دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

دراسة تحليلية حول انتفاضة الأقصى.

بعد مرور عام كامل عليها 1422هـ  ـ 2001م

 تصدر عن : مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية

 

 

الانتفاضة الفلسطينية 

( مشروعيتها ـ أسبابها ـ نتائجها )

 

(1) المقدمة .

 

(2)  فلسطين أرض الصراع على مر الأزمان  .

 

(3)  صراعنا مع اليهود .

 

(4)  دور العلماء في قضية فلسطين  .

 

(5)  أسباب الانتفاضة .

 

(6)  من يصعد الأحداث في فلسطين .

 

(7)  الجهاد في فلسطين فرض عين وجهاد دفع .

 

(8)  الانتفاضة قتال مشروع .

 

(9)  لماذا يفضل الفلسطينيون استمرار الانتفاضة .

 

(10) مكاسب انتفاضة الأقصى ـ سلبيات انتفاضة الأقصى  .

 

(10) العمليات الاستشهادية  .

 

(11) هل ستعيد الانتفاضة فلسطين ؟

 

(12) واجبنا نحو الأقصى .

 

(13) خاتمة .

 

إنَ الحَمْد لِله نحمَدهُ ونسَتعيِنُه وَنستَغفِرُه ، وَنَعُوذُ باِللهِ مِن شروُرِ أَنفُسِنَا وسَيِئَاتِ أعمَالِنَا ، مَن يَهدِه اللهُ فَلا مُضِلَ لَهُ ، وَمَن يُضلِل فَلاَ هَادِيَ لَهُ  وأَشَهدُ أن لا إلّهَ إلا الله ُوحدَهُ لا شَريكَ لَهُ ، وَأَشَهدُ أنَ مُحَمَداً  عَبدُهُ ورَسولُـهُ .)  يا أَيُهَـا الَذِينَ آمَنُوا اتـَقُوا اللهَ حَقَ ُتقَاتِهِ َولا تَمُوتُنَ إِلاَ وَأنُتُم مُسلمُِون( [1][1]، ) يا أَيُهَا النَاسُ  اتَقُوا رَبَكُمُ الَذِي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنَها زَوَجَها ، َوَبثَ مِنهُمَا رِجَالاً كَثِيرا ً وَنِسَاء ً، وَاتَقُوا اللهَ الذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ ، إِنَ اللهَ كَانَ عَلَيكُم رَقيِباً( [2][2]، ) يا أَيُهَا الذيِنَ آمَنوا اتَقُوا الله َوقُولُوا قَولا ً سَديِدا ً ، يُصلِح لَكُم أعَمالَكُم ويَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم ، وَمَن يُطِِعِ الله َوَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزا ً عَظِيما ً([3][3]

 

  أمَا بَعدُ : فبعد مرور عام كامل على تدنيس المجرم اليهودي شارون ، للمسجد الأقصى المبارك ، وهو تاريخ بدء انتفاضة الأقصى في  28 /9 /2000م ، هذا العام كان حافلا ً بأحداث عظام ، نالت من دماء الكثير من إخواننا المسلمين على أرض فلسطين .

 

وكان لتداعيات تلك الأحداث أثرا ً بالغاً على المسلمين في العالم أجمع ، وازداد ذلك الأثر جرحا ً في النفوس لانعدام النصرة لإخواننا الذين تسفك دماؤهم ، وتغتصب أملاكهم على مسمع ومرأى العالم أجمع . وعلى مسمع ومرأى العالم كله تنهك بيضة الإسلام في فلسطين ، ولكن دون أن يحرك أحدا ً ساكناً ، فأصبح جرح أهل الداخل يثعب دما ً من بطش اليهود ، وأمسى هذا الجرح يثعب قيحا ًمن لوعة تسلط العدو دون نصير . ومع كل المؤامرات والمخططات التي سعى اليهود وأعوانهم لفرضها على أرض الواقع في فلسطين المغتصبة ، إلا أن بريق الأمل في الأمة بدء يسطع من جديد ، في تحديد طبيعة صراعنا مع اليهود ، صراع العقيدة ، صراع المقدسات ، صراع الإسلام ، حتى يعود حكم الله على الأرض المباركة .

