القدس والأقصى / خطب مقدسية

اليهود ونار الحروب.

اليهود ونار الحروب

فضيلة الشيخ: ناصر بن محمد الأحمد حفظه الله

الخُبر - السعودية

 

ملخص الخطبة:

1- اليهود سبب كثير من الكوارث والحروب الطاحنة. 2- دور اليهود في إشعال الثورات المدمرة واستغلالها. 3- اليهود ودورهم في الجاسوسية العالمية. 4- إسلامية قضية فلسطين. 5- دعوة لمؤازرة شعب فلسطين في جهاده لليهود.

 

الخطبة الأولى:

 

أما بعد:

في مدينة فرانكفورت الألمانية، وفي مصرف ربوي، وبالتحديد في عام ألف وثمانمائة وتسع وخمسين (1859م) اجتمع ثلاثة عشر رجلاً من سادة الذهب المسيطرين على مؤسسات وشبكات مالية عالمية الانتشار ووضعوا مخططاً عسكرياً لإقامة ثلاث حروب عالمية وثلاث ثورات كبرى في العالم بهدف هدم الأديان وتقويض صرح المجتمعات وكسب الأموال. هل تعلمون من هؤلاء المجتمعون؟ إنهم يهود.

وبعدها بدأت مؤامرات كبار أحبار اليهود لتنفيذ هذا المخطط لإثارة الحروب وسفك دماء الألوف بل الملايين من الأبرياء وقرروا الإطاحة بالأنظمة الملكية في أوربا والقضاء على جميع الحكومات القائمة في العالم. وطور هؤلاء خبرتهم الواسعة في بيع السلاح وشرائه تحت أقنعة مختلفة بواسطة أجهزة وسيطة لجميع الجهات الممكنة في الحروب والثورات الأوربية، وطوروا تجارة الحرب حتى حولوها إلى صناعة هائلة خفية، تمتد مرافقها السرية إلى قلب العديد من الحكومات والدول والمنظمات وتمتص خيرات الشعوب ودماءها بجشع شيطاني بفضل الحروب المستمرة التي تفرضها باستمرار على شعوب العالم، والمستفيدون هم اليهود الذين يوجهون هذه القوى الخفية حسب مصلحتهم ومخططاتهم ويجنون الأرباح الفاحشة في حين تدفع الشعوب الثمن باهظاً. "وَيَسْعَوْنَ فِى ٱلأرْضِ فَسَاداً وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ" [المائدة:64].

لقد تقاتل زعماء الشيوعية والنازية وغدر بعضهم ببعض وزجّوا بشعوبهم في حروب دموية كلفتهم ويلات لا تحصى، ثم اكتشفوا بعد  فوات الأوان أنهم ليسوا سوى دمى تحركها وتسيطر عليها أصابع اليهود.

واليهود هم الذين جرّوا الولايات المتحدة لحرب ألمانيا في عهد رئيسها ويلسون الذي وقع فريسة لأطماع المرابين اليهود.

واليهود كانوا هم وراء الحرب العالمية الأولى والثانية عن طريق سيطرتهم على بريطانيا، فنجحوا في إيهام الإنجليز أن الحرب ضد ألمانيا لا بد أن تعود عليهم بالخير العميم وبخاصة بعد اقتسام المستعمرات الألمانية، فخاضت بريطانيا الحرب عام ألف وتسعمائة وأربعة عشر (1914م). قال هرتزل أبو الصهيونية: "نحن اليهود حينما نَغرق نتحول إلى عناصر ثورية مخرّبة، وحينما ننهض تنهض معنا قوتنا الرهيبة لجمع مال العالم في بنك اليهود". "قَدْ بَدَتِ ٱلْبَغْضَاء مِنْ أَفْوٰهِهِمْ وَمَا تُخْفِى صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ" [آل عمران:118]، وقال هنري فورد: "إنني واثق من أن الحروب تتم ليستفيد طرف ما منها، والذي استفاد دائماً هم اليهود العالميون، يبدؤون الحروب بالدعاية التي يوجهونها من بلد لآخر، وقبل الحرب يتاجرون بالسلاح والذخيرة ويثرون من وراء تلك التجارة، وأثناء الحرب نفسها يثرون من القروض التي يقدمونها للطرفين المتحاربين، وبعد الحرب يضعون أيديهم على جميع مصادر الثروة في البلاد".

