دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

مراكز الدراسات وإدارة الصراع بين الشرق والغرب (3/3)

 

 

مراكز الدراسات وإدارة الصراع بين الشرق والغرب (3/3)

 

بقلم: وائل رمضان

 

 

انطلاقًا مما سبق الإشارة إليه في الأعداد السابقة نُجدِّد القول أنَّ مراكز الدراسات هي مصانع الفكر القادرة على قيادة المواجهة مع الغرب عمومًا ومع العدو الصهيوني على وجه الخصوص ، وهي القلاع الحصينة التي نستطيع من خلالها حماية تاريخنا وقيمنا من هذا الطوفان الهائل من الأكاذيب والأباطيل والتزييف المتعمد الذي يعتمد عليه هؤلاء في تحقيق أهدافهم وطموحاتهم الخبيثة، وكلما زادت فاعلية هذه المراكز وزاد عددها تضاعفت قدرتنا على مواجهة الأخطار والتحديات التي تحدق بالأمة من كل جانب، ولعل ذلك ما يجعل كل حريص على نهوض الأمة من كبوتها يتوق أملاً أن تُفعّل تلك المراكز التفعيل الصحيح وتأخذ المكانة اللائقة بها.

من هنا كان لزامًا علينا عرض تجربة من التجارب الناجحة والمتميزة بل والفريدة في هذا المجال والتي استطاع أصحابها بإمكاناتهم البسيطة أن يحققوا ما لم يحققه غيرهم وفي مدة بسيطة - خمس سنوات - هي عُمْر مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية، ذلك المركز الذي أثبت أنَّ السلفيين من أشد الناس وفاءً لهذه القضية التي طالما شَكَّك ويُشكك الطاعنون في جهودهم تجاهها .

 

لذلك كان السؤال الأول الذي طرحناه على الشيخ الفاضل جهاد العايش مدير المركز قبل أن نغوص معه في أعماق هذه المؤسسة السلفية المباركة ، عن رأيه فيمن يطعن في ولاء السلفيين للقضية الفلسطينية ويصف ردود أفعالهم تجاهها بالسلبية والباردة والتي لا ترتقي إلى مستوى الحدث في كثير من الأحيان؟

للأسف هو مطعن طالما سمعناه وقرأناه باتهام السلفية والسلفيون بأنهم لا يملكون أي رؤية أو أي ممارسة عملية تجاه فلسطين وقضاياها المختلفة ، نقول لهؤلاء اتقوا الله ولا تسلكوا مسالك الأعداء في الطعن بدعوة نقية تنتسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن كان ثمة قصور فالقصور حاصل في عالم البشر لا محالة  والسلفيون  يعتريهم ما يعتري غيرهم من سائر طبقات المجتمع  من أفراد أو أحزاب وجماعات ، هل  السلفيون وحدهم  مقصرون  تجاه قضية فلسطين  وكل جماعات وأحزاب الدنيا فضلاً عن دولها  قامت بواجبها تجاه فلسطين على أكمل وجه ؟! إذًا  فلماذا اتهام السلفييون منفردين  فقط !!

الفرق بيننا وبين بعض الجماعات أننا لم نجعل من قضية فلسطين سلمًا نرتقي عليه ليوصلنا إلى أهداف ومآرب حزبية وتنظيمية وإعلامية أو حتى مادية ، نحن نحمل رسالة الإسلام النقية بشموليتها وقضية فلسطين جزء  أصيل  من هذه الرسالة وهذا هو الفرق بيننا وبين بعض هذه الدعوات فنحن نرى طريق الإسلام هو الطريق إلى فلسطين ولن يفلح قوم أبدًا قدموا الأخرى على الأولى.

