دراسات وتوثيقات / فرق ومذاهب
أوجه التشابه بين صليبيي الأمس ويهود اليوم
"أوجه التشابه بين صليبيي الأمس ويهود اليوم"
بحث وتحقيق: عبد اللطيف زكي أبو هاشم
مدير دائرة المخطوطات والمكتبات
وزارة الأوقاف – فلسطين
جسد المسجد الأقصى النصر الذي أحرزه المسلمون على الصليبيين، بريادة عماد الدين زنكي الرائد الأول لقيادة المسلمين إلى قتال الصليبيين في العراق وغيرها من الحدود المتاخمة لهم ، ثم تبعه ولده - ولكن بصورة أكثر وأشرس - القائد الرباني " نور الدين بن زنكي"[1] ، هذا الذي صنع منبراً للمسجد الأقصى الأسير، متفائلاً وموقناً بنصر الله للمسلمين، ثم توجت هذه الانتصارات بالقائد المظفر البطل صلاح الدين الأيوبي الذي وحَّد الجبهتين (المصرية والشامية) ضد الغزو الصليبي المتمركز في تلك البلاد حتى انتصر عليهم في المعركة الفاصلة (حطين) سنة 583هـ-1187م .
لقد كان المسجد الأقصى يئن تحت المغتصب الصليبي الذي "قتل في باحة المسجد
الأقصى ما يزيد على سبعين ألفاً منهم جماعة كثيرة من أئمة المسلمين وعلمائهم وعبادهم وزهادهم
ممن فارق الأوطان وجاور بذلك الموضع الشريف ، حيث لبثوا في البلدة أسبوعاً،
وأخذوا من عند الصخرة نيفاً وأربعين قنديلاً من الفضة ، وزن كل قنديل 3600 درهم ،
وأخذوا تنوراً من فضة وزنه أربعون رطلاً بالشامي ، وأخذوا من القناديل الصغار
مائة وخمسين .. ومن الذهب نيفاً وعشرين قنديلاً ، واغتموا منه ما لا يقع عليه
الإحصاء"[2] .
وقد غاصت الخيل في دماء المسلمين حتى وصلت إلى الركب[3] ، وقد أمعن
الفرنجة بالقتل في كل من وجدوه في بيت المقدس، حتى لطخت الدماء الكواحل[4]، وقد كان
المسلمون بحالة لا يحسدون عليها، من تناقض وضعف وهزيمة، لقد أصاب المسلمين آنذاك
انحطاط في كل شيء مما مكن الغزاة لأن يعيثوا فساداً في تلك البقعة المقدسة كما حدث ويحدث
اليوم .
هذه الحرب البشعة التي عُرفت فيما بعد بالحروب الصليبية كانت بدايتها على يد بعض القساوسة في بلاد الفرنجة، ففي يوم 27 تشرين الثاني لعام 1095م ، غصت كاتدرائية مدينة (كليرمونت) في فرنسا على رحبها بالحضور المنقطع النظير للأساقفة وعدد غفير من الأمراء والنبلاء والألوف من أتباع الكنيسة المؤمنين بتعاليمها والمتمسكين بما تبشر به، ومع أنه كان يوماً بارداً من أيام شهر تشرين الثاني إلا أن هذا الجمع الغفير انتقل بعدما احتشد إلى ساحة كبرى خارج الباب الشرقي للمدينة، فقد تجمع الناس كتلاً للوقاية من زمهرير الشتاء القارص، وبعدما اكتمل الحشد اعتلى منصة الوعظ البابا (أوربان الثاني)، وألقى خطاباً رهيباً لم يخطب مثله من قبل واحداً من بابوات الكنيسة أو ساستها.
لقد فجر هذا الخطاب قيام ما يعرف باسم الحروب الصليبية، والحروب الصليبية هي ملحمة عسكرية وصراع سياسي وعقائدي واقتصادي لم يشهد له التاريخ مثيلاً أبداً، فما الذي دفع البابا أوربان الثاني إلى إلقاء خطابه هذا وتوجيه دعوته، ثم لماذا قام البابا بالذات بتوجيه هذه الدعوة الرهيبة دون سواه، ومن هو البابا وما مكانته وتاريخه، وما الذي قصده من توجيه الدعوة إلى حمل السلاح والتوجه إلى الشرق ؟ [5]
ولقد تحدث الرحالة "ابن جبير" واصفاً أحوال المسلمين الذين يؤدّون الجزية (الضريبة للمحتل الغاصب) ، في مقابل أن يؤذن لهم في زراعة أرضهم المغتصبة التي احتلها عنوة وبالقوة، يصف لنا ذلك في رحلته فيقول "ورحلنا من تبنين[6]، دمَّرها الله، سحر يوم الاثنين، وطريقنا كله ضياع متصلة وعمائر منتظمة سكانها كلها مسلمون، وهم من الإفرنج على حالة ترفيه، نعوذ بالله من الفتنة ، وذلك أنهم يؤدون لهم نصف الغلة عند أوان جمعها، وجزية على كل رأس دينار وخمسة قراريط، ولا يعترضون في غير ذلك، ولهم على ثمر الشجر ضريبة خفيفة يؤدونها أيضاً، ومساكنهم بأيديهم، وجميع أموالهم متروكة لهم، وكل ما بأيدي الإفرنج من المدن بساحل الشام على هذا السبيل رساتيقهم كلها للمسلمين، وهي القرى والضياع، وقد أشربت لما ينصرون عليه من أهل رساتيق المسلمين عمالهم على ضد أحوالهم من الترفيه والترفق، وهذه من الفجائع الطارئة على المسلمين، إذ يشتكي المسلمون بعضهم بعضاً من الجور للإفرنج، ويأنسون بعدلهم في مقابل ظلمهم لبعضهم البعض، فإلى الله المشتكى من هذه الحال"[7] .
