أنشطة المركز / للمركز كلمة

العلمانيون الجدد ... ومجزرة غزة !!

عيسى القدومي

من يريد أن يعرف حقيقة الصراع العلماني في هذه القضية... والأحداث في غزة فلينظر إلى المقالات المنشورة في الصحف العربية لكتاب يدعون العلمانية والعقلانية والليبرالية، من الذين جندوا أقلامهم لخدمات يعجز عنها كتاب الصحف العبرية!!

فلم يبقوا ثناء ولا ودفاعا إلا قالوه في الكيان اليهودي؛ مدحوا قادته ودستوره وديمقراطيته وعدله وإنصافه!! وأعطوه الحق في إقامة دولته على أرض فلسطين، والحق ف الاحتفال بقيام كيانه، وأن من يقاتلهم ويعاديهم هو إرهابي ظالم!!

وتحدوا الأمة الاسلامية بأكملها فقالوا: إن هذا الكيان باق لأنه وجد ليبقى؛ وبرروا لقادة اليهود كل ممارساتهم بدءا من تهويد القدس وهدم أجزاء من المسجد الأقصى، وإقامة الجدار العازل، وقتل النساء والأطفال، والاجتياحات وهدم المنازل على اعتبار أن ما يمارسه اليهود هو دفاع عن النفس وحفاظ على دولتهم ومواطنيهم!! وأنكروا المجازر التي اقترفتها عصابات اليهود!! ومجدوا ذكرى المذبحة النازية والتي يطلقون عليها مسمى "الهولوكوست"، واعترضوا على تسمية ما حدث في 1948 م بالنكبة، بل عدوا النكبة الحقيقية ليس ما حدث في عام ١٩٤٨ م حينما سقطت فلسطين بيد اليهود وأعلنوا قيام دولتهم، بل بوصول حركة إسلامية إلى سدة الحكم في غزة، ويروجون كذلك للمصطلحات اليهودية ليطمسوا المسميات والمصطلحات الأصيلة التي طالما حافظت عليها الأمة.

ولم يكتفوا بذلك بل أرادوا تعميم السلام وأن نحسن التعامل مع اليهود مهما تجبروا وتكبروا ومارسوا من عدوان!! لأنهم" الشعب المختار" الذي ينبغي مصادقته مهما كان!! وأن نبتعد عن تخوفنا من اليهود، ومن هواجس التآمر، ومن وساوس الخيانة، واتهامات العمالة؛ وبعضهم خلط بين عدائه الدائم لكل ما يمت للإسلام بصلة، وحقوق العرب والمسلمين في أرضهم!! بمقالات وعبارات قد لا يتقبلها بعض اليهود!!

كانت كتابات هؤلاء في السابق أكثر تورية وتقية لأن الأمة الاسلامية لم تكن بهذا الانكسار والضعف كما هي عليه الآن، فصوت هؤلاء وظهورهم يخفت حين تكون الأمة في قوتها ومكانتها، وظهورهم مرهون بضعف الأمة وتكالب أعدائها عليها، وهذا هو حال كل من أراد السوء بهذه الأمة منذ عهد النبوة إلى الآن!!

من هم هؤلاء؟!

يصفون أنفسهم بمجموعة من المنقفين والمفكرين العلمانيين والحداثيين!! وأطلق بعضهم على أنفسهم مسمى "الليبراليون" الجدد؛ فهؤلاء هم أصحاب الاتجاه الليبرالي ذي الوجهة الغربية الموالية لدول الغرب ومن في فلكها.

والليبرالية وجه آخر من وجوه العلمانية، ومن الصعوبة تحديد تعريف دقيق لليبرالية، وذلك بسبب تعدد جوانبها، وتطورها من جيل إلى جيل؛ في بدايتها كانت رد فعل لتسلط الكنيسة والإقطاع في العصور الوسطي بأروبا، ما أدى إلى انقلاب الجماهير، وبخاصة الطبقة الوسطي، والتي نادت بالحرية والإخاء والمساواة، وتحولت بعد ذلك أهدافها وغاياتها!!

