فلسطين التاريخ / الواقع والمأمول
من قلب الانفجار وواقع (غزة) الهدار نداء كاتب ولوعة ملهوف
من قلب الانفجار
وواقع (غزة) الهدار
{نداء كاتب ولوعة ملهوف}
مقدمة:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على إمام المجاهدين وقائد الغر المحجلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد :
فهذه..
آهات محزون ودقات مهموم وزفرات مكلوم وأنات مجروح وصيحات مكروب ..
من وسط الدماء ومستنقع الأشلاء ومربع الشهداء وعرين الأعزاء..
من بين الجرح النازف والقلب الخائف والدمع الجارف..
من غزة العزة والرباط والجهاد والصبر والمصابرة..
أمتطي رحالي بكلامي، وأسل سيف قلمي، وأعْبر خواطر جناني ، وأعِبّر عما دهاهم ودهاني..
أسيف والله ... لأنني لا أجد ما يسليني غير محبرة وقلم.
حزين ...... على ضياع أمة السيف والقلم.
لو كان في الجزع فضل لما تقدمت فيه ذوات الحجول والحجال، على الفحول من الرجال، وإن لم نلذ بعصمة الصبر، فقد اعترضنا على مالك الأمر.
ما الحيلة وقد حل القضاء،وفرض العزاء لقدر الله، ونزل البلاء الجسيم، وكتب الرضاء والتسليم.
ليعلم أن حكم الله عدل فيما صرف فيه الأقدار، ووقع من كراهة واختيار، فالله العدل، وحكمه الفصل، ومن عنده الفضل، يولي، ويبتلي، ويسلب، ويعطي، ويعير، ويرتجع، ويمتع، وينتزع.
لقد دارت كأس الموت دهاقاً، وعاد لقاء القرن للقرن عناقاً، وبلغت القلوب الحناجر، وشافهت السيوف المناحر، وهاجت الهيجاء وعز النجاء، وصار الترامي عناقاً والتلاقي اعتلاقاً، وصمتت الألسنة، ونطقت الأسنة، وخطبت السيوف على منابر الرقاب، واعتنقت الصوارم والمناصل، وتلاحقت القنا والقنابل، واستعرت الملحمة، وعلت الغمغمة، فلم ير إلا رؤوس تندر، ودماء تهدر، وأعضاء تتطاير، وأجسام تتزايل.
فهذه حال حرب اشتدت نارها وحمي وطيسها..
أخي الموفق :
لقد رمت كتابة شيء توعرته في هذه النازلة ، ولكن قلبي النازف دفعني أن أسلب شيئا من وجدان خواطري الساكبة، فإذا بقلمي لا ينبو إذا نبت الصفاح، ولا يحجم إذا أحجمت اللقاح، ووجدت نفسي مطية تمشي براكبها رهوا، وتكسوا الأنامل زهوا، فإن كان من حيف أو ميل فمن شدة الأرق ولوعة الفرق، فاجعل نفسك في مقام سوء ، ولا تحكم وكأنك في روية وهدوء..
والله أسأل أن تصادف هذه الكلمات أذنا واعية وقلبا منفتحا إنه ولي ذلك والقادر عليه
وكتب
لؤي بن محمود الشوربجي
من وسط قطاع غزة الأبية
السبت 21/1/1430هــ
{إذ يعدو اليهود في السبت}
يوم السبت ...
هو اليوم الدامي الذي لن يفارق الذاكرة الفلسطينية .
يوم فجأت فيه الطائرات سماء غزة الحاني..
وفجعت صواريخها القاصي والداني..
حمم تنزل من السماء .. على قوم عزل أبرياء
يالله ما أصعبها من لحظات.. وما أهولها من أوقات..
مئات القتلى في لحظة من نهار .. بعد الشروق وقبل الزوال
يوم توزعت فيه الأحزان .. وعقدت مآتمه في كل مكان
في كل شارع مأتم .. وفي كل حارة شهداء .. وفي كل قطر حزن وبكاء
هذه صورة المشهد يومئذ... وما خفي عن الذاكرة تشيب منه الولدان
لم يتوقع كثير من بسطاء الخلق وقوع نازلة كهذه في يوم السبت المحرم عند اليهود، وظن الكثيرون أنها سابقة لم يسبق لها مثيل، ولكن هذا الظن أرجح إلى الوهم ، فاليهود – عليهم لعائن الله – قد أحلوا الحرام وحرموا الحلال واتخذوا أربابهم ورهبانهم أربابا من دون الله ، قال الله تعالى عنهم {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَـهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } التوبة31
وهي الأمة التي احتالت على حرام الله بالإحلال فخسفها الله ومسخها إلى قردة وخنازير، فهم إخوان القرد ة والخنازير، يقول تعالى مخاطبا نبيه صلى الله عليه وسلم {واَسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لاَ يَسْبِتُونَ لاَ تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ} الأعراف : 163- 166
فلا عجب ولا غرو أن يصدر هذا من يهود ..
فهم نقضة العهود مع الله ورسله {أَوَكُلَّمَا عَاهَدُواْ عَهْداً نَّبَذَهُ فَرِيقٌ مِّنْهُم بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} البقرة100
سبوا الله وافتروا على الله الكذب {لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ } آل عمران181 {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ } المائدة64 ، {وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِؤُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ اللّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ } التوبة30
قتلة الأنبياء والأولياء والأصفياء {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءكُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ } البقرة87
حسادون نمامون متكبرون {أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكاً عَظِيماً فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُم مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً} النساء53-55
أكلة الربا وعبدة الخنا والزنا {وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُواْ عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً } النساء161
عبد الطاغوت إخوان القردة والخنازير{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَـئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ } المائدة60
{سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُم أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ } المائدة42
ملعونون مغضوبون منبوذون { وَبَآؤُوْاْ بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَواْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ } البقرة61 ، {بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ } البقرة90
فهؤلاء هم اليهود، وهذا هو وصف خالقهم لهم، فما يفعلونه بالمسلمين اليوم ليس بدعاً من أفعالهم أو جديداً من خصالهم، فمن تجرأ على قتل أنبياء الله فهو على قتلنا أجرأ، ومن تعدى على الله وسبه ونسب إليه الولد لهو على المسلمين أعدى وأشر..
