فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار

الحصار يستمر في طحن عظام الغزيين والمطالبات بكسره مجرد حبر على ورق

 

 

التاريخ: 28/11/1430 الموافق 16-11-2009

 

نداءات واستغاثات وآهات وبكاء.. ولا مجيب؛ حصار ظالم مفروض على أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني في قطاع غزة منذ قرابة 3 أعوام متواصلة دون أن ينظر أحد إلى المحاصرين، ودون أن يتحرك العالم الدولي تجاه هذه الجريمة البشعة التي ترتكب على مرأى منهم ومسمع.

ضحايا الحصار ترتفع أعدادهم يومًا بعد يوم، محرومون من أبسط الحقوق التي كفلتها لهم المواثيق الدولية، محرومون من الأدوية التي لا تدخل غزة بسبب إغلاق المعابر، ومحرومون أيضًا من السفر لتلقي العلاج في الخارج، فإلى متى سيبقى الحصار مفروضًا على أهل غزة؟!

ارتفاع عدد ضحايا الحصار

فقد أعلنت وزارة الصحة قبل أيام عن وفاة المواطن أسعد إبراهيم محمد عصفور (51 عامًا) من سكان محافظة خان يونس جنوب قطاع غزة من جراء منعه من السفر للعلاج بالخارج؛ حيث كان يعاني من ورم خبيث في الشعب الهوائية والرئة.

وذكرت الوزارة أن المواطن عصفور رفع عدد شهداء الحصار إلى 364 ضحية، معبرةً عن قلقها من الوضع الصحي في القطاع من جرّاء نفاد الأدوية والعلاجات والمستلزمات الطبية اللازمة، فضلاً عن إغلاق المعابر وعدم السماح بسفر المرضى للعلاج أو إدخال ما يلزم من دواء وعلاج.

ويشار إلى أن من بين ضحايا الحصار الـ364 عددًا كبيرًا من الأطفال والنساء وكبار السن، الذين حرموا من الأدوية ومن العلاج، وقد أهابت وزارة الصحة بأحرار العالم والمؤسسات الحقوقية بالوقوف إلى جانب أهالي القطاع ومرضاه المحاصرين، والخروج من حالة الصمت الرهيب، والضغط على سلطات الاحتلال الصهيوني من أجل إنهاء ممارساته الوحشية البشعة التي ترتكب ليل نهار على مرأى ومسمع المجتمع الدولي.

إغلاق المعابر ومنع دخول السلع

على صعيد آخر قلَّل مسؤول فلسطيني من أثر الزيادة المحدودة كمًّا ونوعًا في السلع الجديدة التي سمحت سلطات الاحتلال بدخولها إلى قطاع غزة مؤخرًا، موضحًا أن ما يرد للقطاع يقل عن 1% من حاجته.

وقال مسؤول لجنة تنسيق دخول البضائع إلى قطاع غزة رائد فتوح في تصريحات صحفية في غزة أمس الأحد (15-11): "إن الجهود متواصلة من أجل تذليل العراقيل التي تواجه دخول البضائع إلى القطاع، ومخاطبة أطراف دولية للضغط على "إسرائيل" لإدخال أصناف جديدة إلى القطاع خاصةً من السلع الإستراتيجية ومدخلات الإنتاج".

ونبَّه فتوح إلى أن عدد السلع المسموح بدخولها حاليًّا إلى غزة تقدَّر بنحو 44 سلعة للقطاع التجاري ونحو 26 سلعة للقطاع الزراعي، مبينًا أن هذه السلع تشكِّل ما نسبته نحو 1% مما كان يسمح الاحتلال الصهيوني بدخوله إلى القطاع  قبل الحصار المفروض.

أزمة نفاد غاز الطهي

على صعيد آخر حذرت جمعية "شركة أصحاب الوقود" الفلسطينية من تجدد أزمة نفاد غاز الطهي في قطاع غزة إثر نفاده من محطات الوقود في القطاع وذلك لليوم الـ25 على التوالي.

وقال محمود الشوا رئيس الجمعية في تصريحات إذاعية: إن "محطات تعبئة الغاز في القطاع أغلقت أبوابها أمام بيع الغاز للمواطنين، وذلك عقب نفاد المخزون لديها، ونقص الكميات التي تدخل إلى القطاع من قبل سلطات الاحتلال".

وأوضح الشوا أن السبب في ذلك يعود إلى تحويل سلطات الاحتلال الصهيوني إدخال الوقود من معبر الشجاعية (ناحل عوز) شرق غزة المخصص لإدخال غاز الطهي والسولار الصناعي اللازم لمحطة توليد الكهرباء إلى معبر كرم أبو سالم منذ قرابة الشهر.

وبيَّن أن البنية التحتية لمعبر كرم أبو سالم لا تتناسب مع الكميات التي يحتاجها القطاع من الغاز؛ "حيث تحتاج غزة شهريًّا إلى 5000 طن من الغاز، مؤكدًا وجود عجز كبير في الكميات الواردة للقطاع".

يشار إلى أن سلطات الاحتلال الصهيوني تفرض حصارًا مشددًا على قطاع غزة منذ قرابة 3 سنوات متواصلة.

هنية خاطب العالم لكسر الحصار

من جهته دعا رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية العالمَ كله في أكثر من خطاب إلى ضرورة كسر الحصار الصهيوني الظالم عن قطاع غزة، مستنكرًا استمرار الحصار "وإزهاقه لأرواح المئات من الفلسطينيين المحرومين من السفر لتلقي العلاج".