 

وفي تلك الورقات نسطر من مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية إضاءات على جوانب رئيسة من جوانب الانتفاضة ، لتقييم نتائج تلك المرحلة الزمنية التي مرت بها انتفاضة الأقصى ، وما نتج عنها من أمور حادثة تهم كل مسلم وطالب علم ، علها توفر مادة ورؤية لتقييم وتوجيه العمل من أجل فلسطين.

 

والله نسأل التوفيق والسداد في القول والعمل إنه نعم المولى ونعم النصير ،،،

 

 

فلسطين أرض الصراع على مر الأزمان

 

  إن المتتبع لتاريخ الصراع في فلسطين ، يلاحظ أنه كان منذ البداية صراعاً عقائدياً ، بداية من هجرة إبراهيم عليه السلام إلى أرض فلسطين ، واستمر أولاده بالدعوة إلى الله ونشر الإسلام حتى هاجر يعقوب عليه السلام إلى أرض مصر ، ومكث بنو إسرائيل في مصر إلى أن أرسل الله موسى وأزال الغمة عن بني إسرائيل ، وهاجر معهم إلى فلسطين ليفتحوها ، ولكنهم تخاذلوا عن أمر الله فعاقبهم الله بالتيه في الصحراء ، حتى فتحت على يد يوشع بن نون عليه السلام  وحكمت القدس حكماً إسلامياً على يد أنبياء الله داود وسليمان عليهما السلام .

 

   ولما ابتعد بنو إسرائيل عن أمر الله تعالى ، أذاقهم الله الذل في الحياة الدنيا ، ثم استولى عليها الرومان حتى فتحها المسلمون في عهد عمر بن الخطاب بنفسه ، تحقيقاً لخبر النبي صلى الله عليه وسلم  وبقيت المدينة المقدسة تعيش بسلام في ظل الفتح الإسلامي حتى استولى عليها النصارى وبقيت معهم قرابة تسعين عاماً حتى حررها صلاح الدين الأيوبي ، وبقيت في يد المسلمين حتى عهد السلطان الملك الكامل، حيث تنازل عن القدس للصليبيين ثم استردها المسلمون وبقيت في أيديهم حتى أوائل القرن الحالي، حيث أعطت بريطانيا وعدها المشؤوم ، وعد من لا يملك لشعب لا يستحق ،  وتم إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين ، واعترفت الأمم المتحدة بدولة اليهود عام 1948م ، وصار اليهود يستولون على فلسطين شيئاً فشيئاً ضمن مؤامرات وتخاذل حتى استولوا على جميع أرض فلسطين .

 

   ومن هنا يتبين لنا من هذا السرد التاريخي أن الصراع في أرض فلسطين كان بين الحق والباطل ، بين جند الرحمن وجند الشيطان ، بين الخير والشر ، فهذه هي حقيقة الصراع في أرض فلسطين ،  أما تحويلها لتكون صراع حدود ومناطق ومستوطنات ، فهذا تحويل للمعركة عن حقيقتها وتخدير للشعوب المسلمة بأن الرضى والاستسلام لليهود سيحقق لهم الأمان والرخاء .

 

    ولكننا يجب علينا نحن المسلمون أن نعتقد أن حال الأمة اليوم هي حالة استثنائية طارئة لن تدوم بإذن الله ، فمع ظلام الليل ينبثق نور الفجر ، وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم  بأن الخلافة ستكون في الأرض المقدسة ، وهناك سيجتمع الحق والباطل لتكون نهاية الباطل عندها سيقاتل المسلمون اليهود حتى الجمادات ستشارك في معركتنا مع اليهود لتحقيق نصر الله ، ألا إن نصر الله قريب .

 

صراعنا مع اليهود

 

الصراع مع اليهود صراع أبدي ، لا يتوقف في زمن من الأزمان حتى يقاتل المسلمون الدجال .

