أنشطة المركز / للمركز كلمة

اقتحام سجن أريحا ..

اقتحام سجن أريحا .. حلقة في مسلسل الغدر اليهودي وتحد سافر للقيادة الجديدة

 

     تواطؤ الولايات المتحدة وبريطانيا مع الاحتلال اليهودي في الغارة التي شنتها قوات الاحتلال على سجن أريحا، دلالة جلية على وجود قدر كبير من التنسيق , لتنفيذ تلك العملية البربرية التي تكرس الاحتلال، وتفرض سياسة الأمر الواقع بقوة السلاح على حساب الشعب الفلسطيني الأعزل، وذلك لاعتقال عدد من السجناء الذين كانوا فيه، بعد تعمد سحب مراقبيهم من السجن قبيل شن الغارة ، ومع ذلك اكتفى مجلس الأمن بإصدار بيان يخلو من أي إدانة للعدوان على سجن أريحا ونصح كلا الطرفين بالاعتدال والتزام الهدوء من أجل وقف "العنف"!!

   إن تلك العملية تعود بذاكرة التاريخ إلى عام 1948م حين انسحبت القوات البريطانية في المساء، ليتسنى للمليشيات اليهودية المدججة بالسلاح الغربي لاحتلال 77% من أرض فلسطين، وإعلان قيام دولة أسمتها " إسرائيل، ووقتها كان انسحاب بريطانيا أحادي الجانب من غير تنسيق مع الطرف الفلسطيني والعربي.

       مشهد يعيد للأذهان الدور الذي لعبته بريطانيا في تمكين اليهود وسلبهم أرض فلسطين من ملاكها الشرعيين، وتلاه الموقف الأمريكي الداعم من البداية لاستمرار وجود الاحتلال على تلك البقعة من الأرض؛ فانسحاب المراقبين البريطانيين والأمريكيين الأحادي من السجن فيه خرق واضح للاتفاقية التي وقعتها السلطة الفلسطينية مع واشنطن ولندن والكيان اليهودي عام 2002م، حيث وفر ذريعة لاقتحام السجن وخطف من فيه واعتقالهم، لهذا فإن الولايات المتحدة وبريطانيا تتحملان  مسؤولية تلك العملية .

        ويذكرنا هذا أيضاً بانسحاب المراقبين الدوليين في عام 1982م من بيروت الغربية وفتح المجال أمام القوات اليهودية لاقتحام المدينة، لترعى تنفيذ مجازر صبرا وشاتيلا رغم كل الضمانات التي قدمتها القوى الدولية لسلامة هذه المخيمات آنذاك.

لا شك أن قادة اليهود مصممون على فرض حل أحادي الجانب على الصراع الفلسطيني اليهودي، وإلغاء كل الاتفاقات التي أنتجتها (عملية السلام)، وتقويض أسس عملية السلام والتنكر لما أنتجته من اتفاقات، وذلك يعني أن الأبواب شرّعت الآن أمام وضع جديد سيحاول قادة الاحتلال تفصيله على قياس الاستراتيجية التي يبدو أنها لم تبتعد قيد أنملة عن المشروع اليهودي الهادف إلى التدمير من جانب والتمكين لكيانهم الغاصب من جانب آخر.

     فعلى الرغم من كل صيحات التنديد والتحذير من محاولة الاحتلال اليهودي المساس بالاتفاقات والعهود – التي لم يلتزموا بها طوال تاريخهم - وتحميلهم عواقب الممارسات، ومع ذلك فاليهود -قادة وشعباً وأحزاباً ومؤسسات- سائرون في مخططاتهم واستفزازاتهم، وما زالت الاعتداءات مستمرة، والممارسات مدروسة ومحسوبة النتائج ومفضوحة الأهداف لكل من عرف تاريخ اليهود وافتعالهم للأحداث لينالوا أهدافاً أخرى يرجونها، فالحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع هي أن اليهود يصعدون ويعملون على استمرار الأحداث في فلسطين، وفي هذا استمرار لوجودهم!!

" من يوقف الإرهاب ؟!"


