فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
سياسة الجدر والتعاون العربي الصهيوني لبناء السجن الفلسطيني
التاريخ: 30/1/1431 الموافق 16-01-2010
أشارت التقارير الواردة اليوم إلى إعلان الحكومة الإسرائيلية رسميا عن قرارها ببناء جدار عازل على طول الحدود المصرية-الإسرائيلية, فما هي خلفيات هذا الجدار الإضافي, وما هي تداعياته المحتملة؟
تفسيرات القرار الإسرائيلي
صدر قرار بناء الجدار الإضافي بشكل مفاجئ, وعلى وجه الخصوص بالنسبة للحكومة المصرية, والتي ظلت تبذل المزيد من الجهود لدعم تعاونها مع إسرائيل بحيث يتم إغلاق الحدود المصرية مع قطاع غزة بما يمنع حدوث المخاطر, وتفتح بقية الحدود مع إسرائيل بما يعزز الفرص.
برغم محدودية المعلومات المتعلقة بالقرار الإسرائيلي المفاجئ, فإن أبرز التفسيرات المتعلقة بخلفيات صدور هذا القرار تتمثل في الآتي:
1- التفسير الإسرائيلي الرسمي, أكد صراحة على أن الغرض من بناء هذا الجدار الإضافي هو الحفاظ على يهودية الدولة الإسرائيلية.
2- التفسير الأمني, يقول بأن بناء هذا الجدار الإضافي يتمثل في رغبة إسرائيل من أجل عدم إفساح أي مجال لقيام العناصر المعادية لها بالتسلل إلى داخل إسرائيل, وتهديد منطقة النقب الاستراتيجية, والتي تمثل أحد أهم مكونات قلب الدولة الحيوي الإسرائيلي, وذلك لوجود مفاعل ديمونة والعديد من المنشآت الحيوية ذات الحساسية والأهمية الفائقة لإسرائيل.
3- التفسير الاقتصادي يقول بأن بناء هذا الجدار سيتيح لإسرائيل ابتزاز المزيد من المساعدات الأميركية, طالما أنه يتيح للشركات ومنشآت الأعمال الإسرائيلية تحقيق الأرباح الكبيرة وفرص العمل.
4- التفسير السياسي, يقول بأن قيام مصر ببناء جدار عازل على طول حدودها مع قطاع غزة, ثم قيام إسرائيل ببناء جدار عازل على طول حدودها مع مصر, سوف يعزز فرصة إسرائيل في إكمال بناء الجدار العازل على طول حدودها مع الضفة الغربية والذي شارف على الانتهاء, وبعد ذلك يمكن أن تسعى إسرائيل بكل سهولة لجهة النظر في كيفية معالجة أمر حدودها مع سورية ولبنان.
5- التفسير العسكري, ويقول بان إسرائيل سوف تواجه خلال الفترات المقبلة المزيد من التحديات العسكرية في المنطقة, وبالتالي, فإن وجود مثل هذه الجدران سوف يتيح لإسرائيل تفعيل عملياتها العسكرية في الجهة التي تريدها, دون خوف من احتمالات أن تواجه إسرائيل خطر انفتاح الجهات الأخرى ضدها, طالما أنها محمية بالجدران العازلة الصعبة الاختراق.
نلاحظ أن من الصعب ترجيح أحد هذه التفسيرات على غيره, وذلك لأن ما هو واضح وصحيح يتمثل في أن جميع هذه التفسيرات تتكامل مع بعضها البعض ضمن طبيعة إسرائيل العنصرية التي تدفعها لجهة الحفاظ على النقاء العرقي.
إضافة إلى طبيعة إسرائيل الابتزازية التي تدفعها لجهة استنزاف أكبر ما يمكن من الأموال والقدرات الأميركية, وأيضا طبيعة إسرائيل العدوانية التي تدفعها إلى التدقيق والأخذ في الاعتبار لكل الحسابات المتعلقة لشن العدوان ضد شعوب وبلدان المنطقة.
سيناريو العلاقات المصرية-الإسرائيلية
يوجد ارتباط كبير بين منطقة صحراء النقب, ومنطقة شبه جزيرة سيناء, ولا يتعلق الأمر بالعامل الطبيعي المتمثل في أن صحراء النقب تمثل امتدادا طبوغرافيا لصحراء شبه جزيرة سيناء, وإنما يتعلق الأمر بوجود العلاقات والروابط الوثيقة بين السكان المصريين البدو الموجودين في شبه جزيرة سيناء, والسكان الفلسطينيين البدو الموجودين في صحراء النقب وبقية فلسطين المحتلة.
ولقطع أواصر العلاقات والروابط البدوية الفلسطينية- المصرية, فقد سعت إسرائيل مرارا وتكرارا لجهة إرغام الحكومة المصرية من أجل ترحيل البدو المصريين من شبه جزيرة سيناء المصرية, وتحويلها إلى منطقة خالية من السكان.
وبرغم أن تل أبيب قد تذرعت بأن وجود البدو المصريين في سيناء هو وجود مهدد للأمن الإسرائيلي ولاتفاقية السلام المصرية-الإسرائيلية, فإن الحقائق قد كشفت بأن إسرائيل ظلت تسعى من أجل إفراغ السكان المصريين البدو بحيث تصبح أراضي سيناء خالية من أي مقاومة بشرية أمام القوات الإسرائيلية إذا سعت مرة أخرى احتلال سيناء المصرية.
وإضافة لذلك, فإن تفريغ سيناء من سكانها سوف يتيح الإبقاء والحفاظ على موارد سيناء كاملة كما هي, طالما أن الحكومة المصرية لن تسعى إلى إقامة أي استثمارات في المنطقة.
تشير المعطيات إلى أن سيناريو استعادة الاحتلال الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء هو الأكثر احتمالا على المدى الطويل, فالإسرائيليون وبالتواطؤ مع الأميركيين أصبحوا أكثر توجها لجهة الانقلاب على اتفاقية السلام مع مصر, والتراجع والتملص من التزاماتها, على غرار تراجعه وتملص الإسرائيليين من اتفاقية أوسلو, وغيرها من الاتفاقيات الإسرائيلية-العربية والتي وصفها رئيس الوزراء السابق أيريل شارون بأنها اتفاقيات لا تسوى الورق الذي كتبت عليه.
فبناء الجدار العازل الإضافي سيؤثر بشكل كبير على حياة السكان البدو المصريين الموجودين في شبه جزيرة سيناء, وذلك لانه سوف يقطع ليس الروابط الاجتماعية وحسب, وإنما الروابط الاقتصادية-المعيشية, بفعل انقطاع حركة تبادل السلع والمنافع بين الطرفين.
وإضافة لذلك سوف يدفع بدو شبه جزيرة سيناء إلى النزوح باتجاه مناطق سيناء الغربية المتاخمة لقناة السويس, أي إفراغ مناطق شرق وجنوب شبه جزيرة سيناء, وهو ما ظلت تريده وتحلم به المخابرات العسكرية الإسرائيلية وهيئة أركان الجيش الإسرائيلي, على مدى الثلاثين عاما الماضية التي أعقبت توقيع الرئيس المصري أنور السادات على اتفاقيات كامب ديفيد.
المصدر: موقع الجمل بما حمل