دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث
صراعنا مع اليهود ديني
صراعنا مع اليهود ديني
وليد ملحم
بسم الله الحمد والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه:
أما بعد : فان تحرير الأوطان وجهاد الكفار ومجالدتهم دين يتقرب فيه المسلمون إلى الله وهي عبادة من العبادات المشروعة في الإسلام بل ذروة سنامه كما اخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم.
شمولية شريعة الإسلام:
إن من نعمة الله علينا أن أحكام ديننا تشمل كل نواحي الحياة البشرية وما يتعلق بها .وكما قال الخليل عليه السلام : {قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }الأنعام162.
بل حتى وضع اللقمة في فم الزوجة لنا فيه اجر فعن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:... وإنك لن تنفق نفقة إلا أجرت فيها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك...الحديث. رواه الترمذي تحقيق الألباني :صحيح ، ابن ماجة ( 2708 ).
قال صاحب تحفة الأحوذي: وَفِي رِوَايَةٍ : حَتَّى مَا تَجْعَلَ فِي فِي اِمْرَأَتِك ، أَيْ فِي فَمِهَا . وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُنْفِقَ لِابْتِغَاءِ رِضَائِهِ تَعَالَى يُؤْجَرُ وَإِنْ كَانَ مَحَلُّ الْإِنْفَاقِ مَحَلَّ الشَّهْوَةِ وَحَظَّ النَّفْسِ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ بِالنِّيَّاتِ" وَنِيَّةُ الْمُؤْمِنِ خَيْرٌ مِنْ عَمَلِهِ"(تحقيق الألباني( ضعيف ) انظر حديث رقم : 5976 في ضعيف الجامع .)كَذَا فِي الْمِرْقَاةِ.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي ذر رضي الله عنه ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال:... وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ فِيهَا أَجْرٌ قَالَ أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ فِيهَا وِزْرٌ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلَالِ كَانَ لَهُ أَجْرًا.
قال الحافظ في الفتح: وَاسْتَنْبَطَ مِنْهُ النَّوَوِيّ أَنَّ الْحَظّ إِذَا وَافَقَ الْحَقّ لَا يَقْدَح فِي ثَوَابه لِأَنَّ وَضْع اللُّقْمَة فِي فِي الزَّوْجَة يَقَع غَالِبًا فِي حَالَة الْمُدَاعَبَة ، وَلِشَهْوَةِ النَّفْس فِي ذَلِكَ مَدْخَل ظَاهِر . وَمَعَ ذَلِكَ إِذَا وَجَّهَ الْقَصْد فِي تِلْكَ الْحَالَة إِلَى اِبْتِغَاء الثَّوَاب حَصَلَ لَهُ بِفَضْلِ اللَّه . قُلْت : وَجَاءَ مَا هُوَ أَصْرَح فِي هَذَا الْمُرَاد مِنْ وَضْع اللُّقْمَة ، وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِم عَنْ أَبِي ذَرّ فَذَكَرَ حَدِيثًا فِيهِ " وَفِي بُضْع أَحَدكُمْ صَدَقَة . قَالُوا : يَا رَسُول اللَّه أَيَأْتِي أَحَدنَا شَهْوَته وَيُؤْجَر ؟ قَالَ : نَعَمْ ، أَرَأَيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَام ؟ " الْحَدِيث . قَالَ : وَإِذَا كَانَ هَذَا بِهَذَا الْمَحَلّ - مَا فِيهِ مِنْ حَظّ النَّفْس - فَمَا الظَّنّ بِغَيْرِهِ مِمَّا لَا حَظّ لِلنَّفْسِ فِيهِ ؟ قَالَ : وَتَمْثِيله بِاللُّقْمَةِ مُبَالَغَة فِي تَحْقِيق هَذِهِ الْقَاعِدَة هـ.
ومن يتتبع القران والسنة يرى أنهما مشتملين على كل ما ينظم الحياة فنرى الآيات والأحاديث تتحدث عن العقائد والعبادات والأخلاق والسلوك وأحكام المعاملات المالية وغيرها وأحكام الجهاد والقضاء والحكم بما انزل الله وشتى مظاهر الحياة.
