فتاوى فلسطينية / الجهاد في سبيل الله

حكم الجهاد في سبيل الله / للشيخ محمد ناصر دين الألباني رحمه الله

السؤال: هُناكَ كثيرٌ مِنَ الشبابِ المُسلِمِ المُستقيمِ _ يَعنِي وهو المُلتزمُ _ يَسأَلُ عَمَّا تَرَوْنَ في الجِهَادِ؛ كَثيرٌ منهم مُتحمسونَ للجهادِ فَهُمْ في حَيْرَةٍ مِمَّا يَسْمَعونَ مِنْ آراءٍ مُتضارِبةٍ حَوْلَ عَدَمِ وجوبِ أو فَرْضِيَةِ الجِهَادِ بِشَكْلِ أفرادٍ، أو بِشَكْلِ مَجْموعاتٍ إسلاميَّةٍ، إلاَّ إذا تَحَقَقَ سُلْطانٌ مُسْلِمٌ يَحْكمُ فيهِمِ بِشَرْعِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ، أو يُقيمُ شَرْعَ اللهِ بِدَوْلَةٍ إسلاميَّةٍ، فَبَعْضُهُم كذلكَ يُعْتَدُّ برأيِهم عِنْدَ كَثيرٍ مِنَ الناسِ وأنتُم تَعْرِفونَ أمثالَ هَؤلاءِ.

كذلكَ مِنْ إخوانِنِا مِنْ أهْلِ السَلَفِ مَنْ يَخَتَلفونَ مَعَ بَعْضِ إخوانِهم وأساتِذَتِهِم السلفيينَ في هذا الموضوعِ، فَهُنا العكْسُ، يَجوزُ الجِهَاد لِمَنْ تَوافَرتْ لَهُ القُدْرَةُ دونَ أنْ يَكونَ هُناكَ عَوائِقُ للوالدينِ أو التزاماتٌ ... إلَى آخرِهِ؛ فَهُمْ في حَيْرَةٍ ويَطْلُبونَ رأيَكُم فِي هذا الأمْرِ؛ لأَنَّهمْ يُحِبونَكُم في اللهِ ويَسْتأنِسونَ بِرأيِكُم؟ ([1])

الإجابةُ: بالنِسْبةِ للجِهادِ يا أخي في هذا الزمانِ وقَبْلَ هذا الزَمانِ فَهُوَ فَرْضُ عَيْنٍ؛ لأََنَّ المُشْكِلةَ الآنَ لَيْسَتْ هِيَ مُشْكِلَةُ البوسنةِ والهِرْسِكِ، التِي أثارتْ مِنْ جَديدٍ عَواطِفَ الشبابِ المُسلِم ، فَهُنا بِجوارنِا اليهودُ قد احتلواْ فَلَسطينَ ولَمْ تَتَحَرَكْ أيُّ دَوْلَةٍ مِنَ الدولِ الإسلاميَّةِ لِتَقومَ بواجِبِ مُجاهَدَتِهِم وإخراجِهِم، ورَمْيِهِم في البَحْرِ كَما كانَ يَقولُ بَعْضُ أو أَحَدُ رؤساءِ إحدى الدولِ العَرَبيةِ.

المقْصودُ أنَّ الجِهَادَ هُوَ فَرْضُ عَيْنٍ؛ لأَنَّ كَثيرًا مِنَ البِلادِ الإسلاميَّةِ قَدِ احُتُلَّتْ قَديِمًا وحَديثًا مِنْ بَعْضِ الكُفَّارِ، ومِثْلُ هذا الاحتلالِ لا يَخْفَى عَلى فَرْدٍ مِنْ أفرادِ المُسلِمينَ يَهْتَمُّ بِشؤونِ المُسلمينَ، فَضْلاً عَنِ الجَماعاتِ الإسلاميَّةِ،   أو الأحزابِ الإسلاميَّةِ، أو الدولِ الإسلاميَّةِ.

ولَكِنَّ الجِهَادَ لَهُ أركانُهُ ولَهُ شُروطُه، فَنَحْنُ نَعْتِقِدُ مَعْشَرَ المُسلِمينَ جَميعًا: أنَّ الجِهَادَ الواجبَ، هُوَ إنَّما يَجِبُ على المُسلِمينَ الذينَ يَتَعاونونَ جَميعًا عَلى القيامِ بِمَا فَرَضَ اللهَ عَزَّ وجَلَّ عَلَيهِم مِنْ جِهادِ الكُفَّارِ، وإخراجِهِم مِنَ البلادِ الإسلاميَّةِ التِي احْتَلُّوها.

