أنشطة المركز / للمركز كلمة
"التسامح" اليهودي على رفات "الصحابة" !!
"التسامح" اليهودي على رفات "الصحابة" !!
الاعتداءات والصلف اليهودي لا يتوقف في فلسطين عند الأحياء ولكنه يطال أيضاً الأموات وقبور الصحابة؛ ففي القدس خصوصاً وضمن مسلسل التهويد الرامي إلى طمس الهوية الإسلامية والتاريخية لمسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أضاف الكيان اليهودي جريمة نكراء وعدواناً جديداً إلى سجله الإجرامي، طال أشهر مقبرة إسلامية في فلسطين والقدس، مقبرة ضمت التاريخ منذ الفتح العمري إلى الآن.
جريمة تعد من جرائم التطهير العرقي للموتى المسلمين في القدس، بحجة إقامة متحف والغريب أسموه "متحف التسامح" برعاية سلطة التطوير في بلدية القدس، ولم يجدوا لإقامته إلا مقبرة "مأمن الله" التي يضم ثراها رفات المجاهدين والعلماء والصالحين من الصحابة والتابعين منذ الفتح الإسلامي إلى الحقب التاريخية التي عقبتها.
في عمق التاريخ:
تقع مقبرة " مأمن الله" والتي يسميها بعضهم "ماميلا" غربي مدينة القدس القديمة على بعد
ساير تاريخها تاريخ المدينة، ويذكرها المؤرخ الفلسطيني عارف العارف صاحب "المفصل في تاريخ القدس" أنها أقدم مقابر القدس عهداً وأوسعها حجماً وأكثرها شهرة، وترى دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس أن المقبرة أقيمت قبل 1400 عام، وفيها عدد كبير من قبور الصحابة والمجاهدين الذين دفنوا فيها أثناء الفتح الإسلامي عام 15 هـ -636م وما بعده، وفي المكان ذاته عسكر صلاح الدين الأيوبي يوم جاء ليستعيد القدس من الصليبيين عام
نكبة ... احتلال ... وطمس .. وإزالة للمعالم:
بعد أن احتلت المنظمات والعصابات الصهيونية عام 1948 الجزء الغربي من القدس، سقطت مقبرة "مأمن الله" من ضمن ما سقط من أراضي القدس وفلسطين، وأقرت قوات الاحتلال قانوناً بموجبه اعتبرت جميع الأراضي الوقفية الإسلامية وما فيها من مقابر ومقامات ومساجد وأراضٍ تدعى "أملاك الغائبين" ويديرها "حارس أملاك الغائبين" وله حق التصرف بها، وبذلك أصبحت مقبرة "مأمن الله" ضمن "أملاك حارس أملاك الغائبين" لدى "دائرة أراضي الاحتلال"، ومنذ ذلك الحين دأب الكيان اليهودي على تغيير معالم المقبرة وطمس كل أثر فيها حتى إنه لم يتبق فيها سوى أقل من 5% من القبور، وقدرت المساحة المتبقية فيها بحوالي 8% من المساحة الأصلية "أي حوالي 19 دونماً".
أية كرامة ، وأي تسامح ؟!!
وفي نهاية عام 2005 عاود الاحتلال الاعتداء على حرمة الموتى وقبورهم في مقبرة "مأمن الله"، فقامت جرافات الاحتلال وأكثر من 140 عاملاً بتجريف أرض المقبرة ونبش القبور وإهانة كرامة الموتى تمهيداً لإقامة مشروع أمريكي يهودي، يضم بنائين كبيرين أحدهما باسم "الكرامة الإنسانية" والثاني باسم "متحف التسامح" بكلفة 200 مليون دولار بتمويل مركز "سيمون فيزنطال" في لوس أنجلوس بالولايات المتحدة؛ وسبق في عام 1994م أن وضُع حجر الأساس لمتحف التسامح في حفل كبير حضره نائب رئيس الوزراء الحالي "أيهود اولمرت" وحاكم كاليفورنيا "ارنولد شوارزينغر".
نبش تحت الخيام !!
وبدأت الشركات المتعهدة بالإنشاء العمل برفع السور المحيط بالمقبرة من مترين إلى ارتفاع أربعة أمتار حتى لا يرى أحد الجرائم التي ترتكب بحق الموتى، ولم تكتف بهذا فقد عمدت إلى نصب خيمتين كبيرتين لستر ما تقوم به من انتهاكات واعتداءات على رفات وهياكل الموتى تحت حراسة العشرات من جنود الاحتلال، ورغم كل ذلك فقد أفاد بعض العمال - تقرير يوناثان لصحيفة هآرتس 8/2/2006م- "بأنه يعمل في الموقع حوالي 150 شاباً وشابة يهودية، وأنهم يقومون بحفر القبور تحت الخيام !!! وإخراج عظام ورفات الموتى دون أن يراهم أحد". وللتخفيف من مشهد القبور المنبوشة وفظاعتها قام المعتدون باستخدام حفارات عمودية تحفر في الأرض حفراً عميقة لا يتعدى قطرها نصف المتر لصب الأساسات.
مناشدات ومطالبات:
وقد طالبت الهيئات الإسلامية وعلى رأسها مفتي القدس وقاضي القضاة ومدير دائرة الأوقاف، بوقف العدوان على مقبرة "مأمن الله" بكونها مقبرة إسلامية، ووصف مفتي القدس وفلسطين الشيخ عكرمة صبري، والشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية داخل الأراضي المحتلة عام 48، ما تقوم به مؤسسات الاحتلال من أعمال حفريات على أرض مقبرة "مأمن الله": "بأنه جريمة بشعة بحق المسلمين وانتهاك صارخ لحرمة الأموات ".
