قطوف مقدسية / فلسطين في وجدان الشيخ زيد الفياض

|19-21| وعد بلفور المنحوس

(19)

وعد بلفور المنحوس

"اليمامة"، العدد (431)، في 17/6/1383هـ

كان يوم السبت 15/6/1383هـ، اليوم الثاني من شهر تشرين الثاني (نوفمبر) موافقا لوعد بلفور المشؤوم بإعطاء اليهود وطناً قومياً في فلسطين؛ وذلك باتفاق بريطانيا وأمريكا وفرنسا وإيطاليا، منذ ستة وأربعين عاما.

فقد كتب بلفور وزير خارجية بريطانيا إلى البارون روتشلد أحد زعماء اليهود في 2 تشرين الثاني (نوفمبر) سنة 1917م يقول: يسرني أن أبعث إليكم بالنيابة عن حكومة جلالة الملك بالتصريح التالي الذي ينِمُّ عن العطف على أماني اليهود الصهيونيين، والذي رُفِع إلى الوزارة، ووافقت عليه:

"إن حكومة جلالة الملك تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين، وستبذل جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية، مع البيان الجلي ألا يُفعَل شيءٌ يضر الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة بفلسطين الآن، ولا الحقوق أو المركز السياسي الذي يتمتع به اليهود في البلدان الأخرى".

وقد أيدت الولايات المتحدة الأمريكية هذا التصريح قبل إعلانه، ببرقية بعثها الكولونيل هارس باسم رئيس الولايات المتحدة ودُرو ولسون إلى الوزارة البريطانية في 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1917، يُعلِمها فيها بموافقة الرئيس وحكومته على نص التصريح.

كما أيدت فرنسا التصريح في 14 شباط (فبراير) 1918، وأيدته إيطاليا في 9أيار (مايو) عام 1918.

وقد أرادت هذه الدول اجتذاب اليهود إلى جانبهم؛ ليكسبوا تأييدهم المادي والدعائي، وليقوموا بدور تخريبي، وخاصة في ألمانيا؛ لترجح كفة الحلفاء في الحرب.

قضية فلسطين، ص ٣٧-٣٨.

(20)

وعد بلفور المنحوس

وقد تواطأت هذه الدول الاستعمارية مع الصهاينة على تحويل فلسطين إلى بلد يهودي، ووضعت بريطانيا وحلفاؤُها خُطةً لاحتلال فلسطين في أواخر عام 1917، وفي 22 تموز قررت عُصبة الأمم وضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، وفرضت على عرب فلسطين صك الانتداب فرضا، وعملت بريطانيا زمن الانتداب على فتح فلسطين أمام النازحين اليهود، وشجعتهم على الذهاب إلى فلسطين، والاستقرار فيها وتزويدهم بالسلاح ووسائل القوة.

وبالعكس من ذلك معاملتها للعرب، حيث عملت على تشتيتهم وإضعافهم، ولم يتغير موقفُ بريطانيا من إسرائيل حتى اليوم.

وما يزال مليون لاجئ فلسطيني يعيشون مشردين عن بلادهم بسبب الطُّغيان الاستعماري، والمؤامرات الصهيونية، واختلاف الزعماء العرب والمسلمين، وما فَتِىء الأُخطُبوطُ الصهيوني يتمادى في عدوانه وتوسعه، على حساب البلاد العربية، ويعمل لتحويل مياه نهر الأردن إلى النقب؛ ليستقدم الملايين من الصهاينة، وما برحت دولٌ معينة تسير بلا تعقل في تأييد إسرائيل، وتزويدها بالسلاح والقروض والمعونات، والوقوف إلى جانبها في المجالات السياسية والدولية، وتنادي بمناصرتها وحمايتها.

وإن من واجب المسلمين أن يغيروا من أسلوبهم في معالجة قضية (فلسطين)، وأن يدركوا أنه لن يَفُلَّ الحديد إلا الحديد، وأن إعداد الفلسطينيين لخوض المعركة وتسليحهم، هما أول واجبات الدول العربية والإسلامية.

قضية فلسطين، ص38-40.

(21)

وعد بلفور المنحوس

ينبغي أن تعطى الفرصة للفلسطينيين لإجراء انتخابات، يكون من نتيجتها تشكيل حكومة فلسطينية في المنفى، وإمدادهم بالمال والسلاح، والدعاية لقضية فلسطين بواسطة أجهزة الإعلام العربية، وفي المحافل الدولية، والمجتمعات السياسية، وخوض المعركة إلى جانبهم بعد أن يكونوا طليعة الزحف، ورواد الاسترجاع لحقهم السليب.

ولا شك أن المسلمين، قد استفادوا عبرا من الماضي، ومن واجبهم تلافي الأخطاء التي أدت إلى ضياع فلسطين، ثم إلى هزيمة الجيوش العربية في الحرب الفلسطينية، وأهم تلك الأخطاء حُسن الظن بالإنكليز والأمريكان، وظنهم أن الحلفاء سوف يُقدِّرون للعرب موقفهم! ولا يطعنونهم من الخلف!

وهناك أوضاع قد تغيرت في العالم الإسلامي بعد حرب فلسطين، سوف تساعد على رد العدوان الصهيوني، والمؤامرات الاستعمارية.

وهنا وعي سيكون له أثر فعال في إحباط مؤامرات الصهاينة وأنصارهم، إذا ما أحسن المسلمون الاستفادة من قوتهم المادية والمعنوية، ووحدوا صفوفهم، وأفهموا المستعمرين أن لا مهادنة، ولا استغفال بعد اليوم.

إن المشردين والأطفال والثكالى، والشيوخ والعاجزين يستصرخون بكم أيها المسلمون، ويُشهِدون العالم على مأساة إنسانية، وكارثة فظيعة، تمثل العدوان في أبشع صوره، والجريمة في أقبح مظاهرها، والمؤامرة في أعتى طُغيانها، فهل تَهبُّن لنجدة فلسطين؛ لتعيدوا الحق إلى أهله، ولتطهروا الأرض المباركة من حُثالات البشر، ورمز الشر والعدوان ؟!

عسى أن يكون قريبا!

قضية فلسطين، ص40-41.

.