فتاوى فلسطينية / السياسة الشرعية

فتاوى متعلقة بأحداث غزة ونصرة أهل فلسطين

لجنة البحث العلمي

في كل عدد نقدم مجموعة من الفتاوى المقدسية، التي تعالج الواقع الفلسطيني من منظور شرعي تأصيلي، بهدف بيان الرؤية الصحيحة لقضية فلسطين، نحاور فيه علماءنا الربانيين، ودعاتنا العاملين على الساحة، نلتمس منهم معالم فهم الأحداث، وتأصيل الواقع، وإنزاله على القواعد الصحيحة.

فتاوى تم انتقاؤها بعناية فائقة لتكون إرواء للمتعطشين من أبناء أمتنا الذين ينشدون الحكمة، لا سيما وأننا نعيش أياما مريرة في ظل مجازر ومحارق يهودية في غزة الاباء يندى لها الجبين. ومركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية إذ يقدمها ليأمل أن تكون الزاد الحقيقي الذي يضع النقاط على الحروف وينير معالم الطريق إلى النصر والتمكين.

اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء: نصرة غزة تقع على كل طرف بحسب استطاعته

الخميس 5 من محرم ١٤٣٠ه ١-١-٢٠٠٩م

أصدرت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية بيانا بخصوص العدوان الذي تمارسه قوات الاحتلال "الإسرائيلية" بحق قطاع غزة.

وأكد بيان اللجنة الدائمة أنها تابعت بالحزن والأسف ما يحدث في غزة من انتهاكات واعتداءات على كل المحرمات، وشاهدت كل أنواع الجرائم ترتكب بحق المدنيين الأبرياء في غزة.

وذكرت اللجنة الدائمة أن أحداث غزة تفرض على المسلمين التضامن مع إخوانهم ونصرتهم والتحرك لتخفيف معاناتهم.

وأشار بيان اللجنة الدائمة للبحوث العلمية إلى أن نصرة شعب غزة تكون مادية ومعنوية وتقع على كل طرف بحسب استطاعته وتشمل المال والطعام والدواء وغير ذلك، وطالبت حكومات الدول العربية والمسلمة السعي لإنهاء حالة الحصار المفروضة.

ودعت اللجنة الدائمة من أسمتهم بعقلاء المجتمع الدولي من أجل النظر في تداعيات ما يجري في غزة، والعمل على إنصاف الشعب الفلسطيني وإعطائه حقوقه.

وفيما يلي نص البيان الصادر:

(الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى أله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد:

فان اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في المملكة العربية السعودية تابعت بكل أسى وحزن وألم ما جرى ويجري على إخواننا المسلمين في فلسطين وفي قطاع غزة على الخصوص من عدوان وقتل للأطفال والنساء والشيوخ، وانتهاك للحرمات وتدمير للمنازل والمنشآت، وترويع للأمنين، ولا شك أن ذلك إجرام وظلم في حق الشعب الفلسطيني.

وهذا الحدث الأليم يوجب على المسلمين الوقوف مع إخوانهم الفلسطينيين والتعاون معهم ونصرتهم ومساعدتهم والاجتهاد في رفع الظلم عنهم بما يمكن من الأسباب والوسائل تحقيقا لإخوة الإسلام ورابطة الإيمان، قال الله تعالى: }إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {(لحجرات: ١٠)، وقال  عز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ {(لتوبة:71)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه" (متفق عليه)، وقال أيضا عليه الصلاة والسلام: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر" (متفق عليه)، وقال عليه الصلاة والسلام: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه ولا يحقره" (رواه مسلم).

والنصرة شاملة لأمور عديدة حسب الاستطاعة ومراعاة الأحوال سواء كانت مادية أو معنوية، وسواء كانت من عموم المسلمين بالمال والغذاء والدواء والكساء وغيرها، أو من جهة الدول العربية والإسلامية بتسهيل وصول المساعدات لهم وصدق المواقف تجاههم ونصرة قضاياهم في المحافل والجمعيات والمؤتمرات الدولية والشعبية، وكل ذلك من التعاون على البر والتقوى المأمور به في قوله سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى{(المائدة:2).

ومن ذلك أيضا بذل النصيحة لهم ودلالتهم على ما فيه خيرهم وصلاحهم، ومن أعظم ذلك أيضا الدعاء لهم في جميع الأوقات برفع محنتهم وكشف شدتهم وصلاح أحوالهم وسداد أعمالهم وأقوالهم.