ودعا هنية في أحد خطاباته الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى تبني مبادرات لكسر الحصار عن قطاع غزة، معتبرًا أن وصول قوافل إغاثة إنسانية (شريان الحياة 2) من مدينة نيويورك الأمريكية "دليلٌ على رفض الشعب الأمريكي للحصار الصهيوني".

وحثَّ رئيس الوزراء الفلسطيني الرئيس أوباما على ترجمة مواقف إدارته على الأرض، وتبني نهج المتضامنين الأمريكيين مع القطاع.

وقال: "إن القافلة تؤكد أن الشعب الأمريكي بدأ يعبر عن غضبه ورفض دعم بلاده للاحتلال الصهيوني"، معتبرًا أن قافلة "شريان الحياة (2)" تحمل دلالةً خاصةً لكون المشاركين في معظمهم من الولايات المتحدة بمن فيهم حاخامات يهود.

وأوضح أن الشعب الفلسطيني ليس ضد اليهود لكونهم يهودًا، لكنه ضد الاحتلال المنطلق من رؤية صهيونية ترفض الحقوق والثوابت الفلسطينية، واصفًا الحصار بأنه "طعنة في الأخلاقيات الإنسانية" وهو "جريمة العصر" المتمثلة في سجن 1.5 مليون إنسان في قطاع غزة.

الحصار يحيق بكرامة الإنسان "الغزي"

"الأمم المتحدة" أعلنت أن الحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال على قطاع غزة أثار "أزمة مطولة تحيق بكرامة الإنسان"، وأدى لتدمير أسباب العيش وارتفاع حدة انعدام الأمن الغذائي، وحدوث أزمة في الطاقة والمياه والصرف الصحي للقطاع المحاصر منذ أكثر من ثلاث سنوات.

جاء ذلك في دراسة صدرت في منتصف أغسطس الماضي عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية بعنوان "محاصرون: الآثار الإنسانية المترتبة عن سنتين من الحصار المفروض على قطاع غزة".

وكشفت الدراسة أن "حرمان الفلسطينيين من حقهم في مغادرة قطاع غزة، أو التنقل بحرية في الضفة الغربية، وخاصةً عندما تتعرض حياتهم وسلامتهم البدنية أو حرياتهم الأساسية للخطر؛ سيلعب دورًا رئيسيًّا آخر في أزمة الكرامة الإنسانية الراهنة".

وجاء في التقرير أن الحصار الصهيوني تسبب في إغلاق المعابر بين قطاع غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها معبر المنطار "كارني"، أكبر وأفضل معبر تجاري مجهز؛ ما أدَّى لإغلاق القطاع أمام الواردات الصناعية والزراعية ومواد البناء ووقف جميع الصادرات.

وأضاف أنه "في قلب تلك الأزمة يظهر تدهور في الأوضاع المعيشية للسكان؛ نتيجةً لتقلص موارد الرزق والانحسار التدريجي لوضع البنية التحتية، ونوعية الخدمات الحيوية في مجالات الصحة والمياه والمرافق الصحية والتعليم".

وأكد التقرير أن الحصار أضر بشدة باقتصاد القطاع، ولاسيما في مجال البناء والزراعة، وتسبب في فقد ما يقرب من 120 ألف وظيفة، مشيرًا إلى أن الفلسطينيين منعوا كذلك من استخدام معبر بيت حانون "إيريز".

ووجهت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" نداء من أجل توفير 181 مليون دولار لسد احتياجاتها من الأموال اللازمة لدعم اللاجئين في غزة، لتغطية الاحتياجات الغذائية وإيجاد فرص عمل وتقديم أموال لمساعدة الفلسطينيين الأكثر فقرًا.

وكانت "اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار" ذكرت مؤخرًا أن 80% من سكان قطاع غزة يقبعون تحت خط الفقر، و65% منهم يعانون من البطالة، كما يعيش أكثر من مليون ومائة ألف مواطن فلسطيني في القطاع -الذي يسكنه 1.5 مليون- على المساعدات.

أمير دولة قطر يدعو لكسر الحصار

عربيًّا دعا الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر إلى عدم التدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني لتغليب مصلحة طرف على آخر، مطالبًا -في افتتاح دور الانعقاد الثامن والثلاثين لـ"مجلس الشورى القطري"- دول العالم إلى تحمل مسؤولياتها لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في غزة، مذكرًا الدول التي اجتمعت في شرم الشيخ بعد الحرب على غزة بأن الحصار ما يزال مستمرًّا وأن "إعادة البناء ما زالت حبرًا على ورق".

وأشار أمير دولة قطر في مطلع نوفمبر الجاري إلى أن "عدم اعتراف دول كثيرة بنتائج الانتخابات الديمقراطية في فلسطين ومعاقبة شعبها بالحصار أفقد دولاً كثيرةً مصداقيتها عند حديثها عن الديمقراطية والانتخابات في ظل الاحتلال والحصار".

حصار غزة يتواصل ولا اكتراث

ويتواصل الحصار الصهيوني الظالم على قطاع غزة، ولم يترك صغيرًا ولا كبيرًا إلا ونال منه ما نال، "فإلى متى سيستمر هذا الحصار، والعالم كله يتفرج على مأساة أهل قطاع غزة، الذين يتعرضون لأشرس حصار عرفه تاريخ البشرية.. حصار يُمنع فيه المريض من العلاج، والطفل من الحليب، والطالب من التعليم، والمواطن من الكسب، فمتى ستتحرك الأمم المتحدة؟، ومتى سيتحرك الباقون؟!

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام

.