يعلق الأستاذ "كمال الأسطل" على ما جاء في رحلة ابن جبير بقوله "إن ابن جبير يوضح في رحلته أنه رغم أن الصليبيين يأخذون ضرائب من الفلاحين تبلغ نصف محصولهم، فإن الفلاحين كانوا في نعم رغم قلة ما يتبقى لهم من المحصول، حيث أن الحكام المسلمين كانوا من قبل مجيء صلاح الدين يظلمون المسلمين أكثر مما يظلمهم الصليبيون، على الرغم من الضرائب المالية المحددة والملزمة لهم. في ذلك الوقت في مثل هذه الظروف من كان يتصور أن يهب المسلمون للجهاد ضد الصليبيون في وقت انفصل فيه الحاكم عن المحكوم، وفي وقت أصبح الحاكم يسلب المواطن ما يقتات به، هل هذا الوضع سيؤدي لأن يكون المواطن جندياً من جنود الحاكم أم أنه سيدفع للثورة ضد الحاكم". هكذا كانت أحوال المسلمين قبل مجيء صلاح الدين" [8].
الأمة وحالة الفشل السياسي:
"وعلى الرغم من أن الفشل السياسي (في توحيد الجهود العربية إزاء الخطر الصليبي) كان يؤدي بدوره إلى مزيد من الإخفاقات العسكرية، فإن الرأي العام الإسلامي بدأ يضغط بكل قواه على الحكام... فقد أثارت أعداد اللاجئين التي تدفقت من بلاد الشام إلى سائر بلاد المنطقة العربية مشاعر الغضب والاستياء ضد الحكام، وفي البداية عبر الناس عن مشاعرهم الغاضبة في المساجد، ومن فوق المنابر في صلاة الجمعة، وبدأت الدعوة إلى الجهاد تسري في أوصال العالم الإسلامي، وسطرت الكتب والرسائل التي تتحدث عن الجهاد، وفضل المجاهدين، وعن مكانة بيت المقدس وأهميته بالنسبة للمسلمين في ظل هذه الحركة تكون رأي عام قوي وضاغط بحيث لم يعد في وسع الحكام أن يتجاهلوه، وقيض الله لهذه الحركة أن توجه مجرى الأحداث على مدى ما يزيد على قرنين من الزمان.[9].
أوجه التشابه بين الحملات الصَّليبية والمشروع الصهيوني:
يقول الدكتور المسيري "يلاحظ الدارس عمق التشابه بين المشروع الفرنجي الصليبي والمشروع الصهيوني الإسرائيلي، وهذا أمر متوقع لأن لكليهما جزء من المواجهة المستمرة بين التشكيلتين الحضارتين السائدتين في الغرب والشرق العربي، كما إن حملات الفرنجة هي انطلاق أوروبا نحو التوسع والإصرار على بسط سيطرتهما على الخارج، والواقع أن حملات الفرنجة احتوت بذور كل أشكال الإمبريالية الأوروبية التي حكمت فيما بعد حياة جميع شعوب العالم، ولهذا أصبحت حملات الفرنجة صورة مجازية أساسية في الخطاب الاستعماري الغربي، … وقد رأى كثير من المدافعين عن المشروع الصهيوني من اليهود وغير اليهود أنه استمرار وإحياء للمشروع الصليبي ، ومحاولة وضعه موضع التقييد من جديد في العصر الحديث، فقد ألف (سي آر. كوندر) عام 1897م- وهو صهيوني غير يهودي ومؤسس صندوق استكشاف فلسطين - كتاباً عن تاريخ المملكة اللاتينية في القدس أشار فيه إلى أن الإمبريالية الغربية نجحت فيما أخفقت فيه الحملات الصَّليبية" ويمكننا أن نقول "إن المشروع الصهيوني هو نفسه المشروع الفرنجي بعد أن تمت علمنته، وبعد أن تم إحلال المادة البشرية اليهودية التي تم تحديثها وتطبيعها وتغريبها وعلمنتها محل المادة البشرية المسيحية " [10] .