أما الإسلام كما فهمه السلف الصالح فهو الإسلام الشامل الذي ينظم شؤون الناس في الدنيا والآخرة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : وترك أمته على محجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك؛ بيّن فيها ما تحتاجه الأمة في جميع شئونها حتى قال أبو ذر رضي الله عنه: (ما ترك النبي صلى الله عليه وسلّم طائراً يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علماً). وقال رجل من المشركين لسلمان الفارسي رضي الله عنه: علمكم نبيكم حتى الخراءة - آداب قضاء الحاجة - قال: (نعم، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول أو أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار، أو أن نستنجي باليمين أو أن نستنجي برجيع أو عظم).
وقال جل وعلا في محكم كتابه :{ وَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ }.
قال الإمام السعدي رحمه الله: وقوله: { وَنزلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ } في أصول الدين وفروعه، وفي أحكام الدارين وكل ما يحتاج إليه العباد، فهو مبين فيه أتم تبيين بألفاظ واضحة ومعان جلية، حتى إنه تعالى يثني فيه الأمور الكبار التي يحتاج القلب لمرورها عليه كل وقت، وإعادتها في كل ساعة، ويعيدها ويبديها بألفاظ مختلفة وأدلة متنوعة لتستقر في القلوب فتثمر من الخير والبر بحسب ثبوتها في القلب، وحتى إنه تعالى يجمع في اللفظ القليل الواضح معاني كثيرة يكون اللفظ لها كالقاعدة والأساس، واعتبر هذا بالآية التي بعد هذه الآية وما فيها من أنواع الأوامر والنواهي التي لا تحصى، فلما كان هذا القرآن تبيانا لكل شيء صار حجة الله على العباد كلهم. فانقطعت به حجة الظالمين وانتفع به المسلمون فصار هدى لهم يهتدون به إلى أمر دينهم ودنياهم، ورحمة ينالون به كل خير في الدنيا والآخرة. فالهدى ما نالوه به من علم نافع وعمل صالح.
والرحمة ما ترتب على ذلك من ثواب الدنيا والآخرة، كصلاح القلب وبره وطمأنينته، وتمام العقل الذي لا يتم إلا بتربيته على معانيه التي هي أجل المعاني وأعلاها، والأعمال الكريمة والأخلاق الفاضلة، والرزق الواسع والنصر على الأعداء بالقول والفعل ونيل رضا الله تعالى وكرامته العظيمة التي لا يعلم ما فيها من النعيم المقيم إلا الرب الرحيم أ.هـ.
إذا كان ديننا لم يستثن آداب قضاء الحاجة وفيه أحكام المواريث والصلاة وبر الوالدين . فكان من ديننا أيضا جهاد الكفار ورد العدو الصائل الذي احتل أرضنا.
يقول ابن تيمية في جهاد الدفع : " وأما قتال الدفع فهو أشد أنواع دفع الصائل عن الحرمة والدين فواجب إجماعاً فالعدو الصائل الذي يفسد الدين والدنيا لا شيء أوجب بعد الإيمان من دفعه فلا يشترط له شرط بل يدفع بحسب الإمكان . وقد نصّ على ذلك العلماء أصحابنا وغيرهم فيجب التفريق بين دفع الصائل الظالم الكافر وبين طلبه في بلاده..."
ويقول ابن القيم رحمه الله تعالى في جهاد الدفع والطلب : "فمن المعلوم أن المجاهد قد يقصد دفع العدو إذا كان المجاهد مطلوبا والعدو طالبا ، وقد يقصد الظفر بالعدو إذا كان طالبا والعدو مطلوبا ، وقد يقصد كلا الأمرين ، والأقسام الثلاثة يُؤمر المؤمن فيها بالجهاد .
اليهود يعتقدون أن حربنا معهم دينية :
ينطلق اليهود من احتلالهم لأرض فلسطين من منطلق ديني بحت فها هي دولتهم تسمى بإسرائيل نسبة إلى نبينا يعقوب عليه السلام أما علمهم ففيه خطان أزرقان كناية على نهري الفرات والنيل.
وتتوسطه نجمة داوود المسدسة الأضلاع أما المنطقة البيضاء في العلم فهي كناية عن ارض إسرائيل . كما أن رمزهم هو الشمعدان ذو السبعة رؤوس دلالة عن السموات السبعة.
فعبارة إسرائيل الكبرى عندهم : تعني حدود ارض إسرائيل حسب الكتاب المقدس لليهود ففي
سفر التكوين 15:18-21حيث يذكر عهد الله مع إبراهيم:في ذلك اليوم عقد الله ميثاقا مع إبرام قائلا: سأعطي نسلك هذه الأرض من وادي العريش إلى النهر الكبير نهر الفرات.
