فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول

العمل من أجل الأقصى .

     المسجد الأقصى وبيت المقدس أمانة تسلمتها أمة الإسلام منذ أسري برسولها صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى . ولقد حفظ المسلمون هذه الأمانة في عهودهم المتوالية ، حتى جاء عصرنا فضاع بيت المقدس ، وقدر لجيلنا أن يشهد أخطر مؤامرة يتعرض لها في تاريخ الإسلام على أيدي اليهود والذين هم أشد أعداء أمة الإسلام حقداً وحسداً وضراوة .. ولهذا فإن قضية الأقصى من أهم قضايا الأمة التي ينبغي أن تولي لها الأمة الإسلامية أقصى اهتمامها ، لأنها قضية كل مسلم يؤمن بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً .

 

        فالأمة الإسلامية في أعناق أفرادها أمانة عظيمة ، وواجب شرعي يتمثل في وجوب العمل على إعادة المسجد لدائرة الإسلام والمسلمين أصحابه الشرعيين ،  ويتعاظم ذلك الواجب والمسئوليات لنصرة المسجد الأقصى مع تعاظم المخططات والهجمة على أرض الأقصى وما يحاك للمسجد الأقصى المبارك ، ولهذا فمن واجبنا نحو المسجد الأقصى :

 

تحرير المسجد الأقصى:

     من أوجب الواجبات هو الجهاد لاستعادة المسجد الأقصى إلى دائرة المسلمين ، وهو أقصر الطرق لاسترداده ، ولا بد من التهيئة وإعداد العدة فصراعنا بين حق وباطل وما أخذ المسجد الأقصى إلا بضعف المسلمين وقوة سلاح وإمكانات أعدائهم  ، وحين تعد العدة وتهيء الأمة وتقوى شوكة المسلمين ، ينبغي أن نسعى لإعداد القوة لتحقيق قوة السلاح وقوة العلم والرأي الصحيح.

    الأمة التي تريد أن تحيا كريمة ، والتي تريد أن يكون لها أثراً في مجريات التاريخ لا بد أن تبدأ بداية صحيحة ولو كان الطريق طويلاً .

   فإعداد العدة يجب أن لا يغيب عنا لحظة واحدة وأن لا نركن إلى الدنيا ، ولا يهدأ لنا بال ومقدساتنا بيد أعداءنا وأعداء ديننا ورسولنا .

     ولا بد من تجميع أمة الإسلام ، ولن يوحد هذه الأمة إلا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وتحقيق التوحيد لله  حتى يشعر كل مسلم أنه مرتبط بهذه القضية ، فالمسجد الأقصى جزء من عقيدة المسلم وله مكانة مهمة في نفوس المسلمين ، فالواجب توحيد الأمة ، وما دام اليهود متمسكين بدينهم الباطل وعدائهم ومحاربتهم المسلمين واحتلال مقدساتهم ، فهم أمة قد غضب الله عليها ويجب حربهم ومقاوتهم ما ظلوا على مسلكهم في حرب الإسلام والمسلمين ، فإن بغضهم دين يجب على المسلم أن يدين الله به فلهذا من الواجب توحيد الأمة للقضاء على علو اليهود في الأرض ، وتحرير المسجد الأقصى المبارك وأرض المسلمين من بطش اليهود وأعوانهم .

 

المحافظة على المسجد الأقصى :

القدس وأرض فلسطين ملكاً للمسلمين جميعاً ، ولا نرضى ونتبرأ من الحلول التي يضيع بها المسجد الأقصى ومن الوثائق والمعاهدات والاتفاقات التي تمنح اليهود الوصاية على مقدساتنا وأرض المسلمين فمن الخير لنا نحن المسلمين أن تبقى أرض الأقصى والقدس معلقة هكذا في ظل الاحتلال الحاقد على أن يتم الاتفاق وتعطى العقود والمواثيق بإعطاء القدس لليهود لتكون عاصمتهم الأبدية بمعاهدات واتفاقيات تلحق بنا العار فوق العار الذي نحن فيه .