يا من استضعفتم في غزة وحوصرتم وقوتلتم .. لا تحزنوا فهذه آيات الله تسلية لكم وتربية لكم فاصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم ترحمون وأذكركم بحديث نبيكم صلى الله عليه وسلم الذي جعله الله شوكة في حلوق بني صهيون وغصة في أمعائهم:
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يُقَاتِلَ الْمُسْلِمُونَ الْيَهُودَ فَيَقْتُلُهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى يَخْتَبِئَ الْيَهُودِىُّ مِنْ وَرَاءِ الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فَيَقُولُ الْحَجَرُ أَوِ الشَّجَرُ يَا مُسْلِمُ يَا عَبْدَ اللَّهِ هَذَا يَهُودِىٌّ خَلْفِى فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ. إِلاَّ الْغَرْقَدَ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرِ الْيَهُودِ » أخرجه مسلم.
{حين تزدحم الأحداث}
عندما تزدحم الأحداث تشرأب حالة الاضطراب والغموض والهروب..
حالة عصيبة تمثل حياة مؤرقة للإنسان أيا كان هذا الإنسان..
عالم..
كاتب...
أديب....
مفكر...
صحفي...
لقد مرت الأيام كسرعة البرق وخطف البصر ، لا ندري ماذا جرى، وما هو مخبوء
إنها الصدمة المؤرقة التي تغير الحال وتختلس الخواطر وتجمد الأفكار .. فسبحان الله
يتحين المرء أوقاتاً لقضاء وطره في مهمته فلا يخرج إلا بالقليل
الأحداث... يالله ما أعظمها وما أسرعها وما أرعبها وما أكثرها ..
لا مجال للتعليق ولا حاجة للتحليل ..
أطفال تيتم....... وأطفال تقتل
نساء تفتت...... وأخرى ترمل
دور تهدم........ فعائلات تردم
مساجد تدمر..... صلوات تقطع
آلاف تشرد ..... وأصوات تنشز
إسعافات تنقل .... ومشتشفيات لا تعمل
دمار وخراب
قتل وتدمير
قصف ونسف
جوع وحصار
جرح يثعب وألم قاتل
إن نجوت فقد قتل أبي أو أخي أو صديقي أو عمي أو ابن عمي
تتنازعني الرغبات ويطالبني أعزاء ويرقبني أعداء .. هذه هي حالة كاتب ينتزع قلمه عندما تزدحم الأحداث في واقع مر أليم ( كغزة )..
{لن يرحم التاريخ من فرط أو خان}
لماذا يجمجم القادة العرب عن اتخاذ موقف حاسم عما يحدث في غزة؟
هل يريدون لشلال الدم أن يصلهم حتى يستيقظوا؟
أما حركت صور الأشلاء أحلامهم وعقولهم؟
ألم يأن لحكامنا أن يقفزوا إلى الشجاعة والإقدام؟
أما تحرروا بعد من التبعية لأمريكا وإسرائيل؟
هذه الأسئلة وغيرها كثيراً ما تراود قلب كل مسلم يغار على دينه وعرضه وإخوانه ..
إن سياسة الاستغراق المصلحي مع معسكر الشر ووكره ( أمريكا وإسرائيل) لا يزال سداً منيعاً أما حكامنا لاتخاذ موقف مشرف – ولو مرة واحدة – يقر عيون الموحدين ويشف صدور قوم مؤمنين..
لقد بدا لكل مسلم أن حكامنا لا يصدرون من مواقف شعوبهم، فلقد خرجت الدنيا كلها بأسرها تندد بجرائم الاحتلال الصهيوني الآثم وتدعو إلى وقفه، وإذا لم يمثل هؤلاء الحكام شعوبهم فمن يمثلون ؟؟
إن الجواب على هذا السؤال يعرفه كل حر مبتغ للحق وهو أن حكام المنطقة أسلموا أنفسهم وأنظمة حكمهم لمعسكر الدول العظمى وقدموا مصالحها على مصلحة شعوبهم وتركوها مطية لعباد الصليب وضحية لأمريكا وإسرائيل.. وإلا فقل لي بربك واصدقني
هل يعقل أن تفتح الحدود والسدود أمام بني صهيون ليمرحوا ويسرحوا في بلاد المسلمين وتوصد وتغلق في وجه المسلمين الفلسطينيين؟
أحرام على بلابله الدوح حلال للطير من كل جنس
هل يفعل هذا من ذاق طعم الإسلام والإيمان؟
هل يرضاه أهل النخوة والمروءة؟
لقد أنّ الفلسطينيون أنينا من شدة الحصار وأسمعوا العالم صراخهم وعويلهم من خضم القصف والخسف والنسف يشكون إلى الله ظلم الظالمين وجور الحكام المتواطئين فماذا بعد؟
يخرج أحدهم بدون خجل من الله ولا من الناس ليقول : لن نفتح المعابر لأننا ملتزمون بالاتفاقيات التي وقعناها مع إسرائيل !! فإلى الله نشكو ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس.