ويرى اليهود أحقية مطلقة بأرض كنعان لان حسب زعمهم إن الله خاطب إبراهيم قائلا"أقيم عهدي بيني وبينك وبين نفسك من بعدك في أجيالهم عهدا أبديا لأكون إلها لك ولنسلك من بعدك , ارض غربتك كل ارض كنعان ملكا أبديا"
إن الهدف من تلك الروايات هو السيطرة على المنطقة الواقعة بين النيل والفرات عن طريق القهر والقوة والعمل على تحويل أهل هذه المناطق إلى عبيد في خدمة اليهود.
من خلال تلك الروايات استقى زعماء ومؤسسي دولة اليهود المعاصرة في فلسطين أدبياتهم فهذه كولد مائير رئيسة وزراء دولة اليهود السابقة تقول : " من يعيش داخل أرض إسرائيل يمكن اعتباره مؤمنا , وأما المقيم خارجها فهو إنسان لا اله له".
فهذا تصريح صريح ومن اكبر مسؤول يهودي في وقته بأن من لا يؤمن بوجود دولة لليهود على ارض فلسطين فهو خارج من ملة اليهود. إلى هذا الحد بلغ بهم إدخال أهدافهم الخبيثة في احتلال أرضنا و صبغها بصبغة دينية زائفة.
وأما منظرهم هرتزل فيقول " إن فلسطين التي نريد هي فلسطين داود وسليمان"(تذكير النفس للعفاني).
بل يعتبرون أن إعطاء أي قطعة ارض إلى العرب من خلال المفاوضات أو غيرها هي عملية غير شرعية وتناقض تعاليم التوراة .
ففي هذا الصدد يقول مناحيم بيجن في كتاب الثورة :" منذ أيام التوراة وأرض إسرائيل تعتبر أرض الأمم لأبناء اسرئيل , وقد سميت هذه الأرض فيما بعد فلسطين , وكانت تشتمل دوما على ضفتي نهر الأردن . إن تقسيم الوطن عملية غير مشروعة, ولن يحظى هذا العمل باعتراف قانوني "(تذكير النفس).
وقد أجاب الحاخام "حاييم هليفي" بمحاضرة حول بداية الخلاص فيقول : الذي نشهده بأم أعيننا سواء شئنا أم أبينا : أن من يفكر بإعادة ارض إسرائيل للأجانب يخالف مبادئ الديانة اليهودية , وان من يخاف الأقلية العربية فانه كمن ينتهك حرمة يوم السبت , وان ثقته بالله ضعيف للغاية".
وقال بن جوريون : ولا معنى لإسرائيل من غير القدس ولا معنى للقدس من غير الهيكل.(تذكير النفس).
لقد كانت أفكار بن جوريون، مؤسس دولة إسرائيل، تقوم على أن أهم ركن من أركان الدين اليهودي هو الارتباط بالأرض "أرض الميعاد"، وأن تعلق اليهودي "بأرض الميعاد" ناتج عن الصبغة القومية والإقليمية في الدين اليهودي، وأن اليهودي الحقيقي هو الذي "يرجع إلى هذه الأرض، أما من يرفض "العودة" والاستيطان في فلسطين، فيعد خارجا على الدين، تاركا لله، لأن الإله "يهوه" ظهر مرتبطا بهذه الأرض.
أما جيشهم فهم يعتبرونه جيشا مقدسا و يقوم بمهمة دينية فهذا الحاخام (تسيفي يهودا كوك ) الزعيم الروحي لجماعة غوش امونيوم يقول: " إن الجيش الإسرائيلي كله مقدس , لأنه يمثل حكم شعب الله على أرضه , وملكوت السماوات تتجلى حتى في حكم بن جوريون ".
بل إن هناك تنسيق بين المؤسسة العسكرية في دولة اليهود وبين المؤسسة الدينية حيث تسير الأخيرة مئات الحاخامات مع وحدات وكتائب الجيش اليهودي لإرشاده وتقديم الفتاوى له.
ففي السادس من آذار/ مارس 2008 وقع عدد من كبار الحاخامات اليهود المنضوين تحت لواء ما تسمى برابطة حاخامات أرض إسرائيل برئاسة الحاخام دوف ليؤور أصدروا فتوى تقول إن الشريعة اليهودية تتيح قصف التجمعات السكانية المدنية الفلسطينية وأن التوراة تجيز إطلاق قذائف على مصدر النيران حتى ولو كان يتواجد فيه سكان مدنيون، لا بل أنهم قالوا إن الجيش غير مضطر لتحذير المدنيين قبل عمليات القصف(موقع الجزيرة).