 

المسجد الأقصى قضية إسلامية :

   سعى أعداء الأمة الإسلامية إلى إبعاد الإسلام عن قضية احتلال أرض الأقصى وبيت المقدس ونجحوا في ذلك فعلاً ، حتى ضاقت قضية الاحتلال لتصبح قضية الفلسطينين فقط،    فلا بد من  قضية الأقصى ولا بد من حث المسلمين وتذكيرهم لاستشعار مسئولية الدفاع عن المسجد الأقصى ليبقى المسجد الأقصى وتحريره حياً في قلوبنا ونفوسنا ونفوس أبناءنا وأجيالنا ، فهو مسئولية كل مسلم رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد – صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً.

 

دعاء الله سبحانه :

   سلاح لا تملكه الامم الأخرى ، ولكن تملكه أمة الإسلام فإنه أخطر سلاح على الأرض، حين ترفع أكف الضراعة إلى الله عز وجل بنفوس خاضعة وقلوب موحدة ومتذللة لله سبحانه وتعالى ، قال تعالى : ( أدعوني أستجب لكم ) وقال سبحانه ( وترجون من الله ما لا يرجون ) ، وقال صلى الله عليه وسلم : " إن ربكم تبارك وتعالى حييٌ كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفراً " أخرجه أبو داوود والترمذي وابن ماجة .

     فندعو الله سبحانه أن يحمي المسجد الأقصى من كيد اليهود وأن يرزقنا صلاة فيه ، وأن يهيء السبل والطرق القويمة لهذه الأمة لتحرير فلسطين ، وأن يجمع الأمة ويقيم لها رجالاً للدفاع عنها ، فعندما نلتجأ إلى الله ونقيم شرعه وتعاليمه وحدوده ونكون ربانين فإن الله سبحانه قادر أن يسخر لهذه الأمة رجالاً مخلصين يقودون الأمة إلى الطريق الصحيح ، كما قاد الأمة بالسابق القائد صلاح الدين رحمه الله ودافع عن مقدساتنا وحرر أرض المسلمين من كيد النصارى .

 

إعانة إخواننا المرابطين :

   فإعانتهم واجب علينا جميعاً ودفع الأذى عنهم نصرة واجبة على المسلمين ، ومساندتهم وتوفير فرص العيش لتمكينهم في رباطهم على تلك الأرض المقدسة ، وكفالة أيتامهم وأراملهم والمساكين منهم وكفالة طالب العلم وحلقات التحفيظ والمراكز الإسلامية وإقامة المشاريع الإنتاجية لتوفير فرص العمل ، فسبل الخير كثيرة ووفيرة ولا يسع المجال لذكرها والتي بحاجة إليها إخواننا هناك في الأرض التي بارك الله فيها للعالمين .

 

نشر العلم في المسجد الأقصى وأرض الإسراء :

   إن نشر العلم الشرعي في رحاب المسجد الأقصى وما حوله المستند إلى الكتاب والسنة لترسيخ عقيدة أهل السنة والجماعة في بيت المقدس ، ولإحياء سنة سيد المرسلين محمد – صلى الله عليه وسلم – من دعم للحلقات والكتاب الإسلامي والشريط الإسلامي وطباعة الكتيبات والنشرات وذلك لمواجهة ممارسات اليهود في التجهيل وطمس الهوية الإسلامية ، وهذا من نصرة إخواننا هناك ، وتضعيف الفرق الباطلة في الدعوة بطرقهم المخالفة .

 

استغلال الطاقات وتسخيرها لنصرة الأقصى :  

   تتعاظم المسئوليات لنصرة المسجد الأقصى مع تعاظم المخططات والهجمة على أرض الأقصى وما يحاك للمسجد الأقصى المبارك . فالنصرة بالكلمة  … والنصرة بالقلم … والنصرة بالمال … والنصرة بالوقوف مع المرابطين في أرض الأقصى … والمعرض والكتاب … والصورة والمقال … والشعر والتذكير … والتنبيه ورد الشبهات … والبحث والدراسات … والأشرطة …. وكذلك الإنترنت والوسائل الإعلامية الكثيرة والوفيرة بأيدي المسلمين والتي إن استغلوها لكان لها الأثر البالغ والكثير الكثير ليعود الأقصى إلى الذاكرة ووجدان الأمة الإسلامية .

 

التزود بالعلم لرد الشبهات والمزاعم :

   تكثر مزاعم اليهود وشبهاتهم في أحقيتهم بالمسجد الأقصى وأنها حق تاريخي ثابت وما وجودهم إلا بالمطالبة بذلك الحق وأنهم أتباع أنبيائهم إبراهيم ويعقوب ، وشبه كثيرة وقد صدق الكثيرون هذه المزاعم والادعاءات والأوهام والإسرائيليات .