هذا وإننا نوصي إخواننا المسلمين في فلسطين بتقوى الله تعالى والرجوع إليه سبحانه؛ كما نوصيهم بالوحدة على الحق وترك الفرقة والتنازع وتفويت الفرصة على العدو التي استغلها وسيستغلها بمزيد من الاعتداء والتوهين.

ونحث إخواننا على فعل الأسباب لرفع العدوان على أرضهم مع الإخلاص في الأعمال لله تعالى وابتغاء مرضاته، والاستعانة بالصبر والصلاة، ومشاورة أهل العلم والعقل والحكمة في جميع أمورهم، فإن ذلك أمارة على التوفيق والتسديد.

كما أننا ندعو عقلاء العالم والمجتمع الدولي بعامة للنظر في هذه الكارثة بعين العقل والإنصاف لإعطاء الشعب الفلسطيني حقوقه، ورفع الظلم عنه حتى يعيش حياة كريمة، وفي الوقت نفسه نشكر كل من أسهم في نصرتهم ومساعدتهم من الدول والأفراد.

نسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يكشف الغمة عن هذه الأمة، وأن يعز دينه، ويعلي كلمته وأن ينصر أولياءه، وأن يخذل أعداءه، وأن يجعل كيدهم في نحورهم، وأن يكفي المسلمين شرهم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلى الله وسلم على نبيا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية

رئيس هيئة كبار العلماء

الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

وأعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

علماء الشريعة بالخليج: فك حصار غزة واجب بأدلة الكتاب والسنة

الخميس 6 من ذو الحجة ١٤٢٩هـ ٤-١٢-٢٠٠٨ م

طالبت رابطة علماء الشريعة بدول مجلس التعاون الخليجي بفك الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة، مشددة على أن "فك الحصار عن أهل غزة واجب قامت على وجوبه أدلة الكتاب والسنة".

وقالت رابطة العلماء في بيان صادر عنها: "إن نصرة أهل فلسطين وغزة قد كانت واجبا شرعيا منذ أمد، وهي اليوم أوجب، وإن الله سائلنا عن التفريط بأرض فلسطين وأهلها وإن الله سائلنا عن جوعة طفل يتيم ودمعته، وبكاء أرملة واستغاثتها وعن كل قطرة دم تهدر بظلم يهود وجبروتهم ".

ووجه العلماء على لسان رئيس الرابطة الدكتور عجيل النشمي نداء إلى المسلمين، وقال: "إن الله عز وجل قد جعل نصر المسلمين وعزهم بنصرة دينه فقال: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ {، وجعل ولاء المسلمين لبعضهم، وإخوتهم ي الدين علامة الإيمان وشرطه، فقال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {، وقال: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ {.

وأضاف: وأوجب النبي صلى الله عليه وسلم النصرة العملية، نصرة المسلم لأخيه المسلم فقال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه"، وقال صلى الله عليه وسلم: "كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه"؛ فانا قد ظلمنا أهل فلسطين بل ظلمنا أنفسنا إن خذلناهم وأسلمناهم إلى اليهود والصهاينة الذين عاثوا في الأرض فسادا وتكبروا وتجبروا.

وتابع: "إن أهل فلسطين عامة وأهل غزة المحاصرين خاصة قد بلغ بهم ظلم يهود مبلغه الذي ترون ويراه العالم أجمع، أهدروا كرامتهم واستحلوا أموالهم ودماءهم، يقتلون شبابهم وشيوخهم ولا يستحيون حتى نساءهم وأطفالهم، يفسدون في الأرض الحرث والنسل والحيوان.

وقالت رابطة العلماء في بيانها- بحسب المركز الفلسطيني للإعلام- إن إخوانكم وأهليكم في غزة يحاصرهم يهود لأكثر من سنة ونصف السنة أمام مرأى ومسمع من العالم أجمع، يضربون عليهم سياجا لا ينفذ إليهم منه شيء، حتى توقفت الحياة وشلت الحركة، فلا غذاء ولا ماء ولا دواء ولا كهرباء، وتركوا أهلكم يموتون موتا بطيئا أو سريعا وي ظل رعب لا ينقطع أسرا وتقتيلا وتنكيلا".