ولَسْنا بِحاجَةٍ الآنَ لِنَسوقَ الأدلَّةَ مِنَ الكِتابِ والسُّنَّةِ، فَهذهِ مَسألَةٌ لا خِلافَ فيها بَيْنَ العُلَماءِ: ( أنَّ الجِهَادَ فَرْضُ عَيْنٍ إذا ما احْتُلَّ طَرَفٌ مِنَ أطرافِ البِلادِ الإسلاميةِ )، فَكَيْفَ والمُحْتَلُّ منها أطرافٌ كثيرةٌ جِدًا .؟!

ولكنْ _ معَ الأسَفِ _ أُريدُ أنْ أقولَ إنَّ هذا الجِهَادَ الذي هُوَ فَرْضٌ وفَرْضُ عَيْنٍ لا يَستطيعُ الأفرادُ _ كمَا جَاءَ في السؤالِ _ أنْ يَقوموا بِهِ ، بَلْ ولا بَعضُ الجماعاتِ الإسلاميَّةِ ، أو الأحزابِ الإسلاميَّةِ، لأَنَّ مِثْلَ هذا الجِهَادَ وبِخاصةٍ في زمانِنِا هذا الذي تَعدَّدَتْ فيهِ وَسائلُ القِتَالِ، لا تَستطيعُ هذهِ الأحزابُ أو هذهِ الجماعاتُ فَضْلاً عَنِ الأفرادِ، أنْ يَقوموا بِهذا الواجِبِ العَيْنيِّ، وإنَّما هذا الواجِبُ عَلى الدولِ، والدولُ الإسلاميَّةُ التِي تَمْلِكُ مِنَ العَتادِ ، والقُوَةِ ، ووسائلِ الحَرْبِ الحديثةِ ما لَوْ أنَّها اجْتَمَعَتْ وأخْلَصَتْ لِهذا الجِهَادِ لَقامَتْ باِلواجِبِ العَيْنيِّ ، ولكنْ مَعَ الأسَفِ الشَديدِ هَذهِ الدولُ لا تُحَرِكُ ساكنًا، لِتَقومَ بواجِبِ هَذا الجِهَادِ ، وقد تَكِلُ أمْرَ هَذا الجِهَاد إِلَى بَعْضِ الجماعاتِ والأحزابِ، وهِيَ لا تَستطيعُ أنْ تَفْعَلَ شَيئًا لإيقافِ اعْتِداءِ الكافِرِ المُعْتَدي عَلى بَعْضِ البلادِ الإسلاميَّةِ، والواقِعُ يَشْهَدُ أنَّ أيَّ جَماعَةٍ مُسْلِمَةٍ تَقومُ إمَّا بِمُقاتَلَةِ المُعْتَدي، كَما وَقَعَ في الأفْغان مَثَلاً؛ أو بِالخُروجِ عَلى الحاكِمِ الذي ظَهَرَ كُفْرُه، كَما وَقَعَ في الجزائرِ مَثلاً.

فَهذا الواقِعُ المؤسِفُ يَدُلُّ عَلى أنَّ الجِهَادَ الفَرديَّ أو الحِزْبِيِّ لا يُثْمِرُ الثَّمَرَةَ المَرْجُوَّةَ مِنْ فَريضَةِ الجِهَادِ؛ الثمرةُ هذهِ هي: أنْ تَكونَ كَلِمَةُ اللهِ هِيَ العُلْيا.

فإذًا نَحْنُ نَعْتَقِدُ أنَّ الجِهَادَ لا يُمْكِنُ إلاَّ أنْ يَكونَ تَحْتَ رايَةٍ إسلاميَّةٍ أولاً، وتَحْتَ جَماعَةٍ مُسْلِمَةٍ مُتكَتِّلةٍ مِنْ مُخْتلفِ البلادِ الإسلاميَّةِ، ولَيْسَ مِنْ بَلَدٍ واحدٍ، أو إقليمٍ واحدٍ.

يُضافُ إِلَى ذَلكَ أنَّه لابُدَّ مِنْ تَقْوى اللهِ عَزَّ وجَلَّ في الابْتِعادِ عمَّا نَهى اللهُ عَنْهُ مِنْ الأمورِ الْمَعروفةِ لَدى الْمُسلِمينَ كافةً عِلْمًا ولَكنَّها بَعيدةٌ عَنِ تَطبيقِها مَعَ الأسَفِ عَمَليًّا.