وهو يقارن بين الحملتين الصهيونية والصَّليبية فيقول "… يلاحظ أن كلاً من ممالك الفرنجة والدولة الصهيونية، بسبب طبيعتها الإحلالية خلقت مشكلة اللاجئين، كما يلاحظ أن هؤلاء اللاجئين تحولوا إلى وقود جند سكان المنطقة ضد الدولة القلعة …، وتطرح الدولة الصهيونية نفسها باعتبارها قاعدة للحضارة الغربية كلها في مواجهة العالم الإسلامي، ويشير أحد الدارسين الإسرائيليين إلى أنه كان هناك جباية فرنجية موحدة تماماً مثل الجباية اليهودية الموحدة". [11]
"لقد شغلت الحروب الصليببة عدداً كبيراً من العلماء والباحثين في إسرائيل، حتى أصبحت الجامعة العبرية من أهم مراكز الأبحاث الصَّليبية في العالم يستخرجون العبر من دراسة تلك التجربة التاريخية الحية لمجتمع أجنبي حل في البلاد المقدسة واستقر فيها قرابة قرنين من الزمن".[12]
"والحركة الصَّليبية في جوهرها حركة استيطانية" [13] ، "وهي حلقة من حلقات الصراع بين الشرق والغرب … وهي حركة كبرى نبعت من الغرب الأوروبي المسيحي في العصور الوسطى، واتخذت شكل هجوم حربي استيطاني على بلاد المسلمين، وبخاصة في الشرق الأدنى بقصد امتلاكها، وقد نبعت هذه الحركة عن الأوضاع الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والدينية التي سادت غرب أوروبا في القرن الحادي عشر" [14].
فالحركة الصَّليبية اعتمدت على المقولة الدينية لتثوير الغرب الأوروبي وإثارة الدافع الديني لديه، وذلك من خلال خطبة بطرس الناسك، وتحريض البابا أوربان، حيث طرح هذا البابا في خطابه في كليرمونت أن هذه الحملة هي (حجة) تهدف إلى تحرير البلاد المقدسة من براثن (الكفار) (ذلك الجنس الخسيس الذي يعاني من الحقارة والانحطاط وتستعبده الشياطين والعفاريت) على أيدي (جنود المسيح) الذين يطيعون (أوامر الله والكنيسة المقدسة)، وهكذا زحف الغربيون نحو البلاد المقدسة تحت شعار (إرادة الله) كما بعثت الحركة الصهيونية من ركام التاريخ تعابير تفي بالغرض مثل (أرض الميعاد)، و(شعب الله المختار) و(العهد) و(صهيون) و(يهودا) و(السامرة) و(أورشليم) ، وبذلك تم تشييد الهيكل الدعائي للحركة الصهيونية، آخر الحملات الصَّليبية وأشدها دهاءً، فهذه الحركة لا تزال في جوهرها حركة استيطانية مسلحة، قدمت من بلاد الغرب واستعمرت قطعة من بلاد الشرق، وأخضعت أهلها واستندت على قاعدتها في الغرب لتقديم الدعم بالرجال والأموال والعتاد. ولكن تغيير الأديان وما تبعه من تغيير الرموز والشعارات أدى إلى إغشاء الأبصار وتضليل العقول، فبدل من أن يستمر طرح التناقض بين الغرب المسيحي من جهة والشرق المسلم العربي من جهة أخرى، عرض على أنه صراع بين اليهود والعرب ودعي بالقضية الفلسطينية" [15].
لقد اهتم اليهود اهتماماً كبيراً يفوق التصور بالحركة الصَّليبية، وبكل ما يتصل بها من دراسات، وذلك لما سكن في العقل الصهيوني من التشابه الصارخ بين التجربتين وبين المشروعين الاستعماريين (المشروع الصليبي – المشروع الصهيوني) والقاسم المشترك بينهما هو الأب الداعم الأوروبي الذي رأى في وجود المشروع الصهيوني قضية كبرى لمصلحته الاستراتيجية في المنطقة. وللإحساس العميق لدى الدارسين الإسرائيليين بالمصير الذي لاقته الحملات الصَّليبية في هذه البلاد، وهي (التجربة الصَّليبية) هي النموذج التاريخي الحي الذي يمكن استقراؤه وتمحيصه للاستفادة من تجربته، ولتلافي أخطائه التي عجلت بإنهائه.