وهي تعني في الأصل الحرية، أي الحرية من كل ما يقيد الإنسان من دين وسياسة واقتصاد، تلك الحرية المطلقة التي لا تحدها الحدود ولا تمنعها السدود، كحرية الاعتقاد، وحرية السلوك، ويقولون: نحن أحرار فيما نكتب وفيما نصف!!

وأغلب العلمانيين الجدد يفضلون إطلاق مسمى الليبراليين الجدد على مسمى العلمانيين، لأن مصطلح الليبرالية يعني للوهلة الأولى العمل من أجل الحرية، مما يخدع كثيرا من أبناء المسلمين لعدم تصورهم لدلالة ذلك المصطلح ومفهومه.

حقيقتهم وانتماءاتهم:

ظهروا مؤخرا بكتاباتهم وتنظيراتهم وأطروحاتهم، وهم ليسوا حدثا من غير امتداد، وإنما مجموعة من العلمانيين، يرون أنفسهم أكثر تبصرا واستشرافا للمستقبل، ومن هذا المنطلق يدعون أن مشروع الدولة "الصهيونية" قد بلغ مرحلة من الثقة بالنفس والاطمئنان على "الوجود"، ما يستدعي التعامل معه وإعطاءه حقوقه التي طالما حرم منها!!

والجديد أنهم أصحاب طرح جديد بثوب جديد، لم تعهده الأمة في عصرها الحاضر، فالتأريخ المعاصر عندهم هو ما كتبه اليهود والصهاينة فهم أصحاب الرواية التي تصدق، أما التاريخ العربي والإسلامي للأحداث المعاصرة، والرواية العربية فمشكوك فيها!!

يقف المسلم مذهولا من سوء ما يكتبون ويقولون، فهم علمانيون ولكنهم من أجل الدفاع عن اليهود ووجودهم في أرض فلسطين يستدلون بآيات من كتاب الله تعالى، وإن دعت الحاجة بنصوص من التوراة المحرفة، ويستعينون بالتاريخ وبالجغرافيا إن لزم الأمر.

يعادون كل مسلم، ومن أجل اليهود توسعت دائرة العداء ليوجهوا سهامهم لكل من يدافع عن حقوق الفلسطينيين، أو يطالب بإرجاع الأرض إلى المسلمين، ولا مانع لديهم أن يوجهوا سهامهم للعلمانيين القوميين أو الناصريين أو البعثيين إن خالفوهم فيما قالوا.

هم ليسوا يهودا ولكنهم مع اليهود، يخادعون كما يخادع اليهود، ويكذبون كما يكذب اليهود، ويتبدلون كما يتبدل اليهود، ويثيرون الشبهات نصا كما صاغها اليهود، ومحصلة أعمالهم أنهم يعادون كل من يعادي اليهود!!

لم يتركوا شبهة وأسطورة من أساطير اليهود ألا حملوها وأشاعوها كما يشيعها اليهود، إنهم ينتقمون من أمتنا بدعم أعدائها، وتتعالى أصواتهم كلما اشتد الخناق على ممارسات اليهود، وبرروها كما يبررها المتحدثون الرسميون للكيان الغاصب، يسيئهم ما أساء اليهود، ويفرحهم ما أفرح اليهود!!

يجرمون كل من يصف اليهود ومؤامراتهم، ويثنون على كل ما في الكيان اليهودي بمؤسساته وممارساته!! قال تعالى: {إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ{(آل عمران، ١2٠).

كيف هادوا اليهود؟!

هادوا اليهود وناصروا النصارى، بتطاول بعضهم على القرآن ومطالبته بحذف الآيات التي تعرضت لأسيادهم من اليهود والنصارى؛ وعادوا قضية فلسطين بجميع حيثياتها، وأعطوا لليهود حقوقا في أرضنا ومقدساتنا، حتى السلطة الفلسطينية ذات التوجه العلماني منتقدة عندهم إن قالوا أحيانا لا للممارسات اليهودية؛ فهم مع كل التنازلات التي قدمتها السلطة الفلسطينية إلا إنها برأيهم لم تقدم ما أرادوا، ويتهمونها بأنها السبب في تأخر إقامة دولة فلسطين في الضفة والقطاع!!

