دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

نقض العهود من شِيَمِ اليهود

 محمد الضيف وسياسة الغدر الصهيونية

 

طه أبو طه- مركز بيت المقدس- غزة

          نشرت وكالة شهاب الإخبارية عبر صفحتها على الفيس بوك بتاريخ 15/8/2014م خبرًا منقولًا عن القناة العبرية الثانية: "إسرائيل لا تبدو قريبة من اتفاق لوقف إطلاق النار بعكس ما يعلن الفلسطينيون"، فيما كتب د. ناصر اللحام المختص بالشأن الصهيوني على صفحته بتاريخ 15/8/2014م: "مصادر اسرائيلية: فرص نجاح وقف النار خلال 5 أيام ضئيلة وفكرة نشر قوات أبو مازن عند رفح مبالغ فيها"، ثم عاود الدكتور اللحام ليكتب عبر صفحة الفيس بوك الشخصية  بتاريخ 16/8/2014م " اسرائيل تخفض سقف الهدنة عمدا وتقول أن فرص وقف النار ضئيلة لابتزاز المقاومة".

تبع ذلك تصريح للصهيوني الحاقد أفيغدور ليبرمان حيث هدد باغتيال الضيف وهنية، والناظر لهذا التصريح تتملكه الغرابة ولسان حاله يقول: وهل استطعتم ولم تفعلوا.

كان لا بد للقيادة السياسة والعسكرية لفصائل المقاومة أن تعي ما بين السطور وأن تحسن الربط بين التصريحات الصادرة عن العدو وإعلامه وسياسييه.

في يوم الاثنين بتاريخ 18/8/2014م اليوم الخامس للتهدئة المتفق عليها بين قوى المقاومة والكيان الصهيوني، غادر الوفد الصهيوني مساء القاهرة متجهاً لكيانه المحتل.

وسمعت حينها لأكثر من محلل بدأ التوقع بالذهاب إلى اتفاق في هذا اليوم، معتبراً التصريحات الصهيونية في اليومين السابقين عبارة عن تصعيد إعلامي لن يؤثر.

و  بدأت التسريبات تتوالي عبر الوكالات الإعلامية والفضائيات أن غزة على موعد مع انتصار كبير بتوقيع اتفاق يلبي حاجة الشعب الفلسطيني، وعجَّت صفحات الناشطين والصحفيين وحتى المتابعين بشكل جيد ببنود الاتفاقية والدلالة على حصريتها وحتى الفضائيات الموثوقة انتقلت إليها تلك عدوى الاتفاق دون مصدر رسمي يؤكد ذلك.

إلا أنني وأثناء متابعتي لفضائية الأقصى لفت نظري كلام جميل للمحلل والباحث أ.علاء الريماوي حيث أكد أن ما يصدر هو عبارة عن تحليلات وليس أخبار.

 

بعد ذلك بساعة كتب الدكتور ناصر اللحام " مصدر: لم يصدر قرار إسرائيلي بعد بشأن الهدنة والكابينت لم يجتمع بعد"

صرح بعد ذلك أ. عزت الرشق عضو الوفد الفلسطيني الموحد موضحاً أنه تم الاتفاق على تمديد الهدنة 24 ساعة، ليخرج بعده رئيس الوفد أ.عزام الأحمد ليؤكد أنه لا اتفاق وأن الكيان يماطل بشكل كبير.

المحلل الفلسطيني صالح النعامي  شخص الحالة الفلسطينية بقوله " أن فشلنا في فهم بيئة صنع القرار في الكيان الصهيوني في الوقت الحالي دفعنا لاستخلاصات خاطئة " ويأتي كلام المحلل النعامي بعد حالة شبة إجماعية من المحللين عبر قنوات وإذاعات متعددة قالوا أن الأمور ذاهبة إلى اتفاق دائم لوقف إطلاق النار.

وكان توقع النعامي بشكل مغاير فقد توقع أنه لن يكون هناك عبر صفحته على الفيس بوك أن الاتفاق يعني سقوط نتياهو سياسياَ  وحين رغبت نقل المنشور للمحلل البارز بشكل حرفي وجدته كتب ما يلي بتاريخ 19/8/2014م: "بالأمس بعد العصر كتبت أن كل الدلائل تشير إلى أنه ليس لدى نتنياهو نية للتوقيع على اتفاق مع المقاومة لاعتبارات داخلية، لكنني اضطررت لإزالة هذا البوست في أعقاب تأكيد وسائل إعلامية مهمة ومرموقة لاتفاق"

حتى وسائل الإعلام المرموقة انتقلت إليها عدوى السبق الصحفي دون مصدر حتى تلاشت أخبارهم فور تصريح عزام الأحمد لعدم الوصول لاتفاق.

يوم الثلاثاء بتاريخ 19/8/2014م والذي بدأت فيه تهدئة لمدة 24 ساعة تلت خمسة أيام من التهدئة، زعم الكيان الصهيوني سقوط ثلاثة صواريخ عليه، ثم بعد ذلك قام بارتكاب مجزرة عنيفة من خلال شن غارات تعتبر الأعنف منذ بداية العدوان وقد تكون الأعنف على مستوى الثلاثة حروب على غزة إذ استهدفت الغارة منزلاً لعائلة الدلو بستة صواريخ شديدة الانفجار.