أهل فلسطين استحقوا وجوبا الزكاة بمصارفها الثمانية:

وفي خطوة دعم مستعجلة؛ خاطبت رابطة العلماء الشريعة المسلمين ي أرض الإسلام عامة وفي دول مجلس التعاون خاصة بالقول: "إن أهل فلسطين قد استحقوا وجوبا صدقاتكم وزكاة أموالكم بمصارفها الثمانية لما ترون بأعينكم وتسمعون. كما أن قواعد الشرع ومقاصده ونصوص فقهائنا متضافرة في وجوب نقل الزكاة من بلادنا إلى البلاد الأحوج، وإن أهل فلسطين هم الأحوج والأشد حاجة، وهم اليوم في جهاد وعلى ثغر وفي رباط في أرض باركها الله واختارها مسرى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وأنزل فيها آيات تتلى إلى يوم الدين يوم الجزاء. فليكتبنا الله وإياكم من المجاهدين على أرضها بما نبذل من مال ونصرة.

فك حصار غزة واجب على حكام الدول الإسلامية:

كما قالت رابطة العلماء: " كما أن نصرة أهل فلسطين وفك الحصار عن أهل" غزة واجب على المسلمين كافة، فإنه واجب أيضا وبطريق أولى على الدول الإسلامية ممثلة في حكامها".

وأضافت: "مطلوب منهم أن ينصروهم بأكثر مما نصروهم، وأن يقدموا أكثر مما قدموا إنهم يستطيعون نصرة فعلية مؤثرة بأدوات وأساليب أهمها العون ماليا والضغط دوليا ودبلوماسيا وسياسيا ".

وتابعت: "إن الدول المجاورة لفلسطين يستطيعون مالا يستطيعه غيرهم؛ فواجبهم فتح الحدود والمعابر لتوصيل الغذاء والماء والدواء حتى يفك الحصار قياما بالواجب الشرعي والإنساني تجاه دينهم وشعوبهم وأمام التاريخ وحتى يعلم اليهود إن للمسلمين في فلسطين وغزة أنصارا وأولياء ".

وجوب نصرة المسلمين في غزة:

الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على اشرف المرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد...

فان الله تعالى ربط الأخوة بين المسلمين، كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ {(الحجرات:10)، وقال تعالى: {فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا {(آل عمران: 103)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ولا يخذله ولا يحقره"، وقال صلى الله عليه وسلم: "المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا"، وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى".. وغير ذلك من الأدلة.

وقد اشتهر ما أصاب المسلمين في قطاع غزة من دولة فلسطين، في السنوات الماضية، وفي الأيام القريبة، من الحصار الاقتصادي الشديد، الذي قامت به الدولة الصهيونية الكافرة، ومن يساعدها من سائر دول الكفار، حتى تضرر المواطنون في قطاع غزة من هذا الحصار الذي أنهكهم وأضعفهم، فلما أيقن العدو بضعفهم وقلة حيلتهم وهوانهم حتى على أقرب الناس إليهم أحدق بهم هذه الأيام، ورماهم بالصواريخ والقاذفات، وأهلك الحرث والنسل، وقتل وجرح وأدمى ما جاوز ألف شخص من مدنيين وعسكريين، ونساء وأطفال، وقصده إبادة المسلمين الذين لهم تواجد في تلك الدولة، وتسميتهم بالإرهابيين، لقيامهم بالدين الإسلامي، وكذلك مدافعتهم عن أنفسهم وعن أسرهم دفع الضعفاء بقدر ما يستطيعون، ولاشك أن اليهود أعداء للإسلام كما قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ {(المائدة: 82).

وعلى هذا فالواجب على أولئك المسلمين المنكوبين أن يصبروا ويحتسبوا الأجر في هذه المصيبة، ويتذكروا قول الله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ {(أل عمران: ١٨٩) إلى آخر الآية، وقوله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ { (البقرة، ٥٥) إلى آخر الآية.