وأُصدرت فتوى تحرم تدنيس المقابر والاعتداء عليها ونبش قبورها، وناشدت كافة الهيئات والمؤسسات المختصة وجمعيات حقوق الإنسان بالوقوف في وجه الهجمة ضد الأحياء والأموات؛ وبتنفيذ كافة القرارات الصادرة عن المحكمة الشرعية ذات الاختصاص في هذا المجال.
متحف لا للتسامح !!
لا أدري كيف يحلو لليهود التغني بالسلام والتسامح!! فأي تسامح يقوم على الاعتداءات والاغتصاب وإهانة الأموات ونبش القبور؛ فيا معشر يهود: قبل أن تتكلموا عن السلام أو التسامح ندعوكم لاحترام الموتى ورفاتهم، وقبل ذلك الأحياء وكرامتهم.
ويا من لويتم ألسنتكم وأسميتموه "متحفاً للتسامح" ومركزاً "للكرامة الإنسانية"، أعلمونا كيف يكون التسامح مع نبش قبور الصحابة والتابعين الكرام؟! وأين الكرامة الإنسانية مع بعثرة عظام علماءنا وأجدادنا ومجاهدينا؟! لا يعني ذلك أننا ننتظر الكرامة منكم فمن لا يحترم الحياة للأحياء ويقتل منهم الآلاف من أطفال ونساء وشيوخ أبرياء، فمن الطبيعي أن لا يحترم كرامة الموتى وقبورهم. فهو بحق متحف غير تسامحي، يجسد اليهود وممارساتهم، أهل الخيانة والغدر، فبأي شرعةٍ أو قانون تأخذ أرض وقفية إسلامية ومقبرة تاريخية للمسلمين ويعبث في قبورها لإقامة متاحف ومنارات خدّاعة!!
نداء إلى المسلمين:
ها نحن أيها المسلمون نعاصر ممارسات من لا يرقب في مؤمن إلّاً ولا ذمة … فاليهودُ الذين قال الله تعالى فيهم:" كيفَ وَإِن يظهَروا عليكم لا يرقُبوا فيكم إِلَّاً ولا ذِمَّة يرضونكم بأفواهِهِم وتَأْبَى قلوبُهُم وأكثرُهم فاسقون "التوبة / 8، هاهم اليوم كما أخبرنا عنهم الله تعالى في كتابه الكريم " ويَسْعَوْنَ في الأرضِ فساداً ". ويمارسون سياساتهم العنصرية لكل من على أرض فلسطين من بشر وشجر وحجر، مست الأحياء منا والأموات من أجدادنا، بل وعبثوا في تاريخنا ... لأنه لا شك أن تلك القبور تذكرهم بحق المسلمين الفاتحين في المسجد الأقصى وبيت المقدس وأرض فلسطين من البحر إلى النهر.
أيها المسلمون … أهكذا يكون حال العالم لو افترضنا أن ذلك حصل لمقبرة يهودية أو لقبر صهيوني حاقد، هل سيبقون صامتين، أم يعتبرونه اعتداء على السامية واليهودية و.... وينتفض العالم بمنظماته ومؤسساته من أجلهم!!
وقد فوجئت وأنا أبحث في ردود فعل المسلمين على تلك الجريمة فوجدتها متواضعة إلا من أصوات أهل القدس وبعض علمائهم، فأين أنتم يا مسلمون، وأين الدول الإسلامية التي ربطت نفسها مع الكيان اليهودي بمعاهدات سلام؟!!
وحين تصفحت الصحف العبرية الصادرة في الكيان اليهودي وجدت مقالاً للكاتب اليهودي "عمير ربابورت" في جريدة هآرتس بتاريخ 14/5/2006م مستنكراً الفعلة الشنعاء والجريمة النكراء، حيث عنون مقاله بعبارة مركزه جمع فيها ملخص ما حدث وما يحدث قائلاً: "في مقبرة مأمن الله: الموتى يتقلبون في قبورهم". حيث أن الجرافات والمعدات الثقيلة قلبت الأرض والقبور حتى جعلت الموتى وهم بلا حراك يتقلبون في القبور، ويضيف: "لقد أرونا العظام"!! وتساءل في ختام مقاله عن الضرر الذي سيصيب اليهود وسمعتهم من إقامة متحف باسم مناضل يهودي ضد النازية فوق عظام الموتى المسلمين كنموذج حي للتسامح!!.
إن من واجب المسلمين المحافظة على حرمة من دفنوا فيها من الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم من المسلمين، وعدم إسقاط حقنا بأوقافنا مهما طال الزمان، وستبقى على صفتها "أوقاف إسلامية " إلى قيام الساعة.
وصيانة لحمى التوحيد أن يلحقه الشرك؛ لا يفوتني أن أوضح أن الدعوة لحماية مقابر المسلمين في القدس وغيرها من عبث اليهود، لا يعني تقديس القبور وتعظيمها والبناء عليها، والطواف حولها والتمسح بها، وتعظيم ترابها والأخذ منه للبركة، وتقديم القرابين والهدايا لها، ونثر الطيب والرسائل عندها.
فكل هذه الأفعال جهل وضلالة في أعظم أصول الدين ومسائل العقيدة، ونحن مأمورون بتسوية القبور وعدم رفعها، وهذه وصية النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "ولا تدع قبراً مشرفاً إلا سويته ". ونحن مأمورون باتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهديه مع القبور والمقابر، وكذلك فعل أتباعه من الصحابة وغيرهم من علماء المسلمين ولا نتجاوز في ذلك ونبتدع ... والحمد لله رب العالمين ....