بل وحق العودة عندهم منتقد! ويشيعون أن تأخر إقامة الدولة الفلسطينية إنما هو بسببه، كما اعترضوا على مصطلح النكبة، وقالوا إن النكبة الحقيقية هي نكبة سيطرة الحركات الإسلامية على زمام الأمور في غزة!! يحاربون أي سلاح يرفع في وجه اليهود، وأي مقاومة حتى لو لم تكن مسلحة، ولا يريدون قول لا لليهود!!

لا حل عندهم لقضية فلسطين إلا بالمفاوضات وتقديم التنازلات والرضا بما تكرم به اليهود، وهم مع أي قرار لنزع السلاح، ويحزنهم وصف المجتمع اليهودي بمجتمع محارب فهم يطلقون مسمى المدني حتى على الجندي اليهودي!!

يبررون إسقاط حق العودة لأن رجوع الفلسطينيين إلى أرضهم سيربك "إسرائيل" والسلطة الفلسطينية!! وكتب أحدهم بأن "العودة سترفع أسعار الأراضي والعقارات إلى درجة لا يقدر الفلسطيني على العيش بأكثر من مائة سنتمتر مربع!!

وكأن ستة ملايين فلسطيني في الشتات سيحزمون أمتعتهم ويتركون مصالحهم التي بنوها على مر ٦٠ عاما وسيرجعون إلى فلسطين في يوم وليلة!!

أليس حق العودة هو السماح للفلسطيني أن يعود إلى أرضه متى شاء وكيف شاء لا أن يمنع من ذلك ويسمح لليهودي الذي لم ير أرض فلسطين من قبل أن يعود إليها ويعيش فيها!!

وتحت مبرر أن القضية الفلسطينية لطالما استغلت من قبل الاسلاميين والقوميين لتأجيج المشاعر الشعبية، يدعو هؤلاء العلمانيون الشعوب العربية للاستيقاظ من رقادهم ليمدوا أيدي السلام إلى إسرائيل التي باتت تمثل واقعا يجب القبول به!!

ويكتبون أن دولة عبرية علمانية ديمقراطية حداثية قامت في عام ١٩٤٨ م؛ وأننا لو تعقلنا- أي أهل فلسطين- لانتفعنا قليلا أو كثيرا بعلمانيتها وديمقراطيتها وحداثتها بحكم (الجوار ووحدة المصير)!! ويدعون أن الفلسطينيين بوقوفهم ضد قرارات التسوية الصادرة عن مجلس الأمن والأمم المتحدة، قد أضروا بحق العودة، ولولا معارضتهم لتلك القرارات لكانوا الآن ينعمون في أرض فلسطين!!

ويصف أحدهم حكومة "هنية "في غزة بأنها "الدولة الدينية الطالبانية بدراويشها ولحاها الكثيفة، ووجوه عناصرها الملثمة، التي أعادت غزة إلى القرون الوسطى ويصف شوارع غزة الآن وكأنها شوارع كابول طالبان، ويذم نساء فلسطين بقوله: "نساء حماس البدينات يلدن كل عام توأما، لكي يكثر عدد "المجاهدين" وتعويض ما يقتل يوميا من الفلسطينيين"!!

فهم طائفة كثرت أدبياتهم ومقالاتهم في الصحف والمجلات وانتشرت في الفضائيات والانترنت، لا مثيل لهم في كل مراحل التاريخ فهؤلاء أناس تنكروا لأمتهم وأوطانهم، ودافعوا عن حقوق أعداءهم، وعندهم كل أعداء الإسلام هم الشرفاء!! وهذا الفكر للأسف يجد كل الدعم من ظهور وفتح الأبواب ليقولوا ما أرادوا، عبر الصحافة والفضائيات والمنتديات، وصدق فيهم قوله تعالى: {يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ{(الصف:8).