هذه هي قيمة الفلسطينيين عند هؤلاء ، هم والله لا يعاملوننا كبشر، ويتمنون أن لو قتلنا عن بكرة أبينا..
نعم.. من حق إسرائيل أن تحصل على غاز الأمم وطعامها وشرابها، ومن حقنا أن نجوع من أجل عيون الإسرائيلي .. هكذا تنقلب الموازين وتنتكس الفطر في هذا الزمان العجيب.
لقد كشفت هذه الأزمة أموراً كثيرة وأظهرت تقارير خطيرة، فالفتن كاشفة الرجال، والأزمات امتحان وابتلاء..
جاءت هذه الهجمة لتكشف خيانة الخونة ولتبين للشعوب أصل البلاء وأس الداء، بعدما مرت عليها سني الجهل والعجز والغمرة والسكرة...
جاءت لتكشف حقيقة المخادعين المطيعين لإسرائيل، والذل الضارب المهين للمسلمين الأحرار أينما كانوا.
إنه قد آن الأوان للشعوب أن تدرك أن الحل في يدها ، عودي أيتها الأمة إلى رشدك، وإلى مصدر عزك ومنبع كرامتك، ارجعي إلى كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، اخرجي من أوحال الطين إلى سماء العزة.
كتب القتل والقتال علينا وعلى المحصنات جر الذيول
اعلموا أيها الحكام
أنكم مسؤلون أمام الله عن كل صغيرة وكبيرة.
أن الدنيا لا تدوم لأحد وسترجعون إلى الملك الديان.
أن العزة بالإسلام فمن ابتغى العزة بغيره أذله الله.
أن دماء المسلمين لن ترحمكم وستسألون عنها يوم القيامة.
أن الله يمهل ولا يهمل حتى إذا أخذ لم يفلت.
أن العودة إلى الله وتحكيم شريعته هو سبيل النجاة في الدنيا والآخرة.
لا يغرنكم ما أنتم عليه من الملك ،فالملك لله الواحد القهار.
لا تكونوا كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً.
لا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار وما لكم من دون الله من أولياء.
لا تنسوا عواقب الظلمة كفرعون وهامان وقارون.
{قمم تعقد ... وشلال الدم يسيل}
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } النور55
كلما لحظت بعيني هذه الآية، ومررت بخلدي إليها، وطفت بمشاعري في مغازيها، يتملكني فرح وسرور، أمل وحبور مبعثه الوعد الإلهي بالاستخلاف والتمكين.
ثم لما أرمق بعيني شرود أمتي عن الإيمان الحقيقي والعمل الجدي تعتريني حسرة وندامة تجعلني أردد بكل حزن وأسى متى يتحقق هذا الوعد الإلهي؟
عندما تنقلب الموازين فيصبح الباطل حقاً والجهاد إرهاباً وتغدو الخيانة أمانة والعمالة شرفاً يتخلف الوعد ولا شك .
تصور.. لو أن ما حدث في (غزة العزة) وقع في دولة غربية كأمريكا أو انجلترا أو غيرها، هل كانت سترجئ الرد حتى تعقد قمة أوروبية.
لعلكم تذكرون أحداث الحادي عشر من سبتمبر في دولة البغي والفساد أمريكا، فماذا كان ردها؟
لا أظن أحداً يخفى عليه ما فعلته أمريكا في كل من أفغانستان والعراق، فقتلت وفتكت ودمرت الملايين ولا زالت مستمرة في طغيانها وإفسادها الذي سيدفعها إلى النهاية والانهيار بإذن الله تعالى.
حينما تقصف الطائرات بشتى أنواعها وتطلق الدبابات قنابلها وتشعل المعركة نارها، لا يحسن القادة والزعماء العرب إلا الكلام والقيل والقال.. ويا ليتهم أحسنوه أو حسّنوه !!
(قمة عربية) جملة صارت عند السواد الأعظم علماً على ( عدم الجدية والجدوى).
لم تلحظ عيني أحداً من الناس – عالمهم وجاهلهم – أثارت فرحه وسروره.
حتى صارت مثلا يضرب في الترهات ويستأنس به في الوقت الضائع..
فهي عديمة المضمون فارغة المحتوى عارية الحقائق، أحرى بالخيال وأبعد عن الواقع..
*****
بعد السبت المؤلم في غزة اجتمع وزراء الخارجية العرب بهدف بحث الأوضاع المتأزمة في غزة – وكأن المسألة تحتاج إلى كثير بحث – وهي كالعادة اجتماعات روتينية لا يتوقع منها خير كبير للإسلام والمسلمين، وخرج وزراؤنا بنتيجة مذهلة وحل فتاك!!
إنه التوجه إلى مجلس الأمن الدولي (كذباً وزوراً) والعكوف عنده والتذلل له لاستصدار قرار ملزم يمنع إسرائيل من عدوانها، ويذهب الوزراء ويفشل مجلس الأمن ويناشد الوزراء ويفشل مجلس ويستغيث الوزراء ويفشل مجلس الأمن وهكذا دواليك.. كل هذا ودماؤنا تنزف وتسيل على أرض غزة.. والهجمة اليهودية الشرسة تزداد أكثر فأكثر، فماذا جنى لنا وزارء الخارجية العرب بعدما رجعوا بخفي حنين..
كيف ينصر الله قوماً ولوا قومهم دار البوار ( مجلس الأمن)؟؟!!
كيف يعز الله أمة أسلمت عقلها إلى أعدائها وضيعت دين ربها؟
لقد كشفت أزمة غزة حقيقة دور حكامنا في اتخاذ القرار وموقعهم في أحجار اللعبة الدولية .. إنهم ولأسف كالأحجار على رقعة الشطرنج التي تتحرك بأيدي فرعون العصر ( أمريكا وإسرائيل).