وقَدْ ذَكَرْنا _ وأخْتَصرُ الكلامَ أيضًا ما اسْتَطَعتُ _ أكثرَ مِنْ مَرةٍ أنَّ ما حَلَّ في المُسلِمينَ اليومَ مِنْ هذا الذُلِّ والهوانِ الذي لا يَعْرِفُهُ التاريخُ الإسلاميُّ مُطْلَقًا، إنَّما سَبَبُهُ أنَّ المُسلِمينَ أخَلَّوا بتطبيقِ آيةٍ واحدةٍ على الأقلِّ، ألا وهِيَ قَوْلُهُ تَبارَكَ وتَعالَى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴿٧﴾ [محمد : 7].

ومِمَّا لا شَكَ فيهِ أنَّ نَصْرَ المُسلِمينَ للهِ عَزَّ وجَلَّ، إنَّما يُرادُ بِه نَصْرُ أحْكامِ شَريعَتِهِ، وجَعْلُها حَقيقةً واقعةً، وهَذا _ مَعَ الأسَفِ الشَديدِ _ لَيْسَ مُتَحَقِّقًا في الحُكوماتِ ولا في الأفرادِ.

فالحُكوماتُ أكثرُها لا تَحْكُمُ بِمَا أنْزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ، وَمَنْ كانَ مِنها لا يَزالُ فيها بَقيَّةٌ مِنْ حُكْمٍ بِمَا أنْزَلَ اللهُ، فَلَيْسَ فيها حتَّى الآنَ مَنْ أعْلَنَ الجِهَادَ في سَبيلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.

ولِذَلِكَ فالأفرادُ والشُعوبُ ضَعيفةٌ، ما دامَ أنَّ أيَّ حُكومَةٍ إسلاميَّةٍ لَمْ تَرْفَعْ رايةَ الجِهَادِ في سَبيلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ، المُسْتَلْزِمُ لِمُقاتَلَةِ الذينَ يَلونَهُمْ مِنَ الْكُفَّارِِ، ولَيسَ الذينَ هُمْ بَعيدونَ عَنْهُمْ كُلَّ البُعدِ، فالمُسلِمونَ بِدُولِهِم وبأحزابِهِم وبِجَماعاتِهِم وأفرادِهِم، إذا لَمْ يَقوموا بِجهادِ الكُفَّارِ الذينَ هُم بِجانبِهِم وقريبًا مِنْ دِيارِهِم، فَهُم لَنْ يَستطيعوا أنْ يُجاهِدَوا مَنْ كانَ بَعيدًا عَنهمْ، مِثْلَ مَثَلاً: إرتيريا، والصومال، والبوسنة والْهِرْسِكْ.

لِهذا فَنَحْنُ نُذَكِّرُ الآنَ بأنَّ عَلى الشبابِ المُسلِمِ أفرادًا وجَماعاتٍ وأحزابًا، أنْ يَنْشُروا الوَعْيَ الإسلاميَّ الصحيحَ في الشُعوبِ أولاً، ثُمَّ في الحُكَّامِ ثانيًا، وهو أنْ يَحْكُمَ هَؤلاءِ جَميعًا بِمَا أمَرَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ.

فَعَلَى الحُكَّامِ أنْ يَحْكُموا بِمَا أنْزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ وبِمَا أمَرَ؛ والأفرادُ أيضًا أنْ يَحْكُموا بِمَا أنْزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ وبِمَا أمَرَ.

أنا أشعُرُ اليومَ أنَّ كَثيرًا مِنَ الأفرادِ والجَماعاتِ والأحزابِ يُلْقونَ المسؤولِيَّةَ عَلى الحُكَّامِ فَقَطْ، بَيْنَما في اعتقادي جازِمًا أنَّ المَسؤولِيَّةَ تَقَعُ عَلى هَؤلاءِ الأفرادِ والجَماعاتِ والأحزابِ كما تَقَعُ على الحُكوماتِ.! ذلكَ لأَنَّ الحكوماتِ ما نَبَعَتْ إلاَّ مِنْ أرضِ هَؤلاءِ المُسلِمينَ؛ هَؤلاءِ المُسلِمونَ هُمُ الذينَ خاطَبَهُم الرسولُ صلى الله عليه وسلم بِحديثينِ اثنينِ، أحَدُهُما قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم: ( إذا تَبايَعْتُمْ بالعِينَةِ وأخَذْتُمْ أذنابَ البَقَرِ ورَضيتُمْ بالزَّرْعِ وتَرَكْتُمُ الجِهَادَ سَلَّطَ اللهُ عَليكُمْ ذُلاً لا يَنْزِعُهُ  حَتَّى تَرْجِعوا إِلَى دِينِكُمْ ) ([2])، والحَديثُ الآخَرُ قَوْلُه صلى الله عليه وسلم  : ( يوشك الأُمَمُ أن تداعي عَلَيْكُمُ كَما تَداعَى الأكَلَةُ إِلَى قَصْعَتِها، فقال قائل: ومِنْ قِلَّةٍ نَحنُ يَومَئِذٍ ؟ قالَ:  بَلْ أنْتُمْ يَومَئِذٍ كَثيرٌ، ولَكِنَّكُمْ غُثاءٌ كَغُثاءِ السَيْلِ، ولَيَنْزِعَنَّ اللهُ الرَهْبَةَ مِنْ صُدورِ عَدوِّكُمْ  المهابة منكم ولَيَقْذِفَنَّ الله في قُلوبِكُمُ الوَهْنَ، فقال قائل :  يَا رَسُولَ اللهِ وما الوهن ؟ قال: حُبُّ الدُّنْيا وكراهيةُ المَوتِ) ([3]).

