فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول

عشرات الآلاف من أهالي القدس الفلسطينيين ممنوعون من العيش فيها أو حتى زيارتها والقادم اخطر

 

 

عشرات الآلاف من أهالي القدس الفلسطينيين ممنوعون من العيش فيها أو حتى زيارتها والقادم اخطر

 

في السابع من حزيران عام 1967، أي بعد يومين فقط من بدء الحرب العربية/الصهيونية التي يسميها الصهاينة حرب الستة أيام، بينما يطلق عليها العرب اسم «النكسة» احتل الجيش الصهيوني مدينة القدس العربية. وأعلن في اليوم التالي عن توفر حافلات في منطقة باب العمود لنقل كل من يرغب في مغادرة المدينة إلى الأردن، وبالفعل غادر المئات المدينة المقدسة اما خوفا على حياتهم، أو للالتحاق بباقي أفراد الأسرة في الخارج. كانت هذه هي البداية لعملية تهجير الفلسطينيين من القدس، ومنذ ذلك التاريخ جرى تهجير عشرات آلاف الفلسطينيين عن المدينة، بهدوء.. وصمت وتحت انظار العالم اجمع.


بعد قرار الكيان الصهيوني في 28 حزيران عام 1967، «توحيد شطري المدينة» والذي لم تعترف به اية دولة في العالم، قامت بعملية إحصاء للمقيمين ومنحتهم بطاقات اقامة «زرقاء اللون» تمنحهم حق الاقامة في مدينتهم التي ولدوا وولد أجدادهم فيها وليس المواطنة، وبعد فترة من الزمن شرعت بحملة لسحب هذه الهويات بشتى الذرائع والحجج التي لها أول وليس لها آخر، حيث أصبح تجاوز مدة التصريح الذي يتيح للمقدسي مغادرة المدينة بحثا عن لقمة العيش في الخارج- كان في البداية لمدة سنة ثم أصبح ثلاث سنوات - سببا كافيا لسحب الهوية . ثم شرعت في وضع العراقيل أمام تسجيل أبناء المقيمين في الخارج في هويات الأب والأم، وبالتالي حرمانهم من الهوية في المستقبل، وبعد ذلك خرجت الداخلية الصهيونية بقرار جديد ينص على ضرورة إثبات أن مركز حياتك في القدس للاحتفاظ بالهوية ثم بدأت بسحب الهويات ممن يحملون جنسيات اجنبية، ومؤخرا بدأت بسحب الهويات من الزوجة التي يحمل زوجها هوية الضفة الغربية، وقريبا، سيبدأ الكيان بإصدار هويات جديدة «ممغنطة» ويخشى المقدسيون الذين يقيمون خارج المدينة، سواء خارج حدودها او خارج البلاد، ان تكون هذه ذريعة أخرى لسحب عشرات آلاف الهويات من المقيمين في الخارج. بمعنى آخر، يقوم الكيان منذ اليوم الاول لاحتلالها المدينة بتهجير اهلها دون ان يحرك احد ساكنا، ودون ان ينطلق صوت واحد، فلسطينيا او عربيا او اسلاميا او دوليا ضد ما يجري بحق أبناء مدينة كانت في يوم من الايام مفتوحة لجميع الاجناس والطوائف والملل. ومنذ ايام شرعت بعض الصحف والمواقع الالكترونية «بنشر» قصة الشابة المقدسية زينة عشراوي التي حرمت هي الاخرى ايضا من الاقامة في مدينة والديها واجدادها، وذلك بعد ان قامت بنشر قصتها عن طريق البريد الالكتروني.وفيما يلي قصة زينة:

حتى في أسوأ كوابيسها لم تكن زينة إميل سمعان عشراوي، ابنة العضو الحالي في المجلس التشريعي الفلسطيني والوزيرة السابقة حنان عشراوي، تعتقد أنه في يوم من الأيام ستقوم السلطات الصهيونية بشطب إقامتها في مدينة القدس المحتلة ومنعها من الدخول إليها، ولكن هذا ما حصل فعلا.

وقالت عشراوي, المولودة في الثلاثين من تموز 1981, لو كنت يهودية في أي مكان في العالم ولا رابط بيني وبين المنطقة، لكان لي الحق في الذهاب في أي وقت أريد والحصول على جواز سفر إسرائيلي, لكني فلسطينيّة المولد والنشأة, وجذوري الفلسطينية تمتد إلى قرون, ولا يمكن لأحد أن يغيّر هذا حتى ولو قالوا إنّ القدس، مكان مولدي، ليست فلسطينية, أو إنّه لا وجود لفلسطين، إلا أنني غُرّبت عن وطني وطردتُ منه، ولن أكون قادرة على العودة إلى دياري، أنا واحدة من كثيرين.

