فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

نتنياهو ... ومحاربة الإرهاب!!

د.عيسى القدومي

بنيامين نتنياهو يحذر من الإرهاب الإسلامي !!، حيث وجد في الأحداث الأخيرة التي حصلت في فرنسا الفرصة الذهبية ليحذر ويُنظّر ويوجه ويتباكى، ليعيد ما كتبه في كتابه الذي ألفه ونشره في التسعينيات بعنوان : " محاربة الإرهاب والتطرف" ، ففي تصريحاته الأخيرة لم يخرج عن ما جاء في كتابه حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلي مؤخرا : إن "إسرائيل" تدعم الدول الأوروبية في مكافحة ما أسماه "الإرهاب"؛ وأن الوقت قد حان لأن تساند هذه الدول "إسرائيل" في محاربة "الإرهاب" - على حد قوله- وأشار إلى أنه يتوقع ازديادا في الهجمات الإرهابية ودعا إلى تكثيف الجهود لمواجهتها.

وجعل هذا المجرم في تصريحاته أن الضحية الأولى في العالم هم اليهود، فقال خلال تصريحاته حين تفقد المتجر اليهودي في باريس الذي تعرض لهجوم الجمعة الماضي وقتل فيه 4 من اليهود :

لقد تعرضنا للإرهاب مراراً وتكراراً، ذلك لأننا نحارب الإرهاب على مدار سنوات طوال.

 وأعرف شخصياً- شأني شأن الكثيرين في إسرائيل- الجروح الناجمة عن الإرهاب ، إذ كنتُ قد أصِبتُ بجروح بصفة جندي خلال عملية تحرير الرهائن الذين اختُطفوا على متن طائرة (سابينا)، كما كان شقيقي يوني قد سقط شهيداً في عملية تحرير الرهائن، الذين تم اختطافهم على متن طائرة الخطوط الجوية الفرنسية (إير فرانس) إلى مطار عنتيبي الأوغندي، كما هلك خيرة أبنائنا على مرّ السنين من جراء الاعتداءات الإرهابية، فيما سقط مقاتلونا الأماجد في معارك بطولية ضد الإرهاب، وكان آخرهم أولئك الذين سقطوا مؤخراً في عملية "الجرف الصامد".

وعودة لما جاء في كتابة ومقارنته بتصريحاته الأخيرة، أذكر بعض ما جاء فيه، لنرى مدى تطابق تماسك المشروع اليهودي في إشاعة أكاذيبه وتمثيل دور الضحية ففي فصول الكتاب السبع ظل هاجسه الأول ليس مقاومة الإرهاب حقاً ولكن قمع كل مقاومة للاحتلال اليهودي، لكي يتحقق لهم الأمن الذي ينشدوه، مستفيدا من كل جزئية من الأجواء المحلية والعالمية المهيأة أصلاً لاستقبال تلك الأفكار . 

وفي بداية كتابه نجده يأخذ على الساسة الغربيين أنهم لم يصدقوا إلا متأخراً جداً  " كلام اليهود " الذين نبهوا منذ وقت مبكر إلى خطر الإرهاب

 الإسلامي، وأن هؤلاء الساسة لم يروا بوضوح حدود الإرهاب ، فيقول :

 " الإرهاب أخطر من الجريمة المنظمة ، والإرهاب الإسلامي هو الأشد خطراً من غيره ، بل أشد من النازية والفاشية " .

وأضاف: " بأن الإرهاب يمثل تهديداً استراتيجياً للسلام ولمستقبل دولة " إسرائيل " – مشيراً بأن حرب سيناء ، وحرب 67م وحرب لبنان – حدثت بصورة مباشرة أو غير مباشرة نتيجة للإرهاب العربي ضد إسرائيل!! .

ويقول : وعلى ذلك " يجب أن يصبح إضعاف الإرهاب العربي بصورة مستمرة إلى حد قمعه واقتلاع جذوره هدفاً رئيسياً في السياسة الإسرائيلية وأية اتفاقية توقعها دولة إسرائيل مع العرب يجب أن تكون موائمة لهذا

الهدف ، ويجب أن تؤدي إلى تقليل الإرهاب " .

ويكتب : " يجب علينا أن نتذكر مبدءاً واحداً وهو : أننا لن نستطيع تعبئة قوى أخرى إذا لم نجند أنفسنا أولاً ، فلن يحارب أحد الإرهاب الموجه ضدنا إذا لم نفعل ذلك أولاً بأنفسنا وبكل قوانا . وهذا الصراع سيمهد الطريق أيضاً لقيام سلام حقيقي بيننا وبين الفلسطينيين،  وكذلك بيننا وبين باقي الأطراف في العالم المهدد هو الآخر بداء الإرهاب " .

ومن عجيب ما جاء في كتابه : " يجب أن نقول ونكرر لمواطني المجتمعات الحرة بأن الإرهابيين حيوانات مفترسة متوحشة ويجب معاملتهم تبعاً لذلك "!!إن ردع العنف الإرهابي يتطلب يقظة دائمة شأنه في ذلك شأن النضال ضد أي نوع من أنواع العنف .

 واعتبر أن الأحزاب السياسية الإسلامية قد احتلا مكان الشيوعية والفاشية ، وأن كراهية المسلمين للغرب أصلية ، ومن العبارات الخبيثة التي أوردها قوله : " إن دعاة التطرف الإسلامي والقومية العربية لا يكرهون الغرب بسبب تأييده لإسرائيل وإنما يكرهون إسرائيل بسبب الغرب ، أي بسبب أنها واجهة للحضارة والديمقراطية الغربية !  وهي إشارة أراد بها أن يوحي للغربيين أن الكيان اليهودي يدفع الكثير لقاء انتمائه للغرب !!.