 

فمنذ بعثة النبي صلى الله عليه وسلم  وهم يتآمرون عليه صلوات الله وسلامه عليه ، فهذا حُيي بن أخطب حين رأى جميع علامات صدق نبوة النبي صلى الله عليه وسلم    قال عبارته المشهورة : (عداوته ما بقيت) ، وذلك حسداً وبُغضاً للنبي صلى الله عليه وسلم  ، محاولة قتل النبي صلى الله عليه وسلم  وتأليب الأحزاب على المسلمين في المدينة ، كل هذا في ظل وجود معاهدات صلح وسلام بين النبي صلى الله عليه وسلم  ونبيهم ، وذلك مصداقا لقول الله تعالى : )أو كلما عاهدوا عهداً نبذه فريقاً منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ( [ البقرة/ 100]، فهم لا يلتزموا بعهد ولا ميثاق فما أن تسنح لهم الفرصة في إيذاء المسلمين إلا واستغلوها أسوأ استغلال كما قال تبارك وتعالى: )كلما أوقدوا ناراً للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب المفسدين ( [ المائدة / 64 ].

 

   وها هو التاريخ يعيد نفسه مع اليهود فلا يوجد أي احترام لأي عهد وصلح مع العرب فتجدهم في فترة الانتفاضة لم يتركوا سلاحاً إلا واستخدموه من أسلحة ثقيلة وخفيفة ،من غازات سامة وطائرات ضد شعب أعزل ، لا يفرقون بين صغير وكبير ، وبين رجل وامرأة فهم لا يرقبون في مؤمن إلاً ولا ذمة.

 

   وهذا لهو أكبر دليل لمن يلهث وراء السلام مع اليهود ، وأن هذه المعاهدات باطلة ، وذلك لأنها تقوم على تنحية الإسلام في الصراع مع اليهود وما بني على باطل فهو باطل فهي معاهدات غير ملزمة للمسلمين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم    (... ما كان من شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط قضاء الله أحق وشرط الله أوثق ...)[متفق عليه ]. إشارة إلى حديث صحيح البخاري ، كتاب البيوع رقم / 2023 .

 

   فلا يظن ظان أن السلام مع اليهود سيستمر وسيوقف القتال معهم ، فهذا يصادم سنن وموعود الله  بأن المسلمين سيقاتلون اليهود أتباع الدجال حتى ينطق الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي تعال فاقتله .

 

 

 

 

 

دور العلماء في قضية فلسطين

 

 إن أهمية فلسطين من الناحية العقدية تأتي بعد مكة والمدينة حرسهما الله من كل مكروه ،  وذلك أن المسجد الأقصى ثالث المساجد التي تشد إليها ، وهي قبلة المسلمين الأولى ومسرى النبي صلى الله عليه وسلم    وأرض الجهاد والرباط ،  وقد كان اهتمام النبي صلى الله عليه سلم    بها كبير فقد بشر بفتح بيت المقدس في حياته وتحققت بشرى النبي صلى الله عليه وسلم وفتحها عمر بن الخطاب رضي الله عنه  لما لها من مكانة عظيمة ، وجاهد لتحريرها المجاهد صلاح الدين الأيوبي ووحد الشام ومصر لتخليصها من الصليبيين ، كل هذا بسبب مكانة هذه الأرض في قلوب المسلمين .

 

  وفي خضم الأحداث الجارية على أرض فلسطين ، يأتي دور العلماء في توجيه الناس نحو الطرق الشرعية للجهاد في سبيل الله ، وتوعية المسلمين بواجبهم نحو الأحداث التي تقع حتى لا ينفرد بتوجيه الناس أهل الأهواء والحماسات فيضلوا ويضلوا ، وتوضيح الموقف الشرعي تجاه الأحداث والأزمات . ولنا في السلف الصالح عبرة :  فهذا الإمام المجاهد عبدالله بن المبارك كان جنديا يقاتل في سبيل الله ، ومع ذلك كان عالماً من علماء أهل السنة والجماعة ،  وكان ابن قدامة المقدسي يقاتل في جيش صلاح الدين الأيوبي ، وعز الدين القسام السلفي المجاهد ودوره في فلسطين ،  فلابد أن يتصدر العلماء الربانيون لقيادة الناس وإرشادهم لما فيه خير الدين والدنيا ، وأن يقوموا بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وإعداد الناس إعداداً شرعياً ، وتنشئة جيل لا يخاف في الله لومة لائم ، قلبه معلق بالجهاد والتضحية في سبيل الله فالأصوات التي تنادي لفلسطين كثيرة ، وأغلبها دعوات باطلة تتاجر بقضية فلسطين ، فكان لزاماً لأهل الحق أن يكون لهم الريادة والسيادة في قضية فلسطين  .