وهذهِ المُخالفاتُ التِي ذَكَرها الرسولُ صلى الله عليه وسلم في هذا الحديثِ، هِيَ الآنَ _ مَعَ الأسَفِ _ في كُلِّ المُجتمعاتِ الإسلاميَّةِ واقِعَةٌ، فَهي مِنَ المَصائبِ الجَلِيَّةِ التِي اسْتَلْزَمَتْ نُزولَ هذا الذُّلِّ في المُسلمينَ حتَّى رَانَ على قُلوبِهم؛ حُكوماتٍ كما قُلنا وجَماعاتٍ وأفرادًا.

الحُكوماتُ التِي لا تَحْكُمُ بِمَا أنْزَلَ اللهُ، ولَئِنْ كانَ فيها مَنْ تَحْكُمُ بِمَا أنْزَلَ اللهُ فأولُ ظاهرةٍ لا تَدُلُّ على أنَّها لا تَحْكُمُ بِمَا أنْزَلَ الله، أنَّها لَمْ تُعْلِنْ الجِهَادَ في سَبيلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ.

وإِذا كانَ هذا الزَمانُ لَيسَ هو الزَمَنُ الذي يَجِبُ فِيهِ الجِهَادُ في سَبيلِ اللهِ عَزَّ وجَلَّ وقدِ احْتُلَّتْ كَثيرٌ مِنْ بلادِنا ، فَمَتى سَيكونُ هذا الْجِهَادُ واجبًا.؟!

لَكِنَّ المُصيبةَ _ وهذه مُشكلةُ المَشاكِلِ _ أنَّهُ لَيْسَ عِنْدَنا مَنْ يَستطيعُ، لماذا.؟! لأنَّنا مُنْغَمِسونَ في المَعاصي، ومُنْغَمِسونَ في الخِلافاتِ الحِزبيَّةِ والدوليَّةِ، ونَحنُ نَعْلَمُ أنَّ مِنْ أَسبابِ الضَعْفِ والهَزيِمةِ أنْ يَخْتَلِفَ المُسلِمونَ بَعْضُهُم مَعَ بَعْضٍ.

وقدْ وَقَعْنا قَريبًا في تَجرُبَةٍ مُؤسِفَةٍ جِدًا ألا وهِيَ الجِهَادُ الأفغانيُّ، حَيثُ أنَّنا كُنَّا نأمَلُ أنْ تَكونَ عاقِبَتُهُ نَصْرًا لِلمُسلمينَ، وبشائرَ قَويةً لِوَضْعِ النواةِ لِدَولةٍ إسلاميَّةٍ. وإذا العاقِبةُ والنتيجةُ تَنْعَكِسُ، بِسَبَبِ أنَّ البَشائِرَ الأولى التِي ظَهَرَتْ مِنَ الانتصارِ عَلَى العَدُوِّ اللدودِ، ألا وهُم الشيوعونَ، قد اضْمَحَلَّتْ حينَما بَدأتْ الفُرْقَةُ بَيْنَ الأحزابِ التِي لَمْ يَمْنَعْهُم إسلامُهم الذي يَدينونَ بِهِ، مِنْ أنْ يَتَفَرَقُوا إِلَى سَبَعَةِ أحزابٍ ورَبُّنا عَزَّ وجَلَّ يقولُ (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿٣١﴾ مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ ﴿٣٢﴾)  [الروم : 31-32 ]؛ إذًا مَنْ أرادَ أنْ يُجاهِدَ فَعَلَيهِ أنْ يَتَخِذَ أسبابَ الْجِهَادِ أولاً، وأسبابَ اكتسابِ النصرِ ثانيًا، وهذا وذَاكَ غَيْرُ مُتَحَقِقٍ مَعَ الأسَفِ في هذا الزَمانِ، واللهُ عَزَّ وجَلَّ يقولُ في الْقُرآنِ الْكَريِم: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ]الرعد 11 [ نَحْنُ نَدعو إِلَى اهتمامِ الأفرادِ والجَماعاتِ والأحزابِ، فَضْلاً عَنِ الحُكوماتِ الإسلاميَّةِ بِنَشْرِ الإسلامِ الصَحيحِ، المُصَفَّى مِنْ كُلِّ دَخيلٍ فيهِ مَعَ مَرِّ الزَمانِ، وتربيةِ المُسلِمينَ عَلى هذا الإسلامِ الصَحيحِ.