لا يجوز بحث موضوع الدراسات الصهيونية للحركة الصَّليبية دون الإشارة إلى "يهوشع برافر" عميد الدراسات الصَّليبية، وهو المؤسس الأول لهذه الدراسات، وأصبحت هذه الدراسات تعرف فيما بعد بـ(السلفانيوت) في مقابل (crsders) الكلمة الإنجليزية، وتميز دراسات برافر في أنه أول من نظر إلى الحركة الصَّليبية كحركة استيطانية كولونيالية، فكتب أبحاثاً رائدة في مشروع الدولة الجديدة، ومهد لتلاميذه الذين أصبحوا زملاءه فيما بعد سبل البحث في كيان الدولة ومؤسساتها، وطبيعة الحكم فيها والأسس التشريعية لهذا الحكم، ونظامها العسكري، وتطور مفهومها الأمني، وتأثير العوامل الجغرافية كالصحراء على الاعتبارات الاستراتيجية، وطبيعة علاقة الصَّليبيين بالسكان المحليين المدعوين بالأقليات من مسلمين ومسيحيين شرقيين ويهود، وبدو، وإسماعيلية، وموارنة، بكثير من التفصيل… ودرسوا الحياة الفكرية والعقلية في تلك الفترة… وقد ركزوا أيضاً على الدراسات الإسلامية، إذ درسوا الوضع السياسي والاجتماعي المعاصر في المجتمع العربي – الإسلامي، والحياة العقلية والفكرية والأدب والأشعار والأمثال الدارجة في تلك الفترة، ثم بحثوا في فكرة الجهاد وفاعليتها في تحريض المسلمين على القتال [16] ، كما درسوا طبيعة الحكم والعلاقات الطبقية والتجارية والزراعية ومدى انعكاس هذه العوامل على الدولة الصَّليبية.
وليس أدل على نشاط العلماء اليهود في هذا المجال أكثر من عضويتهم في (جمعية دراسة الصليبيات والشرق اللاتيني) ومركزها بريطانيا، إذ ينضم الآن لهذه الجمعية خمسة وعشرون عالماً وعالمة من اليهود في فلسطين من أصل 237 من جميع أنحاء العالم، مقابل سبعة علماء عرب!! والأبحاث الصهيونية في الصليبيات على كثرتها تكاد تنحصر في مملكة القدس اللاتينية ولا تتخطاها إلا في النادر لدراسة الإمارات الصَّليبية الأخرى في طرابلس وإنطاكية والرَّها، وقد يعكس ذلك اهتمام الإسرائيليين عموماً بالتركيز على التاريخ غير العربي – الإسلامي لفلسطين، ولكن على أي حال لا يدل على اهتمام علمي مجرد بالوجود الصليبي في الشرق عامة بل ينحصر ذلك في الكيان الذي قام في الأراضي المقدسة. ويستاء الصهيونيون من مقارنة حركتهم بالحركة الصَّليبية لما تتضمنه تلك المقارنة عن الكيان الصهيوني كعنصر دخيل على الشرق سيلفظه كما لفظ الدولة الصَّليبية من قبل، ونعتقد أن تشريحهم للكيان الصليبي يستهدف استخلاص العبر من تمكنهم من تجنب ذلك المصير، ونرى أنهم نجحوا بالفعل في تفادي أخطاء الصَّليبيين في نواحٍ أساسية عدة، كاستعمال اليهود في الزراعة، وتأسيس الجامعات، وتشجيع العلم والفكر، وتهجير السكان الأصليين، وتشجيع الهجرة اليهودية بشتى الوسائل، والتمييز بين الأقليات، وتعميق العلاقات الصهيونية الدولية، والتدخل بشكل فعال في شؤون البلاد المجاورة، ولكنهم لم ينجحوا في نواح أخرى مثل التمسك بالعنصرية، وعدم الانصهار في الشرق، والاعتماد على المساعدات الخارجية، والفشل في اجتذاب عدد أكبر من المهاجرين من البلاد الغربية.
أما التشابه الأساسي بين التجربتين هو التشابه الاجتماعي الإنساني … ووجوه الشبه بين هاتين الدولتين صارخة، إذ إن كلاً منهما حركة بنيت على الدين، مسلحة عدوانية استيطانية غريبة المصدر فلسطينية المستقر، عنصرية غير انصهارية، اعتمدت على الدعم الغربي مالياً وعسكرياً ودعائياً واجتماعياً، ثم إن كلاً منهما نشأت في فترة انقسام وشرذمة الشرق.
أوجه الاختلاف بين الصَّليبية والصهيونية:
الحركة الصَّليبية: نشأت في فترة تكافؤ القوى بين المشرق الإسلامي والغرب المسيحي من حيث القوى السياسية، والاقتصادية والعلمية فلم يكن انتصار الصليبيين تعبيراً حقيقياً عن موازين القوى، فقد كانت الجيوش العربية، وموارد المنطقة الاقتصادية والبشرية تكفل هزيمة ساحقة إذا ما جمعتها جهة موحدة، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك، ولكن التشرذم العربي، بل ومساندة بعض المسلمين للجيوش الصليبية وميراث الحقد والشك والضغائن بين حكام المنطقة جعل انتصار الصليبيين أمراً منطقياً" [17].
