فتاوى فلسطينية / فتاوى منوعة

فتاوى مقدسية مختارة- مجلة بيت المقدس-العدد 4

"فتاوى مقدسية مختارة"

لجنة البحث العلمي في مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية 

في كل عدد  نقدم نخبة من الفتاوى المقدسية ، التي تعالج الواقع الفلسطيني بكل أبعاده من منظور شرعي تأصيلي، بهدف بيان الرؤية الصحيحة لقضية فلسطين، نحاور فيه علماؤنا الربانيين ودعاتنا العاملين على الساحة، نلتمس منهم معالم فهم الأحداث وتأصيل الواقع وإنزاله على القواعد الصحيحة.

     فتاوى تم انتقاؤها بعناية لتكون إرواءً للمتعطشين من أبناء أمتنا الذين ينشدون الحكمة، ومركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية إذ يقدمها ليأمل أن تكون الزاد الحقيقي الذي يضع النقاط على الحروف وينير معالم الطريق.

 فضيلة الشيخ: عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله.

السؤال: ما هو موقف المسلم مما يحصل لإخواننا المسلمين في فلسطين ؟ وما الذي يجب علينا تجاههم؟

الإجابة: علينا أولا أن ندعو للمسلمين عمومًا في فلسطين وفي غيرها بالنصر والتمكين، ولأعدائهم بالخذلان والحرمان، وعلينا ثانيًا أن ننصح المسلمين في فلسطين وغيرها أن يرجعوا إلى الله، وأن يتوبوا من المعاصي والمحرمات وأن يخلصوا دينهم لله تعالى، وأن يقيموا حدود الله ويظهروا شعائر الدين، وأن يبذلوا ما في استطاعتهم وفي إمكانهم مما فيه إنهاك لليهود وإضرار بهم، وتقليل لأعدادهم، ويجب علينا أيضًا إمدادهم بما نستطيع من المال والجاه والشفاعة لهم، وكذا القتال معهم عند القدرة حتى ينصرهم الله : "وَمَا النَّصْرُ إِلا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ " والله أعلم.

 

فضيلة الشيخ: د.عبد الله الفقيه حفظه الله

السؤال: هـل الإشاعة القائلة بأن استقلال فلسطين مرتبط ارتباطاً وثيقاً بقيام الساعة؟

الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فما ذكره السائل من أن تحرير فلسطين مرتبط بقيام الساعة ليس شائعة، ولكنه سوء فهم للنصوص الشرعية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بأنه لن تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود...الحديث رواه مسلم وغيره.

والأحاديث في نزول المسيح ابن مريم وقتله للمسيح الدجال، وانتصار المسلمين وتمكينهم في الأرض كثيرة مشهورة.

وربما ظن بعض الناس أن تلك المعارك الواردة في الأحاديث هي المعارك الوحيدة بين المسلمين واليهود، وأنه لن يكتب نصر للمسلمين قبل ذلك، وهذا وهم يبدده الواقع، فإن تاريخ فلسطين يثبت أن الأيام دول بين المسلمين وأعدائهم، وأن النصر يكتبه الله عز وجل للمؤمنين إذا أخذوا بأسبابه، من التمسك بدينهم والجهاد في سبيله.

ولقد احتل النصارى بيت المقدس في القرن الخامس الهجري، وظل المسجد الأقصى تحت احتلالهم قرابة مائة عام، ثم قيض الله عز وجل صلاح الدين الأيوبي -القائد المسلم- الذي أخذ الإسلام عقيدة وشريعة، وساس به الدولة وجمع الأمة عليه، وجهز الجيوش للدفاع عن عقيدة الأمة وأرضها، وكان هو في مقدمة الجيش، فكتب الله لهم ذلك النصر الذي لا يزال يذكره لهم التاريخ بكل اعتزاز.

وعلى الأمة إذا أرادت أن تخرج مما هي فيه من ذل أن ترجع إلى دينها، وتربي أبناءها على الجهاد في سبيل الله وحب الشهادة، وعليها أن تعد العُدَّة لذلك، وحينها ستتحرر فلسطين وغيرها من بلاد المسلمين، إن شاء الله عز وجل.

