فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول

غزة التي يخْشَوْنَها

مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية- غزة

          غزة.. تلك البقعة الجغرافية الصغيرة من الأرض، والتي تمثل ما مساحته 1.3 % من مساحة فلسطين التاريخية، تشكل اليوم الموت الزؤام للعدو الصهيوني بفضل الله عزَّ وجل، ثم بفضل مجاهديها الذين أعدُّوا العدَّة، وتحمَّلوا الصعاب لملاقاة أعداء الله اليهود.

غزة المحاصرة النازفة التي تآمر عليها القريب والبعيد، والتي مرَّت بحصار ظالمٍ مطبقٍ، اليومَ تنفض الغبار عن جسدها، ولا تبالي بِمَنْ خذلها، وتُصَنِّع سلاحها لوحدها.

ولعل أبرز ما يميز تلك المواجهة الدائرة بين المجاهدين وأعداء الله اليهود هو تلك الصواريخ بعيدة المدى (محلِّية الصنع) التي يطلقها المجاهدون على بلادنا المغتصبة والتي غطَّت معظم المدن الصهيونية من الشمال إلى الجنوب، وبالتالي لا مِنَّة ولا فضل لأحد، والشكر لله أوَّلًا وآخرًا.

          مجاهدو غزة قذف الله بهم الرعب في قلوب يهود، وأصبح المُحَاصَرُ يحَاصِرُ عدُوَّه؛ فأصبحنا نرى على شاشات التلفزة الإسرائيلية (إسرائيل مشلولة)، (إسرائيل تحت نيران غزة)، (5 مليون إسرائيلي في الملاجئ وفي الغرف المحصَّنة). وفي عناوين صحفهم العبرية البارزة كتبوا: ( أفشل الحروب)، (طبول الحرب الفارغة)، (الضربة ليست حاسمة)، (درب الهروب)، (دولة تحت النار)، (صيف مشتعل).

          غزة التي تمنَّى إسحق رابين – قديما- أن يستيقظ فيجد البحر قد ابتلع غزة!، هي غزة التي مرَّغت أنف (أولمرت) في التراب، وحطَّمت أمجاد (شاؤول موفاز) العسكرية، واغتالت (إيهود باراك) سياسيَّا عقب الحرب الثانية على غزة.

هي نفسها غزة التي جعلت نتنياهو يأتي صاغرًا ذليلًا يستجدي وساطة لوقف إطلاق النار، وبحسب قادة المقاومة فإن الاتصالات تتقاطر تقاطرًا للتوسط، ولكن المجاهدين تركوا الكلام لصواريخهم وبنادقهم على ما يبدو.

وهي التي يخشاها وزير الجيش الحالي (موشيه يعلون) الذي صرَّح بأنه يخشى أن تنفذ حماس هجوما بريًّا وجويًّا وبحريًّا على إسرائيل!! في الوقت الذي يقف فيه جنوده على تخوم غزة بعشرات الآلاف لا يستطيعون التقدم نحو غزة ولو شبرًا واحدًا، ويحسبون ألف حساب قبل الغوص في وحل غزة.

وهذا ما دفع المحللين الصهاينة للقول بأن ما قامت به غزة في أيام معدودة لم تقدر عليه سبعة جيوش عربية بأسلحتها الجويَّة والمدفعيَّة والمدرَّعات خلال خمسة حروب مضت.

           رجال غزة ينتظرون العدو كانتظار الأسد لفريسته، ولا أجد أبلغ مما قاله الناطق بلسان كتائب القسام: "يتوعدنا يعلون بالحرب البرّية،وله نقول:

أتتوعدنا بماننتظر يا ابن اليهودية؟ أما والذي رفع السماء بلا عمد فإن نواضح غزة تنتظركم تحمل الموت الزؤام، وسيرى العالم جماجم جنودكم يدوسها أطفال غزة بأقدامهم الحافية، وسنجعل منها فرصة الأمل المنشود لأسرانا وفجر الحرية القريب".

بل إن أبطال غزة لم ينتظروا العدو أن يقدم إليهم، فركبوا البحر وقطعوا آلاف الأمتار غوصًا في البحر، واقتحموا قاعدة زيكيم العسكرية- الواقعة على شواطئ عسقلان، والبعيدة عن غزة 3كم تقريبًا- مرَّتين خلال يومين، وأثخنوا في العدو، وشكَّلوا له ضربة استخباراتية، واستراتيجية قوية!، مما دفع جيش الاحتلال ليُصَرِّح بأنه يقاتل أشباحًا؛ يخرجون إلينا يقتلون منًّا، ويختبئون، ولم نرَ جثثهم!.

في غزة  الطائرات الصهيونية استخدمت منذ بداية العدوان على غزة (2000) طُنٍّ من المتفجرات للقصف على(1100)موقع في غزة بمعدل غارة كل 4.5 دقيقة، وذلك حسبما أوردت صحيفة هآرتس العبرية، ولا زالت غزة صامدة رافعة رأسها شامخة.

لكل هذا ستنتصر غزة بإذن الله تعالى؛ لأن فيها رجالًا صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وقادم الأيام سيثبت ذلك.

.