ولم يكتف اليهود بزج بريطانيا في حرب دامية شملت أوربا كلها، بل زجوا بالولايات المتحدة في الحرب مما أدى إلى ذبح عشرات الألوف من الأمريكان وخسارة آلاف الملايين من الدولارات في داخل البلاد ذهبت جميعها لجيوب اليهود الذين أداروا دفّة الحرب بالشكل الذي يؤمن انتصار الحلفاء ليتسنى لهم تحقيق وعودهم لليهود. وصرفت أمريكا على قواتها في هذه الحرب اثنان وعشرين ألف مليون دولار، والخسائر البشرية ـ بين قتيل وجريح ـ ستة وأربعون مليون شخص.

ثم أخذ اليهود يدبرون لإشعال نار الحرب العالمية الثانية وبدأت المعركة الدعائية كعادتهم ضد ألمانيا، وأعلنوا الحرب ضد هتلر والنازية التي أظهرت عداءها لليهود بسبب بشاعتهم وخبثهم ومكرهم. واستطاع اليهود بما لهم من نفوذ خطير وسيطرة تامة على صحافة أوربا وأمريكا أن يصوروا النازية وحشاً مفترساً يهدد أوربا وأمريكا. واستغل اليهود نفوذهم الكامل على حكومات بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة، وأعلنوا في بادئ الأمر الحرب الاقتصادية على ألمانيا وفرضوا قوانين المقاطعة على أوربا الغربية والولايات المتحدة بقصد خنق ألمانيا تمهيداً لتدميرها عسكرياً، وأعلنت صحف اليهود صراحة أنها أعلنت الحرب على هتلر منذ اليوم الأول الذي تسلم فيه السلطة كما أعلنوا صراحة أن الحرب العالمية الثانية لا بد أن تُعلن من أجل الدفاع عن أسس اليهودية. ودفعت الولايات المتحدة من أجل سواد عيون اليهود في هذه الحرب 350 ألف مليون دولار.

إن ضخ أمريكا لآلاف الملايين من الدولارات لصالح اليهود ليس بالأمر الجديد، لذا لا نستغرب لو خصصت الولايات المتحدة جزءاً من ميزانيتها لدعم إسرائيل. "لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَـٰرَىٰ أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ" [المائدة:51].

أيها المسلمون، واليهود كانوا هم وراء الحروب الصليبية فانتشروا في أوربا كلها لتحريض حكام المقاطعات وإقناعهم عن طريق فتح خزائنهم على مصراعيها لهم لتجنيد المحاربين ورشوة المتخاذلين، وكانوا وراء الستار على قيام الحروب الصليبية لأنهم وجدوا في هذه الحروب الفرصة الذهبية التي تتيح لهم تقديم القروض إلى زعماء الحملات وأمراء المقاطعات بالربا الفاحش والمتاجرة بالعتاد والسلاح إلى جانب الأهداف السياسية وهي إضعاف قوة الإسلام والنصرانية معاً. وفشلت الحروب الصليبية بعد أن كبّدت الإنسانية أرواحاً وأموالاً لا تقع تحت حصر، وقد امتلأت خزائن الربا والاحتكار بفوائد الأموال المقترضة لتلك الحروب. وكانت النتيجة التي لم تكن في الحسبان وهي أن حصل المرابون اليهود على مغانم هائلة من تلك الحروب وخرجوا بنتيجتها أطول باعاً وأكثر خبرة وكان لهذه النتيجة أثرها العميق في تطور الأحداث خلال الحِقَب التالية لهذه الأحداث.