نماذج من مقالاتهم:

ولكي لا أبقي سردي في حقيقة هؤلاء وكتاباتهم في الإطار التنظيري سأنتقي نماذج من تلك المقالات والكتابات المبثوثة في صحف ومواقع مختلفة ومنها موقع وزارة الخارجية "الإسرائيلية "الذي جمع العديد من مقولاتهم ليدلل على عدل كيانه وإنصافه وإنسانيته!!

 • يحق لدولة إسرائيل أن تحتفل بالذكرى الستين!!

تحت هذا العنوان كتب أحدهم:" الأرض المقدسة أو ما يسمى فلسطين جوازا!! حق لبني إسرائيل قبل أن ينتشر فيها شتات مخيمات اللاجئين وقبل أن تنشا حركة فتح والجهاد وحركة حماس الإرهابية.. والأرض المقدسة هي أرض الميعاد التي بشرت بها التوراة؛ ويحق لدولة إسرائيل أن تحتفل بالذكرى الستين!! ولقد نشأت دولة إسرائيل الحديثة لتدوم وتستمر".

ويضيف: "وشاءت إرادة الله سبحانه وتعالى أن يكتب الأرض المقدسة حقا لبنى إسرائيل دون غيرهم تتأكد في قوله تعالى: {يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِكُمْ فَتَنقَلِبُوا خَاسِرِينَ} (المائدة:21).

وأقول: إن من المفارقات العجيبة حين عبر الرئيس بوش عن انبهاره بـ "إسرائيل" و"مستقبلها الزاهر" ذكرى مرور ٦٠ عاما على قيامها، فإن عددا غير قليل من الكتاب اليهود خالفوه في الرأي، معتبرين أنهم يعيشون في بلد لا مستقبل له!!

•ونقول لهذا الكاتب وأمثاله من أقدم العرب أم اليهود في فلسطين؟!! وهل استقر فيها العرب أكثر أم اليهود؟!! ومن أقدم العبرية أم العربية في فلسطين؟!! ولماذا لا يطالب اليهود بالأوطان التي هاجروا إليها في أوروبا فقد عاشوا فيها واستقروا لآلاف السنين؟!! وهل شارون

وبيريز وأولمرت ورثة أنبياء الله تعالى؟! وهل وعد الله يهود اليوم أن يسكنهم أرض كنعان؟!!

• بمقدار ما لديهم من عدل.. لدينا ظلم !!

وفي مقال آخر عدد كاتب منهم تحت ذلك العنوان السبب الحقيقي الكامن -حسب رأيه- وراء قصة النجاح الإسرائيلية والتقدم الإسرائيلي في جميع المجالات هو الديمقراطية في إسرائيل، ويعتبر الكاتب أن الفرق بين العرب وإسرائيل يتمثل في انعدام الحرية لدى العرب وتوافرها في إسرائيل وبمقدار ما لديهم من عدل، لدينا ظلم"!

ويضيف الكاتب:" إن الدليل على ذلك هو أن الفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل في وضع أفضل ماديا وديمقراطيا من الفلسطينيين في الضفة والقطاع وبقية الدول العربية... وإن الحرية هي أساس الفرق بين العرب الإسرائيليين؛ حرية التعليم والاقتصاد والثقافة والأديان والتفكير، ناهيك عن حرية التعبير المطلقة مقارنة بالبلاد العربية السيئة والاستبدادية في المجالات سالفة الذكر !!.

• «مكانة للقدس عند المسلمين مزعومة»!!

وعن مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين كتب أحدهم: إن القدس بمسجدها الأقصى مدينة مقدسة عند اليهود، ذلك أمر لا مجال للجدال فيه، وإن أول بناء للمسجد الأقصى هو بناء إسرائيل وهو نبي الله يعقوب عليه السلام، والبركة يشرحها المفسرون بسذاجة بأنها بركة الزرع والشجر، التي لو قسنا عليها لكانت كاليفورنيا أكثر بركة من بيت المقدس بمرات.. ظلت القدس عامة للدويلات اليهودية، وظل يحكمها ملوك بني إسرائيل..