ونوصيهم أيضا بالقيام بقدر ما يستطيعون من المقاومة والمدافعة، ويعتمدوا على ربهم ويطلبوا منه النصر على الأعداء، ويثقون بنصر الله تعالى، فانه سبحانه أخبر بذلك، فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ { (محمد:7)، وقال تعالى:} وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ { (الأنفال:10)، فعليهم أن يقوموا بما يلزمهم من حقوق ربهم، بفعل الأوامر وترك الزواجر، والالتزام بالشرع، وتحقيق الإيمان، وعدم الخوف إلا من الله، ويتذكروا قول الله تعالى: {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءهُ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ {(آل عمران:١٧٥)

ثم نذكر المسلمين في كل مكان بحقوق الأخوة الإسلامية العامة، فإن المسلمين إخوة في كل مكان، وأن أولئك المسلمين من أهل غزة من أحق من يحتاجون إلى نصر إخوانهم المسلمين بقدر الاستطاعة، حتى يرتفع عنهم ظلم الأعداء وجورهم، وهكذا مطالبة أولئك الأعداء في كل محفل برفع هذا الظلم الذي ليس له مبرر ولا سبب من الأسباب، وتخويف أولئك الأعداء من عواقب هذا الظلم والاعتداء.

كما نوصي المسلمين في كل مكان بالدعاء لإخوانهم المسلمين بالنصر والتمكين، ونرى جواز القنوت في الصلوات كلها، أو في صلاتي المغرب والصبح، دعاء للمستضعفين، ودعاء على المعتدين الظالمين، كما نتواصى أيضا بالمسارعة إلى مساعدتهم ماديا ومعنويا إذا تيسر ذلك، كالتبرع لهم بالمال، ليكون قوتا يقتاتون به، حيث قد أهلك العدو الحرث والنسل، وكذلك أيضا التبرع بالدم لحاجة مرضاهم، واستقبال أولئك المرضى والجرحى وعلاجهم بقدر الاستطاعة، رجاء أنهم يعيشون ويسعدون في الحياة مع أهليهم وأولادهم، وهكذا إرسال المعونات العينية، كالكسوة والأطعمة والأواني، وكل ما هم يحتاجون إليه.

ثم إننا نشكر من سارع لمعونة إخواننا المتضررين من أهل غزة باستقبال الجرحى في المستشفيات، مما يخفف الوطأة عليهم؛ وكذلك إرسال المعونات والمساعدات إليهم، كما فعل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز وفقه الله وأثابه خيرا، كما ندعو حكام المسلمين إلى المسارعة بعمل سياسي واقتصادي يوقف المعتدين ويظهر قوة لمسلمين، نسأل الله أن يكشف عن إخواننا ما بهم من ضر وأن يرفع عنهم البلاء ويرد عنهم كيد الكائدين وعدوان المعتدين ويعجل لهم بالنصر المبين. والله أعلم وصلى الله على محمد.

قاله وأملاه عبدالله بن عبد الرحمن الجبرين ٣٠ /١٢ / ١٤٢٩ هـ

 

فتوى الشيخ مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله في الأحداث الأخيرة في فلسطين

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛ هذه فتوى الشيخ أبو عبيدة مشهور بن حسن آل سلمان حفظه الله بشأن أحداث غزة والإجابة على بعض الأسئلة التي طرحت عليه في درس شرح صحيح الإمام مسلم رحمه الله قال الشيخ: الأسئلة كثيرة وأكثر الأسئلة التي جاءت حول نازلة غزة وغير سؤال منها حول القنوت وغير القنوت نحاول أن نتكلم عما يلزم.

أحد الأخوة يقول بعض الأئمة من إخواننا السلفيين لا يقنتون في الصلاة بحجة أنهم لا يحبون حماس؟

وآخر يقول هل يجوز قنوت النازلة للمنفرد في الصلاة؟

وآخر يقول ما موقف المسلم من أحداث غزة؟

وما موقفنا من جماعة حماس؟ وما موقفنا من المساعدات التي تجمع لها، لهم خاصة؟ وتوزع على حسب ما يرون؟

الاجابة:

لم يبق حماس ولا غير حماس، شعب بأكمله يحرق قذائف لا عقل لها لا تعرف أين تنزل، مساجد تدمر، شعب يباد، والدعاء للمسلمين، وقد رغب النبي صلى الله عليه وسلم وصحبه أن ينصر الله الروم على الفرس وحصل بينهم رهان بين أبو بكر رضي الله عنه والمشركين فكيف وحماس منا مسلمون؟ في هذه الفترة لهم ما للمسلمين من وجوب حفظ دمائهم وأعراضهم.