واليهود هم الذين أشعلوا الثورة الإنجليزية التي قتل فيها ملك بريطانيا وتم فيها تصفية جميع أنصاره من البرلمان وبلغ اليهود فيها ما يريدون. فبعدما طرد ملك بريطانيا اليهود عندها قرر محتكرو الذهب اليهود في فرنسا وهولندا وألمانيا أن يجعلوا إنجلترا هدفهم الأول لإثارة الاضطرابات وأعمال الهدم والتخريب وحركوا منظماتهم في إنجلترا لإثارة الخلافات الحادة، لتنتهي هذه المسرحية بمحاكمة الملك وإعدامه بضرب عنقه أمام المصرف اليهودي في لندن.

وهم الذين أشعلوا الثورة الفرنسية أيضاً وذلك بعد أن قُدّمت دراسة يهودية عن الفوائد المادية الكثيرة التي حصل عليها اليهود نتيجة لإقامتهم الثورة الإنجليزية وأنها تعتبر قليلة جداً بالنسبة للمكاسب الضخمة التي يمكن الحصول عليها لو أشعلنا ثورة في فرنسا مع تفادي الأخطاء التي ارتكبت في الثورة السابقة. وبدأ العمل بتنظيم خطة مرسومة بدقة بالغة وعناية فائقة وبدأوا بخلق فراغ كبير بين الأسرة الحاكمة وبين الشعب ثم بإثقال كاهل البلاد بالديون اليهودية التي أظهرت الملك أمام شعبه مبذراً أنانياً ظالماً وأخيراً بتمويل الثورة ضد هذا الملك. وصلت الديون إلى 170 مليون جنيه إسترليني وهي ديون باهظة في ذلك الحين فرسموا خطة لتجويع فرنسا، وأخذ اليهود يلصقون التهم بالحكومة الفرنسية عبر نفوذهم بالصحافة وتأليف الكتب، ثم سلكوا طريقاً آخر وهو إيقاع الملك في فضائح أخلاقية عن طريق بعض النساء اليهوديات، حتى صار قصره وكراً لكل رذيلة، ثم بدأوا في توزيع المنشورات التي تحرّض على الثورة فاشتعلت نيرانها عام 1789م وانطلق المحرّضون والمجرمون يعملون الذبح والقتل والاغتصاب العلني وأخذ الذين جهّزوا للقيام بالثورة بتصفية كل الذين عُرفوا بولائهم للملك وللبلاد ومشت الثورة في الطريق المرسوم لها، فأعدم الملك وأعدمت الملكة وفُتك بعشرات الألوف من أبناء فرنسا الأبرياء. وهكذا جرت الأمور وتتابعت لصالح اليهودية العالمية وزُوِّرت الحقائق التاريخية، وسميت هذه الثورة اليهودية في حقيقتها بالثورة الفرنسية الكبرى. ووقعت فرنسا تحت تأثير اليهود بعد الثورة الفرنسية ولم يدخل النصف الأول من القرن العشرين حتى كان اليهود يسيطرون على جوانب الحياة كلها من تجارية وسياسية وعسكرية وثقافية ووصلوا إلى أعلى مراتب السلطة في فرنسا، فكان منهم رئيس الجمهورية وكان منهم رئيس الوزراء الفرنسي وغيره من الوزراء اليهود في الحكومات الفرنسية المتعاقبة. لقد أعطتهم الأمم قيادها وكانت كالبهائم تقودها اليهود وتتلاعب بمصائرها، فكانوا الحبل الذي ذكره الله "ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مّنْ ٱللَّهِ وَحَبْلٍ مّنَ ٱلنَّاسِ" [آل عمران:112].