لا يستطيع حكامنا ووزراؤنا أن يصدروا فرمانتهم إلا بعد موافقة دولة البغي والفساد أمريكا راعية إسرائيل..
إلى متى هذا الخزي العار ؟
إلى متى هذه الذلة والمهانة المضروبة علينا؟
والله إننا أقويـاء لو رجعنا إلى عزة الله ورسوله.
{ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ } المنافقون8
أين أنت يا أمتي من طريق العزة والكرامة ؟
ألست أنت من علمت العالم طريق التضحية والفداء لدين رب الأرض والسماء ؟
ألست أمة الشهادة ... أمة الشهامة .. أمة الكرامة ؟
أنت عزيزة والله، فعودي مصدر عزك ومنبع كرامتك..
إنه آن الأوان لحكامنا أن يصححوا طريقهم ويقوموا مسارهم، وأن يعلموا أن الأمة تشتعل ناراً، وأن الدماء ستتفجر أنهاراً، وأن موعد النهاية قد اقترب إن لم نتب إلى الله ونعد إليه..
والله هذه حقائق مرة .. ليست عواطف فوارة أو تصريحات هدارة، بل هو الواقع بكل أبعاده وتفاصيله..
فيا حكام المسلمين
أيعقل أن تشتغلوا بالمهاترات السياسية وشلال الدم ينزف ونهره يسيل؟
لقد رمانا اليهود بصواريخ ف16 ** ولا زلتم تضعون أيديكم على وجوهكم..
أتانا العدو بالفوسفور الأبيض الحارق ** وما دمتم على حالكم تنتظرون!!
قذفونا بالدبابات والبارجات والطائرات ** ويقتتل حكامنا وينتطحوا ليعقدوا قمة عربية !!
عبثاً دعوت وصحت يا أحرار عبثا لأن قلوبنا أحجار
عبثاً لان عيوننا مملوءة بالوهم تطفئ عندها الأنوار
عبثا لأن شؤونا يا قومنا في الغرب تفتن حبلها وتدار
ولأننا خشب جامدة فما ندري ماذا يصنع المنشار
يا ويحكم يا مسلمون قلوبكم ماتت فليست بالخطوب تثار
أنكرتم الفعل الشنيع بقولكم شكرا لكم لن ينفع الإنكار
شكرا على تنظيم مؤتمراتكم وعلى القرار يصاغ منه قرار
وعلى تعاطفكم فتلك مزية فيكم تصاغ لمدحها الأشعار
يا ويحكم يا مسلمون نساؤكم يسألن عنكم والدموع غزار
هذي تساق إلى سردايب الهوى سوقا وتل يقودها الجزار
لو أن سائحة من الغرب اشتكت في أرضكم لتحرك الإعصار
أما الصغار فلا تسل عن حالهم موت وخوف قاتل وحصار
واليهود يقتلون ويذبحون ومالهم ناصر ودمع عيونهم مدرار
يا ويحكم يا مسلمون تنسون أن الضعف في وجه العدو صغار
هذه هي غزة يحرق ثوبها ويهتك عرضها الأشرار
تبكي وأنتم تشربون دموعها وعن الحقائق زاغت الأبصار
وهذا هو الأقصى يهود جهرة وبجرحه تتحدث الأخبار
وهذا هو الأقصى يطحنه الأسى وجموعكم يا مسلمون عار
ملياركم لا خير فيه وكأنما كتبت وراء الواحد الأصفار
ما جرأ اليهود إلا صمتكم ولكم يذل بصمته المغوار
خابت سياسة أمة غاياتها تحقيق ما يرضى به الكفار
{القضية الفلسطينية بين دول الممانعة والاعتدال}
يمكن القول بأن ساسة القضية الداخليين لا يمثلون شيئا مذكوراً بالنسبة إلى المؤثرات الخارجية التي تصدر من الدول العربية، بحيث أصبحت القضية ملعباً لتحقيق المصالح الدولية ومتكأ لحل المشاكل الإقليمية، وهذا ولا شك يدفع بالقضية إلى مستنقع وخيم وبيل.
لست أعني هنا التدخلات النزيهة المخلصة لحل القضية الفلسطينية، فإنها ليست حكراً على أحد ولكل مسلم فيها شأن، ولكني أقصد التدخلات النابعة من التنازعات الإقليمية، والمصالح الدولية، وهذه الأخيرة علامتها التخفي وعدم الظهور واللعب تحت الطاولة، وإلا فما الذي يمنع رؤساء الدول- إن كانوا مخلصين حقاً – أن يواجهوا العدو بأنفسهم، ويتركوا دفع الأطراف الفلسطينية إلى أجندتهم ومصالحهم.
لا شك أن الخمول والانكماش الذي تعرضت له القضية منذ سنين دفع الكثير منهم إلى الاستسلام والتسليم.
الاستسلام الذي يعني السلام الدائم مع الكيان اليهودي.
والتسليم الذي يعني إيداع القضية للأطراف الدولية لتسرح فيها كيفما شاءت.