نحن وكثير من المؤسسات السلفية في العالم لم نجعل عملنا لقضية فلسطين مادة إعلامية  نتغنى بها هنا وهناك بل نرى أن الصمت والروية أسلوبًا حكيمًا ننتهجه في عملنا فيه المصلحة لنا ولقضيتنا، وهذا من الأسباب التي جعلت الكثير يظن أن السلفيين يُغردون خارج سرب فلسطين والعاملين لها والواقع غير ذلك وكل عامل لقضية  فلسطين يدرك تمامًا الوجود السلفي في الداخل الفلسطيني تحديدًا وأثره على المجتمع فالمؤسسات السلفية الإغاثية بأعمالها المتنوعة من كفالات للأيتام والأرامل ومساعدة المعوزين بكل ألوان المساعدة المعروفة التي تمارسها كل المؤسسات الإغاثية والمئات من  مراكز تحفيظ القرآن  في الضفة الغربية وقطاع غزة  وكل ذلك كان ولا زال يمارس بشفافية ومهنية وحرفية شهد لها بذلك الجماهير الفلسطينية في الداخل فضلاً عن  مؤسسات شعبية ورسمية وأممية ، ولا أدل على ذلك من القبول لهذه الدعوة بين عامة الناس والرضى بها بل واللحاق بركبها والعزوف عن غيرها والدليل على ذلك تعاظم أتباع هذا المنهج يومًا بعد يوم و نماء مؤسسات المشروع  السلفي بجوانبه المتعدده على أرض الواقع ، فضلاً عن الدور المتميز الذي يمارسه السلفيون في  مواجهة التطبيع اليهودي العقدي والفكري والاخلاقي، لقد وقف السلفيون بكل ما أوتوا من إمكانيات  أمام هذا السيل الجارف من التدمير الاخلاقي والعقدي .

 

هل يمكنكم إعطائنا تصور عام عن مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية، وما هي الرؤية التي يريد المركز تحقيقها؟

المركز مؤسسة وقفية تهدف لنشر الدراسات والمخطوطات التراثية المتعلقة بفلسطين وعلمائها والقدس والمسجد الأقصى ، لإحياء روح الولاء الشرعي للأرض المقدسة ( فلسطين ) ، وتقديم حلول شرعية وواقعية لمشكلة فلسطين من جميع جوانبها ، والدفاع عن الحق الشرعي بملكية فلسطين والقدس والمسجد الأقصى وسائر الأوقاف الإسلامية في فلسطين ، وبناء الإنسان الفلسطيني بناءً تربويًا متكاملاً على فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم.

هذا بالإضافة للدعم المنهجي والبحثي للمؤسسات المختصة بالصراع الإسلامي اليهودي ، والتعاون مع علماء الأمة الربانيين في إيجاد الحلول الشرعية للقضية الفلسطينية، وتفنيد مزاعم اليهود وأعوانهم ودحضها أمام المسلمين والعالم أجمع، وتوجيه جهود الأمة الإسلامية وإرشادها إلى جادة الصواب.

لذلك فإن رسالة المركز تهدف بالدرجة الأولى إلى توعية المسلمين بالقضية الفلسطينية من الناحية العلمية والعملية على أساس من الكتاب والسُنَّة بفهم سلفنا الصالح رضوان الله عليهم، ونشر منهج أهل السنة والجماعة بين أوساط الشعب الفلسطيني بخاصة والمسلمين عامة.

وللمركز بفضل الله رؤية مستقبلية واضحة هي: الريادة في تقديم الأفضل علميًا ومنهجيًا وتربويًا واجتماعيًا فيما يخص القضية الفلسطينية، عبر فروع وإدارات متفرغة ومتخصصة، ووفق هيكل تنظيمي دقيق ومرن.

ونستعين بعد توفيق الله على تحقيق هذه الرؤية بعدد من الوسائل  أهمها: التعاون مع علماء الأمة والمشايخ وطلبة العلم والذين نعتبرهم جزء من المركز للاستفادة من جهودهم وقدراتهم ، وتوظيف الطاقات والخبرات الفاعلة في هذا المجال، وبناء قاعدة بيانات ومعلومات نستطيع من خلالها تحديد أولويات العمل، والالتزام بمستويات عالية من الجودة  وأنماط متطورة من الأداء ، فضلاً عن استخدام التكنولوجيا الحديثة في إدارة أعمال المركز وتنفيذ برامجه وإيصال رسالته ، مع عرض وتوثيق إنجازاته  وتحقيق دخل وإيراد يضمن بمشيئة الله استمرار مسيرته.