وقدسية القدس والمسجد الأقصى في الإسلام حديثة العهد جدا، وكتب الحديث لا تذكر للرسول صلى الله عليه وسلم حديثا يطالب فيه بتحرير المسجد الأقصى أو فتح مدينة القدس أو غزو فلسطين، وكتب التاريخ لا تذكر أن أحدا من الخلفاء الراشدين قد فكر أو ادعى

قدسية القدس أو تفضيلها على يثرب عاصمة الخلافة.

وإن صلاح الدين لم يخرج بنية تحرير القدس، وإنما ليحارب جيوش دويلات وممالك

فلسطين، وهي حرب تجارية توسعية لا علاقة لها بالدين ولا بالقدسية، وقضية فلسطين

قضية قومية وليست قضية دينية"!!

• «رحمة شارون في مجزرة جنين»!!

وصرح أحدهم أبان سقوط بغداد عن "اليهود في العراق" بأنهم عانوا الكثير في العراق ويجب أن تزول تلك المعاناة!! أما الفلسطينيون بسبب فقدانهم لوطنهم فقدوا حس الولاء لأوطان الآخرين ولو سكنوها!!.. وأضاف:" إننا كعراقيين قد أعدنا حساباتنا تجاه قضية فلسطين ولا أظننا سننشغل بها بعد اليوم.. وفي المقابل نراه يهون من فظائع المجرم شارون ويقول نصا: " والله لو أن الجيوش العربية دخلت إلى جنين لارتكبت من الفظائع والمجازر عشرة أضعاف ما ارتكبه شارون هناك !!.

•مجزرة دير ياسين أسطورة وهمية!!

وكتب بعضهم وأشاع أن مذبحة "دير ياسين" لم تحدث وإنما هي أسطورة وهمية وأكذوبة من الأكاذيب، والتي بسبب إشاعتها خرج مئات الألوف من الفلسطينيين إلى خارج فلسطين!!

وهؤلاء كذبوا حدوث مذبحة دير ياسين على الرغم ما جاء في كتاب الثورة لمناحيم بيغن:" بأن مذبحة دير ياسين أسهمت مع غيرها من المجازر الأخرى ف تفريغ البلاد من ٦٥٠ ألف عربي" وأضاف "لولا دير ياسين لما قامت إسرائيل .

• «في اليوم العالمي لضحايا الهولوكوست»!!

وفي مقال عن اليوم العلمي لضحايا المجزرة النازية كتب أحدهم: من حق البشرية وواجبها الوجداني والأخلاقي الاحتفال باليوم العالمي لضحايا الكارثة (الهولوكوست) التي راح ضحيتها ستة ملايين إنسان يهودي بريء، قضوا نحبهم داخل معسكرات الاعتقال وفي محارق الغاز النازية الهتلرية الرهيبة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن الماضي، في أبشع مأساة إنسانية وعمليات إبادة جماعية عرفها التاريخ وأرقت الضمير الإنساني... وبهذا يكون ضحايا الهولوكوست هم شهداء الإنسانية قاطبة، ويصبح لمعنى معاناتهم ومأساتهم معيار قيمي وأخلاقي عالمي للصواب والخطأ في تقييم كثير من مناهج النظر والسلوك والمواقف المختلفة"!!.

• وكتب آخر: الهولوكوست: أي خطر على المسلمين من الاعتراف؟! أضاف فيه: "ما هو الخطر من الاعتراف بالهلوكوست كواقعة تاريخية؟، محرقة الإبادة الجماعية التي ارتكبها النازيون بزعامة ادولف هتلر ضد اليهود؛ وراح ضحيتها مباشرة قرابة ستة ملايين، لا ذنب لهم سوى أنهم يدينون باليهودية... ولذا فان بشاعة النازي في جريمة المحرقة تفرقها عن أي جرائم حرب أو سلم أخرى في التاريخ (وأتوقع من القومجيين والبعثجية والإسلاموجية محاولة التعليق بمقارنة مخالفات الجيوش الأمريكية والجنود الإسرائيليين الخ الخ، بالهلوكوست)؛ فجريمة النازي ليست اختراق ضابط أو طيار لقوانين معاهدة جنيف باستهداف مدنيين عمدا أو خطا"!