إن طبيعة السياسة الدولية في هذه الأيام متماش مع الهيمنة تماماً ، ويمكن القول بأنه كلما ازدادت الهيمنة في دولة ما كلما أثرت في الوسط الإنساني، فالسياسة اليوم تتطابق مع الهيمنة والمصلحة، ولذا فقد دأبت الدول العظمى كأمريكا أذلها الله زرع مصطلحات وهمية بين الدول كي يتسنى لها بث هيمنتها أينما حلت ، ومن الألاعيب الأمريكية تقسيم الشرق الأوسط إلى دول ممانعة كسوريا ومعتدلة كمصر والسعودية، وهنا لا بد من النظر العميق والبحث الفاحص في مناط هذا التقسيم وعلاقته بالدول العربية والقضية الفلسطينية :
مناط التقسيم ومداره:
إن مدار تقسيم الدول إلى ممانعة واعتدال منوط بالعلاقة المصلحية مع دولة يهود، ففي لحظة واحدة يمكن أن نضع هذه الدولة في دائرة الاعتدال إذا توفرت فيها العلة المطلوبة وهي (مدى علاقتها بالكيان اليهودي).
فصار هذا الكيان المسخ وصفاً مؤثراً في الدول والأقاليم، بل إن الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط إنما هو من أجل الحفاظ على سلامة دولة الاحتلال، وذلك أن المصلحة الأمريكية واليهودية الصهيونية متطابقتان على مر الزمان والمكان، ولا فرق بينهما البتة ، ومن هنا تدرك حجم التبعة التي تجعل البعض يفصل – واهما - بين المصلحتين، ليخرج نفسه من دائرة الخيانة والتواطؤ مع إسرائيل، وأود هنا تقرير أمور:
أولها : لقد بلغ استهتار أمريكا بالعرب مبلغه في الحرب الأخيرة على غزة، عندما كشفت الصحف ووسائل الإعلام عن صفقة أسلحة بين أمريكا و دولة الاحتلال خلال الحرب على غزة، وكذلك ما كشفته بعض وسائل الإعلام بأن وزير الخارجية الأمريكية رايس عندما وعدت وزراء الخارجية العرب بالتصويت لصالح وقف العدوان على غزة، ثم أخلفت المرأة السوداء وعدها.
ثانيها: إنه لا يعقل من بعض الدول العربية بقاء العلاقة حميمة مع أمريكا وقطعها مع ابنتها في دولة الاحتلال ، هذا لا يقبله عقل ولا منطق ولا سياسة، ويرده الصغير قبل الكبير.
هذه المفارقة تكشف أحد أمرين :
الأول: إما الكذب على الشعوب لكظم غيظها..
الثاني: وإما الاستخفاف بعقول الناس اليائسة المحبطة ، وكلاهما خطة خسف أعاذنا الله منهما.
ثالثها: لا يمكن للبعض الآخر من الدول التي أغرقت في التطبيع مع دولة الاحتلال أن تقطع علاقتها معهم لا ظاهراً ولا باطناً، فهم أولياؤها المخلصون لها، لا يفارقونها حرباً وسلماً.
إننا في عالم قامت سياسته على تقديس المصلحة الذاتية وتأليهها.. مصلحة لا يحدها دين ولا يحجزها خلق، وهذا وللأسف لم تسلم منه دولة من الدول، فبعد أن كانت مصلحة المسلمين واحدة وهدفهم واحد وجرحهم واحد تفتت في بؤرة المصالح الإقليمية المصطنعة ، فهذه مصلحة مصرية، وتلك مصلحة سورية ، وتلكم مصلحة سعودية وهكذا تقاس الأمور وتحبك وتدرس من هذا المفهوم المشؤوم الضيق ، وصارت هذه المصلحة الضيقة المنغلقة هي الغاية التي من أجلها نحيا، فتنشز أصوات وتقول : نحن لا نريد أن نقطع علاقتنا مع إسرائيل، لأنها تخل بمصلحة شعب مصر أو غيرها .. سبحان الله .
من أين أتى هؤلاء بهذه المصالح ومن أي دين اجتلبوها ومن أي عقل سبروها؟..
هل يمكن لمن هذا حاله أن يهاجم دولة الاحتلال يوماً .. وإذا لم تكن هذه هي الخيانة فما هي إذاً؟
إن من ضيع دماء المسلمين لمصلحة موهومة لهو على تضييع شعبه أجدر، فلا تغرنكم تلك التعليلات والتحليلات المجتلبة من وحي الشيطان .. وحسبنا الله ونعم الوكيل.
إنه من الخجل ومن العار أن يقوم الرئيس الفنزويلي بقطع علاقته مع دولة الاحتلال ، وحكامنا يتمنون ، وفي غيهم يعمهون، ولا حول ولا قوة إلا بالله..
علاقة التقسيم بالدول العربية.... تكميل لمخطط التقسيم
بعد الحرب العالمية الثاني وقعت فرنسا وانجلترا اتفاقية سايكس بيكو التي كان هدفها توزيع التركة العثمانية بعد تمزيقها وتفتيتها لتهيئة المنطقة للحدث الأعظم في التاريخ وهو زرع البذرة اليهودية الخبيثة وسط المسلمين لتعمل على تفريقهم وتمزيقهم كل ممزق، ووقع ما كانت تتمناه طغمة الكفر من تثبيت عرش دولة الاحتلال في المنطقة، ولقد كان اليهود في البداية كأنهم جسم مشبوه بين المسلمين يعلمون علم اليقين عداءهم ومكرهكم وخبثههم ، ولكن ظاهرة الاختراق في الأمة حالت دون دحر اليهود أو طردهم من ارض فلسطين، واستمرت مسلسلات التفريق المنظم للأمة الإسلامية من قبل أعدائها وكأن من أخطر هذه الاختراقات انتزاع الإسلام من صدور العباد وبث روح القومية التي لا تفرق بين كافر ومسلم إلا على أساس القوم والوطن، ثم اختزلت هذه الدعوة بهلاك جمال عبد الناصر مع بقاء لرابطة العروبة ونسف لحقيقة الإسلام وقواعده، وانتقلت إلى ما هو أشر وأنكد حيث التفرق العربي الحالي الذي ليس له مثيل في العالم
هذا التفرق الذي أساسه :
أولا: البعد عن الإسلام ديناً ومنهجاً
ثانيا: الاحتلال الأجنبي (أمريكا و دولة الاحتلال وأحلافهم).
