القدس والأقصى / حقائق مقدسية

نداء من اليهود إلى المسلمين في القدس !!

 

 

 

نداء من اليهود إلى المسلمين في القدس !!

 

عيسى القدومي

 

أضحت المنشورات التي يوزعها الكيان الغاصب على أهالي القدس وباللغة العربية أمراً متكرراً ؛ وفي الآونة الأخيرة وزعت منظمة يهودية تعمل على ما تسميه (مساعدة المقدسيين على الهجرة) منشوراً تدعوهم فيه لقبول اليهود وعدم مجادلتهم والاعتراف بأن تلك الأرض هي موعود الله ليهود اليوم ، وعلى المسلمين والعرب الخروج منها ، وتعرض المساعدة المالية للسفر إلى خارج البلاد. 

وإشارة إلى آخر منشور وزع في عام 2009 وتكرر توزيعه في عام 2010م ، وعنوانه : (نداء إلى جميع المسلمين الساكنين في أرض إسرائيل) !! واستهل المنشور بآية من كتاب الله تعالى: " ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون). وتلته ذكر آيات أخرى من كتاب الله تعالى، ألبسوا فيها الحق الذي أعطي لأنبياء ورسل بني إسرائيل وللصالحين من أتباعهم والذي مضى وانقضى منذ عهد بعيد , وبعدما أخلف اليهود عهودهم مع ربهم, وكفروا بآيات الله ورسل الله, وآخرهم محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم ؛ وبباطل احتلال اليهود  لأرض فلسطين وتدنيس مقدساتها وقتل أهلها . فهل يفسرون آيات قرآنية حسب أهوائهم !!

وختموا منشورهم بقولهم: "بعدما رأيتم الأقوال السماوية، ولأن الدين الإسلامي هو دين أخلاقي, لذلك يجب أن لا تكون لكم معارضة لهذا – ولديكم بلدان واسعة يمكنكم السكن فيها- وتفهمون بأن علينا القيام بالأمر المكتوب في التوراة . ولأنه من غير السهل مغادرة ملايين الناس بدون مساعدات مالية , فإننا نقترح عليكم أن تفاوضوا دولة إسرائيل ( التي تجسد وعود الأنبياء) , على أن تحصلوا على مساعدات اقتصادية للسكن في مكان آخر. وفي (نهاية المنشور) يطلب الحفاظ على قدسية هذه الصفحات!! " .

ونشروا رقم هاتف يمكن عن طريقه الاتصال بالمعنيين بالهجرة للمباشرة بالإجراءات اللازمة، وأفاد مواطنون مقدسيون اتصلوا بالرقم المنشور للتأكد من هوية المنظمة التي تقف خلف البيان، إن المتحدث رفض الكشف عن هوية المنظمة، لكنه أبدى استعداداً لتوفير كافة الإجراءات اللازمة للهجرة والعمل في أي دولة يختارها المعني ، وبعد إصرار المتصلين للحصول على تفاصيل أخرى، دعا ممثل المنظمة إلى لقاء شخصي مع المتصلين لعرض مساعدة المنظمة والإجراءات اللازمة للهجرة وإمكانيات المساعدة.

وتلك المنشورات التي تدعو لـ ( الترانسفير) والتهجير تتزايد يوماً بعد يوم ، وتدخل في إطار سياسة التطهير العرقي في القدس تحت شعار المحافظة على التوازن الديمغرافي ، والاحتلال الصهيوني بمؤسساته داعم لمثل تلك الدعوات التي تقوم بها تلك الجماعات والتي تعمل بتنسيق في كثير من الأحيان مع بلدية القدس وسلطة تطوير القدس.

فالرد على تلك المنشورات لا يكفي فيه الحب في النفوس للمسجد الأقصى المبارك إن لم يقترن مع العلم بمكانة وفضائل المسجد الأقصى الثابتة في الكتاب والسنة ووقائع التاريخ وأحداث السير والمسائل الفقهية المتعلقة بالمسجد الأقصى والبحث والتمحيص المبني على منظومة معرفية متكاملة. وكشف أسرار مقاصد ومُراد هؤلاء المستشرقين واليهود ومؤسساتهم، فعلى الرغم من أن الدراسات الأكاديمية والبحثية خصص في الكيان العبري لها معاهد ومؤسسات ومراكز بحثية إلا أن الجامعات والمعاهد بل والمدارس العربية والإسلامية ما زالت زاهدة في تدريس منهج مخصص حول بيت المقدس وحقوق المسلمين !!