نماذج من كتبهم:

ذكر شاكر النابسي في كتابه"المال والهلال" يقول: إن التوجه لبيت المقدس سببه العامل الاقتصادي!! وإن تحريم الربا سببه توجيه ضربة مالية لليهود!! وإن جانبا من خلاف الرسول مع اليهود في المدينة وطردهم منها كان لأسباب مالية بحتة"!!

•النظرة العقلانية في التعامل مع يهود"

وكتب بعض هؤلاء أنهم أصحاب النظرة العقلانية ف التعامل مع يهود اليوم، وكتبوا أن لا بد من الفصل التام بين يهود اليوم ويهود الأمس، لزعمهم أن ما جاء في ذكر اليهود من نصوص شرعية هو تفسير لأحداث خاصة في تاريخ معين لا تنطبق على واقعنا اليوم!!

ومن هذا المنطلق قالوا إن الخطاب حول اليهود لابد أن يتغير ويتبدل ليتماشى مع المستجدات على الساحة العالمية والإقليمية، وإنه لابد من تجاوز الخطاب الاسلامي في عدائه لليهود، وتقبل اليهود وكيانهم على أرض فلسطين كجزء من دول المنطقة وشعوبها، والعمل على التعايش مع هذا الواقع، بل تجاوز الأمر إلى السعي للمشاركة العملية لتشكيل رؤية لعلاقاتنا المستقبلية مع اليهود!

واتهموا بتلك الرؤية الخطاب الاسلامي بالسطحية حول اليهود واليهودية وكيانهم الغاصب، الذي يصف اليهود أينما كانوا بأنهم يحيكون المؤامرات وفي سلة واحدة وقالب "الشيطنة"، وأطلقوا على الخطاب الإسلامي مصطلح "الخطاب التأمري، والبعض منهم يحمل الخطاب

الإسلامي مسؤولية الحال التي وصلت إليها الأوضاع في فلسطين والوطن العربي والإسلامي!!

كيف نصل لكتاباتهم؟!

وإذا أردت أن تعرف أسماء هؤلاء وكتاباتهم فما عليك إلا التصفح في موقع وزارة الخارجية الإسرائيلية على الشبكة العالمية" الإنترنت والدخول إلى بوابة" كتاب رأي عرب، وستجد العجب العجاب مدح هذا الكيان وديمقراطيته وعدله وإنصافه وإنسانيته!! حتى ظننت أنني

أقرا عن دولة العدل في عهد الخلفاء الراشدين رضوان الله عليهم.

وحقيقة أن هذا الموقع قد وفر علي الجهد وكفاني مؤونة مواصلة البحث لقراءة مقالاتهم المتناثرة في الصحف اليومية والإلكترونية، وكيف أصبح هؤلاء من دعاة للحرية إلى أكبر الداعمين للاحتلال أيا كان، وأصبحت خدماتهم معروضة في لهذا الكيان حسب الطلب!!

ولله الحمد والمنة فإن هذه الطائفة فئة قليلة ولكنها دعمت لتكتب وتتكلم فكشفوا عن أنيابهم وأظهروا عداءهم ظنا منهم أن هذه الأمة ستزول، وتكون لهم الجولة والصولة ولكن أنى لهم ذلك وقد تعهد الله تعالى بحفظ هذه الأمة وكتابها المنزل إلى يوم الدين.

خطورة هذه الكتابات وسبل مواجهتها:

تتمثل خطورة هؤلاء العلمانيين في طرح فكرهم وادعائهم العقلانية والواقعية والتي عمدوا من خلالها إلى التضليل وقلب الحقائق، عبر غارات من الأكاذيب والافتراءات التي تتعرض لها عقولنا وأسماعنا وذاكرتنا؛ ليصبح القمع حرية، والحرب سلاما، والباطل حقيقة، والحقيقة باطلا، والاغتصاب تحرير، ومقاومة المحتل إرهاب...!!