فأما أن نقصر في الصدقة والدعاء فهذا لا يصدر ممن في قلبه حياة! يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله قد يجمع في قلب المسلم الولاء والبراء تتبرا من أشياء وتواليه في أشياء؛ فلا يوجد براء تام إلا من المشركين، فاليوم كما ذكرت الذي يجري في غزة محرقة تأخذ الأخضر واليابس.

فالدعاء يكون في الجماعة وفي صلاة الانفراد والنبي صلى الله عليه وسلم لما دعا كان يدعو بألفاظ أحبذ لأخواني ولا سيما الأئمة أن يدعو بها والبركة في الدعاء بألفاظه، كان يقول صلى الله عليه وسلم اللهم انج فلان اللهم العن فلان؛ فلا حرج أن نقول اللهم العن وزير الدفاع اليهودي والعن كل من قرر أن يضرب المسلمين، ولا ينبغي أن نتأثر بالإعلام ولا بكلام الساسة.

سمعت من قبل كم يوم وأول ما حدثت الأحداث صليت خلف إمام سمعته قال كلمه أنا تأولتها؛ وفي درسنا الذي نحن فيه في درسنا القادم يأتينا العذر بالجهل، فدعا دعاء طيبا لكنه علق الدعاء كل الدعاء على إسرائيل، نحن لسنا ساسة ولسنا إعلاميين نحن طلبة علم شرعيين وإسرائيل في كتاب ربنا وحديث نبينا نبي الله يعقوب، فإن دعونا ندعو على يهود لا ندعو على إسرائيل وإسرائيل بريء منهم عليه السلام.

فأن تلعن إسرائيل فان هذا ردة، لأن إسرائيل لا يراد به إلا يعقوب ونحن نعتقد اعتقادا جازما أن رب إسرائيل هو ربنا وهو رب اليهود الذي ذكرت لكم ماذا يعتقدون فيه...فندعو على اليهود، لا يؤذينا عمر فنشتم خالد!

ندعو على من آذانا ونخصص وكلما أصبنا في الدعاء على أناس معينين وضيقنا الألفاظ وقصرنا حتى وصلنا إلى اسم الشخص يكون ذلك هو المراد، وهذا ادعى للإجابة، فقد يكون يهوديا غاربا ليس من فلسطين، لذا ندعو على من آذانا نسمي من بيدهم س القرار فان استطعنا أن نصل لأسمائهم نسميهم، حتى نكون عادلين وحتى نحدد من نريد وهذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم، الرسول صلى الله عليه وسلم دعا لأشخاص بالنجاة بأسمائهم ودعا باللعنة على أشخاص بأعيانهم بدون كلام قبل طويل ولا كلام بعد طويل.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم كما في مسند الإمام أحمد يدعو في الصلوات الخمس وليس في صلاة واحدة فكان دعائه صلى الله عليه وسلم على من قتل أصحابه في الصلوات الخمس وهذا يكون كما ذكرت للمنفرد والجماعة وغيرهم.

والمساعدات بالطعام والماء وما نستطيع حتى الطبيب والممرض إن استطاع أن يتحول إلى هناك وأن يقوم بنفسه بالعلاج فهذا حسن ولاسيما أن هناك مستشفيات - كما بلغني- متنقلة ستتوجه إلى غزة.

لا أكتم أن هناك خوفا شديدا على حماس من الشيعة وللأسف لا يوجد أصوات سنية عاقلة لها صلات قويه مع حماس بحيث تؤثر عليها تأثيرا صحيحا ايجابيا، والغريق يتعلق بقشة؛ والشيعة كاليهود يظهرون خلاف ما يبطنون، وهم يظهرون مواقف تنفس عن المسلم العادي؛ فلا تغتروا بهذه التنفيسات وينبغي أن تبقى الجسور ممدودة مع حماس لإنقاذهم مما هم فيه، ولكي لا يكون للشيعة تأثير مباشر عليهم ينبغي أن يحصنوا بقناعاتهم وعقائدهم من شر أولئك القوم ، وأهل السنة قصروا في هذا، وهذا الشيء نخافه ونخشاه ونخاف ونخشى أن يبعد الله النصر عنهم بسببه، فأن ينظر واحد لأبي بكر وعمر بعين فيها ازدراء أو إلى عائشة بعين فيها تنقص؛ فهذا سبب من أسباب الخذلان ، فالعقلاء ينظرون إلى مآلات الأفعال.

