القدس والأقصى / عين على الاقصى

الأقصى احترق و قلوب لم تحترق

غزة ــــ مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية  ــــ محمد الناجي

فجر يوم الخميس الموافق الحادي والعشرين من شهر أغسطس للعام ألف وتسعمائة وتسع وستين للميلاد استيقظ العالم الإسلامي عامة وأهالي القدس  على وجه الخصوص على أصوات  التكبير تتردد من حناجر المؤذنين لترسل بخبر مفاده أن المسجد الأقصى المبارك قد أصيب بمكروه وقد قام بحرقه أحد المتطرفين اليهود , والجدير ذكره أن النيران أتت على منبر صلاح الدين الأيوبي بأكمله , وقد أتت على أجزاء واسعة وكبيرة من المسجد المبارك .

إنها جريمة مؤلمة وحدث جلل أحدث الغضب عند كل مسلم موحد يغار على مقدسات المسلمين , وأدمى فؤاد كل حر يأبى الذل والهوان , وبإحراق المسجد الأقصى حرقت قلوب الملايين من المؤمنين . 

وتحل ذكرى حرق المسجد الأقصى الثالثة والأربعين والألم يعتصر المقدسيين لما آل إليه حال القدس من التهويد, والحفر تحت أساسات المسجد الأقصى ، واستفراد الاحتلال بأهالي القدس بالطرد والتضييق  . و في الوقت نفسه قلوب لم تحترق ولم تحرك ساكنا بل أدمنت الصمت ، وباتت تصدر لشعوب بأكملها الصمت و قطع لسان من تكلم في المحظور الذي يتعلق بالقضية الفلسطينية .

وتأتي تلك الذكرى الأليمة و مواطنو القدس يتساءلون عن سبب تقاعس العرب والمسلمين عن نصرة أولى القبلتين وثالث الحرمين ، والاكتفاء بالشجب والاستنكار ؟!!

وفي هذه الذكرى نستذكر قول غولدا مائير التي قالت يومها أنها لم تستطع النوم جراء تلك الفعلة خوفا من هبة العرب والمسلمين وقلب الطاولة على رأس الكيان الغاصب ؛ إلا أنها سرعان ما عادت إليها أعصابها وتبدد الخوف الذي كان يعتريها ؛ وذلك بسبب ردود الفعل الباردة من قبل المسلمين في حينها والتي لا ترقى إلى الحد الأدنى لمثل تلك الجريمة النكراء .

وحتى لا نكون جزءا من تلك المنظومة التي اعتادت التفرج والسكوت , وإذا عملت كان منها الشجب والاستنكار نرى أنه من المناسب توجيه عدة دعوات من أجل نصرة المسجد الأقصى المبارك ,,,

أولا : دعوة علماء الأمة الربانيين للنهوض وأخذ دورهم الحقيقي في تفهيم الناس الأمور  التي تتعلق بالمسجد الأقصى  , وبيان مكانة وأفضلية المسجد الأقصى المبارك , وبيان الواجب المفروض على الأمة تجاه المسجد الأقصى المبارك من نصرة وتأييد , وكذلك شحذ الهمم من أجل شد الرحال إليه والصلاة فيه .

ثانيا : دعوة القادة والساسة والمفكرين أن يجعلوا قضية المسجد الأقصى همهم وشغلهم الشاغل , وأن يكون المسجد الأقصى حاضرا دائما في أذهانهم وعقولهم , وأن لا يتنازلوا عنه وأن لا يفرطوا فيه , بل يجاهدوا من أجل استرداده من دنس اليهود الغاصبين  الذين لم يقدموا لنا سوى مزيدا من القتل والترهيب ونرى من يستجدي المفاوضات معهم ، وكأن أنات القدس لم تطرق عقولهم , وأن يبذلوا كل ما بوسعهم من وسائل الدعم والمساندة من أجل دعم صمود أهلنا المقدسيين الذين يدفعون ضريبة البقاء في بيوتهم ورفض سياسة الإبعاد والتهجير التي يمارسها العدو الصهيوني تجاه أهلنا المقدسيين .

وهنا نذكر القادة والساسة بأن نصرة المسجد الأقصى لا تتأتى عن طريق القمم وإنما باستفزاز واستنفار الهمم , وتطبيق القرارات المنبثقة عن القمم والاجتماعات والمبادرات العربية المتعلقة بالمدينة المقدسة على وجه السرعة , وخصوصا القرارات التي من شأنها أن تدعم صمود أهلنا المقدسيين في القدس ماديا ومعنويا ؛ لضمان بقائهم على أرضهم , وحفاظهم على هويتهم المقدسية .

ثالثا : دعوة وسائل الإعلام الإسلامية المرئية والمسموعة والمكتوبة والمقروءة , وكذلك مراكز الدراسات والبحوث إلى الاهتمام بالمسجد الأقصى المبارك , وتخصيص البرامج المناسبة لدعمه ونصرته وفق طرق وآليات صحيحة , وأيضا وضع الخطط اللازمة لتوصيل ما يحدث بالمسجد الأقصى لأكبر شريحة من المسلمين , وفضح ممارسات الاحتلال الصهيوني التي تجري على الأرض التي باركها الله سبحانه وتعالى , وكذلك استخدام الألفاظ والمسميات الإسلامية , وعدم ترديد الألفاظ والمسميات التي أطلقها العدو الصهيوني , وكذلك أن يجعلوا من هذه القضية قضية دائمة لا موسمية مرتبطة بحدث يحدث هنا أو هناك .  

رابعا : دعوة للشعوب العربية الثائرة في وجه الظلم والاستكبار أن تجعل القدس قضية المسلمين الأولى , وأن يكون الأقصى حاضرا في شعاراتهم التي تهتف بها حناجرهم , وفي كتاباتهم التي تخط بها أقلامهم .

ولهذا يجب على المسلمين في أنحاء المعمورة أن يجعلوا من ذلك الربيع العربي ربيعا يزهر وتؤتي ثماره أكلها على أرض فلسطين وذلك بتحريرها من رجس الغاصبين المحتلين .

وختاما : ها هو التاريخ يتكرر وبعد ثلاثة وأربعين عاما والمجازر الصهيونية بحق المسجد الأقصى المبارك لم تتوقف بل تزداد يوما بعد يوم وبوتيرة متسارعة وخطة مدروسة ومعدة سلفا , والعالم الإسلامي لم يحرك ساكنا , بل إن الشجب والاستنكار الذي عودنا عليه بات أيضا لا ينذر بأن هناك خطرا يدهم المسجد المبارك .

.