وقال مركز دراسات الشرق الأوسط في القاهرة: إن ظاهرة ملفتة وغير مسبوقة استفحلت أخيرا داخل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تتمثل بانتشار الكراسات الإرشادية والفتاوي الحاخامية بين مجندي الجيش الإسرائيلي التي تحض على قتل الفلسطينيين والعرب.
إن كل هذه المحاولات لاحتلال فلسطين واستيطانها وإعطاء هذا الاحتلال الغطاء الشرعي نابع من اعتقاد اليهود أنهم شعب الله المختار :
وها هو مائير كهانا , الحاخام الشهير والإرهابي المعروف – القتيل –يقول " أن الشعب اليهودي هو الشعب المختار الأخلاقي الذي يجب أن يسود الشعوب كافة إننا لسنا مدينين بوجودنا لأحد , بل إن العالم مدين لنا بالكثير الذي لا يستطيع أن يفينا إياه .(نفسية اليهودي في التاريخ).
ويتحدث بن غوريون عن شعب الله المختار في كتابه (الفكرة الصهيونية ) فان أول أمجاد اليهود فكرة شعب الله المختار ذي الرسالة العظيمة , والوضع الفذ بين الأمم وهذا ما عبر عنه بمزيد من الوضوح والصراحة التي تبلغ حدود القحة "آشربن غنزبر" وهو احد واضعي الأيدلوجية الصهيونية , حين كتب باسمه المستعار آحاد ها عام " قائلا" أنني أؤمن بتفوقنا الأخلاقي والعقلي , وأؤمن بأهليتنا لان نكون نموذجا لإنقاذ وخلاص الجنس البشري" (نفسية اليهود في التاريخ).
وصدق الله حيث قال في كتابه حيث قال {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاء اللّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم بَلْ أَنتُم بَشَرٌ مِّمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاءُ وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ }المائدة18.
مع أنهم يعلمون علم اليقين أنه لا يوجد في تاريخيهم دليل واحد يشهد لهذه المقولة الكاذبة , فلا هم أبناء ولا أحباب , ولا شعب مختار , بل ان اصدق وصف لهم أنهم يقتسمون مع الشيطان غايته وهدفه , فالشيطان يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير , وهذا يعني ان غايته التي يسعى إليها هي حرمان البشر من الجنة , وغاية اليهود التي يسعون إليها هي حرمان العالم من الأمن والاستقرار(المفسدون في الأرض).
رغم دعوى علمانية الدولة اليهودية وحسب تصريح زعمائهم إلا أن الصبغة الدينية هي السائدة في الدولة اليهودية.
ففي المؤتمر الصهيوني الثامن والعشرون الذي انعقد في القدس المحتلة أعلن فيه انه لا يمكن الفصل بين القومية وبين الدين في اليهودية.
وقد جاء في "الموسوعة الفلسطينية الجزء الأول ص438": "ومهما تكن قوة الاتجاهات العلمانية السائدة لدى قسم كبير من (الإسرائيليين)، فإن الأرثوذكسية الدينية في (إسرائيل) تستأثر بمراكز القوى والنفوذ وتحتكر السيطرة على الحياة الدينية عن طريق المؤسسات والمنظمات التابعة لهيمنتها والعاملة بتوجيه منها بموافقة الدولة أو بعجزها وتراجعها، وتتجمع مراكز القوى الدينية في (إسرائيل) في وزارة الشؤون الدينية ودار الحاخامية إلى جانب منظمات ومؤسسات دينية أخرى منها الكيبوتز الديني التابع لـ(حركة الرواد الدينية) و(أكاديمية التلمود) التي تنشر التعليم الديني، بالإضافة إلى الأحزاب السياسية الدينية والكتل التي تتألف منها أو الأجنحة العمالية التابعة لها.. إن السلطة الدنيوية نفسها تسعى إلى محاباة السلطة الدينية".
ظلت التوراة "و اليهودية " الإطارين الوحيدين اللذين يجمعان اليهود بشكل أساسي تساعدهما سلسلة عوامل ثانوية " كالمجازر سواء كانت حقيقة مبالغا فيها , أو مختلقة من أساسها أو أنها بفعل الصهيونية ذاتها . فاليهودي مهما ابتعد عن اليهودية سيظل في إطارها بالتربية فالتوراة هي الأساس الذي رباه آباؤه عليها(أوهام التاريخ اليهودي).