الحركة الصهيونية: نشأت في فترة تفوق فاضح للغرب على الشرق في جميع المجالات وبالأخص الجانب العسكري، مما أدّى إلى استيراد الأسلحة من الغرب الأوروبي والأمريكي، ومن ثم حوصر المشرق وافتقد استقلاليته الفكرية وافتقد قراره السياسي والعسكري، حيث أن قراراته كانت تتلاءم مع ظروف توفر الأسلحة اللازمة، فيما انخرط المجتمع الصهيوني علمياً وثقافياً وعسكرياً، فأصبح أكثر مقدرة على إنتاج الأسلحة المتطورة.
الموقف اليهودي من الحروب الصليبية:
إن الموقف اليهودي من الحركة الصليبية نابع من إدراكهم للحقيقة الوظيفية الحضارية للتاريخ كعلم، فهم يدرسون تاريخ الحركة الصليبية مع التركيز على الوجود اللاتيني فوق أرض فلسطين ، وطبيعة علاقات الصليبيين بشعوب المنطقة وعوامل النجاح التي حققت لهم الانتصارات الأولية، ثم عوامل الفشل والإخفاق التي أدت إلى رحيل الصليبين من المنطقة العربية ونهاية دولتهم، حيث إن هناك كثيراً من أوجه التشابه بينهما (الصليبيين – الإسرائيليين) ، فكلتا الحركتين استعماريتين استيطانيتين، تسربلتا برداء الدين، وارتكزت على مفهوم الخلاص، وكل من مملكة بيت المقدس اللاتينية وإسرائيل كيان غريب، يضم مجموعات بشرية متفاوتة الثقافات والدرجات الحضارية ، زرع في أرض عربية اللسان ، إسلامية الثقافة ، مشرقية السمات، كما إن الصليبيين والصهاينة يشتركون في الاعتماد في كلتا الحالتين، فضلاً عن جوانب أخرى تشابه فيها الصليبيون والإسرائيليون، منها الطابع العسكري للمجتمع وتوظيف كافة موارد هذا المجتمع من أجل الحرب ، ومنها العنصرية التي تختفي خلف ستار الدين، هذا التشابه هو الذي يغري الكثيرين من الدارسين اليهود بدراسة تاريخ الحركة الصليبية وتسخير نتائج دراساتهم في دارسة مستقبل الكيان الصهيوني (رؤية إسرائيلية: قاسم عبده قاسم ، ص248-50) بتصرف.
"والباحثون الإسرائيليون يولون الصليبيات عناية فائقة، يرون فيها الحركة الرائدة والتجربة السالفة، فالغزو الصهيوني يشبه في غزوه واحتلاله الغزو الصليبي، يهتمون بالمشكلات التي واجهت الصليبيات، الأمن، الاستيطان، العمائر والمستوطنات الحربية، نقص في الطاقات البشرية، يدرسون الموقف في الشرق العربي الإسلامي، وهناك فرق عمل كاملة في الجامعات العبرية تخصصت في دراسة الحروب الصليبية ، "يهوشع بروار" "ميرون بنفينستي" ، "بنيامين أربل" ، "آرييه جرابوس" ، " يأئيل كاتزير" ، والقائمة طويلة، يكتبون بالعبرية والإنجليزية والفرنسية والألمانية والإيطالية والروسية، ويتابعون ما يُنشر عن الصليبيات في العالم أجمع، ويشاركون في الجمعيات العلمية المهتمة بدراسة الصليبيات مثل جمعية دراسة الحروب الصليبية والشرق اللاتيني بإنجلترا، الصليبيات في حد ذاتها لا تهمهم، وإنما يهتمون بها باعتبارها نقلة بين الحركة الصهيونية والمستقبل، إسقاط التاريخ على الواقع المستقبلي، درسوا القلاع الصليبية ونظم التحصين الصليبي في مرتفعات الجولان، حللوا رحلات الحجاج والتغير في الرؤية للأرض المقدسة، درسوا الجغرافيا التاريخية لفلسطين إبان الحروب الصليبية ، وتاريخ اليهود والأحياء اليهودية والاستيطان الصليبي، والإقطاع وقوانين الإدارة والتجارة والحدود،... والسقوط المفاجئ لمملكة بيت المقدس وطرد آخر بقايا الصليبيين غداة سقوط عكا، هذه المسألة في الماضي، وممتدة في المستقبل.
