فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

تحديد مكان الهيكل عند اليهود



لم يستطع أحد من الباحثين اليهود تحديد مكان الهيكل بصورة لا تقبل الشك حتى يومنا هذا .  عند اليهود عدة آراء ونظريات بشأن مكان الهيكل، ونذكر منها ما يلي :

 

1.  تحت المسجد الأقصى المبارك وأن المسجد الأقصى قد بني على أنقاض الهيكل.

2.  البعض يرى أن الهيكل يقع فوق الصخرة وأنها أي الصخرة حجر الأساس لانتشار الكون .

3. وآخرون يرون أن مكان الهيكل يقع بين المسجد الأقصى ( المصلى ) وبين مسجد قبة الصخرة في داخل أسوار المسجد الأقصى .

4.  ويرى بعض حكماء اليهود أن الهيكل موجود على جبل جرزيم قرب نابلس .

5.  والبعض يقول أنه في بيت أيل شمال القدس وجنوب رام الله في لوزة أو لوز .

 

·  والسؤال :لماذا يعرف المسلمون أماكن مقدساتهم في مكة المكرمة والمدينة النبوية وبيت المقدس ولا يختلف اثنان في ذلك .

·        ولماذا لا يعرف اليهود بالتحديد مكان مقدساتهم ؟

·        لماذا يختلفون ولا يتفقون في ذلك ؟

·        والسؤال : أين هيكلكم المزعوم يا يهود ؟

·  والسؤال كذلك لماذا يتشبث اليهود بمدينة بيت المقدس مع العلم أنه لا توجد علامات أو إشارات أو إثباتات تشير إلى أماكن المقدسات اليهودية بها ؟

·   لماذا لا يتشبث اليهود بمدينة الخليل بدلاً من مدينة القدس مع العلم أنها حسب رأيهم مدينة الأباء والأجداد ؟ .

·        من هو داود وسليمان بالنسبة لليهود ؟ كانا ملكين . . .

·        ومن هو إبراهيم عليه السلام بالنسبة لليهود ؟ كان نبياً!!

·        فكيف تقدس مدينة الملوك ولا تقدس بنفس الدرجة مدينة الأباء والأجداد ؟

·        ثم السؤال الذي يطرح نفسه ؟ هل وجود اليهود في القدس هو من أجل الأهداف السياسية أم الدينية ؟

 

 

لا بد أن تعلم:

·  المسجد الأقصى مُعظم قبل سليمان عليه السلام لأنه ثاني مسجد وضع في الأرض لقول النبي صلى الله عليه وسلم.

 

·       أن جميع الأنبياء مسلمين وجاءت دعوتهم للاستسلام لأوامر الله تعالى ودعوتهم دعوة التوحيد .

 

·       وهل المسجد الأقصى مقدس بعد نبي الله سليمان أو قبله .

 

·       أين اليهود عن المسجد الأقصى مئات بل آلاف السنين .

 

·       هل يعلم اليهود ما هو المقدس عندهم في القدس.

 

·  التاريخ عند اليهود والتوراة تثبت أن دخول اليهود إلى أرض فلسطين كان حدثاً على هذه الأرض وأن لها سكانها الأصليين ولهم مدنهم وقراهم وحضارتهم قبل مجيء اليهود إلى البلاد بآلاف السنين .

 

 

الأكذوبة :

 

" المسلمون بنوا المسجد الأقصى على أنقاض الهيكل !!"

الحقيقة :

 إن بقعة المسجد الأقصى لها قداسة على مر العصور ، منذ آدم عليه السلام ومن جاء بعده من الأنبياء والأولياء والعباد ، وقداسة هذه البقعة - المسجد الأقصى - لم تكن لنبي من الأنبياء ، ولا لأمة من الأمم ،  فقد اختارها الله عز وجل واصطفاها لتكون مسجداً للمسلمين الموحدين .

 

وبيت المقدس أقدم بقعة على الأرض عرفت عقيدة التوحيد بعد المسجد الحرام في مكة المكرمة ، وأن الفرق بين مدة وضعهما في الأرض أربعون سنة أخرج البخاري في صحيحه بالسند إلى أبي ذر رضي الله عنه قال : قلت : يارسول الله أي مسجد وُضِعَ في الأرض أول ؟ قال : " المسجد الحرام " قال : قلت : ثم أي ؟ قال : " المسجد الأقصى " قال : كم كان بينهما ؟ قال : " أربعون سنة ، ثم أين ماأدركتك الصلاة بعد فصله ، فإن الفضل فيه " .

