أنشطة المركز / للمركز كلمة

لماذا تحرق مساجدنا ؟!

منذ احتلال اليهود لأرض فلسطين في عام 1948 م، لم ينقطع مسلسل الاعتداءات على المساجد، فتم تدمير أكثر من 1200 مسجد، والذي بقي منها في مناطق الـ"48" - والتي كانت قائمة قبل الإحتلال- حوالي 100 مسجد إلى الآن، وتلك المساجد لم تسلم من أناس عرفوا عبر التاريخ بسوء الخلق والكذب والافتراء والتحريف الذي اتخذوه وسيلة للكسب؛ حيث قامت المؤسسات الرسمية اليهودية بتحويل بعض المساجد إلى كُنُسٍ يهودية: كمسجد العفولة، ومسجد طيرة الكرمل، ومسجد أبو العون، وبعضها الآخر حُوِّل إلى خمّارة كمسجد بيسار، وناد ليلي كمسجد السكسك في منطقة يافا، ومسجد عسقلان ما زال يستعمل كمطعم ومتحف وغيرها الكثير الكثير.

ومنذ بداية عام 2010م وإلى الآن صعّد اليهود من اعتداءاتهم الممنهجة على المساجد، فتم حرق وتدمير العشرات منها، وكتابة عبارات مسيئة للإسلام، والرسم على جدرانها النجمة السداسية، ومن اللافت ترك المغتصبين عبارة توضح رقم المسجد في مسلسل التدمير والحرق كعبارة "المسجد رقم 18 الذي يحرق"، وهذا ما دفع بعض المختصين من التصريح بوجود تنظيم للمغتصبين اليهود يستهدف المساجد في فلسطين؛ أما موقف قوات الاحتلال من ذلك فهو الرعاية والحماية  لتلك الأعمال الإجرامية قبل التنفيذ، والشجب والاستنكار بعد الحرق والتدمير . مع ترك ما يزيد على نصف مليون مغتصب في مناطق الضفة الغربية والقدس، وبيدهم أكثر من نصف مليون قطعة سلاح آلية فردية.

حرق المساجد جرائم تضاف إلى سجل الاعتداءات التي أشعلها المغتصبون الصهاينة الذين أسموهم زوراً مستوطنون، هوايتهم وممارستهم اليومية أضحت حرق المساجد، وتدنيس المقابر، وقلع الأشجار، وقتل من يواجههم أو يمنعهم، ويتلقون الدعم والرعاية والحماية من قوات الاحتلال ومؤسساته، قبل تنفيذ الجريمة وما بعدها، فهم في مأمن من العقاب، وهؤلاء لا يتحركون فرادى، فلهم من يمثلهم دينياً من حاخامات وحركات متطرفة، وكذلك ممثلين في أحزابهم السياسية ، ومنهم الوزراء في الحكومة، والأعضاء في البرلمان العبري .

وكعادتهم ندد "شمعون بيريز" – رئيس الكيان المحتل- وغيره من قادة الاحتلال تلك الممارسات، ومع ذلك لم نسمع أو نقرأ أن مغتصباً واحداً منهم قد اعتقل أو سجن بحكم قضائي على ممارساته وعدوانه !! فالمعتدي اليهودي لا يكشف أمره أو ملابسات إجرامه، ويترك له العنان ليمارس هواياته في تدنيس المقدسات والاعتداء على الممتلكات.

وما زالت فتاوى حاخاماتهم تدعوهم للاستمرار في إجرامهم، ولو وصل بهم الأمر إلى سفك الدماء، فهذا فعل يؤجر ويثاب عليه كيهودي !! لأن الطرف الآخر يُعد – حسب شريعتهم - من  الجوييم والتي تعني : حيوانات بهيئة بشر حتى يأنس بهم اليهودي !!

لا يخفى على المتابعين  لممارسات المغتصبين اليهود بأن تلك الجرائم هي ضمن  سياسة أُطلق عليها عبارة "الثمن الواجب دفعه" وتتمثل في شن هجمات انتقامية منهجية ضد أهداف فلسطينية في كل مرة تتخذ فيها سلطات الاحتلال إجراءاً يعتبرونه مناهضا للاستيطان!!

وتلك المجموعات الصهيونية التي قامت وتقوم بالاعتداء على المساجد غير بعيدة عن مصادر القرار في "الكيان الغاصب" على مستوياته المختلفة، كما أن المجموعة الإرهابية اليهودية المسماة "شارة الثمن" التي أعلنت مسؤوليتها عن حرق مسجد النور في قرية طوبا الزنغرية في الجليل بشمال فلسطين، ليست تنظيما سريا، بل تنظيماً موجوداً بين مجموعات المغتصبين داخل المناطق المحتلة عام 1967، وهي استنساخ للعديد من المجموعات اليهودية المتطرفة التي نشأت خلال العقود الأربعة الماضية.

لا شك أن ممارسات اليهود تنم عن الوقاحة والحقد الدفين على المسلمين وديانتهم وكتابهم الكريم ، فلم تتوقف محاولات تحريف القرآن الكريم والتشكيك في صحة آياته ، وما زال مسلسل نشر الكتب المشوهة للإسلام وسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مستمرا . وجاء تدنيس القرآن الكريم من جملة النصائح التي تلقوها من الخبراء في الشأن الإسلامي، بأن ذلك من أشد ما يؤثر في المسلم ويشعره بالإهانة والمذلة، وقد يؤدي به إلى الانهيار والاستسلام الكامل؛ فالمقصود من هذا الإذلال المدروس  .

ولعلنا نتساءل : ماذا سيجري لو أن مسلماً أو مسلمين تجمعوا وحرقوا الكنس ومزقوا التوراة والتلمود رداً على الجرائم التي ترتكب بحق أهل فلسطين والأمة الإسلامية والعربية وشعوبها؟ وهل سمعتم أن مسلماً أحرق التوراة أم قام بتدنيسها رداً على جرائم اليهود المستمرة في فلسطين وتصريحات الحاخامات التي جمعت قاموس الألفاظ الرذيلة التي تقطر حقداً وخبثاً وسماً وإساءة لكل ما هو عربي وإسلامي ، لكن الأمة المسلمة تنطلق من عقيدة راسخة وشريعة محكمة وقيم حضارية راقية لا تقبل الهبوط إلى مستويات الانحطاط التي يهبط إليها قتلة الأنبياء والرسل . ونحن على يقين أن المناشدات الأخلاقية وبيانات الإدانة والشجب والاستنكار لم تعد تكفي، فالمطلوب سياسة عربية وإسلامية مغايرة، سياسة تضمن اتخاذ خطوات فعالة لكسر وشل يد الإرهاب الفاشي الصهيوني، وتفضي إلى اتخاذ خطوات عملية لنصرة الشعب الفلسطيني وحماية مساجد المسلمين ومقابرهم.

.