أنشطة المركز / للمركز كلمة

الربيع العربي وتهويد القدس

بتنسيق مسبق مع الجماعات اليهودية المتطرفة، والتي تعلن نواياها للعالم أجمع  بهدم المسجد الأقصى وإقامة المعبد اليهودي على أنقاضه، أعلنت شرطة الإحتلال بأنها سمحت  لنشطاء اليمين الإسرائيلي بتنفيذ تظاهراتهم ومسيراتهم ، والتي كان يرافقها الرقص بالأعلام الصهيونية التي تجوب شوارع القدس والبلدة القديمة، بل وسمحت لهم باقتحام المسجد الأقصى من باب المغاربة في إطار تلك الاحتفالات، ضمن حماية أمنية مشددة.

وسبق ذلك أن قامت مجموعة من المقتحمين خلال الأشهر الماضية بتنظيم حلقة رقص استفزازية لدى خروجهم من المسجد، بالقرب من باب السلسلة،  وكان المئات من المصلين من أبناء الداخل الفلسطيني والقدس المحتلة وطلاب "مشروع مصاطب العلم في المسجد الأقصى ، قد تواجدوا في المسجد الأقصى وتوزعوا عند مصاطب العلم فيه، لكن ذلك لم يمنع من اقتحام المغتصبين للأقصى المبارك.

وتأتي هذه الممارسات لتكريس احتلال القدس والتأكيد على أنها عاصمة دولة الاحتلال بشقيها الغربي والشرقي، وعدم الالتفات إلى القرارات الدولية واتفاقات السلام التي تعد شرقي القدس مناطق محتلة. فمسيرات التهويد أضحت ممارسة شهرية حسب التقويم العبري ، والاقتحامات  واعتبار ساحات المسجد الأقصى ساحات عامة مباحة للجميع !! 

وتجري هذا الممارسات في ظل صمت عربي وإسلامي، وتواطؤ دولي،  وتكتم إعلامي, وفي ظل تقاعس العرب والمسلمين عن كبح هذا الخطر الصهيوني والتصدي له .  ولا شك أن كثرة المساس يقلل الإحساس ، حيث كان كل حدث يحدثه اليهود سابقاً يلقى رد فعل عربي موحد غاضب ، ثم صارت اعتداءات اليهود تقوى، وردود الفعل العربية والإسلامية تضعف ، ثم صارت مقتصرة على مجرد الشجب والاستنكار والاستنجاد بالمنظمات والهيئات والدول المنحازة إلى إسرائيل التي زرعتها في الشرق الإسلامي , وتدرج العرب والمسلمون في رد فعل أضعف؛ حتى وصل الحال إلى ما نقرأه من كتابات تدعو إلى التعقل مع المحتل وملاينتهم .

فقد انتهز قادة الاحتلال الأوضاع والغليان الحادث في عالمنا العربي، والانشغال بما أسموه الربيع العربي ، فصعدوا من اعتداءاتهم على المسجد الأقصى، فقد افتتح الصهاينة قبل فترة رسمياً منطقة قصور الخلافة الأموية جنوبي المسجد الأقصى على أنها "مطاهر الهيكل" المزعوم، حيث قام رئيس البلدية العبرية في القدس "نير برقات" وما يسمى بـ "سلطة الآثار الإسرائيلية" بافتتاح رسمي للمنطقة، بمشاركة عشرات الطلاب اليهود وبعض الشخصيات الرسمية، وقد تم الانتهاء شبه الكامل من بناء مدرجات ومنصات حديدية تربط بين أجزاء واسعة في منطقة القصور الأموية، على شكل مسار أطلق عليه الاحتلال "مسار توراتي لمطاهر الهيكل".

ولا شك أن هذه الممارسات وفرض الواقع على الأرض تتم وسط طمس وتدمير للمعالم الإسلامية الأثرية التاريخية والسيطرة على أوقاف إسلامية تعتبر جزءاً لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك. والسكوت عن تلك الممارسات تحت مسوغ انشغال الشعوب العربية بالربيع العربي، لا مبرر له، فاليهود يجيدون استغلال الفرص، بل أن هذا الإعلان وتلك الممارسات ما هي إلا جس نبض الأمة، لمعرفة حقيقتها بعد التغير ، هل تبدل بها الحال؟ وهل عادت لها الحياة؟ أم ما زالت لا تملك مقومات عزها ونصرها للوقوف أمام المعتدين على مساجدنا ومقدساتنا؟  .

.