وأطلقوا الكثير من الأكاذيب والإشاعات لتبرير احتلال أرض فلسطين وإقامة كيان الصهاينة على أرض المسلمين، وأشاعوا أن اليهود يعودون إلى أوطانهم، والتي كانت صحراء قاحلة.

فلابد من مواجهة هذا الخطر، ومعرفة حقيقته وأبعاده، ومقاومته مقاومة شاملة، لأنه عدوان ممنهج على الأمة أرضا وعقيدة وتاريخا ومستقبلا... ولا بد أن توضح حقيقة هؤلاء لكي تكشف الأمور بأن هذا موقف فئة قليلة لا تعبر عن موقف شعوب طالما قدمت لهذه القضية ما تستطيع وما زالت بعطائها متى سنحت لها الفرص..

ويمكن تلخيص طرق مواجهة هذا الفكر الضال بالنقاط التالة:

• تقوية عقيدة الولاء والبراء وتقوى الله تعالى في المسلمين فإنه من أعظم أسباب التمكين لقوله تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ{(الطلاق:2-3). ولقوله تعالى: {وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ{(الأعراف: 128).

• تعرية فكرهم بمتابعة كتاباتهم، وفضح أهدافهم، وكشف حيلهم ومكرهم، وتوعية الأمة بخطورتهم، وكشف انتماءات وأبعاد كتاباتهم وما وراءها؛ والرد على أقوالهم وكتاباتهم، ودحض شبهاتهم وأكاذيبهم، ونشر كل ما يثبت حق المسلمين في فلسطين وحقوق أهلها الصامدين؛ مع التركيز دائما على ثوابتنا الشرعية والحقوقية.

• نصح من تأثر بأقوالهم من المسلمين الذين هم إخواننا يصلون ويصومون ولم يخرجوا من دائرة الإسلام، ولكن انطلت عليهم مقالات العلمانيين وأفكارهم الضالة، والحذر من إعطاء هؤلاء الكتاب الشهرة والمكانة، بل إسقاطهم وكشف أطروحاتهم!!

• إعداد الكوادر القادرة على متابعة كتاباتهم وأنشطتهم، والرد على ضلالاتهم وتفنيد مزاعمهم وشبهاتهم ضد الإسلام وقضاياه العادلة، وحقوقه في أرضه ومقدساته، وبالأخص في أجهزة الأعلام والفضائيات.

• تخصيص مراكز دراسات لدراسة تاريخنا الماضي وتحقيقه، وتوثيق تاريخنا المعاصر ليكون لدينا تاريخا مقرونا بالأدلة يغرس في نفوس أبناء الأمة عبر الوسائل الإعلامية المتاحة، كي تستطيع الأجيال أن تحفظ هويتها وتاريخها من مخطط التشويه والتحريف.

• التواصل والالتفاف مع العلماء المعتبرين، والتعاون معهم لتزويدهم بصفة مستمرة بما يخطط له الأعداء، وحاملو لواء التأريخ للأمة، وعرض أهم الدراسات التي يقدمها المختصون لتبيان مدى مشروعيتها، والتحذير من مخاطرها.

• تبني طباعة الكتب المتميزة، التي تخدم قضية الأقصى، وتاريخ فلسطين، والصراع على المقدسات، بوجهة نظر إسلامية موضوعية.

• الدعاء للمسلمين وكف شر المغرضين والمشككين عنهم، والصبر على الأذى والحكمة في المواجهة، وتقدير المصالح الشرعية {...وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ{ (آل عمرن:120).

وفي الختام نقول: يجب على كل مسلم أن ينهض لدينه وأن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حقا وصدقا، وأن يدعو بملء فيه إلى هذا الطريق، وأن يجاهد في الله تبارك وتعالى امتثالا لقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ ۚ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{(التوبة:73).

ومن أراد الاستزادة فعليه الرجوع إلى موقع وزارة الخارجية الاسرائيلية على الإنترنت وعنوانه: www.altawasul.net/MFAAR

 

مجلة بيت المقدس للدراسات- العدد السابع

.