    
إذا لم يكن الكيان اليهودي هو الإرهاب ؟ فماذا يكون إذن ؟!! ماذا يمكن تسمية ممارساته وإجرامه، إذا لم يكن هذا هو الإرهاب والعنصرية فماذا تسمى تلك الأفعال والممارسات التي تجاوزت ما يسمى بالشرعية الدولية، وشرعية القانون الدولي؟!! لقد برهن قادة الكيان اليهودي منذ إنشائه على أنهم إرهابيون عنصريون.. يمجدون العنف ويتلذذون بالعدوان وقهر الفلسطينيين وتدميرهم وإبادتهم، ونقض العهود، ورفض جميع القرارات الدولية، ومعاملة غيرهم معاملة الحيوان !!

هذه أفعالهم . . . فهل نصدق سلامهم، ورفع راياتهم لمحاربة الإرهاب والتطرف ؟؟!.

 

        لقد برهن الكيان اليهودي باقتحامه سجن أريحا على أن السلام لا يمكن تحقيقه إلا من خلال فوهة البندقية، وقَدّم التطبيق العملي لنموذج "إرهاب العصابات"، قبل إعلان قيام كيانه، ثم نموذج "إرهاب الدولة" بعد قيام الكيان الغاصب.

ولاشك أن عملية اقتحام سجن أريحا على يد القوات اليهودية يعد صفعة كبيرة لرئاسة السلطة الفلسطينية، ويعد كذلك أول اختبار لقادة حركة حماس ومرشحيها منذ فوزها في الانتخابات الفلسطينية الأخيرة، وتحدياً كبيراً أمام الناخبين الذين اختاروهم.

فها هو "إيهود أولمرت" يكمل ما بدأه "ارئيل شارون" في فرض حل أحادي يرتكز إلى تكريس حقائق على الأرض ضمن مخطط واضح يهدف إلى محاصرة الفلسطينيين في كانتونات معزولة غير مترابطة وغير قابلة للحياة. ومن خلال العنف العسكري والضغط الاقتصادي والحصار الجغرافي، تهدف إسرائيل إلى أرض أكثر، وعرب أقل على الأراضي الفلسطينية؛ عبر جدار عازل يقوم على الفكر العنصري الاستعماري، يتيح للاحتلال السيطرة على أكثر من نصف أرض الضفة الغربية، ويحقق أهدافاً سياسة بفرضه واقعاً على الأرض يجعل بعده أي مطالب بالتزام الثوابت الفلسطينية مجرد أحلام !

     هذا ما أرادته القيادة اليهودية من بناء الجدار الفاصل، ليعيش الفلسطينيون على أرضهم مناخ السجن وثقافة القهر، والمطلوب منهم توزيع المصالح والأدوار داخل هذا السجن من خلال الهدنة وإجراء بعض الانتخابات!!

 باختصار: إنه جدار لا يلغي إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة فحسب بل يلغي كذلك قابلية الوجود الفلسطيني على هذه الأرض.

 

وخلاصة هذا الفعل اليهودي يؤكد لنا أموراً عدة منها :

- لا عهود لليهود وهذا ديدنهم (لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة) ، ولا يحفظون عهداً ولا ميثاقاً : قال تعالى " كلما عاهدوا عهداً نبذه فريق منهم ".

- المشروع اليهودي ماضٍ، والممارسات الوحشية لن تتوقف مادمنا على حالنا هذه. وما حدث ليس بمستغرب لمن يعي حجم الفظائع التي قام بها الاحتلال في مسيرته اليومية بحق الفلسطينيين. 

- اقتحام مدينة أريحا ومبنى المقاطعة فيه مؤشر واضح على أن حكومة الاحتلال ما تزال مستمرة في مخططها الأكبر الهادف إلى تقويض السلطة والسيادة الفلسطينية وتحويلها إلى سلطة إدارة خدمات مدنية ليس إلا.

- ما حدث رسالة صهيونية واضحة إلى حماس وقادتها وأعضائها في المجلس التشريعي على أن الاحتلال قادر على الوصول إلى كل من يشكل تهديداً لأمن ذلك الكيان الغاصب ولو كان تحت حماية دولية.

- أن الدم الفلسطيني يبقى أرخص دم  يسفك ليحقق مكاسب انتخابية ودعائية لحزب (كديما) لرد الانتقادات الموجهة إليه من قبل حزب الليكود اليهودي، وهكذا تُسال الدماء ليرضى الناخب اليهودي الذي تستهويه تلك الممارسات المجرمة ومنظر الدماء الفلسطينية المهدرة.

 

.