فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

الرذائل وفخ المصطلحات

      للكلمات دلالات ومعاني ، تكمن خطورتها في هيمنة الأقوياء على إطلاقها وتعريفها وعولمتها، لتسود القيم الإباحية المنحرفة والتي تهون من شأن المحرمات، وتضرب قيم الأسرة والعلاقات الاجتماعية بلا قيود أخلاقية، فأشاعت المحرمات ، وكسرت القيود ، عبر الكثير من المؤتمرات والندوات ووسائل الإعلام لنشر الإباحية والرذيلة ، من خلال تعميم الرذائل باسم حقوق الإنسان والحرية الشخصية ، وتقويض بناء الأسرة؛ لأنها – في زعمهم – أكبر عائق من عوائق التقدم والرفاهية، فهي أقدم مؤسسة اجتماعية يدَّعون أن الرجل يتسلط من خلالها على المرأة .

       في الماضي كانت الأسرة في الشرق والغرب - تضم ثلاثة أجيال الجد والجدة، والأبناء وزوجاتهم، والأحفاد، ومن ثم انكمشت الأسرة إلى الأسرة التي تضم رجلاً وزوجته وطفليهما، وأطلق عليها مصطلح " الأسرة النووية "!! ويقصدون بذلك الأسرة الأساسية، أي نواة تكوين الأسرة.

      أما الآن ، فقد أصبحوا - في الولايات المتحدة على وجه الخصوص - يسمون الأسرة النووية " الأسرة الأساسية " ، وظهرت مسميات وأنماط لأسر مختلفة - غريبة الأطوار والفطرة والإنسانية - لتكريس المفهوم الغربي للأسرة ، وأنها تتكون من شخصين يمكن أن يكونا رجل وامرأة أو من نوع واحد ، نذكر نماذج لتكوينها:

·      أب مع أطفاله وصديقته أو أطفالهما.

·      أم وصديقها مع أطفالها أو أطفالهما.

·      أم وصديقتها مع أطفالها أو أطفالهما.

·      أب وصديقه مع أطفاله أو أطفالهما.

·      أم وأب وصديقه وأطفالهم، وبذلك حدث تعديل طفيف إذ انضم للأسرة عشيق الأب ووافقت الأم على ذلك!!.

·       أم وأب وصديقتها وأطفالهم!!.

 

     و"الأطفال غير الشرعيين"  كانوا يسمون بهذا الاسم، ولكنهم أصبحوا يسمون "أطفال أم غير متزوجة"، ثم اكتسبوا أخيراً اسماً حتمياً لطيفاً هو "أطفال طبيعيون" يعني أن الحادث تم قيده ضد مجهول أو أنه ثمرة الطبيعة. وأخيراً أصبحوا يسمون "أطفال الحب/ الجنس" مع أنه في واقع الأمر هؤلاء الأطفال لا علاقة لهم بالحب أو الكره، فهم نتيجة علاقات عابرة لقضاء شهوة آنية، ومهما كان المعنى المقصود فإن تلك المصطلحات تخفي الأصول، وتجعل ظاهرة الأطفال غير الشرعيين ظاهرة طبيعية تماماً، والانتقال من الحرام إلى الحياد ثم إلى الحلال.

       وأصبحت المومسات يطلق عليهن الآن مصطلح " عاملات الجنس " وأوجدوا بذلك مسمى جديداً للداعرة والبغي وهو "عاملة جنس".

 

      وفي بطاقات الطيران في الغرب والولايات المتحدة - كان يكتب مصطلحاً لتحديد نوع الراكب: ذكر أو أنثى، ويصطلح عليها بكلمة هي الجنس، وفجأة اختفى هذا المصطلح ليحل محله مصطلح جديد وهو: Gender  والسر في هذا التبديل أن كلمة الجنس تعني الوضع التشريحي أي الأعضاء التناسلية التي تميز الذكر من الأنثى أما كلمة Gender فلا يهمها الوضع التشريحي، بل يقصد بها ميول الشخص لعله يكون ذكراً يشعر بمشاعر الأنثى أو العكس، وعليه أن يظهره بلا حياء ولا خجل، من باب الحرية الشخصية.  

 

        وأعطي للشواذ كل الحقوق باعتبار أن ذلك الفعل من الحرية الشخصية التي لا تمس، وأطلق عليهم مصطلحات ومسميات لتجعل التحولات الخطيرة أمراً طبيعاً، فالشاذ جنسياً في بريطانيا كان يعاقب بالحبس والغرامة، وبعدها خففت العقوبة وصارت غرامة بغير حبس، وبمضي الوقت ألغيت العقوبتان وأصبح الشذوذ مباحاً، وتطورت المسألة وطالب الشاذون بحقوقهن في الوظائف العامة، وأصبح التعريض بهم تمييزاً عنصرياً يحاسب عليه القانون وأصبحت دور العبادة عندهم تبارك مثل هذا الزواج وتعطيه الحقوق المتبعة في الزواج الطبيعيي من ميراث وحقوق مالية والتبني

 

       وفي نيويورك وافق المؤتمر المركزي للحاخامات التابع لحركة الإصلاح اليهودية على مباركة زواج الشواذ من الجنسين في طقوس دينية يهودية وقال رئيس المؤتمر: إن من حق الشواذ الاعتراف بزواجهم واحترامهم، وذهب المؤتمر اليهودي بموافقته تلك إلى مدى أبعد من أي حركة دينية أخرى في الولايات المتحدة في منح حقوق الشواذ.

      ووصل الأمر في هولندا باتهام من ينتقد الشذوذ بأنه تعدي على القيم!!، حيث رفعت أكثر من خمسين منظمة في هولندا العرائض على رجل انتقد الشذوذ علناً.

 

        وتحت تلك المصطلحات أرادونا أن نستسلم لمسميات الغرب الفاسدة في مضامينها ومعانيها ودلالاتها ، بل الخطر وكل الخطر في قبولها والتعامل بها ، لأنه يعني الرضا بتلك الرذائل وما تعنيها.

     

     ولهذا لابد من الإشارة إلى مسؤولية العلماء، والدعاة، وطلاب العلم، والمثقفين، والإسلاميين، والإعلاميين، والمؤسسات التربوية، والمراكز النسائية، في التنبيه على خطورة تلك المصطلحات وبيان مراميها ومعانيها ومخالفاتها الشرعية !!.

 

عيسى القدومي

.