أيها المسلمون، أما عن دور اليهود في السياسة الأمريكية فإن اليهود يديرون السياسة الأمريكية منذ نشأتها، فقد تدخل آل روتشيلد وهي عائلة يهودية في شؤون أمريكا منذ نشأتها ووجهوا دفة سياستها وكانوا هم سادة الحرب في أوربا أكثر من جيل كامل، ولقد مرت الولايات المتحدة بعهد من الحكم اليهودي وقد يبدو هذا القول غريباً لكنه ثمرة تحقيق قام به موظفون من الحكومية الأمريكية وظهرت نتائجه في سجلات الحكومة الأمريكية.

لقد ساق اليهود الأمريكيين كما يساق القطيع من الغنم واتخذوا من حكامهم صنائع لهم وعملاء وتحققت لهم السيطرة الكاملة عليهم، ولما لم يحقق لهم جون كندي كل ما يريدون ولم يمضِ معهم إلى آخر الشوط الذي طلبوه منه، لأن الولايات المتحدة في عهده تبنّت مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين وبسبب التزامها بالبيان الثلاثي الذي يضمن حدود دول المنطقة مع التزامها بأمن إسرائيل، فأهدر اليهود دمه وقتلوه في تشرين الأول سنة 63م بإطلاق النار عليه، ثم اغتيل القاتل قبل أن يبوح بدوافعه، ومكّنوا لعميل آخر يثقون في ولائه للصهيونية وهو جونسون وأوكلوا به حسناء يهودية صارت عشيقة له حرّكته كما يريد اليهود.

أيها المسلمون، لقد كوّن اليهود أكبر شبكة تجسس على مستوى العالم، وهم يتاجرون بالتجسس لحساب كل الأطراف المتنازعة، وقد استغلوا هذه الشبكة الجاسوسية في إقامة وطن لهم في فلسطين، ففي الحرب العالمية الأولى كانوا ينقلون المعلومات العسكرية من ألمانيا وبريطانيا وحلفائها، واستطاعوا أن يوقعوا بألمانيا خسائر فادحة وأن يتسببوا في انهيارها في الحرب، وذلك نكاية بها لأنها لم ترض أن تعطيهم وعداً بالمساعدة لإقامة الوطن اليهودي في فلسطين. واستطاع يهودي أثناء الحرب العالمية الأولى أن يسرق أسراراً كيميائية من روسيا القيصرية بواسطة بعض اليهود المنبثين فيها وأن يتاجر بها فيبيعها للحلفاء مقابل أن يساعدوا اليهود في الهجرة إلى فلسطين وتأسيس الدولة اليهودية. ولك أن تتخيل أن أعلى مستشار لقائد القوات الجوية المصرية قبل حرب يونيو67م كان يهودياً، وهو الذي أشرف على نقل المعلومات بدقة إلى اليهود، وأشرف على سكر الطيارين المصريين في حفلة ماجنة ليلة المعركة وغادر مصر مع خيوط فجر 5 يونيو 67م وكتب كتاباً سماه "وتحطمت الطائرات عند الفجر" .

أيها المسلمون، لقد أدرك الغرب خطر اليهود عليهم من جميع النواحي، السياسية والأخلاقية والاجتماعية وذلك لفسادهم وفضائحهم في الاحتيال والرشوة والربا فقرروا طردهم من أوربا، ففي عام 1253م طردوا جميعاً من الأراضي الفرنسية لمخالفتهم لقوانين البلاد، ثم بدأ الجلاء الكبير من أوربا إذ طردتهم إنجلترا في عهد الملك إدوارد الأول، وفي عام 1306م طردتهم فرنسا مرة ثانية وبصورة كاملة، ثم تبعتها بقية الدول، فطردتهم هنغاريا وبلجيكا والنمسا وهولندا وأسبانيا والبرتغال وإيطاليا. وتمكن اليهود من التسلل إلى بعض هذه الدول بعد مدة من طردهم، وبعدما علموا بهم بدأوا بطردهم مرة أخرى. "إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ ٱلْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مّن رَّبّهِمْ وَذِلَّةٌ فِى ٱلْحَيوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَكَذٰلِكَ نَجْزِى ٱلْمُفْتَرِينَ" [الأعراف:152].

