أنشطة المركز / للمركز كلمة

الفساد الأممي ... وإغاثة اللاجئين

د.عيسى القدومي

 

كلما نزلت نازلة، وتأزمت أزمة، تتعاظم معها الحاجات الإنسانية، وما حدث ويحدث لإخواننا اللاجئين السوريين في مخيمات دول الجوار أمر يندى لهم الجبين، فالحاجات لا حدود لها ، والمؤسسات الخيرية المحلية إمكاناتها متواضعة أمام حجم تلك المأساة، والمؤسسات الإغاثية الأممية والتي تعمل بأموال تدفع من دول العالم ومنها  دولنا العربية والإسلامية، في أحسن الأحوال ما يصل للمحتاج - حسب إحصاءاتهم- لا يتعدى 10 %، أما الـ90 %  تستهلك كمصاريف إدارية وفنادق وحفلات على حساب إغاثة الشعوب.

 

فحسب التقارير والتي نشرت وتناقلتها وسائل إعلام وتابعها صحفيين مختصين كشفت حجم الفساد في تلك المؤسسات، فلا يصرف على الإغاثة والرعاية إلا جزء بسيط وفي بعض الأحيان لا يتعدى العُشر من مجمل المخصصات .

 

وإغاثة إخواننا السوريين في مخيمات اللجوء كشفت واقعاً مريراً لتلك المؤسسات الأممية وآلية عملها ومخرجاتها المتواضعة أمام الموازنات العالية . وهذا ما شاهدته وسمعته من العاملين العرب في تلك المؤسسات خلال زيارتي قبل أيام لمخيمات اللاجئين السوريين في الأردن .

 

وما زالت الانتقادات والمآخذ على حجم المصروفات الإدارية العالية في تلك المؤسسات، مقابل أداء ضعيف لا يكاد يرى في كثير من الأحيان . وقد شبه لي أحد العاملين في تلك المؤسسات حجم الفساد الذي لا يقل عن الفساد المستشري في بعض مؤسساتنا الحكومية في عالمنا العربي .

حيث أن بعض تلك المؤسسات تقدم مساعدات غير صالحة للاستخدام بدءاً من مواد التنظيف التي تحوي مواد سامة وتسبب الأمراض الجلدية، ولم تسلم من ذلك حفاضات الأطفال التي سببت حساسية شديدة للأطفال، مما استدعى من الجهات الرسمية منع توزيع تلك المساعدات. وكذلك المواد الغذائية والتي وصفها لي أحد المسؤوليين الحكوميين بأن أغلبها غير صالح للاستخدام الآدمي، والقليل الصالح منها رديء وأصابه ما أصابه من سوء التخزين والنقل .

 

ويتفاوت راتب المدراء العاملين في تلك المؤسسات بدءاً من 10 آلاف دولار ، ويصل إلى 30 ألف دولار شهرياُ للمدراء الإقليمين .مع تمتعهم بامتيازات عديدة ، من فنادق خمسة نجوم إلا سيارات فارهة، لساعات عمل لا تتعدى الأربع ساعات يومياً !!

 

وبسؤالي الأخوة العاملين في المؤسسات الخيرية المحلية وكذلك الأممية عن أعمال ومساعدات ومخرجات تلك المؤسسات أفادوني بأنه ليس لها أثر واضح في الساحة، نعم هي موجودة ولكنها ضعيفة إلى حد كبير، ووصفها أحدهم  بالمسميات والفعل ضئيل.

ويمكنني أن لخص ما شاهدته وسمعته عن واقع المساعدات الأممية للاجئين السوريين بالآتي :

 

·         حجم المساعدات لا تغطي الحاجة الفعلية، بل بعضها لا يمس الحاجة الحقيقية.

·         والمساعدات في كثير من الأحيان تصل متأخرة، ودللوا على ذلك وجبات الطعام، والتي تصل في غير المواعيد المعتادة لها، وفي شهر رمضان كانت تصل بعد الغروب بساعة أو أكثر.

·         حجم الإنفاق الإداري والتشغيلي على موظفيهم من الأجانب عالية جداً.

·         والعقود التي تبرم مع المؤسسات التجارية المحلية يشوبها الكثير من الشكوك، لأنها مبنية على المصالح والمنافع، وليس المتناقصات والمنافسات، لذا تجد أسعار كوبونات المساعدات أعلى من سعرها السوقي بمضعف أو ضعفين.

·         كذلك اعتماد الموظفين ليس مبنياً على الكفاءة.

·         وفي كثير من الأحيان يكون عمل تلك المؤسسات توجيه وتحويل الحالات إلى الجمعيات الخيرية المحلية لتخفيف الأعباء عنهم.

·         والعمل على الاستفادة من الجمعيات المحلية وأعمالها وكوادرها في تنفيذ المشاريع لصالحهم، وكتابة التقارير والنشر الإعلامي من غير ذكر لتلك المؤسسات المحلية.

 

وفي مقابلة مع الخبير البنكي والمدير المالي لمنظمة الإغاثة الدولية في اليمن إسكندر جعفر والذي عمل فيها لأكثر من14  شهراً، صرح اسكندر بأن المنظمات الدولية دكاكين للارتزاق غير المشروع باسم الفقراء والنازحين في اليمن وتشكل خطراً على أمن الوطن . وأوضح بأن  الأمم المتحدة دعمت مشروعاً للتغذية ودفعت 5 ملايين دولار نقداً خصمت منها إدارة المنظمة في أمريكا مليون و600 ألف دولار بدون وجه حق!! وأضاف بأن المدير الأمريكي اشترى مولد كهرباء صيني بـ10500 دولار وخزانات مياه بزيادة ألف و30 دولاراً عن السعر الحقيقي للخزان الواحد . وأستأجر 3 مخازن في عدن بـ18 ألف دولار ولم تضع فيها شيئاً لمدة 6 أشهر

 

وأكد بأن معظم المنظمات تحرص على أن تكون مقراتها الرئيسية في دولة وإدارتها المالية في دولة أخرى من أجل التهرب الضريبي وغسيل الأموال وتمول مخططات للفوضى والتخريب . وختم حديثه بتأكيده أن بعض المنظمات الدولية تؤدي أدواراً سياسية مشبوهة .

 

والأخطر من ذلك أن منعت بعض المؤسسات الأممية والتابعة لبرامج الأمم المتحدة من عمل الرجال في مجال الإغاثة والرعاية في بعض الدول الأفريقية لتكرار فضائح الاغتصاب والزنا بفتيات صغيرات وحفلات فسق ومجون وزنا على حساب الإغاثة ، ولهذا عندما نوقش الأمر في الأمم المتحدة اتخذت توصية بضرورة أن يكون العنصر النسائي هو من يعمل في هذا المجال في بعض الدول .

 

لذا نتساءل هل الشعوب المستهدفة تزداد فقراً أو توفر حاجاتها ؟ إجابة لذلك التساؤل ألفت كتب كثيرة بهذا الخصوص، وخرجت بنتيجة أن العطاء محدود، ويُشاع إعلامياً لأنه  عطاء  مصالح .

.