 

 

أسباب الانتفاضة

 

إن انتفاضة الأقصى لم تكن لتحدث من فراغ ، ومن غير معطيات وأسباب، وإلا لما كانت بهذا التفاعل الكبير من الشعب الفلسطيني، وبهذه النتائج .فالانتفاضة لها أسباب قوية أديت إلى إشعالها ، وبما أن هذه المذكرة لا تستوعب ذكر كل ممارسات اليهود التعسفية ضد الشعب الفلسطيني ، فنحن نقتصر على أهم الأسباب ، ونقسمها إلى قسمين :(1) أسباب عامة     (2) أسباب خاصة بالمسجد الأقصى

 

(1) أسباب عامة :

يخطئ من يظن أن اندلاع الانتفاضة كانت لسبب أوحد وهو تدنيس المجرم شارون للمسجد الأقصى ..!

نعم ، تلك كانت الشرارة التي أشعلت الفتيل فقط ، لكن مقدمات الانتفاضة كانت تتفاعل وتتنامى بين أوساط الشعب الفلسطيني لعدة أسباب أهمها :

 

 (1) انهيار مفاوضات السلام ، واكتشاف أنها مضيعة للوقت .

 

 (2) الأوضاع الاقتصادية المتردية من حيث :

 

·   تبيعية الاقتصاد الفلسطيني لاقتصاد الكيان اليهودي .

 

·   عزل المناطق والمدن الفلسطينية ، وزيادة حواجز التفتيش والطرق الالتفافية .

 

·   ارتفاع نسبة البطالة بالقوى العاملة الفلسطينية .

 

·   كثرة الإغلاقات بشكل هائل .

 

·   تفشي سوء الإدارة والفساد في الكثير من المؤسسات الاقتصادية للسلطة .

 

 (3) إصرار اليهود على أن القدس الوحدة عاصمة كيانهم .

 

 (4) رفض اليهود إزالة المستوطنات .

 

 (5) لم يتوقف مسلسل القتل والاعتداءات اليهودية على الرغم من وجود اتفاقيات ، منذ أوسلو إلى اندلاع الانتفاضة .

 

 (6) مقتل 100 شاب في منطقة اللد والرملة بإطلاق عيارات نارية عليه من جهة غير معروفة ، وعدم مبالاة الشرطة اليهودية وغموض في التحقيق .

 

أكد يوسف الشرايعة العضو العربي في الكنيست أن اليهود وراء ذلك لتهجير العرب من المنطقة خاصة إذا علمنا من تقارير اليهود تقول أن الفلسطينيين في أراضي الـ 48 نسبتهم 20% ، وأنها ستكون 30% عام 2020م .

 

 (7) مشروع الإسقاط الجنسي للشباب والفتيات وهو أخطر المشاريع ، يقوم به اليهود ضد الشعب الفلسطيني .

 

 (8) على المستوى التعليمي :

 

ـ اعتقال للطلبة أثناء ذهابهم  إلى مدارسهم .

 

ـ اعتقال المعلمين أثناء ترددهم إلى مدارسهم .

 

ـ اقتحام السلطات اليهودية المدارس وإرهاب الطلاب والمدرسين .

 

ـ (11) حالة حصار لبعض المدارس خلال شهر واحد فقط .

 

ـ (50 ) حالة إطلاق للرصاص وغاز مسيل للدموع على المدارس في عدة أشهر .

 

ـ إرهاب المستوطنين ، بالتحرش والتعرض بالكلام البذيء والحركات الهابطة أثناء مرور الطالبات .

 

 (9) اللاءات المتكررة والتعنت اليهودي في تنفيذ بنود السلام الموقعة مع السلطة .

 

 (10) الضغوط على سكان القدس على وجه الخصوص لتهجيرهم .

 

 (11) القوانين التعسفية ( قانون العمالة  ، البناء ، الهوية ، الأراضي ، وغيرها الكثير من القوانين التي لا تعد ولا تحصى ) ، والتي تهدف إلى التضييق وإحكام الخناق على الشعب الفلسطيني ، محاولين من ذلك تركيعهم ، أو طردهم من فلسطين .