يَومَ تَبدأُ هَذهِ البَشائرُ وتَتَجَلَّى في هَذهِ الساحةِ الإسلاميَّةِ الواسِعَةِ، يَومَئِذٍ تَبدأُ بَشائِرُ الاستعدادِ للقيامِ بالفَرْضِ العَيْنيِّ مِنَ الجِهَادِ.

هَؤلاءِ الأفرادُ المُتَحَمِّسونَ الذينَ يَذهبونَ إِلَى كَثيرٍ مِنَ البلادِ المَغْزوَّةِ مِنَ الكُفَّارِ كالبوسْنَةِ والهِرْسِك مَثَلاً، ما هِيَ الأسلِحَةُ التِي مَعَهُم؟ مَنْ هُمُ القوّادُ؟ مَنْ هُمُ الرؤوسُ الذينَ يَستطيعونَ أنْ يُنَظِّموهُم وأنْ يَجعلوهُم يُقاتِلونَ تَحْتَ إمْرَةٍ واحِدَةٍ، وتَحْتَ رايَةٍ واحِدَةٍ؟ لو قامتْ هُناكَ رايةٌ واحدةٌ كَما وَقَعَ في أفغانِستانَ لَكانَتْ الثَمَرَةُ كَما رأينا في أفغانستانَ.

 إذًا قالَ تَعالَى: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴿٦٠﴾ [الأنفال : 60]؛ أينَ هذا الإعْدادُ.؟! ومَنْ الذي يَسْتَطيعُ أنْ يَقومَ بِهذا الإعِدادِ.؟ الأفْرادُ.؟!، لا.! الحُكوماتُ.؟! نَعَمْ .! الحُكوماتُ نَستطيعُ أنْ نَقولَ بِأنَّهُم يَقومونَ بِشَيْءٍ مِنَ الإعْدادِ يأخذونَهُ مِنْ أعدائِهِم.

فَلَوْ أنَّ هُناكَ قتِالاً وجِهادًا قَامَ بَيْنَ المُسلِمينَ وبَيْنَ الكُفَّارِ فهَؤلاءِ المُسلِمونَ سَوَفَ لا يَستطيعونَ أنْ يُتابِعِوا إمدادَ جُيوشِهِم بالأسلِحَةِ اللازِمَةِ لَهُم إلاَّ شِراءً مِنْ أعدائِهِم.

وهَلْ يَكونُ نَصْرٌ وجِهادٌ بِشراءِ الأسلِحَةِ مِنْ أعداءِ المُسلِمينَ.؟! هذا أمرٌ مُستَحيلٌ، لِذلكَ هذا الإعدادُ المأمورُ بِهِ في هَذهِ الآيةِ لَمْ تَقُمْ بِهِ حَتَّى الدولُ الإسلاميَّةُ، لأَنَّ شِراءَ الدولِ الإسلاميَّةِ لأسلِحَةٍ مُدَمِّرةٍ، يَكونُ مِنْ أعدائِهِم ومِنْ خُصومِهِم، وقد يَكونُ هُناكَ بَعْضُ الدَسائِسِ التِي قد تُْفسِدُ عَلَيهِمْ أسلحتَهم إذا مَا أَرادوا استعمالِها ضِدَّ عَدوهِّم الْكافِرِ.

لِهذا قُلْتُ: وأُنْهي كَلامي وجَوابي عَنْ هذا السؤالِ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وجَلَّ حينَما قَالَ:) وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ( ، هَذا الخِطابُ لأصحابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ هُوَ خِطابٌ موجَّهٌ لِعامَةِ المُسلِمينَ بالتالي بِعُمومِ النَّصِّ، ولَكِنَّ هَذا الخِطابَ وُجِّهَ إِلَى الصحابَةِ بَعْدَ أنْ رُبّوا تَرْبِيَةً إسلاميَّةً صَحيحةً حَتَّى تَمَكنوا مِنْ أنَّ يَقوموا بِتَنفيذِ مِثْلِ هَذا الخِطابِ، ألا وَهُوَ إعْدادُ القوةِ المادِيَّةِ بَعدَ أنْ قاموا بِإعدادِ القوةِ المَعْنَويَّةِ بِنفوسِهِم أو في نُفوسِهِم، بِسَبَبِ تَربيةِ نَبِيِّهم صلى الله عليه وسلم إياهُمْ والتاريخُ يُعيدُ نَفسَهُ.