   فالواجب علينا نحن المسلمين أن التزود بالعلم للرد على الشبهات فليس دائماً تكون الحرب بالسيف والسلاح بل حرب الفكر خطيرة فالكل مطالب بجهد مضاد نفقه فيه الحقائق ونفقه فيه ديننا ، ولذلك عرفنا الله باليهود  في كتابه الكريم وبشبهاتهم وكيفية الرد عليها حتى لا نهون في مجالس الصراع وحتى لا نذل في مواجهتنا لهم والحق مع أمة الحق الأمة الفاضلة الأمة الخيار فالتزود بالعلم والمعرفة والاطلاع والثقافة لنفند تلك الادعاءات ، ونزيل الغشاوة من عيون الغربيين والشرقيين ، ونقدم لهم الحقيقة بينة واضحة .

 

إعمار المسجد الأقصى :

   بالصلاة فيه وشد الرحال إليه وبحلقات العلم وتحفيظ القرآن والاعتكاف والإكثار من زيارته لأهل الداخل وإعادة الحركة العلمية إليه والأنشطة والدورات الدعوية ، وكذلك الإعمار الإنشائي من ترميم وتصليح في داخل حدود المسجد الأقصى المبارك ، ليكون هذا الإعمار وهذا التعلق بالمسجد الأقصى رادعاً لليهود من التفكير في هدمه ، وأن عواقب الإعتداء عليه ستكون وخيمة على اليهود .

 

نشر الحقائق القرآنية والأحاديث النبوية في مستقبل القدس وما تعلق بها من أخبار المستقبل :

يجب علينا أن نوقن بأن الأيام دول ، وأن ما أصابنا بفلسطين والمسجد الأقصى من الممكن تداركه ، متى تحلينا بالإيمان وصدق النية والتصميم على إستعادة أرضنا المقدسة 

وأن إحتلال اليهود للمسجد الأقصى ليس نهاية المطاف فكم سقطت أراضى للمسلمين في أيدي المعتدين ثم إستطاع المسلمين بفضل الله ومعونته إستردادها منهم . 

روى مسلم : " لا تزال طائفة من أمتي تقاتل على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال : فينـزل عيسى ابن مريم – صلى الله عليه وسلم – فيقول أميرهم : تعال صل لنا ، فيقول : لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله هذه الأمة )

وأخرج أحمد في المسند وصححه الحاكم ووافقه الذهبي : "  لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال وأومأ بيده إلى الشام " .

أخرج البخاري في صحيحه : " لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود ، وحتى يقول الحجر ورائه يهودي : يا مسلم : هذا يهودي ورائي فاقتله " .

   إن بيننا وبين اليهود حرب طويلة ، بدأت منذ بعثة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وسوف تستمر حتى خروج الدجال ونزول عيسى عليه السلام ، والقضاء على آخر يهودي بعد ذلك هذه المعركة الطويلة لها جولات وجولات ، ومن أشد وأعنت وأقسى جولات هذه المعركة ، هي هذه الجولة التي نعيش فيها في هذا الزمان ، والتي تحققت فيها غلبة اليهود علينا ، وهزيمتهم لنا ، ولكنها جولة تتبعها جولات ، لنا فيه الظفر والغلبة والنصر بإذن الله.

 

    لقد ربط الرسول صلى الله عليه وسلم الأرض المقدسة بأصلها الأصيل وهو الإسلام فهو مستقبلها وبه حياتها ، ولن يتم لها أمر أو يعلو لها شأن إلا من خلال هذا الدين .

      وما ضاع المسجد الأقصى إلا لأننا أولاً فرطنا وضيعنا ولا يرجع المسجد الأقصى المبارك إلا أن نرجع فيما فرطناه ونعود إلى الله رب العالمين ، ليرجع إلينا ما اغتصب من مقدساتنا ، فالعودة إلى الإسلام هو الطريق ( الطريق الشاق ) لإنقاذ فلسطين والمسجد الأقصى ، من أيدي اليهود المغتصبين.

 

ولهذا فإن عودتنا إلى الأقصى يجب أن تسبقها عودة إلى الإسلام

 

.