 

وأساس البناء الأول ثابت في هذه البقعة المباركة ، وكل من تتابع على إعمار أو بناء أو إصلاح أو تطهير لهذه البقعة إنما فعل ذلك على الأساس القديم . قال تعالى عن إبراهيم ولوط: (ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين) وتلك البركة كانت فيها قبل إبراهيم عليه السلام .

 

 

وفي خطاب موسى عليه السلام لقومه : ( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة )  دليل على أن القدس وفلسطين مقدسة منذ القِدم ، قبل أن يحل بها قوم موسى عليه السلام لأن وجود المسجد الأقصى في القدس وفلسطين  قبل حلول بني إسرائيل في فلسطين ، وقبل أنبياء بني إسرائيل الذين يزعم اليهود وراثتهم .

 

وما قام به سليمان عليه السلام في بيت المقدس ، ليس بناءً لهيكل ، وإنما هو تجديد للمسجد الأقصى المبارك الذي هو ثاني مسجد وضع في الأرض كما ثبت في الحديث الصحيح ، فالمسجد الأقصى قبل سليمان وموسى وإبراهيم عليهم السلام، وجدد بناءه أنبياء الله تعالى : إبراهيم وإسحاق ويعقوب وسليمان عليهم السلام ، فالمسجد الأقصى مسجد للأمة المسلمة ، وليس معبداً لليهود .

 

     وما أمر الله ببناء المسجد الأقصى إلا لعبادته في هذه البقعة المباركة ، وبقعة المسجد الأقصى كانت موجودة ومعروفة ، ولذلك سكن اليبوسيون بجوارها ، ولم يسكنوا فيها ، لأنها محل للعبادة .

 

      وكانت تلك الأرض وهذا المسجد مسرى النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي قوله تعالى : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله .. ) دلالة على أن البركة موجودة ، وأن الله تعالى أسرى بعبده إليه تذكيراً الناس ببركته وقدسيته .

 

 

      فهل يعقل أن المكان الذي أسري بالنبي صلى الله عليه وسلم إليه هو الهيكل ، أو مكان الهيكل؟!! .. لا بل أسري به إلى المسجد الأقصى البقعة المباركة .

 

     وما كان بناء المسلمين من أمة محمد للمسجد الأقصى حين فتحوه إلا تجديداً لبناء المسجد الأقصى ، والذي حين أسري بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم إليه لم يكن قد بقي فيه بناءٌ قائمٌ ، وثبت للمسجد الأقصى تسميته " بالمسجد الأقصى" في نص القرآن في أول سورة الإسراء قبل أن يجدد بناءه عمر – رضي الله عنه بعد فتحه .

 

 

     وفي الأخبار اليهودية المصنوعة يذكرون الهيكل ، ويذكرون المذبح ، وفي المصادر الإسلامية المسندة ، جاء اسم " المسجد الأقصى " وجاء اسم "بيت المقدس" وجاء " اسم المحراب " ، وليس في الأخبار الإسلامية الصحيحة ما ينص على أن ما بناه سليمان هيكلاً  ، لأن كلمة هيكل مروية عن كتب أهل الكتاب ، ونحن لا نثق بما تقوله تلك الكتب ، ولا نركن إليها عند تحقيق تاريخنا الإسلامي ، وما جاء مصطلح الهيكل الأول والهيكل الثاني إلا من ألفاظ ومصطلحات توراتية .

 

والمصدر الوحيد لأخبار الهيكل أسفار بني إسرائيل ، وهذه تقوم على الأحلام والذكريات ، فليست منسوبة إلى نبي ، ولم يكتبها من كتبها في وقت الأحداث التي ترويها، بل بعدها بمئات السنين ، فجاء أكثرها من نسج الخيال .

 

   والثابت بالأدلة الشرعية المعتمدة لدينا نحن المسلمين أن الذي بناه سليمان مسجداً وأن بناء سليمان عليه السلام بناء تجديد وتوسعة وإعداد للعبادة لا بناء تأسيس .