 

 (16)  الخسارة الفادحة التي منيت بها السلطة على المستوى الشعبي وبالمقابل خسارة حركة فتح شعبياً  كونها غطاء السلطة ، خسارتها في كل الميادين ، في الجامعات ، والنقابات والاتحادات ، والجمعيات ، مما أضعف السلطة ، وأعلى من رأس المعارضة ( إن صح التعبير ) ألا وهي حركة حماس ، وغيرها من القوى والفعاليات الإسلامية الأخرى ،هذا ما جعل أفراد فتح يخرجون من حركتهم ويتململون من تصرفات سلتطهم ، وظهرت بوادر إنشقاقات في صفوفهم ، هذا الأمر جعل حركة فتح تحاول أن تتصدر الانتفاضة وتشعل جذوتها لتغطية عوارها ، والتستر على انتكاساتها .

 

(17) اختيار شخصية شارون ذاتها ، والتي يعرفها الشعب الفلسطيني جيدا ً في مجازره المعاصرة ، فهي رسالة واضحة ، ونذير حرب من الكيان اليهودي للشعب الفلسطيني .

 

(2) أسباب تخص المسجد الأقصى

     ومن جملة الممارسات والاستفزازات منها ما يخص المسجد الأقصى ، والمؤامرة عليه ، وذلك من خلال تصريحات وأفعال الكيان اليهودي الخاصة بالمسجد الأقصى والتي منها :

 

(1)  صرح باراك " رئيس الوزراء اليهودي " بأن إسرائيل لا يمكنها أن تسمح بأي سيادة غير يهودية على القدس .

 

(2)  أصدر " رئيس الوزراء اليهودي " أوامره بإدخال مادة في المناهج اليهودية تتعلق بالقدس لتدرس في المدارس الرسمية ، والتي تصف احتلال القدس بأنه إنجاز تاريخي هائل وأن المسلمين يزورون تاريخ القدس  وهم وافدون على تلك الأرض بمزاعم اليهود ، ويشيد المنهج الذي أعده وأشرف عليه عدد من الحاخامات اليهود بالأوساط الشعبية اليهودية التي تتولى عمليات التهويد في المدينة .

 

(3)  شرع المستوطنون اليهود خلال الأيام التي سبقت أحداث الأقصى بحملة واسعة وزعوا خلالها آلاف الملصقات والصور (للهيكل المزعوم) المراد إقامته مكان المسجد الأقصى المبارك .

 

(4)  إطلاق وسائل الإعلام العالمية وبعض القادة الغربيين كلمة (جبل الهيكل ) بدلاً من (المسجد الأقصى) وحائط المبكى بدلاً من (حائط البراق) ، والتوسع في إطلاق المصطلحات اليهودية ليعتادها السامعون ، وترسخ في أذهانهم .

 

(5)  قدمت " رابطة بناة الهيكل " برئاسة "عاموس أدركن" مخططاً لإقامة الهيكل اليهودي في مكان جديد داخل المسجد الأقصى بعيداً عن مكان قبة الصخرة على أن يقام بداية في ساحة حائط البراق ويتم إعداد نفق تحت المسجد الأقصى يمتد من الموقع الذي يزعمون أنه مكان الهيكل إلى ساحة حائط البراق والتي سيقام عليها المعبد المزعوم .

 

(6)  محاولات اليهود اليائسة في اقتحام الأقصى وهدمه لبناء الهيكل في يوليو 2000م ، نشرت جريدة أوتاوا الكندية : اجتمع كلينتون مع باراك وعرفات في كامب ديفيد ، قال كلينتون : ( لقد قلت لعرفات ثق بي أنا لست يهوديا ً ، واقترحت عليه أن يزيل المسجد الأقصى من مكانه ليتمكن اليهود من الوصول إلى بقايا هيكل سليمان الموجود أسفله ، وسيصبح الموقع مقصد السياح الأكثر مردودا ً في التاريخ ) ، باراك : يقترح بدوره بناء كنيس يهودي صغير في الزاوية الشمالية من المكان القديم في الحرم ، وقال : هذا ثمن بسيط على الفلسطينيين أن يدفعوه .

 

(7)  نشرت الصحف اليهودية - وبشكل واسع ومكثف - تخوفها حول احتمال قيام أوساط يهودية بتنفيذ اعتداءات في المسجد الأقصى المبارك .

