فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار

منظمة الصحة العالمية تواصل جهود إعادة بناء الحياة والتأهيل النفسي في غزة

أكدت مأساوية الوضع

 

الأحد 21 من جمادى الثانية1430هـ 14-6-2009م

 

مفكرة الإسلام: قالت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها إن خبراء الصحة ومقدمو الرعاية الآخرون يساعدون على إعادة بناء الحياة عند 1.5 مليون إنسان في قطاع غزّة يعاني العديد منهم من إجهادٍ عظيم وإصاباتٍ وأسى على فقد أحبائهم ومنازلهم بعد آخر عنف حصل هذا العام، ولكن المهمة شاقّة.

وعملت منظمة الصحة العالمية مع وزارة الصحة الفلسطينية والمنظمات المجتمعية المرتكز منذ 2002 لتحسين خدمات الصحة النفسية في قطاع غزّة والضفة الغربية. ويُظهِر تقييمٌ حديثٌ لمنظمة الصحة العالمية العواقب النفسية التي يمكن أن يواجهها الأطفال والمراهقون "كمجموعة معرضة بصورة خاصة لعوامل الخطر" خلال وبعد الأزمات.

عشرات الآلاف من الناس كانوا مهجّرين، وأصبحت أماكن لعب الأطفال مكاناً لأنقاض الخرسانة والحطام. وكان بعض الأطفال والكبار عاجزين بصورة نهائية.

تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أنه بين 70% و75% من السكان يتطور لديهم تفاعل ما بعد الإحباط بشدة تتراوح بين المعتدلة إلى المتوسطة بعد الأزمة واسعة النطاق مثل تلك التي حصلت في غزّة، بيد أنها تقدِّر أن 5% إلى 10% من الناس في غزّة قد يلزمهم دعم من أخصائي الصحة النفسية للتصدّي لغير ذلك من المشكلات الطويلة الأمد مثل الاكتئاب والإحباط والقلق ونوبات الرعب.

نحو 1300 شخص ماتوا وأكثر من 5000 أصيبوا في الهجوم العسكري الإسرائيلي في ساحل القطاع. وشكّل الأطفال نحو ثلث هذه الأرقام. قالت إسرائيل أن الهجمات كانت ضرورية لمنع مجاهدي حماس الذين يحكمون غزّة من إطلاق الصواريخ على جنوب إسرائيل. وقال الكثيرون في غزّة أنهم تأثروا بشدة من جرّاء الهجوم. قال أبو حين الذي يرأس مركز تدريب المجتمع وإدارة الأزمات في مدينة غزّة "لا يوجد مكانٌ آمنٌ في غزّة".

قالت ألماظة السمّوري وعمرها 12 سنة "عندما ترى أسرتك تُقتل أمامك، ولا تكون قادراً على إنقاذهم فإنها صدمة كبيرة" وقد رسمت هي ورفاقها في الصف صوراً خلال جلسة العلاج في مدرسة عين جالوت الإسلامية للفتيات في مدينة غزّة.

قالت السمّوري عن الضربة الجوية الذي قتلت أمها وأربعة من إخوتها والعديد من أقاربها "وجدتهم مكوّمين فوق بعضهم. بعضهم كان ميتاً والآخرون ماتوا بعد ذلك بقليل لأننا لم نتمكّن من إحضار الإسعاف،". "لقد كانت صدمة كبيرة. لم أتمكن من الحركة أو فعل أي شيء."

وأضافت: " أريد أن أصبح ممرضةً مساعدةً أساسيّةً لأنّ ذلك إذا حصل مرةً ثانيةً فسأكون قادرةً على معالجتهم كي لا يموتوا".

لقد أصبحت حاجة مثل هؤلاء الناجين من الصراعات والكوارث الأخرى للصحة النفسية تحت تسليط الضوء مؤخراً. وتم تبنّي دلائل إرشادية جديدة في سبتمبر الماضي من قبل منظمة الصحة العالمية بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة وشركائها من المنظمات غير الحكومية لإدخال الصحة النفسية والدعم النفسي كجزء من استجابتهم للطوارئ.

وفي حديث لهذه المجموعات أبرزوا الحاجة للتنسيق بين الوكالات المتعددة التي تقدم مثل هذا الدعم، وهم يقومون بذلك لضمان أن السكان المتأثرين لا يتم "إثقالهم بالدخلاء" وأن المساهمين المحليين في الصحة النفسية والدعم النفسي ليسوا "مهمشين أو مضعفين بسهولة". ولكن الدعم بالرعاية الصحية النفسية المقدم من قبل الوكالات مثل منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) يمكن أن يكون أيضاً حاسماً.