وإذا كان هذا الدليل صالحاً للاستدلال على إعطاء رسل بني إسرائيل وأنبيائهم والصالحين منهم تلك الأرض المباركة, فإنها لا تدل على استحقاق الكفرة من بني إسرائيل لها, لقد كفر فريق من بني إسرائيل بعيسى بن مريم, وكفر الغالبية العظمى من اليهود بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم, والكفار من بني إسرائيل لا يستحقون الإمامة التي حباها الله بها عبده ورسوله إبراهيم عليه السلام, ولا يستحقون الأرض المباركة التي أعطاها له ولذريته, وقد أخبرنا ربنا بأنه جعل خليله إبراهيم إماماً للناس, وأن إبراهيم سأل الله عما ينال ذريته من هذه الإمامة, (قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)[البقرة:124].وهذا النص صريح في أن عهد الله الذي أعطى إبراهيم إمامة الناس لا يشمل الظالمين من ذريته (1) . والغريب أنهم لم يذكروا الآيات التي نصت بأننا نحن المسلمين أحق بإبراهيم وإسحاق ويعقوب والأنبياء من ذريته, والصالحون الذين استقاموا على أمر الله تعالى, ( إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله وليُّ المؤمنين)[آل عمران:68],( ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين)[آل عمران:67] وأمرنا ربنا أن نتبع ملة إبراهيم عليه السلام فقال ( قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين)[آل عمران95] (2)

 وأن تاريخنا يمتد إلى الأخيار من بني إسرائيل من المرسلين والأنبياء والصالحين, بل يمتد إلى كل الرسل والأنبياء الذين أرسلهم رب العباد, فالرسل جميعا على دين واحد هو الإسلام (إن الدين عند الله الإسلام)[آل عمران:19] وقال:( ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين)[آل عمران:85] (3)

وأن بني إسرائيل بعد بعثة عيسى عليه السلام ثم محمد صلى الله عليه وسلم انقطعوا عن الفريق الخيّر من بني إسرائيل, لقد كفر هؤلاء بمحمد صلى الله عليه وسلم, وهم بذلك يكفرون برسلهم وأنبيائهم, ويوم القيامة يعاديهم الأخيار من بني إسرائيل من الرسل والأنبياء والصالحين, ويقذف بهؤلاء في النار, بينما يكون أولئك في جنات النعيم. (4)

فقد أخبرنا الله تبارك وتعالى انه لعن الذين كفروا من اليهود , وأخبرنا أن نبي الله داود ونبيه عيسى بن مريم عليهما السلام لعنوهما؛ قال سبحانه: ( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داوود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون)[ المائدة:78-79]. وقد ذهبت الخيرية من بني إسرائيل, وأحل الله بهم غضبة فهو لا يفارقهم (5)

ومن أحق بأرض فلسطين اليهود أم المسلمون في قوله تعالى: "ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون" الأنبياء/105. وهل يهود اليوم هم عباد الله الصالحون؟!

وقد أعلمنا الله تبارك وتعالى أنه أخذ العهد على جميع الأنبياء والمرسلين أن يتبعوا محمداً إذا بعث في عصر أيٍّ منهم , فقال تعالى:( وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به و لتنصرنه قال ءآقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين)[آل عمران:81] قال ابن كثير بعد سياقه هذه الآية: "يخبر تعالى أنه أخذ ميثاق كل نبي بعثه الله من لدن آدم عليه السلام, مهما آتى الله أحدهم من كتاب وحكمة, وبلغ أي مبلغ, ثم جاءه رسول من بعده, ليؤمنن به ولينصرنه, ولا يمنعه ما هو فيه من العلم والنبوة من إتباع من بعث بعده ونصرته"[ تفسير ابن كثير:1/424] (6)

 


1 - وليتبروا ما علوا تتبيراً ، د.عمر الأشقر ؛ ص138 .

2 - وليتبروا ما علوا تتبيراً ، د.عمر الأشقر ؛ ص 87.

3 - وليتبروا ما علوا تتبيراً ، د.عمر الأشقر ؛ ص 87.

4 - وليتبروا ما علوا تتبيراً ، د.عمر الأشقر ؛ ص 87.

5 - وليتبروا ما علوا تتبيراً ، د.عمر الأشقر ؛ ص109. 

6 - وليتبروا ما علوا تتبيراً ، د.عمر الأشقر ؛ ص140 .

 

.