 

 

   روى النسائي في السنن بالسند إلى عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول  " أن سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم لما بنى بيت المقدس ، سأل الله خلالا ثلاثة سأل الله عز وجل حكما يصادف حكمه فأوتيه ، وسأل الله عز وجل ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأوتيه ، وسأل الله عز وجل حين فرغ من بناء المسجد أن لايأتيه أحد لا ينهزه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه ". صححه الألباني.

 

 

     وقال القرطبي في ( الجامع لأحكام القرآن 4/138 ) :" إن الآية أي قوله تعالى: " وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت " آية 127 البقرة – والحديث (ويقصد بذلك الحديث الذي رواه النسائي) لا يدلان على أن إبراهيم وسليمان عليهما السلام ابتدأ وضعهما بل كان تجديداً لما أسس غيرهما " .

 

 

وذكر أكثر المفسرين أن إبراهيم عليه السلام قد جدد بناء المسجد الأقصى وأقامه ليكون مسجداً للأمة المسلمة من أبنائه وذريته المؤمنين برسالته ودعوته .

 

 ومن هذا يتبين أن ما قام به سليمان عليه السلام في بيت المقدس ، ليس بناء لهيكل وإنما هو تجديد للمسجد الأقصى المبارك كما فعل إبراهيم عليه السلام في المسجد الحرام  ،  فهو قبل سليمان وموسى ويعقوب وإبراهيم عليهم السلام ، ليكون مسجدا للأمة المسلمة .

 

 

      في توراة اليهود المحرفة لا تجد وصفاً لمكان الهيكل ، بل اقتصروا على وصف بنائه ومحتواه فقط ، والطائفة السامرية ،  وهي من طوائف اليهود تقول إن مكان ما يسمى بالهيكل هو على جبل جرزيم في نابلس وليس القدس ، بل ولا يعتقدون بهذا الوصف لهذا الهيكل ، ويرون أن هذا المعبد هو ( خيمة ) وليس مبنى حجرياً مطلياً بالذهب ، وتسمى ( خيمة الاجتماع ) .

 

 

      وأثبتت الحفريات التي تمت من قبل اليهود تحت حائط البراق والمسجد الأقصى على أن الآثار الموجودة جميعا آثار إسلامية وليس هناك أي اثر للحضارة اليهودية المزعومة .

 

 

بل أن عصبة الأمم والتي ساهمت في تمكين اليهود واحتلالهم لأرض فلسطين ووضعها تحت الانتداب لضمان تنفيذ هذا المشروع الاستعماري ، والذي تبعه تقسيم فلسطين ، ومنح الوجود اليهودي الصهيوني شرعية مستمدة من الشرعية الدولية ، أقرت بأن حق الملكية للحائط وحق التصرف به وما جاوره من الأماكن عائد للمسلمين ، وإن الحائط نفسه هو ملك للمسلمين ، وهو جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى .

 

 

       وذلك باعتراف اليهود أنفسهم عدم ملكيتهم لأي دليل ووثيقة تؤكد ملكيتهم للحائط المتنازع عليه ، وقد اعترف اليهود أنفسهم أمام لجنة التحقيق التي شكلتها عصبة الأمم عام 1930م أيام الانتداب البريطاني على الرغم من تعاطفه اللامحدود ، لإيجاد وطن قومي لهم ( انهم لا يدعون بملكية حائط البراق ، ولا الرصيف المقابل له ) .

 

 

والحمد لله فان الحق الشرعي والتاريخي للمسلمين في القدس لا يمكن لليهود مهما قدموا من مزاعم ، أو أقدموا على عمليات التهويد أن ينزعوه منا شرعا وتاريخا لان ثبوت الحق لأهله ، لا تزلزله شهادات لصوص الأرض .

 

       والمسجد الأقصى على مر التاريخ كان مسجداً إسلامياً ، وملكاً للمسلمين، ومن قبل أن يوجد اليهود ، ومن بعد ما وجدوا ، وفلسطين أرض الأنبياء ، وستبقى محبة المسجد الأقصى وبيت المقدس مستمرة في نفوسنا ، فهذا من عقيدتنا، ولن ينجح الأعداء في انتزاع هذه المحبة مهما بذلوا من جهود في ذلك ، وستبقى إن شاء الله إلى قيام الساعة لأنها عقر دار المؤمنين وقيام الطائفة المنصورة .