الإسرائيليون يتحسسون في الصليبيات مصير الغد... الصليبيات والصهيونيات كأنهما فلقتان أخرجتا من بذرة واحدة، كان النصف الأول من البذرة في القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي، والنصف الآخر من القرن الثالث عشر الهجري التاسع عشر الميلادي، المكان واحد هو فلسطين ، الغزوة الصليبية والغزوة الصهيونية نتاج مشاكل أوروبية داخلية خالصة، اجتماعية واقتصادية ... الخ !! [18]
الحروب الصليبية في العقل الصهيوني:
تستخدم الحركة الصهيونية التاريخ بمختلف مناهجه لدراسة ظاهرة الحروب الصليبية أو "تاريخ مملكة القدس اللاتينية" كما يحلو لمؤرخيهم تسميتها، حيث أن هناك مؤسسات علمية بحثية تقوم بتنظيم فرق بحث لدراسة تاريخ الحملات الصليبية لتستخلص منها العبر، ومن خلال استخلاص لتلك العبر تقوم بالكشف والتنقيب عن النموذج المماثل لها في التاريخ حيث يتم الكشف عن أوجه التشابه بين التجربتين –حيث التمزق والتشرذم الذي تعاني منه الأمة آنذاك، وتعاني منه اليوم، وبنفس الصورة بل أكبر وبشكل مكثف جداً وأبشع، على الرغم من أن انتصار الصليبيين آنذاك لم يكن تعبيراً حقيقياً عن موازين القوى، فقد كانت الجيوش العربية، وموارد المنطقة والبشرية تكفل هزيمة ساحقة إذا ما جمعتها جهة موحدة، وهو ما حدث بالفعل بعد ذلك، ولكن التشرذم العربي، بل ومساندة بعض المسلمين للجيوش الصليبية وميراث الحقد والشك والضغائن بين حكام المنطقة جعل انتصار الصليبيين أمراً منطقياً" [19].
وهذا من أهم عوامل انشغال الوعي الصهيوني بهذه الحروب وبتلك الحملات، حيث أخذت حيزاً
مهماً من انشغال العاملين في الأبحاث الاستشراقية والصراعية ، فتتم دراسة الوقائع
والتطورات والعبر ذات الصلة بالحملات الصليبية ومواجهتها ، ودراسة الظروف العربية
التي سبقت وسادت القرنين الثاني عشر والثالث عشر ، والوقوف ملياً عند معركة حطين
سنة 1187م، مقدماتها ومجرياتها نتائجها والدروس المستخلصة منها مع محاولة
صهيونية مكشوفة لتزوير التاريخ بجانب أو بآخر مما يتصل بالفترة المدروسة. [20]
لقد أعدت الحركة الصهيونية العدة الكاملة لدراسة الظاهرة الصليبية فهناك المؤسسات
والجامعات والمعاهد والباحثين. ويتضح لنا ذلك حينما نعرف أن اليهود من أنشط
المستشرقين والباحثين.
رصد المستشرقين اليهود للمصادر العربية والإسلامية التي كتبت في عصر الحروب الصليبية:
المستشرقون اليهود ليسوا بدعاً في ذلك، حيث إنهم يحاكون الاستشراق الغربي بجميع مناهجه ومؤسساته التي تأسست من أجل المعرفة ومن ثم السيطرة، معرفة هذا الشرق للسيطرة عليه وعلى خيراته، حيث أنهم أخضعوا الشرق أو بلاد المشرق العربي للدراسة وجعلوا منها حقلاً غنياً لدراساتهم، والمستشرقون الأوروبيون هم الرواد في الدراسة والبحث والتحليل واستخلاص العبر من خلال دراساتهم عن الحروب الصليبية أو ما يعرف بالصليبيات (CRUSDES) ، إلا أن الفارق بينهم وبين الاستشراق اليهودي هو أنه ليس قلقاً على مصيره كما هو الحال في إسرائيل.
على أن بعض هؤلاء المستشرقين اليهود هم تلامذة للمؤسسات الاستشراقية الأوروبية لذلك يقوم الاستشراق بجميع طواقمه ومؤسساته بمختلف اهتماماتها لدراسة ورصد المصادر العربية والإسلامية التي ألفت وكتبت قبل وبعد الفتح الصلاحي وأثناء الحروب الصليبية – حروب الفرنجة.
وقد قامت الجامعة العبرية في القدس والمكتبة الوطنية بتوفير جميع تلك الدراسات والمؤلفات للباحثين والدارسين، ولا بدع في ذلك فمكتبة الجامعة العبرية من المكتبات الهامة جداً والعريقة، وفيها من الكتب ما لا يوجد في غيرها حيث تجاوزت محتوياتها من الكتب العربية المليوني كتاب عدا عن الكتب باللغات الأخرى، وفيها من المخطوطات العربية الكثير، وبالذات ما تم الاستيلاء عليه من خزائنها الأصلية، ودور أصحابها التي صودرت أثناء النكبة سنة 1948م.
أيضاً يوجد فيها معظم المخطوطات العربية الهامة على المصغرات الفيلمية (ميكروفيلم وميكروفيش)، وهناك أرشيف لدورٍ تحتفظ بمئات الألوف من الوثائق، فلا عجب حينما يتصدون لدراسة تلك الحقبة وتلك الفترة.