ولم يكتفي بذلك بل وسع دائرة التحريض والدس ، فوجه أسهم الاتهام للمسلمين المقيمين في العالم الغربي ، وقال : " إن أنشطتهم ليست سوى مراكز للإسلام الحربي ، وأن جموعهم تعد جسراً للإرهاب وامتداداً له" .

" ما ينبغي عمله " : وفيه يصل نتنياهو إلى بيت القصيد مجيباً على السؤال :

وفي ختام كتابه قال : ما الذي ينبغي عمله ؟

لا بد من أمرين في البداية لمحاربة الإرهاب :

الأول : فهم نوعية هذا التهديد وطابعه .

الثاني : العلم بأنه من الممكن القضاء عليه .

وحدد المقصد من تأليفه للكتاب بالآتي : إن هذا الكتاب يعد بمثابة دعوة للقيام بعمليات إذا ما نفذت بقرار صلد وبإصرارية فإنها سوف تزيل هذا التهديد .

   وأضاف : وسوف أورد سلسلة من الوسائل التي يمكن للأنظمة الديمقراطية اتخاذها للقضاء على الإرهاب وإبادته : ( وبدأ الشيطان يعظ!! )

1.فرض عقوبات ( المقاطعة والحصار ) على موردي التقنية النووية للدول الإرهابية .

2.فرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية وعسكرية على الدول الإرهابية ذاتها.

3.محاربة وتحييد جيوب الإرهاب ، كحماس والجهاد الإسلامي وكشمير..

4.تجميد ثروات الدول الإرهابية المودعة بالغرب وأن يشمل التجميد ثروات المنظمات الإسلامية العربية التي تودع أموالها في الولايات المتحدة والغرب .

5.التعاون الاستخباراتي وأن ترفع القيود على تلك المعلومات ليتسنى ضرب المواقع الإرهابية في العالم .

6.إدخال تغييرات على القوانين والتشريعات تمكن من متابعة والقيام بعمليات أكثر شمولية ضد المنظمات المحرضة على العنف ، وذلك بإعادة النظر في الوسائل القانونية التي تنظم عملية مكافحة الإرهاب وإعطاءها صلاحيات أوسع من غير حدود وذلك باعتبار :

أ‌.اعتبار جمع الأموال وتحويلها إلى منظمات إرهابية خروجاً عن القانون وجريمة يعاقب عليها القانون ، ويحذر من صناديق الزكاة في العالم الإسلامي والغربي

ب‌.السماح بالتحقيق مع الجماعات التي تنادي بالإرهاب ويقصد بذلك كل الجماعات الإسلامية والأفراد.

ت‌.تخفيف الشروط لتنفيذ الاعتقالات بدون أمر محكمة .

ث‌.يجب وضع قيود على حق الاحتفاظ بسلاح .

ج‌.يجب تشديد قوانين الهجرة – ويضيف - فمن المعروف جيداً حالياً أن إرهابيين من الشرق الأوسط قد حولوا الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا ودولاً أخرى إلى بلاد بلا مأوى بسبب قوانين الهجرة الضعيفة فيها.

ح‌.مطاردة إيجابية للإرهابيين ، بمعنى أن تترادف الصلاحيات القضائية مع السلطة التنفيذية وأجهزة الأمن وأن يكون الهدف الأول اقتلاع المنظمات الإرهابية من جذورها .

خ‌.عدم الإفراج عن الإرهابيين المسجونين ورفض الإفراج عن إرهابيين أدينوا بصورة قانونية من السجون . ويصف الكيان اليهودي بأنها الدولة الرائدة في السياسة المناهضة للإرهاب.

د‌.تدريب قوات خاصة لمكافحة الإرهاب وتحديث العناية بتدريب وتأصيل وحدات خاصة تجهز بأسلحة حديثة ومتطورة لمحاربة الإرهاب . ويقول لقد حققت إسرائيل في هذا المجال نجاحات مثيرة .

ذ‌.تعليم الشعب على معارضة الإرهاب من خلال إبراز الجانب غير الأخلاقي في أساليبهم وأن الإرهابي له طبيعة قاسية ووحشية .

  وبهذه التوصيات والقرارات أنهى بنيامين نتنياهو كتابه محاربة الإرهاب والتطرف التي أخذ بها ونفذ معظمها سواء عن طريق ما يسمى بالنظام العالمي الجديد ، والقرارات الصادرة من الأمم المتحدة أو فرض تلك الوصايا بالقوة كما هو الحال الذي نعيشه .

ونقول لهذا المجرم ما رأي نتنياهو بمذبحة جنين ونابلس ومخيم طولكرم ومخيم خان يونس وغيرها الكثير الكثير وماذا نسمي ما حصل في مدرسة بحر البقر في مصر ؟ وماذا نسمي مذبحة قانا بلبنان ؟ وماذا نسمي ما حصل في مذبحة صبرا وشاتيلا ؟

وماذا نسمي الاعتداءات اليومية المستمرة على شعب أعزل ؟ وماذا نقول حين تقصد غزة ومدارسها ؟ ألا يعد هذا إرهاباً ، والجواب أننا نشهد ونقر لك بأنك يهودي حتى  النخاع فبراعتك في تلبيس الحقائق وفنك في تشويه التاريخ يشهد على ذلك .

 

.