ومن الأهداف الرئيسة للمركز والتي وضعت لتحقق رسالته ورؤيته ما يلي: 

  • إحياء روح الولاء الشرعي للأرض المقدسة ( فلسطين) .
  • تقديم حلول شرعية واقعية لمشكلة فلسطين من جميع جوانبها .
  • الدفاع عن الحق الشرعي بملكية فلسطين والمسجد الأقصى وسائر الأوقاف الإسلامية في فلسطين
  • بناء الإنسان الفلسطيني بناءً تربوياً متكاملاً علي منهج وفهم السلف الصالح رضوان الله عليهم .
  • الدعم الفكري والمنهجي للمؤسسات التربوية والخيرية حول الصراع الإسلامي اليهودي .
  • التعاون مع علماء الأمة الربانيين في إيجاد الحلول الشرعية للقضية الفلسطينية .
  • تفنيد مزاعم اليهود وأعوانهم ودحضها أمام المسلمين والعالم أجمع .
  • توجيه جهود الأمة الإسلامية وإرشادها إلى جادة الصواب، والتعاون معها في سبيل نصرة القضية الفلسطينية .

وإننا لنرجو الله عز وجل أن تكون هذه الرؤية نبراسًا يضيء على الطريق لجمع كلمة المسلمين تحت لواء هذا المنهج الصافي الذي لا تقيده الحزبية ولا تعتريه العشوائية، وإنما يقوم بتكاتف الجهود ورص الصفوف وإخلاص العمل، إنها دعوة للمنهج الرباني والطريق الواضح الذي يتشرف كل مسلم بالانتساب إليه، فمنهج السلف إنما هو دعوة للتأصيل والعمل الجاد الدؤوب الذي يأسر كل القلوب ويسير لهداية كل الناس حتى يحقق موعود الله عز وجل بالعلو والتمكين.

 

هل نستطيع القول أنكم المركز السلفي الوحيد المتخصص في القضية الفلسطينية بناءً على هذه الرؤية؟

نعم مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية هو المركز السلفي الوحيد في العالم المتخصص في القضية الفلسطينية من وجهة نظر شرعية ،  لقد تتبعنا المؤسسات السلفية في العالم فلم نجد من بينها مركزًا متخصصًا بالقضية الفلسطينية  يقوم على هذا المبدأ وعلى الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة ، بعيدًا عن الإفراط أو التفريط  في التعاطي مع هذه القضية .

وعلى ذلك فإننا نطالب مؤسساتنا السلفية في العالم أن تتحمل مسؤولياتها تجاه الأرض المقدسة وأن تتعاون مع مركز بيت المقدس كمرجعية سلفية فلسطينية متخصصة.

 

بعد تنفيذكم لهذه الدورة ما هو تقييمكم للمركز وهل يسير في الاتجاه الصحيح أم لا وخاصةً بعد مرور ما يزيد عن الخمس سنوات على إنشاءه؟

لقد أسهمت  هذه الدورة التي أشرت إليها  للتعريف بأهمية مراكز الدراسات وأثرها على أصحاب القرار  ومنهم إلى سائر الطبقات والشرائح.

وقبل أن أخوض بتقييمنا لهذه الدورة لا بد أن أشير إلى مدى اهتمام  المستشرق  والمستعمر  وفي وقت مبكر بأهمية هذه المراكز ولجان البحث العلمي التي رصد لها الأموال الطائلة  وجنَّد لها جيوش من البروفيسورات ودهاقنة  الفكر والسياسة  فأفنوا لها العمر وعصارة الفكر، فهذا نابليون يغزو مصر وهو يحمل معه خلاصة جهود هؤلاء في سفر عظيم يصل الى (23 )مجلد من الحجم الكبير جدا قام عليه مالا يقل  عن مائة وستين باحثا فرنسيا   سموه ( وصف مصر ) أتى على وصف كل جوانب حياة مصر والمصريين .

وهذا بلفور قبل أن يقدم على وعده المشئوم بتمليك اليهود فلسطين , لم ذلك من فراغ  ولا على سبيل الصدفة إنها عقيدة إنه يكمل مسيرة سلفه فكتوريا  ملكة بريطانيا التي أسست مركزا بحثيا ميدانيا   يسمى ( صندوق استكشاف فلسطين ) عمل على أرض فلسطين مدة "خمسين" سنة ليعرف مكنونات هذه الارض وأهلها , قبل أن تقدم لقمة سائغة لليهود .