والله أعلم.

المصدر: مركز الفتوى بإشراف د.عبد الله الفقيه – الشبكة الإسلامية .

فضيلة الشيخ: عبد الرحمن عبد الخالق حفظه الله.

 السؤال: ما هي القواعد الشرعية والأسس التي يجب على المسلم أن يجعلها نصب عينيه عندما يقوم بتحليل أو تقرير أي حدث سياسي يتعلق بالقضية الفلسطينية؟

 الجواب: طبعاً الحكم على الأحداث والأخبار يتعلق بمجموعة من الأمور، أول شئ هل الخبر الذي جاءه مصدره صحيح أو غير صحيح، وفيما يتناسب مع الأخبار قد يكون من باب الإشاعات أو من باب صحيح هذا أولاً، ثم ممكن يأتي هنا ألاعيب السياسة، فالعدو ممكن يفعل أي شئ بضد ظاهره ويكون له هدف أخر غير هذا الظاهر المعلن، فمثلاً يصرح تصريح أو يقول كلام أو يفعل فعل يكون له هدف غير المتبادر منه والمعلن عنه، فينبغي أن يعلم هذا في سياق من يصدر منه هذا الفعل، فاليهود مثلاً قوم أهل مكر وأهل دهاء، فلا بد من تحليل ما يقع منهم من أقوال وأعمال عن طريق دراسة النفسية اليهودية، ودراسة أعمالهم، ودراسة تاريخهم في هذا المجال.

كذلك الحال بالنسبة لكل من يصدر منه، فأمريكا الآن فاعلة ، وروسيا دولة فاعلة وغيرها، وفرق بين الذي يأتي بالعمل وهو يملى عليه وبين من يخطط للعمل، يعني هذه الأمور مثل تحليل الحدث السياسي لا شك أنه يحتاج إلى مجموعة كثيرة جداً من الأمور، وفهم واقع الناس وأحوالهم وأحوال الدول وارتباطاتها مهم في هذا المجال.

فالتحليل الصحيح بمعنى تفسير الأحداث ولماذا كان هذا ولم يكن هذا، فهذا يحتاج إلى أرضية واسعة من المعلومات تكون متوفرة، وكذلك علم بالتاريخ، لأن التاريخ هو سجل الأحداث والناس تتصرف وفق لهذا التاريخ، فمثلاً الأمة الإنجليزية لها تاريخ معين وهذا يملي عليها سياسات بعد ذلك في الحاضر وهي امتداد لتاريخها، وكذلك الأمة الأمريكية والأمة اليهودية والأمة الأوروبية في هذا لهم تاريخ لا بد من معرفة هذا التاريخ، لأن هذا التاريخ هو مثل خلفية الذاكرة لهذه الأمة، ودائماً أحداثها قد تكون غالباً امتداد لهذا التاريخ.

ثم معرفة اللاعبين الأساسيين في السياسة العالمية، من الذي له اللعب والتأثير في العمل، لأن هناك أناس هامشيين وهناك أناس من الممكن أن نقول هم من وراء الحدث وهم الذين يحركونه، وأناس في ظاهر الحدث لكنه عبارة عن قطعة شطرنج هناك من ينقله ويضعه في هذا المكان ويرتبه في هذا المكان. وعموماً تفسير الأحداث السياسية أمر معقد ويحتاج إلى معرفة واسعة بالتاريخ وسياسات الناس ونفسياتهم والأحداث والاختلاط في هذه الأمور وتشابك هذه المصالح، وكذلك يحتاج إلى بصيرة، بصيرة لمعرفة كيفية تفسير الأحداث، والله المستعان.

المرجع:من أسئلة مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية الموجهة للعلماء والمشايخ حفظهم الله، سؤال رقم (97) بتاريخ (صفر 1427 هـ) الموافق (مارس 2006 م ) .