ثالثا : تبديد ثروات الأمة.
رابعا : الطغيان والتفرق السياسي.
خامساً: الرضوخ للعدو الأجنبي والتطبيع معه.
فأي تقسيم حديث أو قديم هدفه إضعاف الأمة وتفككها وتفتيتها، وهذا التقسيم الجديد للدول إلى اعتدال وممانعة لا يعني إلا شيئاً واحداً في خلد أمريكا و دولة الاحتلال ألا وهو الاعتدال معهما وممانعة الدول العربية مع بعضها أي الصراع بينها، وهذا هو الواقع ، فليس هناك دولة عربية تمانع دولة الاحتلال بحق، ولكن هناك دول عربية تمانع شقيقتها ، ولو كانت الممانعة تعني الخطابات الرنانة والهتافات الكاذبة.. لعددنا القذافي وحسن نصر الله من أكبر الممانعين!!
التقسيم والقضية
هناك فارق كبير بين الحديث النظري عن القضية، والواقع العملي لها، وهذا شيء يعرفه كل من عايشها وخالطها، وإنه من الأهمية بمكان تفريقنا لهذين المعنيين ، خاصة وأننا نعيش في زمن التهويل والنفخ والنفث المبثوث عبر وسائل الإعلام وأبواق الدعاية العالمية، فمثلاً يمكننا الحديث عن المقاومة الفلسطينية وأبعادها بشكل نظري، ولكن دون الحديث عن ملابساتها العملية خرط القتاد.
يمكن القول بأن حقيقة القضية مجموعة من التجمعات والتنظيمات التي تقوم على أسس معينة تتفق غالباً في أهدافها وتتباين في أفكارها ودوافعها ومنطلقاتها، وهذه الأخيرة هي التي تؤثر سلباً أو إيجاباً في القضية وهي ما يسمى بالأجندة الخارجية، فلو رجعنا إلى الهدف من قيام كل من حركة فتح وحماس والجهاد لوجدناه واحداً وهو التحرير بينما نجد تبايناً كبيراً بينهما من حيث الأصل والمستند، فهذه علمانية وتلك ذات ميول شيعية أو إسلامية أو ديمقراطية أو تجميعية، وهذه المرجعيات والمستندات قد تكون محقة وقد تنحى التلاعب بالقضية على حساب مصالحها ومآربها، وهذا هو الأرجح في كثير منها، ومن المعلوم بداهة أن أي تجمع – صغر أم كبر - لا بد أن يجمع مقومات تؤهله أهمها: المبدأ والغاية والمادة (التمويل)، ولما كان التمويل يشكل العقدة الأساسية للتجمعات لجأت إلى أوساط إقليمية كي تسد هذا الفراغ، بيد أنه بات على حساب المبادئ التي قامت عليها هذه التجمعات، وهو شيء حساس بالنسبة لها، ومن هنا تدرك العلاقة التأثيرية لدول المنطقة، وكلمة السر التي يستخدمونها لابتزاز التجمعات وترويضها، لذلك فإن الجماعة الناجحة هي التي تنتبه إلى هذه العلاقات الوهمية ولا تعول عليها كثيراً، وهذه بعض أمثلة عليها:
- علاقة سلطة عباس مع أمريكا و دولة الاحتلال.
- علاقة حماس والجهاد بسوريا وإيران.
ولبيان وهمية العلاقة أذكرك بحقيقتين هامتين:
الأولى: حصار دولة الاحتلال لياسر عرفات مع أنه قدم لها كثيراً من الخدمات، أهمها الاعتراف بهم والتنازل عن ثلاثة أرباع فلسطين.
الثاني: قتل النظام السوري للإخوان المسلمين ومطاردته لهم، وكذلك البطش الإيراني بأهل السنة وعدم السماح لهم ببناء مسجد وواحد، في حين أنه يسمح لغير المسلمين أن يمارسوا شعائرهم الدينية.
والعاقل تكفيه الإشارة والأحمق لا تنفع معه العبارة.
{الاتفاقيات الفلسطينية} والحصار
يتساءل بعض العقلاء ألسنا نحن من فرض الحصار ؟
قد يتعجب البعض من هذا التساؤل بيد أنه استجواب في محله!
إن العقبة الكئود التي تواجهها جهات الحكم المستجدة (كحماس) ما يعرف بالاتفاقيات الفلسطينية، وهي أمر لم تحسب له حساباً أو أنها ظنت سهولة استحداث اتفاقيات تنسخ سوابق الابتزاز والتركيع في حال حكمها كما هو حق أي حكومة ديمقراطية في العالم .
حماس التي رضيت أن تخوض اللعبة الديمقراطية مع وعورتها خاصة في فلسطين كانت تدرك حجم التحديات التي ستواجهها ولكن الواقع كان على خلاف المتوقع فلم يسمح لها أن تخطو خطوة للتلاعب في معايير القضية كما يقال، فلم تستطع حركة حماس أن تغير شيئاً في معايير القضية كما كانت تأمل وظنت أنها بخوضها لهذه اللعبة ستحسن من صورتها أمام الرأي العام الدولي بعدما صنفت على قائمة الإرهاب، فأعلن الاتحاد الغربي والشرقي عدم تعامله مع حماس إلا دويلات أرادت التعامل لجس النبض وتحقيق مكاسب سياسية، وخرجت الرباعية الدولية تقول: لا اعتراف بحماس حتى تعترف بإسرائيل وتنبذ العنف والإرهاب (الجهاد).