بعيد استهداف عائلة الدلو في مجزرة مروعة أدت لارتقاء سبعة شهداء،  صرحت كتائب القسام بأنها تتحدى العدو الصهيوني عن سبب استهدافه لمنزل الدلو، فجاءت التسريبات من إعلام العدو أن المقصود من الغارة القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، فيما لن تصدر عن العدو تصريحات رسمية بهذا الصدد.

  • ولعل ارتكاب العدو الأحمق لمجزرة عائلة الدلو تحتمل خيارين:
  • 1- أن يكون القائد العام لكتائب القسام محمد الضيف داخل المنزل وقد نجا فعلا من القصف العنيف.
  • 2- ألا يكون الضيف في المنزل وباستشهاد زوجته وابنه وبنته يستطيع الكيان أن يزعم ويروج أنه وصل لقائد كتائب القسام محمد الضيف ولكنه نجا.

وعلى كل فإن الاحتمالين هما بضاعة العدو للخروج بنشوة مؤقتة يظن العدو أنها سترفع معنوية الشعب الصهيوني الغاصب عقب اغتيال الضيف، ولكن الكيان تناسى أن غزة ولَّادة للقادة المقاومين الذين يرفضون عيشة الضيم والظلم.

ويسعى الكيان الصهيوني من خلال هذه العملية لتحقيق عدة أهداف:

  • 1- خلق حالة إرباك بين مقاتلي كتائب القسام بدءًا بأصغر جندي ولأكبر قائد من خلال بث الشائعات في أوساطهم أن حركة حماس وكتائب القسام منظومة مخترقة.
  • 2- أن العدو قادر للوصول لأي معلومة يريدها كأماكن الأنفاق وأماكن رباط المقاومين والعبوات والكمائن  كما وصل للقائد غير المعروف صورته وهيئته إلا لحلقة ضيقة جدا.
  • 3- زعزعة وضرب الجبهة الداخلية الفلسطينية من خلال بث الشائعات عن قرب احتلال غزة تزامنا مع بث شائعات أخرى أن القسام وفصائل المقاومة مخترقين، بدليل الوصول لرجل القسام المجهول "الضيف"
  • 4- رفع معنويات الشعب الغاصب والإكبار من قيادة الحكومة الصهيونية.

 

ولعل الكيان الصهيوني خرج بصفر كبير من خلال هذا الخرق الأحمق للتهدئة، ونشر المحلل الفلسطيني البارز صالح النعامي عبر صفحته على الفيس بوك بتاريخ20/8/2014م أن المعلق العسكري الصهيوني أمير رون كتب مقالا مهماً أشار فيه " لتوظيف إسرائيل لعمليات تقوم بها تنظيمات فلسطينية صغيرة لكي تبرر شن عمليات اغتيال استراتيجية ضد حماس" .

ولعل ما يؤكد ما نشره المحلل النعامي هو عدم تبني أياً من الفصائل إطلاق صواريخ على الكيان في ذلك اليوم؛ حيث اعتادت الفصائل الفلسطينية أن تتبنى أعمالها الدفاعية تجاه الكيان الصهيوني عبر بيانات رسمية من أجل قطف ثمرة العمل الجهادي للفصيل المقاوم وتكون النتيجة من نصيبها.

 

محمد الضيف القائد العام لكتائب القسام، المطارد منذ ربع قرن، غير معروف الهيئة ولا الصورة، إلا لحلقة مقربة جدا من حوله، يثير حنق الكيان الصهيوني، حيث نجا الضيف من عدة محاولات اغتيال ليذيق العدو بإرادة الله الويلات، لم ينجح الكيان الصهيوني في اغتياله هذه المرة فخرق التهدئة ظاناً منه أنه يمتلك وقت الدخول في الحرب ووقت الخروج منها، لتعلن المقاومة إغلاق مطار بن غوريون وتهجير المحتلين في المستوطنات المحاذية لقطاع غزة وتأجيل مباريات الكرة ومنع التجول والتجمعات في مديات صواريخ المقاومة، ليصبح هدف العدو بعد أن كان القضاء على حركة حماس هو كما قال وزير الدفاع موشيه يعلون اليوم" هدف إسرائيل من استمرار العمليات العسكرية بـ «إعادة حماس إلى طاولة المفاوضات في القاهرة حسب الشروط التي تمليها إسرائيل، والحصول على وقف إطلاق للنار.

فالكيان الذي يعتبر المقاومة إرهاب ويشدد على عدم خروجها بإنجاز بل وتخرج أصواته النشاز لتدعو لعدم التفاوض مع حماس يجر أذيال الخيبة مجدداً ويقر أنه لا مناص إلا بالتفاوض مع قوى المقاومة.

فقد بدا الكيان الصهيوني منهزماً حائراً كيف يتعامل مع هذا المأزق الذي وضع نفسه فيه بعد خرقه للتهدئة، التي ستجعله يعيد التفكير مجددا في سياسة خرق التهدئة مع المقاومة الفلسطينية التي تبدو ازدادت قوة وصلابة بعد غدر العدو بها.

.