هذا حال اليهود عند أقرب الناس لهم وهم النصارى، عندما أدركوا خطورة هذا النوع من الجنس البشري وأنه لا يمكن التعايش معه، والعجيب أنك تسمع من بعض المسلمين أو من يتسمون بذلك النداء للسلام مع اليهود والله المستعان أين هؤلاء عن هذا التاريخ الأسود لليهود، وما ذكرته لا يعد شيئاً لما سطره التاريخ من حقائق عن الجنس اليهودي الذي نسأل الله جل وتعالى أن يخلصنا من شره إنه ولي ذلك والقادر عليه.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ...

 

الخطبة الثانية:

 

أما بعد:

لقد ضاعت فلسطين يوم ضاعت الراية الإسلامية وحلّت بدلاً منها القومية العربية والعلمانية، لقد ضاعت فلسطين يوم سقطت الثورة العربية لدعاة القومية العربية في الوحل ودخلوا مع القائد اللنبي فلسطين عام 1917م لطرد العثمانيين، ضاعت فلسطين يوم دخل العرب مع اللنبي الصليبي لطرد الأتراك المسلمين. يقول الإمام عبد العزيز بن باز رحمه الله: "إن الدعوة إلى القومية العربية كما أنها إساءة إلى الإسلام ومحاربة له في بلاده فهي أيضاً إساءة إلى العرب أنفسهم وجناية عليهم عظيمة لكونها تفصلهم عن الإسلام الذي هو مجدهم الأكبر وشرفهم الأعظم ومصدر عزهم وسيادتهم على العالم".

كانت النكبة القاصمة لفلسطين يوم نُحيّ الإسلام عن قيادة المعركة، نحيّ عنها لتتولاها الجاهلية في صورة من صورها قومية أو علمانية.

يا درّة حُفظت بالأمـس غاليـة           واليوم يرجونها للهو واللعب

هل يستوي من رسول الله قائده           دوماً وآخر هاديـه أبو لهب

ولن تعود القدس إلا براية من الكعبة، وسامها من غار حراء، ونشيدها من بدر وتعاليمها من السماء.

لقد حَصروا قضية القدس في مضيق القومية الضيق وما علم المنكودون أن أمتنا عالمية وقضية القدس من هذه الواجهة عالمية، لأنها قضية كل مسلم، يبكي لمصابها الراكعون الساجدون على ضفاف الكنج وصحراء سنجار وشواطئ النيل والفرات ومضيق الدردنيل وجبال قندهار.

ومما يؤسف له أنه حينما أراد العدو الصهيوني إقامة سفارة له في القاهرة أصر اليهود على أن يكون موقع السفارة على الجهة الغربية من النيل لماذا؟ لأن حدودهم تنتهي عند الضفة الشرقية ولذلك رفض اليهود إقامة السفارة على الضفة الشرقية وأصروا على أن تكون على الضفة الغربية احتراماً لعقيدتهم في أن حدود إسرائيل الكبرى تنتهي عند الجهة الشرقية من النيل.

ولله در الشاعر يوسف العظم حين قال:

كم أشرقت في سماء المجد رايات                  ورتلت فـي رحـاب الخيـر آيات

وكـان رائدنـا يحدو مسـيرتنا          الله غــايتنـا الرحمـن لا اللات

ودولـة الحق بالإسـلام تحكمنا          واليوم تحكمنـا ظلمـاً دويــلات

تقــود أمتنـا للحـرب غانيةٌ           والجيش في الزحف قـد ألهته مغناه

الزّق والرّق والمزمـار عدتنـا          والخصـــم عدتـه علـم وآلات

وشرعة الله في القرآن نهجـرها                   وشرعة الخصـم تلمـود وتـوراة

لن يحرر فلسطين إلا طلاب العز بن عبد السلام وتلاميذ عز الدين القسام، وستعود القدس على أيدي من يصلي ويطوف ويجاهد بين الصفوف. ((يا مسلم يا عبد الله، هذا خلفي يودي فتعال فاقتله)).