وتروي زينة في رسالة وزعتها على عدد من الصحف قصتها وتقول« جئت إلى الولايات المتحدة بعمر 17 سنة لأنهي دراستي الثانوية في ولاية بنسلفانيا.

التحقت بالجامعة، وبعد ذلك تزوجت وأعيش حالياً في شمال فيرجينيا. أزور الوطن مرة واحدة على الأقل سنوياً لأرى والديّ وعائلتي وأصدقائي ولأجدد وثيقة سفري، إذ إنني استطعت تمديد صلاحيتها مرة واحدة في السنة من واشنطن.

وأشارت إلى أنها ذهبت إلى السفارة الصهيونية في واشنطن في آب الماضي لمحاولة تمديد صلاحية وثيقة السفر والحصول على تأشيرة عودة مقيم المعتادة التي يصدرها الصهاينة للفلسطينيين الحاملين وثيقة سفر إسرائيلية.

وتابعت عندما جاء دوري اقتربت من النافذة الزجاجية المضادة للرصاص التي تحمي السيدة التي تعمل خلفها تحت الصورة الضخمة لقبة الصخرة وجدران القدس، وسلمتها أوراقي من خلال فتحة صغيرة أسفل النافذة.

وأضافت سرعان ما تغيّر سلوك الموظفة فور رؤيتها وثيقة السفر, فقد اختفت الابتسامة ولم يجر إلا حديث مختصر جداً, وبعد فحص الأوراق, قالت أين جواز سفرك الأمريكي؟, وشرحت لها أنني لا أحمل واحداً, لكنها شككت في أني أخفي عنها معلومات, ثم قالت حسناً، لست واثقة من أننا سنتمكن من تمديد وثيقة السفر الخاصة بك.

وأشارت زينه عشراوي إلى أنها في تلك اللحظة شعرت بالدم يتسارع إلى رأسها، إذ إنّها الوسيلة الوحيدة لتعود بها إلى ديارها.

وتابعت أنه بعد أسبوعين تلقت اتصالاً هاتفياً من هذه الموظفة تقول لها إنها استطاعت أن تمدد وثيقة السفر، ولكن لن تحصل بعد الآن على تأشيرة العودة, وأنها أعطيت بدلاً من ذلك تأشيرة سياحية لمدة 3 أشهر.

وقالت في البداية كنت سعيدة لتمديد وثيقة السفر، ولكني أدركت بعدها أنها قالت تأشيرة سياحية.

لم أرغب في الجدال معها حول هذا الأمر كي لا أعرّض تمديد وثيقة سفري للخطر، وأوضحت لها أنني لن أذهب إلى دياري في غضون الثلاثة أشهر المقبلة، فطلبت منّي أن أعود مجدّداً وأقدم طلب تأشيرة أخرى عندما أنوي الذهاب, فذهبت إلى السفارة وتسلمت وثيقة السفر والتأشيرة المختومة.

وتابعت : خططت للذهاب مع زوجي وابني إلى وطني فلسطين هذا الصيف, لذا قبل شهر من موعد الرحيل, الذي كان مقررا الثلاثاء 8 تموز الجاري, ذهبت إلى السفارة الإسرائيلية في واشنطن، وقدمت أوراقي لأطلب تأشيرة الذهاب إلى دياري.

وأوضحت عشراوي أنها قبل أيّام تلقّت مكالمة هاتفية من موظفة السفارة الصهيونية تخبرها بأنهم في حاجة إلى تاريخ انتهاء صلاحية جواز سفرها الأردني والجرين كارد, رغم أنها كانت قد قدمت لهم كل الأوراق التي يحتاجون إليها، فاعتقدت أنها طريقة جديدة منهم لإضاعة الوقت كي لا تحصل على تأشيرتها في الوقت المناسب, لذا أرسلت على الفور نسخاً بالفاكس إلى الموظفة.

وبعد ساعات قليلة اتصلت موظفة السفارة بزينة وقالت تأشيرتك رفضت وبطاقتك ووثيقة سفرك لم تعودا صالحتين. آسفة، لا يمكنني أن أمنحك تأشيرة. جاء هذا القرار من الكيان لا مني.

وتابعت زينة أنها سألت الموظفة عن السبب, فأجابتها بأنها تحمل الجرين كارد, وفيما حاولت زينه أن تناقشها, تشبثت الموظفة برأيها, وقالت فليعطك الأمريكيون وثيقة سفر.

وتصف عشراوي شعورها تلك اللحظة قائلة إنها لطالما كانت شخصاً قوياً لا يظهر الضعف، ولكنها في تلك اللحظة فقدت السيطرة وبدأت بالبكاء، مشيرة إلى أنها لا تستطيع وصف ما أحست به في معدتها.

واختتمت عشراوي أن هذا يحدث لكثير من الفلسطينيين الذين يحملون بطاقة هوية القدس, فالحكومة الصهيونية كانت تمارس فن التطهير العرقي منذ العام 1948 تحت أبصار العالم وتتقنه، ولا يملك أحد القوة أو الجرأة على فعل أي شيء حيال ذلك.