فلابُدَّ مِنْ تَربيةِ شَعْبٍ مِنَ الشُعوبِ الإسلاميَّةِ لِيَتَمَكَنَ هَذا الشَعْبُ مِنَ القيامِ بإعدادِ العُدَّةِ الماديَّةِ، ونَحْنُ اليومَ لا نَجِدُ شَعْبًا قَامَ بِهذا الواجِبِ الذي نُعَبِّرُ نَحْنُ عَنْهُ بِكَلِمَتَينِ: ( التصفية والتربية )، نَجِدُ أفرادًا مُبَعْثَرينَ هُنا وهُناكَ.

أمَّا أنْ تَكونَ هُناكَ جَماعةٌ، وعَلى هذهِ الجَماعَةِ أميرٌ بويِعَ مِنَ المُسلِمينَ كافَّةً، ورَفَعَ رايَةَ الجِهَادِ لمُجاهَدَةِ الأعداءِ، هذا لَمْ يَحْصُلْ بَعْدُ، ولِذَلِكَ فَنَحْنُ نَدعو إِلَى إيِجادِ هذهِ المُقَدِمَةِ للجِهادِ المُقَدَّسِ.

أمَّا الانطلاقُ وَراءَ عواطِفَ لَمْ يَتَحَقَق في أهلها رُبَّمَا الجِهَادُ المَعنويُّ، وهُوَ فَهْمُ الإسلامِ فَهْمًا صَحيحًا وتَطْبيقُهُ تَطْبيقًا جَماعيًّا، وأنْ يَكونَ عَليهِم بَعْدَ ذَلِكَ أميرٌ وَهُوَ الذي يأمُرهُم أنْ يُعِدّوا ما استطاعوا مِنْ سِلاحٍ ومِنْ قُوَّةٍ، فَيَومَ يُوجَدُ مِثْلُ هذا، يَومَئِذٍ يَفْرَحُ المؤمِنونَ بِنَصْرِ اللهِ، واللهُ ينَصُرُ مَنْ يشاءُ؛ هذا ما عِنْدي جَوابًا لِهذا السؤالِ.

السائلُ: ما الفرقُ بَيْنَ أنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم طَلَبَ مِنْ صَفْوانَ السلاحَ، وبَيْنَ شِراءِ السلاحِ الآنَ مِنَ الكُفَّارِ؟ ما هُوَ الفرقُ شيخَنا؟

الشيخُ: الفرقُ كَبيرٌ.! يا أخي هذا سِلاحٌ طَلَبَهُ مِنْ كافِرٍ، أولاً هُوَ فَردٌ، وثانيًا هو مُطمئِنٌ إليه، ثُمَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم حينما طَلَبَ مِنهُ، كانَ هو أقوى مِنهُ.! اليومَ الأمرُ مَعْكوسٌ تَمامًا، فالمُسلِمونَ حُكَّامًا _ فضلاً عَنْ مَنْ هُم دونَهُم _ هُمْ أضْعَفُ مِنْ أعدائِهِم الذينَ يستورِدونَ الأسلِحَةَ منهم، فَشَتانَ ما بَيْنَ هذا وذاكَ.!

السائلُ: هذا الأميرُ ألَيسَ يَجِبُ أنْ يكونَ سُلطانًا، حاكمًا، خَليفةً؟

الشيخُ: نَعَم، يَجِبُ أنْ يكونَ كَذَلِكَ إلاَّ في حالَةٍ واحِدَةٍ: إلاَّ في حالَةِ أنْ يُهاجَمَ المُسلِمونَ في عُقْرِ دارِهم، في هَذهِ الحالةِ لا يُشتَرطُ هذا.