سؤال: أخ بعث رسالة طويلة فيها مقولة: ما البديل في شرع الله للمظاهرات والاعتصامات وما شابه؟

الاجابة:

هذه المظاهرات والاعتصامات ليست من شرع الله في شيء شاء من شاء وأبى من أبى، الحكم الشرعي الصحيح فيما يجري في فلسطين أن تفتح المعابر للجهاد بالشروط الشرعية المعروفة، وأن يشرف أولياء الأمور على تجنيد الناس، وأخذ العدة والاستعداد، وأن يأمنوا وصولهم لتلك الديار، وان يقوموا بالذي يستطيعون، هذا الشرع فيه غنية وكفاية، لا يمكن أن يكون الشرع ذهب لشيء فيه غير مصلحة المسلمين في أي وقت وأي زمان أو في أي صورة أو في أي حالة، فوالله لو كان الاعتصام والمظاهرات مشروعه لجاءت في الشرع، لجاءت في الكتاب والسنة، والذين يقومون بهذا يعلمون أنها لا تجدي، فالكفاية والغنية في الشرع ولكن من محاسن شرعنا انه فك بين مآل الإنسان في المعاش والمعاد في الأحكام الدنيوية رفعة وذلا وفي الأحكام الأخروية جنة ونارا بين المستطيع وغير المستطيع، إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، فإن لم نستطع أن نفعل شيئا والله يعلم منا صدق نوايانا وقمنا بالذي أوجبه الله علينا فحين إذ فان الله لا يؤاخذنا بين يديه ، لكن تحملوا نتائج الدنيا في الدنيا، فالنتائج تعم الجميع، فالعز والسؤدد بل الرزق رزق هذه الأمة ، كما في الحديث الصحيح: وجعل رزقي تحت ظل رمحي"؛ فرزقنا بالجهاد و الرزق حياة، وما طمع عدونا فينا إلا للخيرات التي في بلادنا.

فالعلاج الشرعي مناصرة الأخوة بالدعاء كل منا يناصر بالذي يقدر عليه؛ هذا واجب لا نريد طيش لا نريد حماقة لا نريد أعمال فردية غير مسؤولة؛ لا تأتي بثمرة وتوصل صاحبها إلى نتائج غير مرضية، نحن ننادي كل من يستطيع أن يقدم شيئا أن يقدمه لا نريد تأجيج مشاعر وكسب مواقف نريد أحكاما شرعية، فأنا والله ممن وطن نفسه والله يعلم ما أقول لو أن باب الجهاد فتح الآن لأكون بإذن الله ممن يعمل على نصرة إخوانه وأقول معذرة لهم: لا أملك غير هذا، أما أن أقوم بنفسي فهذا لا أستطيعه ولا أقبله لا لنفسي ولا لغيري؛ لأن أولياء الأمور أعرف منا بتقدير المسائل، والواجب عليهم إن قدروا أن يأمروا الناس على هذا، فهذا الواجب عليهم وإلا فقد أوصدت أبواب الجهاد أعمالنا ومعاصينا؛ وهكذا علمنا سلفنا الصالح، أعمالنا، أعمالكم أعمالكم (كما قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه) ونحن قوم نقاتل عدونا بأعمالنا (كما قال أبو الدرداء رضي الله عنه)، هذه حقائق شرعية لا نستطيع أن نغفل عنها؛ أشياء نقولها ونرددها دائما في العسر واليسر  في المنشط والمكره فيما نحب وما لا نحب مريرة على النفس لكن هذه سنن لله جل في علاه لا تتخلف، قرار فتح أبواب الجهاد ليس بأيدينا بأيدي أولياء الأمور إن فتحوا فأنا أقول واجب على كل مسلم قادر على حمل السلاح أن ينخرط تحت هذه الأبواب إن فتح أولياء الأمور لنا ذلك، وأما إذا ما فعلوا فنحن نتقرب إلى الله إلى ربنا ونسأله السداد والثبات والرشاد لجميع المسلمين بأن يوفقهم للخير وأن يسدد رأيهم وأن يبعد الله سبحانه وتعالى الشر وأن يكفينا عدونا بما شاء هذا الواجب علينا ومن محاسن ديننا كما ذكرت لكم إذا أمرتم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذا نهانا ربنا عن شيء فالواجب علينا أن نجتنبه وإذا أمرنا بشيء نفعل الذي نقدر عليه يكفي هذه الكلمة.

وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

مجلة بيت المقدس للدراسات العدد السابع

.