ولا ننسى جهود نخبة من المستشرقين الاوروبيين  في تأليف وأعداد " المعجم المفهرس لألفاظ الحديث " الذي استغرق مدة سبعون عاما أو يزيد  من بداية الفكرة عام 1916م الى أن تم في عام 1987  م بجهود ما يزيد عن 60 باحثا مدة اربعة أجيال .

نعم أدرك اليهود والغرب أثر مراكز الدراسات فعمل على إجتثاثها  والتضييق عليها بل وسرقة كنوزها كما هو شأن "مركز الدراسات الفلسطينية "  حين سلب اليهود المركز وما فيه عند اجتياح بيروت عام 1982م .

وإذا أردنا أن نختصر القول بأهمية هذه المراكز لا بد ان نعلم  أن أهم قسم  في الموساد الإسرائيلي هو لجنة البحوث والدراسات , وكذلك أهم قسم في سلسلة مطاعم "ماكدونالد " هو لجنة البحث العلمي .

لذا أيها الإخوة والأخوات  الكرام لابد وأن ندرك أهمية هذه الدورة وأنها ليست من فضول الأعمال  والبرامج بل هي ضرب من ضروب نصرة دين الإسلام .

لقد تأكد للقائمين على المركز وبعد هذه الدورة تحديدًا أنَّ المركز يسير بالاتجاه الصحيح وبطرق مهنية ، وفق الأصول  والضوابط العلمية والبحثية المقررة ، لذلك كان من أهداف عقد الدورة هو تفعيل وإحياء فكرة مراكز الدراسات ولجان البحث في مؤسساتنا  الدعوية والخيرية بل وحتى التجارية والصناعية  كلٌ بحسب مجاله وتخصصه  ،  وتحفيز القائمين عليها  والمالكين لها  على أهمية لجان البحث وأنها ليست من فضول الأعمال بل هي مما لا يتم الواجب إلا به، وهي بعد توفيق الله من أهم الأسباب المعينة على  الاستمرارية والتطوير وبها يتم معرفة أسباب النجاح أو الإخفاق  ومكامن ذلك ومسبباته وطرق الوقاية والعلاج .

 

 

ما هي علاقة المركز بالمؤسسات العاملة في نفس الاتجاه، وهل هناك نوع من التعاون وتنسيق الجهود أم لا؟

أدرك القائمون على المركز أهمية قوله تعالي: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) فالشريعة ما جاءت إلا بالخير ودعت  بالتعاون عليه وهو مقصد سام من من مقاصد  الدين الاسلامي  ركز عليه ، ومن هذا المنطلق الشرعي نرى وجوب التعاون ولا نرى لأنفسنا  مبرر غير ذلك فلا نرفض الأيادي البيضاء التي تمد يد التعاون  وفق ما جاءت به الشريعة فقد شارك المركز في العديد من البرامج والمناشط المتنوعة العالمية التي دعي لها.

فضلاً عن الروابط والتحالفات والاتفاقيات حول بعض البرامج والأعمال مع المراكز والمؤسسات الشبيهة الرسمية والشعبية وكان لذلك الاثر الكبير في تقدم المركز ونشر أفكاره والتعريف به  وطموحاته على عدة أصعدة .

لقد ساءت بعض المفاهيم من بعض إخواننا الذين أنكروا على المركز تواصله وتعاونه مع بعض الجهات التي شابها بعض الأخطاء ولا يدرك هؤلاء أن المسئولية تتضاعف تجاه هؤلاء فيصبح لهم حق النصح والتعاون كما أوصى بذلك نبينا محمد صلى الله عليه وسلم:  (انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً).

ولا أكتم سرًا إن قلت أن بعض مشاركاتنا في بعض المناشط ما كانت إلا بهذه النية ولهذا السبب .

ولنا في حلف الفضول عبرة ، وهو بمثابة مؤتمر عقدته قريش اجتمعت فيه قبائلها من: ( بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وأسد بن عبد العزى ، وزهرة بن كلاب ، وتيم بن مرة) في دار عبد الله بن جدعان - لشرفه ونسبه - فتعاقدوا وتعاهدوا على ألا يجدوا بمكة مظلوما من أهلها أو غيرهم إلا قاموا معه حتى ترد عليه مظلمته، فسمت قريش ذلك الحلف حلف الفضول.