 

 

 

(8)  وقال "يئير إسحق" قائد الجيش اليهودي بأنه يتخوف من دخول شخص ما مثل "باروخ غولد شتاين"  الذي ارتكب مجزرة المسجد الإبراهيمي إلى المسجد الأقصى حاملاً معه حقيبة لتفجير المسجد الأمر الذي سيؤدي إلى وقوع كارثة ،على حد قوله .

 

(9)  أعلن أرئيل شارون عن نيته زيارة - اقتحام - المسجد الأقصى قبل يومين من دخوله المسجد لتأكيد " السيطرة اليهودية الكاملة على أرض (جبل الهيكل) وتأكيد الجذور اليهودية فيها " _زعموا_ .

 

(10)  في صباح يوم الخميس 28/9/2000 م قامت قوات الشرطة اليهودية بسحب هويات عدد كبير من المواطنين المقدسيين من المسلمين لإجبارهم على الخروج بعد صلاة الفجر من المسجد الأقصى  وحلقت طائرة مروحية فوق المسجد الأقصى على ارتفاعات منخفضة .

 

(11)  في السابعة والنصف من نفس اليوم ، دخل الإرهابي" شارون " المسجد الأقصى محاطاً بالآلاف من جنود الجيش اليهودي وقوات حرس الحدود والقوات الخاصة .

 

وانفجرت عندها شرارة غضب المسلمين

 

 

من يصعد الأحداث في فلسطين؟

 

   دخلت الأحداث في فلسطين سنتها الأولى ، ويواصل جيش الاحتلال اليهودي عدوانه  وتصعيده لحدة المواجهات ، وتزداد حدة التصريحات والتهديدات ، ويعيش الجميع لا نقول أجواء حرب بل حرب حقيقية – من طرف واحد – استخدمت خلالها القوات اليهودية الأسلحة الثقيلة والتي كان آخرها طائرات إف 16 لتقصف بصواريخها مراكز ومبان ومساكن ومصانع ، ويستمر البطش اليهودي بالشعب الفلسطيني الأعزل من قتل وتشريد وقصف وتخريب ، وكل هذا ليس بجديد على العدوان اليهودي فما زاد إلا صفحة من صفحاته السود في تاريخ الإنسانية وعدوانه على الإسلام والمسلمين .

 

 

 لماذا يصعد اليهود الأحداث في فلسطين ؟

 

      وقبل الإجابة لا بد أن نرجع إلى بداية الأحداث والممارسات اليهودية التي سبقت انتفاضة الأقصى بدءاً باقتحام شارون للمسجد الأقصى ، والتي كانت سبباً في انفجار شرارة غضب المسلمين في فلسطين  وما سبقها من تحضير وتحديد اليوم والتاريخ ، ليكون يوم الخميس لتنطلق شرارة الغضب الفلسطيني يوم الجمعة ، كما حدث في كل الاستفزازات اليهودية للمسلمين في المسجد الأقصى منذ ثورة البراق وإلى يومنا الحالي ، وهيأ شارون  لهذا الأمر بعدة تصريحات منها إعلانه عن نيته زيارة – جبل الهيكل – حسب زعمه ، وصرح بأن تلك الزيارة تأتي لتأكيد السيطرة اليهودية الكاملة على(جبل الهيكل)  وتأكيد الجذور اليهودية فيها .

 

   وفي يوم دخوله المسجد الأقصى ، حلقت منذ صلاة الفجر الطائرات المروحية ، ودخل المجرم شارون وهو محاطاً بالآلاف من جنود الجيش اليهودي وقوات حرس الحدود والقوات الخاصة .  

 

فخلاصة القول : إن اقتحام شارون المسجد الأقصى جاء بمباركة وموافقة ودعم السلطات اليهودية التي وفرت له الحماية والإعلام ، واستعدت الحكومة اليهودية بكل مؤسساتها لكل ما سينتج عن تلك الزيارة من آثار وردود فعل .