إن فلسطين إسلامية النسب وليست عربية فحسب، ولذلك كان صلاح الدين فاتح القدس من الأكراد والسلطان عبد الحميد ناصر فلسطين من الأتراك الأجواد وبعض العرب باعوها مع كل الأسف في سوق المزاد:

بعها فأنت لما سواها أبيع                 لك إثمها ولها المكان الأرفع

لن تعود فلسطين عن طريق الملحدين ولا عن طريق الوحدويين، وإنما تعود تحت رايات الموحدين.

فلسطين غاب سلاطينها فأفلس طينها، وهي تنتظر كتائب الموحدين مع الصباح لتنادي حي على الفلاح، وسيعود الحق إلى أصحابه، والسيف إلى نصابه، وستعود بإذن الله الوديعة إلى واليها، والطفلة إلى أبيها، والدار إلى راعيها:

لا تهيئ كفني ما مِتُّ بعدُ                  لم يزل في أضلاعي برقٌ ورعد

أنا تاريخـي ألا تعرفـه                  خالـد ينبـض في قلبـي وسعد

أيها المسلمون، إن الجهاد على أرض فلسطين هذه الأيام أفضل جهاد على وجه الأرض لمن قدر عليه بمال أو نفس أو قول أو دعاء، ولذا فإن نجدتهم حق واجب ونصرهم فرض لازم  على جميع المسلمين "وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَـٰتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ" [التوبة:71]، وفي المقابل فإن خذلانهم أو التهاون في مناصرتهم ورفع الظلم عنهم ذنب عظيم وجرم كبير يتحمله الجميع وأيضاً فيها تضييع فرصة كبيرة في تحطيم آمال الصهيونية وتعريض للمسلمين جميعاً لخطر مدلهم، فإن لم يغتنم المسلمون اليوم الفرصة فسيندمون على فواتها إلى أمدٍ الله أعلم به، وإن تغييب الأمة عن ذلك وإشغالها باللهو واللعب يبلغ درجة الإجرام في حقها وحق قضاياها.

وأما أنتم يا مجاهدي فلسطين، يا من ترابطون هناك، يا من تعيشون هذه الأيام أياماً مأساوية، تقدمون كل يوم عشرات الشهداء ومئات الجرحى، فإنا نقول لكم: إن أمل الأمة بعد الله معقود عليكم فاصبروا وصابروا ورابطوا "فَإِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً ، إِنَّ مَعَ ٱلْعُسْرِ يُسْراً" [الشرح:5، 6]، واعلموا أن النصر مع الصبر، وأن موقف العدو الصهيوني اليوم هو أكثر ما يكون حرجاً وشدة، فقد انحصرت الخيارات أمامه في خيار واحد هو الاستمرار في العنف والإبادة، إن تراجع عنه فهو إقرار بالهزيمة وبداية للانقسام، وإن استمر فيه فسيقع في الهاوية بإذن الله تعالى، ومن هنا لا يجوز إنقاذ موقفه بإيقاف الانتفاضة مهما كانت التضحيات فمزيداً يا شباب فلسطين في اقتحام المستوطنات وتفجير القواعد العسكرية وصناعة الأسلحة وتطويرها ومزيداً في الاختراق، وتكثيفاً وتوجيهاً للعمليات فإن كل عملية تقومون به تزيد القوم رعباً وخوفاً، ويكثر بينهم الشحناء والخلافات في المواقف، بل ويزيد من عدد المهاجرين ويحمل اقتصاد إسرائيل الكثير التي نسأل الله تعالى أن يعجل بزوالها. "وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً" [آل عمران:120].

.