فضيلة الشيخ محمد المهدي حفظه الله

السؤال: يتردد كثيراً في كلام السياسيين والقادة والكتّاب وبعض أهل العلم .. مسألة التقارب الإسلامي ـ المسيحي ـ اليهودي ، وأنه يمكن الوصول إلى قواسم مشتركة للعيش معاً بسلام ، وهذا يؤول إلى جعل مدينة القدس مدينة للسلام تعيش فيه الأديان الثلاث تحت مظلة دولية واحدة ترعاها ، وتسيّر أمورها ، وتخرجها من دائرة الصراع .. ما هو تعليق فضيلتكم على هذا.

 الجواب: لابد أن نفرق بين اعتقاد أن الدين الإسلامي هو الحق، وأن هذه الأديان تعتبر أدياناً محرفة وقد أتم الله هذا الأمر أتم بيان في القرآن الكريم. وإذا عرفنا أن ما بعد الحق إلا الضلال وأن هناك مسلمين عندهم كتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد، وأن هناك كتابيين حرفوا الكتب أي حرفها أسلافهم من اليهود والنصارى وأن الإسلام جاء ناسخاً لما قبله وأن صفات اليهود قد أصبحت واضحة لدينا ومعلومة من الحكيم الخبير. فإذا عرفنا هذه الأمور كانت القضية واضحة ولا لبس فيها بأي وجه.. فلا داعي لأن نقول أن الأديان كلها من عند الله، ولم يفرق بين الدين المحرف من غير المحرف فإذا اتضح هذا بعد ذلك لا ننكر مبدأ الحوار مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى كما قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ..) ولا أنكر الجلوس معهم والمجادلة من أجل إيصالهم إلى الحق قال تعالى: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) فالحوار معهم ومع غيرهم بالحكمة مطلوب.. وإذا كان اللين معهم والحوار مطلوبين فلا نفهم أنهم على الحق ولكن من أجل أن نأخذ بأيديهم إلى الحق، وإذا كان عندهم بعض حق في مسألة وقد وافق ما عندنا فإنه يقبل منهم.

أما مدينة القدس وإن كان قد سكن فيها بنو إسرائيل مدة زمنية لكنهم لما نقضوا العهود ونكثوها وعصوا الله تعالى.. شردوا في الأرض حتى جاءت الفتوحات الإسلامية فأخذها المسلمون من الرومان فأقاموا فيها شرع الله تعالى الذي جاء به إبراهيم وموسى وعيسى والرسل عليهم الصلاة والسلام وهم كلهم رسل الله لا نفرق بين أحد منهم أبداً، لكن اليهود والنصارى ليسوا على طريقة أولئك الرسل لأنهم اتخذوا أخبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله ووقعوا في مخالفة الرسل بل ادعوا فيهم الباطل كما قال تعالى: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ) وقال تعالى: ( .. اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا..) فهم على هذا جاحدون لما جاءت به الرسل حيث قال تعالى: (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ)، (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ...)، (..مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ) وقال تعالى عن موسى عليه السلام: (.. أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) فهذا هو دين الله الذي أرسل به الرسل ، وواقعهم غير ما جاء به الرسل عليهم السلام .. فنحن على هذا أحق بهم بإتباع الرسل منهم.. وأن الإسلام هو الحق الذي لا يسع أحد الخروج منه.

أما إذا كان هناك صلح في وقت معين أو لأسباب معينة دون أن يأخذ الطابع المستمر ودون أن يكون فيه الإقرار لليهود في باطلهم، أو أن يكون فيه لبسٌ على الأمة فهذا قد يجوز مع وضوح الحق والباطل. وأما ما يسمى بوحدة الأديان فهو من الزور والباطل الذي لاشك ولا ريب في بطلانه .. فهذا الدعوة قد أعطت الأمل حتى للمجوس والسيخ والهندوس ... وغيرهم من أصحاب الأهواء المتعددة أنهم على الحق وهذا من أعظم الصد عن الإسلام.

المرجع:من أسئلة مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية الموجهة للعلماء والمشايخ حفظهم الله، سؤال رقم (103) بتاريخ (صفر1427 هـ) الموافق (مارس 2006 م ) .

العدد الرابع – مجلة بيت المقدس للدراسات

.