 

      وصرح بل كلينتون – الرئيس الأمريكي السابق – مؤخراً " أن شارون " قام بالطبع بالاستفزاز بقصد " من خلال زيارته للمسجد الأقصى وأضاف " لو كنت مكان عرفات !! لقمت باستقبال شارون بالورود وبمرافقتة  في المسجد الأقصى ، بغرض إفراغ الاستفزاز من محتواه – على حد تعبيره ـ .

 

   فهي زيارة مدروسة ومحسوبة النتائج ومفضوحة الأهداف لكل من عرف تاريخ اليهود وافتعالهم للأحداث لينالوا أهدافاً أخرى يرجونها .

 

    فالحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع هي أن اليهود يصعدون ويعملون على استمرار الأحداث في فلسطين ، وليس كما يظهرونه من معاناة وخسائر من الانتفاضة في فلسطين .

 

   فالتصعيد العسكري الذي يقوده شارون مدعوم من أغلب الأحزاب اليهودية والشعب اليهودي كذلك ، جاء في استطلاع لصحيفة " يديعوت أحرونوت " اليهودية أن نسبة 65% من اليهود يؤيدون تعامل شارون مع الوضع الفلسطيني وأنه مصيب وإيجابي .

 

 وهذا التصعيد له أسبابه وله دوافعه نذكر منها:

 

(1)  إعادة التفاوض على أساس الغالب والمغلوب والتي تخرجه من حرج القضايا العالقة كقضية القدس واللاجئين والمستوطنات اليهودية، حيث وصلت المفاوضات إلى باب مسدود حول تلك القضايا  وأن يسلموا للأمر الواقع طالما أن موازين القوة ليست في صالح الفلسطينيين .

 

(2) نزع فكرة إزالة الكيان اليهودي والعودة إلى أرض فلسطين من أذهان الفلسطينيين  والشعوب الإسلامية والعربية ، حيث ازدادت وتيرة التصميم على العودة في الآونة الأخيرة وبشكل لا يقبله زعماء الكيان اليهودي.

 

(3)  الاستياء الشديد من قبل اليهود وبعد أن قطعوا أشواطاً - حسب ما يتوقعون - مع بعض الدول المجاورة من معاهدات صلح وسلام ، وإنشاء علاقات من بعض الدول العربية الأخرى إما تجارية أو تمثيلا دبلوماسيا وصداقة ، لإسقاط مطالبات العرب والمسلمين ، فوجدوا أن المطالبات تزداد قوة وأن الشعوب العربية والإسلامية لن تتنازل عن حقوقهم في فلسطين ،والتي ظن اليهود أنها أصبحت في طي النسيان ولا يمكن الرجوع إليها ، ولعل هذا التصعيد العسكري الذي نعيشه اليوم هو لتليين الموقف من الشعوب العربية وإرضاخها لقبول الأمر الواقع بدون أي مطالبات جديدة .

 

(4)  إيقاف كل أنواع المقاومة في داخل فلسطين حتى ولو كانت خفيفة وبدائية ليتحقق الأمان للمغتصب اليهودي وللكيان المحتل ولهذا كانت الاغتيالات المختارة لأشخاص يمثلون خطراً على الكيان اليهودي .

 

(5)  إيصال الفلسطينيين لمرحلة الاستعداد لتقديم التنازلات في القضايا العالقة ، وفرض قبول شروط التسوية التي يعرضها اليهود للفلسطينيين ، وإرغامهم على القبول بأقل مما عرض عليهم في المعاهدات والاتفاقات الاستسلامية .

 

(6) فرض اليهود أنفسهم بأخلاقياتهم وسلوكياتهم على الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية ، تريد منها أن تقبل كل أعمالهم وسلوكياتهم من بطش وتنكيل دون أي تغيير .

 

(7)  القبول بمبدأ تميز اليهود بالحقوق ، وأنهم شعب ليس ككل الشعوب فهم من جنس آخر ، ولهذا يحق ويجوز لهم ما لا يحق أو يجوز لغيرهم .

 

(8)  إشاعة روح اليأس والإحباط نتيجة مشاهدة القتل والدمار والشعور بالعجز عن فعل شيء في مواجهة القوة العسكرية اليهودية المدججة بأحدث الأسلحة المتقدمة .