السائلُ: يَتساءَلُ الشبابُ المُسلِمُ: إنَّكُم قُلتُم إنَّ أَكثَرَ الدُوَلِ أو أكثرَ البلادِ لا تَحْكُمُ بِمَا أنْزَلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ، فَفُهِمَ إذًا أنَّ بعضَها يَحْكُمُ بِمَا أنزلَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ، وهذا البعضُ إنْ وُجِدَ قُلتُمْ إنَّ مِنْ نواقِصِهِم أَنَّهم لَمْ يُعلِنوا الجِهَادَ.! أفلا يَنْطَبِقُ قَولُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ على أمثالِ هَؤلاءِ الذينَ يُعَطِّلونَ الجِهَادَ وهو بإمكانِهم بِمَا لَهُم مِنْ مُقوماتٍ وأسلحةٍ وجيوشٍ، ألا يَنطبِقُ قَولُ اللهِ عَليهم:) أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ( ﴿٨٥﴾ [البقرة : 85] ؟

الشيخُ: أقولُ هذهِ الآيةُ لا تَنطَبِقُ يا أخي؛ لأنَّه لو كانَتْ هذهِ الآيةُ تَنطَبِقُ عَلى هَؤلاءِ الحُكامِ، لانْطبقتْ على الأفرادِ أيضًا الذينَ يَعيشونَ تَحْتَ سُلْطَةِ هَؤلاءِ الحُكامِ مِمَّن لا يُقيمونَ بَعْضَ أحكامِ الإسلامِ، وأنا ذَكَرتُ آنفًا الحديثَ الذي يَقولُ فيهِ عليه الصلاة والسلام: ( إذا تَبايَعتُمْ بالعِينَةِ، وأخذتُمْ أذْنَابَ الْبَقَرِ....)([4]) والحديثُ الثَّانِي: ( حُبُّ الدُنيا وكَراهِيةُ المَوتِ....)([5])، فَلَو انْطَبَقَتْ الآيَةُ المَذكورةُ عَلى بَعْضِ الحُكامِ، فَلا فَرْقَ حينَئِذٍ بَيْنَ هَؤلاءِ الحُكامِ وبَيْنَ أفرادٍ مِنْ جَماهيرِ المُسلِمينَ لا يُطَبِقونَ كَثيرًا مِنْ أحكامِ الإسلامِ ، وهُنا يأتي مَوضوعٌ طالَما طَرَقناهُ بِمُحاضَراتِنا وفي كَثيرٍ مِنْ تَسجيلاتِنا، ألا وهُوَ الكُفْرُ العَمَليُّ والكُفْرُ الاعتقاديُّ، وهذا أمرٌ ضَروريٌّ جِدًا، ومَنْ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ كُفْرٍ وكُفْرٍ، يُخْشَى عَليهِ أنْ يَقَعَ في الكُفْرِ مِنْ حَيثُ لا يدري.

مِنْ أجلِ ذَلكَ، صَحَّ عَنْ عَبدِ اللهِ بنِ عباس صلى الله عليه وسلم، وهُوَ تُرجُمانُ القرآنِ بِحقٍ أنَّهُ فَسَّرَ قَولُه تَعالَى) وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ( ﴿٤٤﴾ [المائدة : 44]، قالَ: لَيسَ كَما يَظنونَ، إنَّما هُوَ كُفْرٌ دونَ كُفْرٍ، فَمَنْ لَمْ يَحْكُم بِمَا أنزلَ اللهُ، هُنا بَيتُ القصيدِ مِنَ الجوابِ عَنْ سؤالكَ عَن الآيةِ المَذكورةِ، فَهَلْ تَنْطَبِقُ عَلى هَؤلاءِ الذينَ عَطَّلوا الجِهَادَ ؟!

فَجوابي: قد تَنْطَبِقُ عَلى بَعْضِهم ولا تَنْطَبُِق عَلى البَعْضِ الآخَرِ، كَيفَ ذَلكَ ؟ بِدَليلِ أثَرِ ابنِ عباسٍ المَذكورِ: ( كُفْرٌ دونَ كُفْرٍ )، فَمَنْ أَنكَرَ شَرعيَّةَ الجِهَادِ عَقيدةً فهذا هُوَ الكافِرُ ، وهذا هُوَ الذي تَنطبقُ عَليهِ الآيةُ وغَيرُها.

أمَّا مَنْ اعتَرَفَ بِفَرضِيَّةِ الجِهَادِ، سَواءً كانَ حاكِمًا أو مَحكومًا، ولَكِنَّهُ لا يُجاهِدُ اتباعًا للهوى، وتكالُبَهُ على الدنيا ونَحوَ ذَلكَ، فهذا يَكونُ كُفرُهُ كُفرًا عَمَليًّا ولَيسَ كُفرًا اعتقاديًّا، لا فَرْقَ بَيْنَ الذي يَترُكُ الجِهَادَ وبَيْنَ الذي يَترُكُ كَسْبَ الحَلالِ، وإنَّما يَكسِبُ الحَرَامَ عن طريقِ الرِبا، أو بَيْعِ الخَمْرِ، أو ما شابَهَ ذَلكَ، فَكُلُّ هَذهِ مَعاصٍ بِلا شَكٍ يَصْدُقُ في مُتعاطيها ما يَصْدُقُ عَلى كُلِّ حاكِمٍ بِمَا أنزلَ اللهُ: إمَّا أنْ يكونَ استَحَلَّ هذهِ الأمورَ قَلْبًا وقَالَبًا، أو استَحلَّها قالَبًا لا قَلْبًا، أيّ استحَلَّها عَمَليًّا وليسَ اعتقاديًّا.

