكفي لإدراكها أن تتذكر وقوفه إلى جانب المحتل الصهيوني في ذبح النساء والأطفال من قبل الكيان الصهيوني... وما حرب غزة عنا ببعيد!
.