 

(9)  والتصعيد موجه أيضاً ضد الشعوب العربية والإسلامية ، لإظهار القوة العسكرية اليهودية والتي لا تتورع في حال الضيق أو المساس بالأمن اليهودي أن تستخدم أشد الأسلحة فتكاً وقتلاً  وتدميراً ، فكان استخدام طائرات إف 16 استعراضاً للقوة ، حيث استغرب كافة الخبراء العسكريين في العالم الإسلامي والغربي استخدام تلك الأسلحة والتي ليس لها مبرر عسكري بتاتاً .

 

(10)  ويتصرف الكيان اليهودي وهو على يقين أنه يسيطر على زمام القوة في فلسطين ، وهو كذلك يعتقد أن دول الجوار لن تدخل معه في حرب ، كما أن اليهود يحرصون على الاستفادة من اختلاف المواقف السياسية للدول العربية حيال الكيان اليهودي ، ويغرهم التفوق العسكري والتكنولوجي لترسانتهم العسكرية ، ويحاولون كذلك الاستفادة من القيود  التي تضعها الولايات المتحدة على دول المنطقة ، بتحديد أمر التدخل والأسلحة المسموح لها باستخدامها ، وكأن لسان حالها يقول للشعوب العربية والإسلامية ارضخوا للأمر الواقع فإن حكوماتكم لا تقوى على قتالنا .!!

 

(11)  تمرير مشروع اغتيال وتصفية 400 ناشط من عدة فصائل فلسطينية من الأرض المحتلة .

 

(12)  إعادة الهيبة لدولة اليهود ، وأجهزتها الأمنية ، الموساد والشين بيت بعد فشلها الفاضح والذريع في اغتيال خالد مشعل ، والقبض على جواسيس لحساب اليهود في عدة دول عربية بعد إخفاق الجواسيس .

 

(13)  محاولة تركيع وتجويع الشعب الفلسطيني من خلال تبعيته للإقتصاد اليهودي وهدم البنية التحتية وذلك من خلال إتلاف الأراضي ، وتدمير الاقتصاد ، حيث تصل تبعية العمالة الفلسطينية لليهود بنسبة 70% .

 

(14)  إسراع الخطى لهدم المسجد الأقصى وبنا ء الهيكل المزعوم ، ورفع حالة الإحباط اليهودية من ضعف السلطات اليهودية للسيطرة على ما يسمونه  [ جبل الهيكل ] إرضاءً لجماعات اليهود الدينية  .

 

 (15)  استجابة للضغوط المتكررة من الأحزاب اليهودية لإحراز المزيد من التقدم على صعيد العمل السياسي الداخلي وبسط النفوذ على مناطق السلطة ، وإلغاء معاهدات السلام والمزيد من تكريس السلطة اليهودية على كل الأراضي الفلسطيني ، فضلا ً عن ضغوط الجماعات الدينية لهدم الأقصى وبناء الهيكل المزعوم ، فضلا ً عن المزيد من الطموحات والأولويات اليهودية والتي سيكون برنامج تمريرها من خلال الانتفاضة ، وفي ظل الغيبوبة العربية والإسلامية  .

 

 

الجهاد في فلسطين فرض عين ، وجهاد دفع

 

 إن الانتفاضة الفلسطينية ومن وجهتها الشرعية قد حارت بها العقول حول مشروعيتها أو عدم مشروعيتها، بين سلبيتها وإيجابيتها  ، وهل هي قتال مشروع أم حماس ممنوع ..؟‍!

 

وفي هذا الباب نلقي الضوء علي الحكم الشرعي للقتال في فلسطين ، بالإضافة إلى المبررات الشرعية في الدفاع عن النفس .

 

جاء في كتاب مغني المحتاج للشربيني ، 4/ 219 ( فللكفار حالان ، يكونون ببلادهم مستقرين بها  غير قاصدين شيئا ً من بلاد المسلمين ، ففرض كفاية كما دل عليه سير الخلفاء الراشدين  .

 

ثم قال : ( الثاني من حال الكفار ، يدخلون بلدة فيلزم أهلها الدفع بالممكن منهم ، ويكون لجهاد حينئذ فرض عين ) .

 

وقال : حتى لو كان هذا الدفع المتيسر لهم هو رمي العدو ( بالحجارة ) ـ المصدر نفسه 4/225 ـ  قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني ، رحمه الله : ( اعلم أن الجهاد

 

 

 

.