وهو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: (لقد شهدت في دار  بن جدعان حلفا ما أحب أن لي به حمر النعم ولو أدعى به في الاسلام لاجبت).

ومن هذا المنطلق نرى أنه ليس لنا عذر في التغيب عن أي مقام فيه نصرة للحق وأهله ، والله أعلم .

نحن ندرك جيدا أننا  لسنا وحدنا في الساحة ولن نكون روادها منفردين  فالأمة لن تنهض وتقوم لها قائمة الا مجتمعة متناغمة فيما بينها حكامًا ومحكومين, ولا يعني أبدًا أن مشاركاتنا مع الغير هو تنازل عن مبادئنا  أو ذوباننا فيه ، بل نعتبر ما نحمله من منهج هو الأقوى  ويمكننا أن نستوعب الآخرين فيه ، ومع ذلك نحن مطالبون  بأن نسجل حضورنا في بعض المواقع والميادين ونُعرِّف الجماهير برسالتنا ليدرك الجميع أن دعوتنا أسمى مما يظنون ويتهمون.    

 

ما هي أهم التحديات التي تواجهكم كمركز فكري في الفترة المقبلة، وهل لديكم الإمكانات الكافية للتغلب عليها أم لا؟

لا شك أن من أهم التحديات هو الحديث عن فلسطين والصراع مع اليهود، وهذا الأمر هو ضرب من ضروب الانتحار في بعض الدول بل والحديث عن معاناة الشعب الفلسطيني والدعوة للوقوف بجانبه ماديًا ومعنويًا هو في قائمة الممنوعات في بعض الدول الأخرى.

ومن جانب أخر نجد صعوبة بالغة في إقناع بعض المؤسسات الداعمة وأهل الخير في تبني ودعم مشاريع المركز ونجد قصور عام منهم في دعم الإغاثة الفكرية والتربوية والمنهجية وفي المقابل هناك شغف وافراط في اغاثة البطون وتقاعس وإهمال في إغاثة العقول والفكر ومنهجية ادارة الصراع مع العدو.

لذلك ندعو إخواننا القائمين على مؤسسات العمل الخيري وإخواننا المحسنين إلي إغاثة الفكر والأخلاق والدين من خلال البرامج الفكرية والتربوية والاكاديمية  التي يتبناها  مركز بيت المقدس للدراسات في فلسطين والشتات الفلسطيني.

 

ما هي أهم الإنجازات التي حققها المركز على أرض الواقع خلال مدة عمل المركز البسيطة التي أشرتم إليها؟

 نراقب ومن خلال طرق متعددة اثر جهود مركز بيت المقدس علي الساحة بشكل عام ، ولعلنا نقول أن  المركز تقدم  في تحقيق نجاحات فكرية عديدة وفي عدة ميادين فالخطاب الذي تفرد به المركز هو  الخطاب الذي ينادي به الآن كثير من الدعاة أو المؤسسات الدعوية والخيرية أوعبر القناوات  الفضائية أو الوسائل  المقروءة والمسموعة والتي اجتهد المركز ومنذ نشأته بالتواصل معها وتقديم النصح والتوجيه لها من خلال دراسات ورؤى أسهمت في ترشيد وتصحيح مفاهيم  الثقافة الفلسطينية من منظورها الشرعي.

بل ونجد إن أطروحات المركز هي لافتات ينادي بها الكثير فما من مكان نذهب إليه في أرجاء المعمورة إلا ونجد أثار دراسات وإصدارات ورؤى المركز المقدمة من خلال موقع المركز علي الشبكة العنكبوتية أو من خلال اللقاءات والبرامج الفضائية الخاصة بالمركز  أثرت ايجابيًا  في هذه الأماكن ومن خلال المتأثرين برسالة المركز ودورهم الفعال في تثبيتها .

ولا أبوح سرًا وهذا من فضل الله وتوفيقه أولا وأخيرًا ،إن الإشادات بالمركز وأعماله تنهال علينا على مدرار العام  بالمباركة والموافقة والتأييد والأخذ على اليد ، فكثير من خطابات الشكر والإشادة ومن أعلى المستويات ، وغير ذلك ولله الحمد والمنة.