ولا شك أن هذه الشروط صعبة وقاسية على حماس التي رفعت شعار التغيير والإصلاح، والتي عولت على العرب في تنفيذ برنامجها السياسي، ولكنها – في نفس الوقت – تناست أن النظام العربي الرسمي لا يستقل برأيه لأن كامل مصالحه في يد الدول العظمى ومنها (إسرائيل) فليس بمستعد إهلاك نفسه من أجل حركة حماس، وهكذا فرض الطوق السياسي على حركة حماس.
ومن حينها والمناوشات السياسية على أشدها بين حماس والأطراف المعارضة كفتح وغيرها في وسائل الإعلام وبين أروقة البرلمانات التي آلت بالقضية إلى باب مسدود أمام القضايا المصيرية التي تهم الجماعة الحقة ، ولكم آلمنا وآلم كل مسلم غيور على دينه وصول حماس ذات الماضي المشرق بالجهاد والفعال إلى هذا المنحدر الخطير....
كانت سلطة فتح البائدة بقيادة الراحل ياسر عرفات قد عقدت اتفاقيات مع دولة الاحتلال هدفها التطبيع المباشر والتعايش السلمي مع يهود والرضا بحياة الذل والعار وتربية الفلسطينيين على ثقافة أننا واليهود أبناء عمومة فلم القتال لم النزال؟ وعقدت اتفاقية الذل والعار ( أوسلو) ووقع عليها الطرفان، وأرسل ياسر عرفات ( أبو عمار) برقية عاجلة إلى رابين يهنئه بالسلام ويطمئنه بأن الزمن الثورة قد ولى بغير رجعة.
وتمخض عن هذا الاتفاق وجود سلطة فلسطينية على أراضي سبعة وستين، وكادت القضية أن تدفن في مقبرة التاريخ لولا رحمة الله.
واستطاع اليهود – عليهم لعائن الله – أن يحرروا القضية من البعد الإسلامي بعد أن فصلت عن العمق العربي القومي وصارت معادلة الصراع = فلسطينيو الضفة والقطاع × اليهود.
ووقعت اتفاقيات السلام مع الدول العربية واستطاعت دولة الاحتلال إبعاد السياج العربي عنها في فصول خيانة متتالية بدء من حرب 48 ومروراً بنكسة حزيران وانتهاء باتفاقيات السلام العربية .
وهكذا بدا لليهود أن ينفردوا بالفلسطينيين؛ فبعد أن كان الاعتداء عليهم يشكل اعتداء على الأمة جمعاء صار شأناً داخلياً، وصار من حق دولة الاحتلال أن تدافع عن شعبها وقتما شاءت، أما الفلسطينيون فتحكمهم ثلة ممن أسلموا عقولهم للغرب وباعوها عند عتبات المحافل والأروقة الدولية التي تمثل حالة النجدة لهم وقت الضياع !!
وصارت جميع مناحي الحياة الفلسطينية السياسية والاقتصادية مرتبطة بدولة الاحتلال ببركات قادة الثورة ودعاة ماركس ولينين ، فلا حول ولا قوة إلا بالله كم ضيع هؤلاء من حق وكم أسقطوا من مبدأ وكم أخلو بالقضية وحسبنا الله ونعم الوكيل.
فالحصار لم يكن وليد الساعة بل الحصار باطراد مع وجود السلطة وعهد تكوينها، ولكنه لم يكن يظهر لعامة الناس لمسايرة التيارات الحاكمة سياسة إسرائيل وامتثال أمرها حتى إذا جاء من عارض وطالب باستقلاله ظهر الحصار وبان للعيان فهو كقش فوق طحين وجرس بلا رنين.
إن على الجميع وخاصة حماس أن يدرك إدراكاً تاماً بأن (فلسطين منظمة التحرير) ماتت ودفنت ولا يمكن لها أن تعود، وأن علينا جميعا أن نعيد (فلسطين الإسلامية الحقة) فكلاهما مشترك لفظي وبينهما من الفرق كما بين الثرى والثريا أفلا نعقل ونفهم؟!
فلندع فلسطين (حكومة الوهم وفتح المعابر والمفاوضات والتنسيق الأمني.... الخ) لأهلها فهم أساسها وقاعدتها.
ولنعد إلى فلسطين ( الحق والجهاد والصبر والثبات والتحرير..... الخ) ومعنا الله الواحد الأحد الفرد الصمد.
والجمع بينهما ضم بين ضدين وجمع بين متناقضين.
ومحور المعادلة هو / فلسطين منظمة التحرير = دولة الاحتلال × فلسطين الحقة.
لقد كشفت الأحداث الدائرة رحاها في المناطق المشتعلة أن العدو بدأ يستعمل طرقاً أخرى ووسائل أحرى في القضاء على الجماعات المسلمة ، ولعل أخطرها وأخبثها سياسة القتل البطيء والسماح ببعض الشيء للقضاء على كل شيء فقد تسمح الدول للمسلمين الأحرار بالوصول إلى الحكم شريطة الالتزام بأنظمته ومعاييره ثم تفرض عليها طوقاً سياسياً وحصاراً اقتصادياً لابتزازها وترويضها ونزع ثقة الشعوب بها ومن ثم سقوطها، وفي حال سقوطها لا تعدوا أن تكون كأي حزب انتهت صلاحيته فأخفق في تحقيق أهدافه ...