وقد بين المؤرخ الكبير الدكتور " شاكر مصطفى" في محاضرة قيمة له بعنوان (الإسلام والصليبيات) وهي بمثابة عرض وتعليق لكتاب المستشرق اليهودي " عمانويل سيفان"، ونبه الدكتور شاكر مصطفى إلى أن اهتمامات المستشرقين اليهود منحصرة في نقطة وحيدة حسب قوله هي "كيف تم طرد الصليبيين من هذه البقاع نفسها التي يحتلونها"، لهذا لا يهمهم بحث ما قتله الغربيون بحثاً، ولكن تهمهم الرمال المتحركة تحت الغزاة في فلسطين وحول فلسطين، إنهم يدرسون معنى الجهاد وكيف استيقظ في المشرق العربي ومدى حيوية الشام بالذات، وتأثير فكرة الجهاد قبل الصليبيات وخلالها وبعدها، يحللون مدى قدسية القدس وعناصرها في نفوس المسلمين، وردود فعلهم ضد الاحتلال الغريب، ويبحثون عن جذور الترابط في المنطقة من مصر إلى العراق، عن أسباب توحدها في حطين وما بعدها.
ويضيف " د. مصطفى" قائلاً "ولاحقت نصوص التراث التي تتداولها المجموعة الصهيونية بالدارسة، فإذا التراث الذي نتصور أنه نائم في دمائنا وفي أدراجنا هو لديهم كيان كامل على المشرحة، يستنطقونه ويحكمون علينا من خلاله، يدرسون خطب الجهاد منذ عهد الفتوح مروراً بالحمدانيين حتى العهد المملوكي ، وكل الكتب التي ألفت في الجهاد أو كتبت عنه، وبخاصة كتاب الجهاد الذي ألفه علي بن طاهر السلمي النحوي (المتوفى سنة 498هـ) ، والذي كان يدرسه في الجامع الأموي في 12 جزءاً، إثر الاحتلال الصليبي للقدس مباشرة، وقد صور اليهود هذا الكتاب من المكتبة الظاهرية بدمشق، ونشروا بعضه سنة 1966م، ويدرسون كذلك أحكام الجهاد وفضائله لعز الدين السلمي، وكتاب الجهاد الذي وضعه القاضي "بهاء الدين بن شداد" لصلاح الدين الأيوبي، ضمن كتابه (دلائل الأحكام)، فكان كتاب المخدة عنده لا يفارقه، وبين ما يدرس الصهيونيون الكتب التي تتحدث في فضائل الشام والقدس ومقارنتها بمكة والمدينة (وتصل إلى خمسة وثلاثين كتاباً).
وأشار د. مصطفى أيضاً إلى اهتمامات الإسرائيليين حتى بالشعراء الذين عاصروا الحروب الصليبية حتى الصغار منهم، ممن عاشوا الفترة الصليبية، كما يدرسون كتاب الفقه والفتاوى، وبخاصة تلك التي أصدرها العلماء (كالإمام النووي) و(كتاب المغني لابن قدامة) ، ويدرسون السير الشعبية ويرونها منجم المشاعر العميقة للجموع المقاتلة، مثل سيرة الأميرة ذات الهمة، وسيرة عنترة وفتوح الشام للواقدي، وفتوح الشام الأخرى للأزدي، وقصة علي نور الدين المصري مع مريم الزنارية، ويصلون حتى تحليل النكات والنوادر، هكذا يقوم المستشرقون الإسرائيليون بتحري الأسباب التي تدفع الباحثين والمستشرقين الصهاينة إلى التوغل في أعماق غابات الكتب الصفراء قراءة، تحقيقاً واستخلاصاً، وذلك لأن في التراث العربي قرائن وأدلة ثابتة على ما كان سائداً في الفترة التي تنتمي إليها هذه المؤلفات، لذلك فالدراسات التي يقوم بها المستشرقون الإسرائيليون[21] للنتاجات الفكرية والثقافية التي ظهرت إبان الحقبة الصليبية وقبلها، تسعى إلى وضع اليد على التغيرات الكمية التي قادت إلى التغيرات النوعية في تاريخ المنطقة مع معركة حطين وغيرها، ووضع اليد كذلك على السياق العام الذي جاء فيه صلاح الدين الأيوبي، والتراث العربي إذ يعكس بأمانة هذا المعطي، فإنه يقدم في الوقت ذاته مؤشراً على ضرورة التحسب لاحتمالات تكرار ظاهرة الانتصار العربي الساحق عل الغزو الأجنبي مستقبلاً. لذلك فمعركة حطين تشكل كابوساً يجثم على الإسرائيليين.
المصادر والمراجع :
هوامش:
[1] -يقول عنه الكاتب الكبير الأستاذ علي الطنطاوي: "نور الدين زنكي بن الشهيد" الرجل الذي مهد الطريق لصلاح الدين، ووضع له الأساس، وشرع له المنهج، وكان إمامه وقدوته في كل خير [ انظر رجال من التاريخ : علي الطنطاوي ، جدة : دار المنار، ط 1998م. (ص181).
