دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث
وقفات تربوية وإشارات إيمانية في المعارك الحربية
بقلم/ بلال وليد عابدين
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:
لم تتجاوز مدينة غزة العزة آثار الحروب السابقة بعد، حتى عاجلها عدوها الأذل بحرب جديدة زاعماً أنه سيحد من قدرات المقاومة الصاروخية، ويوجه ضربة للبنية التحتية لإضعافها، ويبقى الشعب الفلسطيني يراوح مكانه.
وفي خضم هذه الأحداث الجارية في بلادنا، والحرب الضروس التي تستهدف البشر والحجر والشجر فإنني أذكر إخواني وأحبابي وأبناء شعبي المجاهد المرابط على ثرى فلسطين بهذه الوقفات التربوية والإشارات الإيمانية في المعارك الحربية من خلال كتاب ربنا تبارك وتعالي
الوقفة الأولى: الدنيا دار ابتلاء:
اعلم أخي المجاهد المرابط أن الدنيا دار ابتلاء واختبار، والله جل وعلا يختبر عباده ويمتحنهم بما شاء في أموالهم، أو أولادهم، أو ممتلكاتهم، أو في دينهم وإيمانهم قال تعالى: { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا } الملك: 2، وقال أيضاً: { أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ } العنكبوت: 2 .
وإن من الابتلاء أن جعل الله تبارك وتعالى الأيام دولًا بين المؤمنين والكافرين قال تعالى: { وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ } آل عمران: 140، فكانت سنة التدافع والمداولة ليعود المسلمون إلى ربهم ويتمسكوا بإيمانهم وعقيدتهم وليُحارب الفساد وينحسر قال تعالى: { وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ } البقرة: 251.
الوقفة الثانية: المؤمنون هم الأعلون:
خاطبنا ربنا جل وعلا بقوله: { وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} آل عمران: 139، فالمؤمنون هم الأعلون بإيمانهم برهم ونبيهم، وتمسكهم بدينهم، وثباتهم على عقيدتهم، ودفاعهم عن دينهم، وذودهم عن حياض وطنهم، فلا تهنوا ولا تحزنوا – وإن امتلك أعداؤكم العدة والعدد-.
الوقفة الثالثة: لا عبرة بالخسائر المادية :
فالخسائر المادية لا قيمة لها، ولا عبرة بها؛ إذا سلم لنا ديننا وإيماننا، وثبتنا على عقيدتنا ومبادئنا ، وتجذرنا على أرضنا، ونافحنا عن وطننا، فكل مصيبة بعد الدين والإيمان حقيرة يسيرة لا قيمة لها قال الله تعالى: { لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى} آل عمران: 110، فكل ما يصيبنا لا يزيد على كونه مجرد أذى يعوض الله الصابرين خيراً منه، وإنَّ دق أعناقنا بالسيف أهون علينا من أن يثلم ديننا وإيماننا.
الوقفة الرابعة: لا جنة بلا جهاد:
إن الوصول إلى الجنة يحتاج من المسلم أن يقدم براهين الإيمان ودلائل الصدق والإخلاص فيجاهد في سبيل الله بماله ونفسه، ويبذل مهجته تضحيةً وفداءً، ويصبر على اللأواء والشدائد، ويتحمل هموم الحصار وغمومه و ضنك العيش ليظفر بموعود الله تعالى قال جل وعلا: { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } آل عمران: 142
الوقفة الخامسة: الرباني لا يعرف الوهن:
إن المؤمن الرباني لا يعرف الوهن والضعف؛ فلا تلين له شكيمة، ولا تنثني له عزيمة، ثابتٌ ثبات الجبال الرواسي لا تهزه أعاصير الحرب النفسية، غايته مغفرة ذنوبه وسيئاته، وثبات قدمه على دينه ومبادئه، ثم تحقيق نصر الله جل وعلا قال تعالى: { وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ* وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِي أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} آل عمران: 146-147
الوقفة السادسة: لا عز لأمتنا إلا بالجهاد في سبيل الله :
إن طريق العزة لأمتنا هو بالجهاد في سبيل الله تعالي الذي هو ذروة سنام هذا الدين ؛ فواجبنا إقامة شعيرة الجهاد بكل وسيلة، وإبقاء جذوته حية مشتعلة في نفوس المسلمين جميعا ، ونربي أجيالنا المسلمة على روح الجهاد والبذل والعطاء، ومدارسة سير العظماء والأبطال من المجاهدين والمصلحين حتى يعز الله دينه وينصر عباده المؤمنين.
.