بتسيلم

يقول مركز المعلومات الصهيوني لحقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية« بتسيلم »ان الكيان سحبت منذ احتلال المدينة ثمانية آلاف بطاقة هوية من مقدسيين، حارمة اياهم من العيش في مدينتهم.

وزادت السلطات الصهيونية من عدد البطاقات المسحوبة من مقدسيين في السنوات الاخيرة بصورة ملحوظة.

وحسب بتسيلم، فإن الكيان سحبت عام 2006 بطاقات الهوية من 1363 فلسطينيا من سكان القدس، مضيفاً ان هذا العدد اعلى بكثير من عدد البطاقات التي سحبت في العام السابق (222 بطاقة).

وفي الصورة الأخرى المعاكسة، توظف السلطات الصهيونية موارد مالية وبشرية هائلة لزيادة عدد المستوطنين في المدينة، اذ أعلنت العام الحالي إقامة 7600 وحدة استيطانية جديدة في القدس لاسكان مستوطنين، في خطوة تهدف الى فرض المزيد من حقائق الامر الواقع على الأرض قبل التوصل الى تسوية سياسية مع الفلسطينيين.

وقال الخبير في شؤون الاستيطان خليل التوفكجي ان عدد المستوطنين في القدس الشرقية يصل اليوم الى 191 ألفا.

ومدينة القدس هي المدينة الفلسطينية الاكبر لجهة عدد السكان (280 الف مواطن). وعمل الكيان على توسيع المدينة لتشمل مساحات واسعة من الاراضي المحتلة عام 1967 بهدف ضم هذه الاراضي بعدما اعلنت ضم المدينة واعلنتها عاصمة موحدة ابدية.

وبهدف السيطرة على القدس مع اقل عدد ممكن من السكان الفلسطينيين، عملت السلطات االصهيونية على فرض قيود صارمة على بناء واقامة المواطنين العرب في المدينة بهدف دفعهم الى العيش خارجها، خصوصا في باقي مدن الضفة الغربية المجاورة، وتالياً سحب بطاقات هويتهم وحرمانهم من العودة اليها.

اذ خصصت المساحة الاكبر من المدينة (52 في المائة منها) مناطق خضراء يحظر اقامة الابنية فيها، كما فرضت رسوما باهظة على البناء تبلغ 30 الف دولار للبيت الواحد، ما يحد من قدرة المواطنين العرب على البناء نظرا لان غالبيتهم العظمى من ذوي الدخل المحدود.

ونظرا لشدة هذه القيود، يضطر الكثير من اهالي المدينة الى اقامة مساكن لهم من دون الحصول على تراخيص. لكن السلطات الاسرائيلية تسارع الى هدم البيوت القائمة من دون ترخيص. وحسب مركز ابحاث الاراضي في جمعية الدراسات العربية في المدينة، فإن اسرائيل هدمت 8500 مسكن في المدينة منذ احتلالها. ويقول المركز ان عدد البيوت المهددة بالهدم في المدينة اليوم يبلغ 20 الف بيت.

وبدأت اسرائيل سياستها الرامية للاستيلاء على ارض القدس وتغيير الميزان الديموغرافي فيها منذ اليوم الاول لاحتلال المدينة.

ففي 11 حزيران عام 1967، اقدمت على هدم حي المغاربة وحي آخر محيط بالمسجد الاقصى. وكان حي المغاربة يضم 135 مبنى بين بيت ومدرسة ومسجد ومنشأة. وفي محيط الحرم القدسي، هدمت اسرائيل 200 بيت ومبنى، ثم هدمت في الفترة نفسها قرى اللطرون الثلاث الواقعة شمال غربي المدينة والتي كانت تضم خمسة آلاف بيت ومبنى.

واتبعت اسرائيل سياسية استيطانية تقوم على انشاء مستوطنات ومدن استيطانية كبيرة ملحقة بالقدس وتغيير الطابع العربي للبلدة القديمة الى طابع يهودي.

ووصل عدد المستوطنات القائمة على اراضي المواطنين الفلسطينيين في القدس 17 مستوطنة، بينها مدينة معاليه ادوميم الاستيطانية الكبيرة.

وفي البلدة القديمة، سيطرت جمعيات استيطانية على 70 مبنى، بينها مبان كبيرة مثل فندق مار يوحنا الذي يضم 24 غرفة فندقية، وبيت شارون المؤلف من ثلاث طبقات.

واتبعت في سلب مباني البلدة القديمة أربع طرق تمثلت في السيطرة بحجة الأمن، والسيطرة على املاك غائبين، والسيطرة على املاك يهودية قديمة، او السيطرة عبر عقود استخدام من مستأجرين.

  http://www.saraya.ps/view.php?id=12247

 

.