دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

العدوان الصهيوني على قطاع غزة: لماذا ؟

م.علاء الدين البطة

كاتب وباحث سياسي

لم يكن مستغربا قرار دولة الاحتلال الصهيوني بخوض عدوان حربى إرهابي لا-إنساني يستهدف الكل الفلسطيني في قطاع غزة بدءا من بيوت المدنيين الابرياء ومروراً بالمساجد والمستشفيات والنوادي الرياضية وليس انتهاءً باستهداف قوى المقاومة في قطاع غزة، خصوصا في ظل الصراع السياسي الإسرائيلي الحزبي الشديد واندفاع المجتمع الإسرائيلي المحموم نحو اليمين المتطرف، وهو الامر الذى دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، زعيم حزب الليكود، الى التحالف مع وزير الخارجية اليميني المتطرف أفيغدور ليبرمان -زعيم حزب اسرائيل بيتنا- قبيل الانتخابات البرلمانية الاسرائيلية الاخيرة، وتحديدا في يناير 2013م

تداعيات الضغط من اجل شن العدوان على قطاع غزة كانت واضحة في مواقف عديدة لعل من ابرزها: اعلان المتطرف ليبرمان عن تفكيك تحالف حزبه مع حزب الليكود بحجة عدم استجابة نتنياهو لمطالب حزبه بمهاجمة غزة واعادة احتلالها واسقاط سلطة حماس فيها. هذا عدا عن الضغط الشعبي الكبير الذى يتعرض له نتنياهو نتيجة استمرار سقوط الصواريخ الفلسطينية وحالة الرعب والهلع وعدم الاستقرار وخصوصا في فترة الاجازة الصيفية التي يتمتع بها الاسرائيليون وابنائهم. بالإضافة الى العبء الاقتصادي والذى تزداد كلفته يوميا وخصوصا في فصل الصيف الذى يتدفق فيه ملايين السياح من كافة انحاء العالم الى اسرائيل.

كل ما سبق كان دافعاً لرئيس الوزراء الصهيوني على خوض أية حرب ضد عدو جاهز يضرب ركيزة الامن القومي التي يتم التغني بها واستقرارها يشكل عاملاً من عوامل جذب اليهود من كل أنحاء العالم الى الاراض الموعودة.

وإضافة إلى كل ما سبق،ثمَّة مجموعة متنوعة من الأسباب والعوامل التي تضيف مزيدا من الحوافز لشن عدوان جديد على قطاع غزة ولعل من ابرزها:

  1. الهدف الدائم هو إضعاف قدرة حركة حماس، حيث أنه وبالنظر إلى مادية الأمور ما زال صناع القرار في دولة الاحتلال يعتقد أنه وفي ظل تفوق سلاح الجو وقدرته المطلقة على قصف بيوت الامنين والمساجد والنوادي والمقرات الامنية والسياسية، فان من شأن ذلك أن يشكل مزيداً من الضغط على حركة حماس التي كانت تحكم قطاع غزة منذ عام 2006 وحتى أبريل 2014م، وهي التي تعرضت لثلاث حروب عدوانية، ما أن تخرج من إحداها إلا وتبدأ فيما تليها بدءً من قصف وتدمير غزة بعد خطف الجندي شاليط في يونيو2006 ومروراً بحرب الفرقان 2008-2009 وليس انتهاءً بحرب حجارة السجيل في نوفمبر 2012م.

    وكل هذه الحروب والتدمير جاء في ظل حصار خانق طال كل مناحي الحياة في غزة، ولعل من أبرزحيثياته منع دخول كافة مواد البناء منذ بدء الحصار وعدم قدرة حماس على ترميم كل ما تم تدميره في كل الحروب العدوانية السابقة.

  2. التعرف على مدى التطور الذي طرأ على قدرات وإمكانات حماس العسكرية خصوصاً خلال الفترة التي أعقبت عدوان 2012 في ظل تقديرات بل وتخمينات اسرائيلية مختلفة احياناً ومتضاربة احياناً أخرى
  3. التعرف على مدى تأثير هدم الانفاق على الحدود الجنوبية لقطاع غزة، وخصوصا بعد الانقلاب العسكري في مصر في يوليو 2013م، على قدرات المقاومة وإمكانيات الصمود والتحدي، خاصة أنه قد تم هدم عشرات الأنفاق التابعة للمقاومة والتي كانت تستخدم في جلب السلاح والمعدات العسكرية من الخارج لصالح المقاومة في غزة.
  4. استكشاف أنواع الاسلحة الجديدة التي تمكنت حماس والمقاومة من الحصول عليها وخصوصاً في ظل الحديث الإسرائيلي المتكرر عن مصادرة أسلحة للمقاومة في عرض البحر تارة والسيطرة على كميات من الاسلحة الايرانية في عدة دول افريقية تارة اخرى، وهذا من شأنه ان يكون مصدرا للتأكد من السلاح الجديد من جهة وتسجيل ادانة اخرى لإيران بدعوى دعمها لحركات المقاومة.
  5. ما ذكرته صحيفة الغاردين البريطانية في اليوم الاول العدوان من أن واحداً من أهداف العدوان يتمثل في السيطرة الغير مباشرة ومنع الفلسطينيين من التحكم في حقول الغاز الموجودة في عرض بحر غزة، وهي الحقول التي تحوي ما يزيد على تريلون و400 مليار قدم من الغاز، وهذا من شانه ان يقدم 4 مليار دولار سنوياً ولمدة عشر سنوات. وحيث أن حركة حماس تسيطر على القطاع فإنها ستشكل عقبة كبيرة أمام أي اتفاق مرن مع السلطة الفلسطينية في رام الله من أجل السيطرة عليه.
  6. دراسة تأثير الحرب على الشارع العربي وخصوصاً أن حرب 2012م، تزامنت مع الفترة الذهبية للربيع العربي والتي شهدت تطورات كبيرة في مستوى الضغط الشعبي العربي على النظم السياسية الحاكمة بعد هامش الحرية التي حصل عليها والتي أدت الى ضغوط مصرية وعربية كبيرة انتجت وقفاً للعدوان على غزة آنذاك.

    الآن وفى ظل حالة المؤامرة الكبرى على الربيع العربي والذي تمثل في الانقلاب العسكري في مصر وتجريم الإعلام المصري لحركة حماس والمقاومة الفلسطينية بل وانشغال أو إشغال ليبيا واليمن بصراعات قبلية، والاستنزاف الجاري في موضوع فوضى القتل والذبح في سوريا، فقد بات من المهم معرفة إن كان هناك ثمة تأثيرا وحراكا شعبيا ضاغطا على أنظمة الحكم أم أن حالة الانقلاب نجحت في وئد هذا الربيع وتداعياته.

  7. فحص والتعرف على مدى صدق وقوة التقارب والتحالف الجديد بين اسرائيل ومصر وبعض دول الخليج، والتأكد من مدى قوة وإمكانية صمود وثبات هذا الحلف الجديد امام الاحداث التي تشهدها المنطقة ومن اهمها الحرب العدوانية على غزة والتي تتحدث الصحف الاسرائيلية والقناة العاشرة الاسرائيلية عن ان هناك ليس موافقة فقط بل ان هناك دعما مصريا وخليجيا رسمياً لخوض العدوان وتدمير حماس وحكمها في غزة.
.