لقد عملت منظمة الصحة العالمية على تطوير خدمات الصحة النفسية مع وزارة الصحة الفلسطينية كي تكون هذه الخدمات على المدى الطويل قادرة على التعامل مع أي نوع من تدخّلات الطوارئ. منظمة الصحة العالمية وشركاؤها يخططون أيضاً لمشاورات لتقييم احتياجات الصحة النفسية الطبية وغيرها.

قال أبو حين مستشار اليونيسيف "لقد كان بدء البرنامج النفسي في غزّة نوعاً ما مثل "الإسعاف الأولي" لإعطاء الناس فرصة التعبير عن مشاعرهم عما عانوا منه. وتشمل المراحل الأخرى من البرنامج والتي تستمر من 6 إلى 12 شهراً تقنيات للتصدي للاكتئاب والقلق وعوامل العنف.

أضاف الدكتور أحمد أبو الطواحين الذي يدير برنامج الصحة النفسية المجتمعية في غزّة بأن الاستشارة الهاتفية المجانية تعمل 12 ساعة باليوم لمساعدة أولئك الذين يعانون من الأسى والإحباط، والتي كانت هامة جداً في الآثار المباشرة للصراع. قال خالد محمد عبد ربه وعمره 30 سنة أنه احتاج لهذا الدعم بعد أن قصفت الطائرات الإسرائيلية منزله وقتل جندي اثنين من أطفاله أمام عينيه.

قال الرجل الذي هدّه الحزن وهو يستغرب تحطيم منزله في عزبة عبد ربه في وقت آخر من هذا العام "لقد كنا في صدمة عنيفة. كانت معدة أمل التي تبلغ سنتين من العمر فجأة خارج جسمها. وماتت بعد 10 دقائق. أصاب الرصاص صدر سعاد التي تبلغ 7 سنوات من العمر وماتت مباشرة. وأصيبت سمر التي تبلغ 4 سنوات من العمر بثلاثة رصاصات في الصدر وكانت جروحها خطيرة."

شريك آخر، وهو "الرؤية العالمية" المنظمة الدولية الإنسانية غير الربحية الأكبر، يقدم أيضاً خدمات الرعاية الصحية النفسية. قال الناطق باسم الرؤية العالمية أشلسي كليمنتز في القدس "المشكلات الانفعالية التي يواجهها الأطفال لا تنتج فقط من ثلاثة أسابيع من الصراع العنيف ولكن مما قبل ذلك، سنة ونصف من الرزوح الشديد تحت الحصار، "لقد كانوا غير قادرين على الخروج وليس لديهم ما لدى الكثير منا مما يتعلق بالطفولة الطبيعية."

وقال كليمنتز "كان الوضع سيئاً قبل الصراع الأخير، ولكنه الآن تفاقم إلى حد كبير."

قال موظفو منظمة الصحة العالمية مثل راجيا أبو سواي وهي ضابط الاتصال الوطني للصحة النفسية في منظمة الصحة العالمية أنه رغم أن الوضع في الضفة الغربية ليس هشاً بما يتعلق بالصحة النفسية بقدر ما هو في غزّة إلا أن الفلسطينيين هناك ما يزالون يعانون من "نوبات الذعر والقلق والاكتئاب" التي نتجت عن إجهاد الحياة تحت الاحتلال. قالت أبو سواي "يؤثر الإذلال اليومي في نقاط العبور، وتحديد الحركة، وبناء الجدار الذي يحيط بالضفة الغربية ويعزل القدس، والشعور باليأس وبعدم وجود مستقبل بين الأجيال الشابة على الصحة النفسية للشعب الفلسطيني."

قال معاون وزير الصحة الفلسطيني، الدكتور عنان المصري، إنّ محاولة الحصول على المساعدة اللازمة للفلسطينيين هي تحدٍّ. وقال إنّ هناك نقصٌ في التنسيق الصحي بين الضفة الغربية وقطاع غزّة بسبب خلل العلاقات بين السلطة الفلسطينية التي يديرها محمود عباس في رام الله وحماس التي تدير غزة.

قالت ماريكسي ميركادو الناطقة باسم اليونيسيف في القدس: "عاش أطفال غزّة كلهم ثلاثة أسابيع من الإجهاد وانعدام الأمن غير العادي. سيحتاجون للمساعدة لوقت طويل في المستقبل."

 

.