قال تعالى : {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّىَ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة217
يقول سيد قطب رحمه الله : "وهذا التقرير الصادق من العليم الخبير يكشف عن الإصرار الخبيث على الشر؛ وعلى فتنة المسلمين عن دينهم؛ بوصفها الهدف الثابت المستقر لأعدائهم . وهو الهدف الذي لا يتغير لأعداء الجماعة المسلمة في كل أرض وفي كل جيل . . إن وجود الإسلام في الأرض هو بذاته غيظ ورعب لأعداء هذا الدين؛ ولأعداء الجماعة المسلمة في كل حين. إن الإسلام بذاته يؤذيهم ويغيظهم ويخيفهم . فهو من القوة ومن المتانة بحيث يخشاه كل مبطل ، ويرهبه كل باغ ، ويكرهه كل مفسد . إنه حرب بذاته وبما فيه من حق أبلج ، ومن منهج قويم ، ومن نظام سليم . . إنه بهذا كله حرب على الباطل والبغي والفساد . ومن ثم لا يطيقه المبطلون البغاة المفسدون . ومن ثم يرصدون لأهله ليفتنوهم عنه ، ويردوهم كفاراً في صورة من صور الكفر الكثيرة .
{محاور اليقظة}
المحور الأول : العودة بالقضية إلى أصلها ونقض الاستسلام التاريخي:
ويكون ذلك بما يلي:
- معرفة أن القضية إسلامية
- معرفة أن فلسطين كلها ملك للمسلمين فهي أرض إسلامية ولكل مسلم فيها شأن..
- معرفة أن اليهود عدو مغتصب لأرض المسلمين.
- معرفة حكم الله في جهاد اليهود ومن يحول دونهم.
- نبذ كل فهم للقضية على أساس غير الإسلام.
- معرفة أن أمة الإسلام واحدة وأن الحدود صنيعة استعمارية لتفريق المسلمين.
- معرفة أن الكفر كله ملة واحدة هدفه القضاء على الإسلام الحقيقي وإن تعددت وجهاته إلى هيئة أمم أو مجلس أمن أو لجنة رباعية أو اتحاد أوروبي أو روسي أو صليبي أو أمريكي فهي ملة واحدة وهدف واحد.
- معرفة من نوالي ومن نعادي.
- معرفة القادة الحقيقيين والعلماء الربانيين والالتفاف حولهم.
- معرفة الخونة والمجرمين والمنتسبين إلى الأمة زوراً وعدم الجري وراءهم واجتناب سبيلهم.
المحور الثاني: الصبر والثبات المتوازن مع الواقع.
ويكون ذلك بما يلي :
- قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومعرفة صبرهم وثباتهم.
- فهم الواقع فمهما جيداً وفهم حكم الله تعالى فيه.
- معرفة أجر الصابرين على الحق الثابتين عليه.
- بيان عاقبة المتساقطين على الطريق والخائنين لله ولرسوله وللمؤمنين.
- معرفة سنة الله تعالى في انتصار الأمم وانهزامها.
- بيان أن طريق التمكين لبس مفروشا بالورود والرياحين.
المحور الثالث: عدم الانجرار وراء مخططات اليهود وأعوانهم.
ويكون ذلك بما يلي :
- نبذ كل اتفاقيات التطبيع مع دولة الاحتلال وأنها ردة وخروج من الإسلام.
- معرفة أن حقيقة المشكلة إنما هي في الدساتير العلمانية للدول، وعليه فلن يحل المشكلة رئيس جديد لأنه ملزم بالنظام الذي هو أصل المشكلة..
- فهم القاعدة التي تقول : إن كل سلطة تحت الاحتلال تخدم مصالحه، لأنها ستكون مطية في يد الاحتلال كما في سلطة أوسلو والعراق وأفغانستان..
- معرفة أن الشرعية لا تستمد من الدول ولا من الشعوب، وإنما تستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
- السعي لإسقاط هذه الأنظمة بكل وسيلة ممكنة، ومعرفة أن تغير نظام الحكم في مصر وحدها كفيل بأن يشعل المنطقة ناراً ويعيد للأمة عزتها.
- السعي في تكوين لفيف شعبي يقوده العلماء لمواجهة الظلم والاستبداد السياسي.
المحور الرابع: الإعداد المحكم وتحين الفرص المناسبة :
ويكون ذلك بما يلي:
- الوحدة على أساس الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح رضوان الله عليهم وتكوين جماعة مسلمة تحت راية واحدة لصد العدوان.
- تحديد الأولويات من منظور شرعي ، لتقديم الأهم فالأهم في حال تزاحم المهمات، وليعلم أن ليس الهدف من هذا التحديد تجزئة الدين وترك بعضه الآخر، وإنما وضع كل شيء فيما يناسبه.
- إعداد الطاقات المتميزة في جميع المجالات لأن معركتنا مع العدو شاملة.
- التركيز على تطوير الجانب العسكري والإبداع والابتكار فيه.
- تربية الجماهير على فقه الجهاد وحب الاستشهاد والرباط.
- عدم الإغراق في أوحال هذه الدنيا الفانية فكل معمور سيفنى وكل مذكور سيبلى، واقتصاد الأموال في الأمور المجدية.
- الجهاد بالمال والتضحية في ذلك فإنه عصب البقاء قرين الجهاد بالنفس.
- التأني في اتخاذ القرار والرجوع إلى أهل العلم في كل مجال.
فهذه بعض الحلول التي اجتهدت في جمعها، لأبثها بين الناس علها تصادف أذناً واعية، وإني أناشد جميع العلماء والمثقفين من أمتنا أن يجتهدوا في وضع الحلول الموضوعية البعيدة عن الأهواء النفسية والحظوظ الدنيوية حتى تكتمل الرؤية ويتحقق الأمل بإذن الله إنه ولي ذلك والقادر عليه والله أعلم...
وإلى سلسلة جديدة....
.