فَمَنْ ارتَكَبَ مُحَرَّمًا في الإسلامِ وَهُوَ يَعْتَقِدُ أنَّهُ مُحَرَّمٌ، فَهَذا كُفْرُهُ دونَ كُفْرٍ، ومَنْ اسْتَحَلَّ مُحَرَّمًا وَهُوَ يَعْتَقِدُ أنَّهُ لا شيءَ في هذا الاستحلالِ، كَكثيرٍ مِنَ الشبابِ اليومَ مَثَلاً الذينَ تَرَبَواْ تَرْبيةً أوروبيَّةً خالِصةً، إذا قيلَ لَهُمْ لِماذا لا تُصَلونَ؟ يقولونَ لَكَ: الصَّلاةُ، والطهارةُ، والغُسْلُ مِنَ الجَنابَةِ، والوضوءُ، إلَى آخرهِ، هذهِ كَانَتْ في زَمَنِ الجاهلِيَّةِ القَذِرينَ الوسخينَ، أمَّا اليومَ فلا حاجَةَ لِمِثْلِ هذهِ الأعمالِ، هذا هُوَ الكُفْرُ الاعتقاديُّ.

أمَّا كَما هُوَ شأنُ كَثيرٍ مِنَ الشبابِ المُسْلِم مَعَ الأسَفِ، يُقالُ لَهُ لِماذا لا تُصَلِي؟ يَقولُ: اللهُ يتوبُ عَلَينا؛ إذًا: هُوَ ما تَرَكَ الفريضةَ لَكِنْ غَيْرُ قائمٍ بِمَا فَرَضَ اللهُ.

كَذَلِكَ أيُّ حاكِمٍ في الدُنيا، إذا قيلَ لَهُ: لِماذا لا تُجاهِدُ في سَبيلِ اللهِ؟ إذا قَالَ الآنَ لَيْسَ هُناكَ جِهادٌ، الآنَ حُريَّةٌ، فَمَنْ شاءَ فَلْيؤمِنْ ومَنْ شاءَ فَلْيَكفُرْ، إلَى آخرهِ مِنْ هذهِ التأويلاتِ التِي ما أنْزَلَ اللهُ بِهَا مِنْ سُلْطانٍ، فهذا المُنْكِرُ للجِهادِ كَشِرْعٍ هذا هُوَ الكافِرُ؛ أمَّا الذي يَعتَقِدُ أنَّه يَجِبُ أنْ يُجاهِدَ، لكنَّ اللهَ يُعينُنا ولَيْسَ عِندنا الاستعدادُ كَما يَنبَغِي، ورَيْثَما نَستَعِدُّ، إلَى آخِرهِ، هُوَ يستطيعُ أنْ يَسْتَعِدَ فَيكونَ آثِمًا، لَكِنْ إِذا كانَ لا يَستطيعُ كَكَثيرٍ مِمَّنْ نَتَكَلَمُ عَليهِمُ الآنَ مِنْ أفرادِ المُسلمينَ لا يَستطيعونَ الجِهَادَ، في المَثَلِ العاميِّ: ( عَيْنٌ ما تُقابِلُ مِخْرَز ) وهذهِ حَقيقةٌ.

ولِذَلِكَ فالجِهادُ خُلاصَةُ الكلامِ: فَرْضُ عَيْنٍ، وأشَدُّ ما يَكونُ فَرْضيَّةً هُوَ في هذا الزمانِ؛ لأَنَّ الأمُمَ تَداعَتْ كمَا جَاءَ في الحَديثِ السابِقِ تداعيًا لَمْ يُرَ مِثْلَهُ في التاريخِ الإسلاميِّ مُطْلَقًا.


موسوعة الفتاوى الفلسطينية : ص(89-90-91-92-93-94-95-96-97)




([1]) المرجع: شريط ( فرضية الجِهَاد )، رقم (720) ، ( 4 شوال 1413هـ ) الموافق ( 26/3/ 1993م )

([2]) رواه أبو داود رقم (3462)، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبو داود رقم (3462).

([3]) رواه أبو داود رقم (4297)، الإمام أحمد رقم (22397، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبو داود رقم (4297).

([4]) سبق تخريجه ص .

([5])سبق تخريجه ص .

.