[2] - انظر الكامل في التاريخ لابن الأثير (ص282-285).
[3] - يقول "فوشيه الشارتري" واصفاً فظائع الصليبيين في هذه البلاد: "الإفرنج يجوسون المدينة، شاهري السيوف، لا يشفقون على أحد، حتى على الذين يتوسلون الرحمة، سقط شعب الكفار تحت ضرباتهم مثلما تسقط جوزات البلوط المهترئة من شجر البلوط حين يهزون أغصانها". [فوشيه الشارتري: تاريخ الحملة إلى القدس، ترجمة: د. زياد العسلي، عمان: دار الشروق].
ويقول في موضع آخر "إنا لم نترك منهم أحداً على قيد الحياة". بهذه الصورة وصف فوشيه أعمال الفرنجة عشية استيلائهم على المدينة المقدسة أمام عينيه في الثاني والعشرين من شهر شعبان عام 492هـ، 15 يوليو 1099م، فقد امتزجت صلواتهم المحمومة أمام (قبر السيد المسيح) بدماء الرجال والنساء والأطفال والشيوخ والمقعدين، حتى رؤوس الرضع سحقت على الحجارة.
[مجلة العربي: ص115، ع498، محرم 1421هـ، مايو 2000م].
[4] - انظر مقدمة د. زياد العسلي لكتاب فوشيه الشارتري (تاريخ الحملة إلى القدس).
[5] - انظر: تاريخ
الحروب الصليبية الأعمال المنجزة فيما وراء البحار، صنفه باللاتينية، "وليم
رئيس أساقفة صور" ، 1130-1185م، ، نقله
إلى العربية: د. سهيل زكار، بيروت: دار الفكر، ط1، 1990م، ج1/ص7.
[6] - تبنين: بلدة في جبال بني عامر المطلة على بلد بانياس بين دمشق وصور. [معجم
البلدان: ياقوت الحموي، بيروت، دار الكتب العلمية ، ج2/ص16].
[7] - هنا يذكرنا ابن جبير باستنكاره هذا على المسلمين بقبولهم للمستعمر المحتل والتعامل معه، ولقد كان ابن جبير رحمه الله من أوائل من يرفضون ما نستطيع أن نقول عنه بلغة اليوم (التطبيع)، وهو ما حذرنا منه معظم المفكرين والسياسيين، وعلى رأسهم المفكر الإسلامي الجزائري مالك بن نبي، في كتابه (سيكولوجية الاستعمار)، حيث نبه إلى نظرية خطيرة مفادها "قابلية الشعوب للاستعمار".
[8] - انظر كتاب: (مستقبل إسرائيل بين الاستئصال والتذويب) تأليف "كمال محمد الأسطل" القاهرة ، دار الموقف العربي ، 1980م ،ج2/ص151-152.
[9] - راجع مقدمة الدكتور"العسلي" (تاريخ الحملة إلى القدس).
[10] - انظر (موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية)، مج6/ص131-132، د. عبد الوهاب المسيري، القاهرة: دار الشروق،1998م.
[11] - نفس المرجع السابق ، ص132.
[12] - انظر: مقدمة
كتاب "فوشيه الشارتري" (تاريخ الحملة إلى القدس) ترجمة: د.
زياد العسلي، ص5.
[13] - انظر بهذا الصدد "المسيري" ، (الموسوعة) ج6/ص124،
وراجع مقدمة زياد العسلي، ص9.
[14] - انظر: (الحركة الصَّليبية صفحة مشرقة من
تاريخ الجهاد الإسلامي في العصور الوسطى) د. سعيد عبد الفتاح عاشور، ج1/ص19-22،
بتصرف، ط5، القاهرة: مكتبة الأنجلو المصرية، 1993م.
[15] - انظر مقدمة كتاب د. زياد العسلي ( تاريخ الحملة إلى القدس ) ص13-14.
[16] - بصدد التعرف على تاريخ جهاد المسلمين للحملات الصلبيبية انظر كتاب (
الجهاد الإسلامي ضد الصَّليبيين في العهد الأيوبي ) للدكتور: "فايد حماد محمد
عاشور" ، القاهرة - دار الاعتصام ،
ط1، 1977م.
[17] - انظر( رؤية إسرائيلية للحروب الصليبية) د.قاسم عبده قاسم ،
القاهرة : دار الموقف العربي، 1983، ص199-200 .
[18] - انظر" مقالة محمد عيسى
صالحية " (مجلة العربي) ع498، مايو 2000م، محرم 1421هــ، ص115-117 بتصرف
[20] - انظر (أبحاث الصراع لدى إسرائيل) ص226.
[21] - التحرير: الأصح أن يطلق عيهم مصطلح اليهود أو الصهاينة ، يراجع كتاب " مصطلحات يهودية احذروها " وهو أحد إصدارات مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية.
العدد الأول – مجلة بيت المقدس للدراسات
.