فلسطين التاريخ / تقارير
هل بات تدنيس الأقصى مألوفاً ؟
هل بات تدنيس الأقصى مألوفاً ؟
غزة – ساهر الحاج - مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية
بات منظر اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى شبه مألوف وباتت قضية القدس التي تحاك ضدها كبرى المؤامرات من أجل تهويدها وإنهاء الوجود الإسلامي فيها أمراً عادياً، وباتت تغطية جرائم المحتل ضد مدينة القدس لا توضع حتى في حساب الكثير من القنوات التي تعد إسلامية أو تابعة لتيار إسلامي.
ثمة العديد من الأسئلة تفرض نفسها؟! هل أصبح تدمير القدس وتدنيس المسجد الأقصى أمراً مألوفاً؟ ، بل تسقط دماء المقدسيين وهم يدافعون عن المسجد الأقصى ولم يعد هناك من يستنكر! اللهم إن كان على شكل خبر تقدمه الفضائيات العربية والإسلامية على استحياء من أمرها؟ وماذا يريد الصهاينة من الاقتحام المتكرر للمسجد الأقصى؟ وعلام يدل هذا الاقتحام وما هي مؤشرات ودلائل هذه الجرائم؟
الحقيقة إن الاقتحام المتكرر للمسجد الأقصى والذي كان آخره يوم الأحد الماضي الموافق 27-9 -2009م له العديد من المؤشرات والدلالات يمكن إيجاز بعضها فيما يلي:
- الاقتحام المتكرر للمسجد الأقصى ما هو إلا عملية جس نبض لما يخطط له اليهود مستقبلاً من عملية هدم للمسجد الأقصى والتي لا بد أن يسبقها عمليات استفزازية مسبقة، ولا شك أن هناك مراكز صهيونية تقوم برصد رد الفعل العربي والإسلامي والفلسطيني على مثل هذه الاستفزازات المقصودة ومن ثم وضع التقارير والقرارات المناسبة لإنهاء ملف القدس والمسجد الأقصى تماماً وذلك برصد أنسب الأوقات التي يكون فيها حتى من كان يقاوم مخدراً نائماً أو منشغلاً بأمور صنعها الاحتلال حتى يفقد البوصلة الحقيقية من مقاومته للمحتل وأذنابه.
- الاقتحام المتكرر للمسجد الأقصى وتناول وسائل الإعلام لهذا الحدث الجلل والعظيم بشيء من البرود والفتور سيؤدي في النهاية إلى اعتبار أن عملية اقتحام المسجد الأقصى أمراً عادياً حتى أن الاقتحام الأخير للمسجد الأقصى من قبل جماعات استيطانية إرهابية متطرفة لم يحظ بتلك التغطية التي تناسب حجم الحادثة بل ناقشتها بعض الفضائيات العربية والإسلامية على استحياء من أمرها.
- يتزامن هذا الاقتحام مع عمليات تهويد تعد الأشرس منذ بداية الاحتلال والمتمثلة في العديد من المحاور التي تستهدف الأرض والإنسان والهوية في بيت المقدس ومدينة القدس ما يعني أن عملية الانتهاء من عملية التهويد المخطط لها والمعمول على تنفيذها بخطوات متسارعة باتت أقرب من أي وقت مضى وأن الكيان الصهيوني لا يؤرقه هدم الأقصى بفعل شبكة الأنفاق التي يعكف ليل نهار على اقتحامها بقدر ما يريد أن يعرف متى ستتم عملية الهدم وفرض سياسة الأمر الواقع.
- كشفت عملية الاقتحام الأخيرة – مع أن كل الدلائل تؤكد أنها لن تكون الأخيرة – أن الوضع العربي والإسلامي والفلسطيني أيضاً بات مخدراً وبارداً تجاه قضية القدس والمسجد الأقصى، ففي عام 2000م ولنا أن نتساءل عن حالنا ليس قبل زمن بعيد بل قبل تسع سنوات تحديداً عندما حاول شارون اقتحام المسجد الأقصى قامت الانتفاضة التي عرفت بانتفاضة الأقصى وسقط المئات دفاعاً عن الأقصى وعن المقدسات الفلسطينية . لكن الحرمات تقتحم اليوم وبيوت الله تنتهك ونجد أن الذي يهب للدفاع عن القدس هم أهل القدس نفسها في ظل غياب واضح للمقاومة الفلسطينية التي هي بلا شك بحاجة ماسة لإعادة ترتيب أوراقها في ظل المتغيرات الحالية ، وعلى الجميع أن يعي جيداً أن زمن المظاهرات والشجب والاستنكار وغيرها من الفعاليات لم تعد تجد نفعاً مع الكيان الصهيوني الأمر الذي يدفع كل غيور على الأقصى والمسجد المبارك للقيام بخطوات عملية لنصرة المسجد الأقصى.
- البكاء على الأطلال وضرب الكف على الكف لا يدل إلا على حالة عجز وصل إليها الكثير من أبناء أمتنا وعلى كل شخص أن يبادر بسؤال نفسه ماذا دهاني أن أفعل حتى لو يقدم السواد الأعظم شيئاً للمسجد الأقصى؟ وهنا يبرز دور العلماء في العالم الإسلامي بل دور كل البوابات الإعلامية الإسلامية والتي تعد نفسها عاملة للأمة الإسلامية أو أنها تتبنى إعلاماً إسلامياً هادفاً في توجيه الأمة نحو الطرق السليمة والشرعية والفعالة لنصرة المسجد الأقصى بعيداً عن الكلمات التي سمعناها كثيراً حتى باتت لا تطرق فينا لا قلباً ولا حتى آذاناً !!