 

هل السلفيون لديهم القدرة على تبني مشاريع نستطيع أن نقول عليها مشاريع نهضة من خلال عمل مؤسسي منظم، أم أنهم كما يتهمهم البعض غير قادرين على تبني مثل هذه الرؤى والأهداف التي تفوق إمكاناتهم وقدراتهم؟

السلفيون كغيرهم إن كانوا جادين ومنظمين وعلي قلب رجل واحد ورؤيتهم واضحة لمشاريعهم فإنهم قادرون على أن يقدموا للأمة المزيد من العطاء ، لكن لابد الأخذ بعين الاعتبار انه لا السلفيون ولا غيرهم منفردين يستطيعون النهوض بالأمة فهذا المشروع بحاجة إلي تكاتف الأمة ومؤسستها في علاقة متناغمة بين الحاكم والمحكوم وسائر مؤسسات المجتمع وأأكد مرة أخرى لن نحظى  وننعم  بأي نوع من النصر ما دامت الأمة متفرقة يلعن بعضها البعض الآخر.

 

من وجهة نظرك ما هي أهم الآليات  التي يمكن من خلالها تفعيل دور مراكز الدراسات في عالمنا العربي؟

أهم الآليات التي يمكن بسببها أن نفعل أو نوجد مركز للدراسات في وطننا العربي تحديدًا هو سن قوانين تسمح وبكل حرية بتأسيس مراكز للدراسات وأن تتعاون دولنا وبكل شفافية مع هذه المراكز بل تعتبرها رافد من روافد الفكر والدراسة والاستقرار وأن يكون بينها قنوات تواصل.

ومن جانب أخر على حكومتنا أن تقدم الدعم المادي المطلوب لتقوم هذه المراكز بواجبها وذلك من خلال عدة طرق أهمها: الدعم السنوي أو من خلال تكليفها بدراسات مدفوعة الأجر ولا يمنع أبدًا أن يقوم بالدراسة الواحدة عدة مراكز ويتم التقييم بينهما  وفي ذلك  إثراء للحقيقة وتمحيص لها ومرور على جميع وجهات النظر .

رعاية مؤتمرات وندوات وورش عمل سنوية تقام بين هذه المركز وتقيم دورها وإبراز دورها في المجتمع  وتفعيل العلاقة بينها وبين مؤسسات الدولة الرسمية ومؤسسات المجتمع الخيري والاجتماعي والاقتصادي وغير ذلك .

ولعلي لا أبالغ أن قلت ومن باب تفعيل دور مراكز الدراسات والاستفادة من جهودها وخبراتها  أن لا يسمح بمزاولة أعمال ما أو افتتاح مؤسسات ما بأشكالها وألوانها إلا بعد أن تقدم دراسة معتمدة من مركز معتمد يبين مدى حاجة الدولة أو المجتمع ومدى النفع الذي سيعود عليها وغير ذلك من أهداف تحققها الدراسة .

 

ختامًا: كيف ترون مركز بيت المقدس في المستقبل وما هي أمنياتكم التي تتمنون تحقيقها على أرض الواقع من خلال هذا الصرح المبارك؟

نسعى وبإذن الله أن يحقق المركز الريادة في ترشيد القضية الفلسطينية وأن  ينقلها إلي جادة الصواب من خلال تفعيل طاقات المخلصين لدين الله عز وجل ، نحن على يقين أن الله معنا ولن يخذلنا ، فكثير من الطموحات والأحلام تحققت من خلال القائمين على مركز بيت المقدس مع  أنه ليس فيهم متفرغ أو يتقاضى راتبًا أو مكافأة من المركز  ومع قلة الإمكانيات المادية لكن الله جل في علاه نفع و بارك بالقليل من المال والجهد .

فالمركز له خمسة أفرع في الدول العربية وعشرات الإصدارات المميزة وكادر من الإخوة المتطوعين والعاملين والعديد من البرامج والنشاطات الدعوية والتربوية بأشكالها وألوانها ، ونعدكم بالمزيد إنشاء الله.

ونحن على يقين أن المركز وبإذن الله سيكون له الكثير من الآثار والنجاحات المستقبلية فنحن لا زلنا في مرحلة التأسيس ، وهناك كثير من الطموحات التي ينشد المركز تحقيقها حال تهيؤ الظروف لها ومن أهمها تأسيس قناة فضائية تحقق رسالة المركز.

 

 

 

 

 

.