أنشطة المركز / للمركز كلمة

حتى ننتصر

حتى ننتصر ..

مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية -غزة - الشيخ حمدان شراب- نائب مفتي خانيونس.

          إنَّ الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره , ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله , أدى الأمانة وبلَّغ الرسالة ونصح للأمة فكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين , فاللهم اجزه عنا خير ما جزيت نبيًا عن أمته ورسولاً عن دعوته ورسالته , وصل اللهم وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين  أما بعد :

          أيها الأحبة : سيهزم الكيان الصهيوني  لا أقول ذلك رجمًا بالغيب  , وإنما أقول ذلك من منطلق الحقائق الربانية والنبوية فهو كلام ربنا , وكلام نبينا الصادق الذي لا ينطق عن الهوى , فالذي يقرأ القرآن ويستقرىء التاريخ ليجد مبشرات في طريق المؤمنين , وعلامات واضحات أن النَّصر والتمكين لأهل هذا الدين , فها هم المسلمون في يوم الأحزاب زلزلوا زلزالاً شديدًا , وزاغت الأبصار , وبلغت القلوب الحناجر , وفي نهاية الأمر رد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا , وأذل الله الشرك وأهله والباطل وحزبه ؛ بل إن وقعة بدر لتؤكد بوضوح وجلاء أن النصر للأتقياء , وأن الذل والعار للأشقياء , والله عز وجل ينهانا من اليأس، قال تعالى:(وَلا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ).

   تلك هي مقولة يعقوب عليه السلام لأولاده حتى حقق الله له ما يتمنى وارتد إليه بصره ليرى أولاده حوله بعد غياب طويل.

أجل إن هذا المصباح الذي أناره محمد صلى الله عليه وسلم لا يستطيع الملايين أن يطفئوه بأفواههم، وقال تعالى:(وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ)

  فلا تزال شمس الإسلام تسطع , وقمره ينير , ولا تزال الطائفة المنصورة منصورة بالرغم مما تمر به الأمة من اضطهاد وتقلب الكفرة في البلاد .

وقد يهزم جنود الله في معركة من المعارك وتدور عليهم الدائرة , ويقسوا عليهم البلاء , لأن الله يعدهم للنصر في معركة أكبر , ولأنَّ الله يهيئ الظروف من حولهم ليؤتي النصر ثماره في مجال أوسع , وفي خط أطول , وفي أثر أدوم، قال تعالى:(وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ). المؤمن هو الأعلى .. هو الأعلى  سندًا ومصدرًا , والأعلى إدراكًا وتصورًا , والأعلى ضميرًا وشعورًا , والأعلى شريعةً ونظامًا , وينظر المؤمن من عالٍ إلى الغارقين في الوحل اللاصقين بالطين وهو فرد وحيد فلا تراوده نفسه أن يخلع رداءه النظيف الطاهر وينغمس في حمأة الحياة , وهو الأعلى بمتعة الإيمان ولذة اليقين .

فالذي جعل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم , والذي أنقذ إسماعيل من حدة السكين وفداه بذبح عظيم , والذي نجا موسى ومن معه أجمعين وأغرق الآخرين , والذي أفرح قلب أم موسى الحزين ورد لها وليدها بعد أن تربى في بيت فرعون اللعين , والذي جمد الماء فكان كل فرق كالطود العظيم قادر على النصر المبين لعباده الموحدين .

وأعظم مقوم تملكه أمة التوحيد هي عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله فمتى عرفت الأمة ربها ورددت لا إله إلا الله محمد رسول الله وكبُر وعظُم في صدرها جلال الله وقالت: الله أكبر نصرها ربها تبارك وتعالى، قال تعالى:(وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) ، فالعقيدة هي التي حولت سحرة فرعون إلى موحدين في التو واللحظة واسترخصوا واستعذبوا كل بلاء.

العقيدة التي تملأ القلوب بالثقة في رب الأرض والسماء .

العقيدة التي تجعل كل فردٍ في الأمة ينظر إلى أمم الكفر على أنها هباء.

تلك العقيدة هي التي ستخرج أمة من مستنقع الهزيمة النفسية الهائلة.

تلك العقيدة جعلت أصحاب المصطفى صلى الله عليه وسلم يتحولون من رعاة للإبل والغنم إلى سادة وقادة لجميع الدول والأمم.

تلك العقيدة التي انتقلوا بها فسيطروا على العالم القديم بصولجانه وجبروته , واستطاعوا بهذه العقيدة الصحيحة الصافية أن يقيموا للإسلام دولة وسط صحراء تموج بالكفر فإذا هي بناء شامخ .

تلك العقيدة التي جعلت طلحة بن عُبيد الله يقف أمام النبي صلى الله عليه وسلم يحمي الرسول بصدره ويقول : نَحري دون نَحرك يا رسول الله .

تلك العقيدة التي جعلت عُمير بن الحِّمام يسمع كلام النبي صلى الله عليه وسلم : " قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض " فيقول عمير : بخ بخ !! , فيقول له صلى الله عليه وسلم : " ما حملك على قول بخ بخ ؟ " فيقول عمير : يا رسول الله إلا أني تمنيت أن أكون من أهلها فقال صلى الله عليه وسلم : " أنت من أهلها " .أخرجه البخاري145/1901))

تلك العقيدة التي جعلت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يُضحون بكل نفيس في نصرة دين الله تعالى.

العقيدة التي ستحرك القلوب والجوارح في سبيل الله, وأنا أدين لله تبارك وتعالى أن طريق النصر الآن بتصحيح العقيدة والاعتصام بحبل الله جميعًا وعدم الفرقة التي بدت آثارها واضحة للعيان. نسأل الله السلامة والعافية .

.