 

  

 والمسجد الأقصى  للمسلمين طال الزمان أو قصر ، فالعاقبة للمتقين ، وسيعود إلينا بإذن الله ، وهذا وعده سبحانه ، والله لا يخلف الميعاد ، والله جعل هذه الأرض المقدسة لأطهر وأقدس أمة ، الأمة التي تحمل أطهر وأقدس رسالة ، وهي أمة محمد صلى الله عليه وسلم ،  وأتباع محمد صلى الله عليه وسلم هم الذين اختارهم الله لعمارة أرض الأقصى ، وتعلقت قلوبهم بحبها وفدائها والدفاع عنها، والمسلمون من بعدهم ، وهم الذين بذلوا أرواحهم لطرد الروم والصليبيين منه ، ودفعوا تسع حملات صليبية عنه ، فأين كان اليهود كل هذه القرون إذا كانوا أصحاب حق في القدس ؟! .

 

 

و يدلك على تهافت زعمهم هذا أنهم حاولوا في 15 يوليو عام 1968 م(1) أن يشتروا المسجد الأقصى و المنطقة المحيطة به ، و هل يشتري الإنسان ما يملكه ؟

 

و قد قررت اللجان الدولية و العربية  و الإسلامية أن حائط البراق ، و ما حوله من أوقاف المسلمين ، و ليس لليهود حق في ملكية حجر منها " اهـ.

 

و قد أثبت علماء الآثار أن حائط البراق من بناء المماليك ، و المعروف تاريخيا أن "طيطس " الروماني عندما هدم الهيكل ، لم يبق منه حجرا واحدا ، و ما ادعاءات اليهود حوله الآن ، إلا خدعة لتجميع اليهود و الانطلاق إلى ما وراء الحائط للوصول إلى المسجد الأقصى ، و كانت بعثة أمريكية للآثار جاءت لتنقيب و البحث عن هيكل سليمان سنة 1969م، أكدت فشلها في العثور عليه (2).

 

 

و قد أقر الإنكليز في فترة احتلالهم للمنطقة  غير ما مرة ملكية المسلمين للحائط ، و هذا أحد كبراء اليهود مناحيم بيغن يشهد بذلك حيث يقول(3) : " والنزاع على حائط المبكى و المدينة القديمة لم يكن سوى الظل للنضال الأوسع من أجل ملكية إسرائيل ، و للإنصاف :فقد فهمت السلطات البريطانية القيمة السياسية للرموز التقليدية ، و قد كتب دزرائيلي بالإنكليزية لا بالعبرية : بأن الشعوب تقاد بالقوة و بالتقاليد ، و استخدمت السياسة البريطانية لتسديد ضرباتها في قلب التقاليد اليهودية و استخدام الإنكليز العرب و المسلمين كما في أي مكان، و كالعادة : شكلت لجنة تحقيق نشرت حكمها ، و لكن هذه المرة بشكل قرار وزاري في 1929 م و يقول النص بوقاحة :" إن للمسلمين وحدهم الحق في ملكية حائط المبكى و الأراضي المجاورة للمنطقة المشرفة على الجدار ، و ينص على منع اليهود من قرع " الشوفار " على حائط المبكى ..".

 

بل إنه في أيار من سنة 1918م طلب وايزمان من السلطة العسكرية الإنجليزية التوسط لشراء الممر المؤدي لحائط المبكى ، و قدم ثمانين ألف جنيه ثمنا ..و لكن أهل القدس رفضوا هذا بالإجماع .

 

و هذا حجة على اليهود ، فطلبُ زعيمِهم شراء المكان دليلٌ على أنهم لا يملكونه ، و هل يشتري إنسان حقاً له مسلوب ؟!(4).

 

-----------------------------------------

 

(1) : المجتمع ، عدد :1283 ، الملف الإعلامي رقم :2 ، ص:75 .

 

(2) : تاريخ مدينة القدس ص:55 ،  و فلسطين و المزاعم اليهودية ص:263.

 

(3) : تمرد إسرائيل ص :65.

 

(4) : بيت المقدس ص:222.

 

.