نحن إذ نسرد هذه النصوص فقط من باب من فمك أدينك وإلا فان الحقيقة الناصعة الملموسة هي أن الدعوى الدينية لليهود ليست إلا وسيلة للوصول إلى غايات دنيوية محضة اى أن الدين عندهم هو سلم للعبور إلى اهدافهم فقط وتسويق مشروعهم. والواقع يثبت أنهم يتخلون عن هذه الدعوى ويخلعون ثوب الدين في أول منازلة أو محنة وما عنادهم لأنبيائهم وتخليهم عنهم في أحرج الأوقات بل وقتلهم إلا دليل على هذا واليكم حادثة وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكيف تخلوا عن توراتهم لا دنى مناسبة فقد روى البخاري رحمه الله: عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا:
أَنَّ الْيَهُودَ جَاءُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرُوا لَهُ أَنَّ رَجُلًا مِنْهُمْ وَامْرَأَةً زَنَيَا فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا تَجِدُونَ فِي التَّوْرَاةِ فِي شَأْنِ الرَّجْمِ فَقَالُوا نَفْضَحُهُمْ وَيُجْلَدُونَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ كَذَبْتُمْ إِنَّ فِيهَا الرَّجْمَ فَأَتَوْا بِالتَّوْرَاةِ فَنَشَرُوهَا فَوَضَعَ أَحَدُهُمْ يَدَهُ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ فَقَرَأَ مَا قَبْلَهَا وَمَا بَعْدَهَا فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَلَامٍ ارْفَعْ يَدَكَ فَرَفَعَ يَدَهُ فَإِذَا فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَقَالُوا صَدَقَ يَا مُحَمَّدُ فِيهَا آيَةُ الرَّجْمِ فَأَمَرَ بِهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَرَأَيْتُ الرَّجُلَ يَجْنَأُ عَلَى الْمَرْأَةِ يَقِيهَا الْحِجَارَةَ.
وهذا تصريح من احدهم يثبت فيه أن دعوى التدين فيهم ليس كما يروج لها.
فكان (آحاد ها عام ) أكثر وضوحا في إبراز حقيقة التراخي الديني فهو يقول : ان معظم رجالنا العظام الذين يؤهلهم علمهم ومركزهم الاجتماعي لقيادة الدولة اليهودية بعيدون جدا عن اليهودية روحيا , وليس لديهم المفهوم الصحيح عن طبيعتها وقيمها , ومهما بلغ إخلاصهم لدولتهم ومصالحها , فان مقياس هذه المصالح سيكون وفقا للحضارات الأجنبية المقتبسة التي يسعون لتثبيتها في الدولة اليهودية (أوهام التاريخ اليهودي).
القتال في الإسلام:
لقد بينت شريعة الإسلام أحكام القتال أتم بيان كما هو الحال مع بقية العبادات الشرعية التي يتعبد بها الله سبحانه وتعالى.
فقد بينت الشريعة كيفية الإعداد للقتال وأنواعه من الإعداد الروحي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي والعلمي.
كما بينت شريعتنا الغراء الأهداف من القتال من رد العدوان وتأمين الدعوة إلى الله ونشر دينه وتحكيم شرعه ونصرة المظلومين .
وقسمت الشريعة أنواع القتال فهناك قتال الكفار وقتال المحاربين وقتال الفتنة اى المسلمين فيما بينهم .
ورتبت الشريعة الأحكام لنتائج القتال من الدخول في الإسلام وإعطاء الأمان المؤقت والمؤبد . وأحكام الجزية وأقسام البلاد المفتوحة وحكم أهل الكتاب .
كذلك أحكام الأسرى وحكم الذين لا يقاتلون من النساء والأطفال والشيوخ .
وحتى بينت الشريعة أخلاق المسلمين الحربية والدعوة إلى الإسلام قبل القتال وعدم النهب وتدمير البيوت والمزارع وعدم الاعتداء على المدنيين العزل وأحكام المستأمنين.
وأحكام الغنائم والفيء ومصارفها وحفظها وحكم من اخذ شيء منها بدون إذن.
إن هذه الأحكام الشرعية التي بينت أحكام القتال في الإسلام في أدق تفاصيله تفتقر اليه جميع الديانات الموجودة والشرائع والقوانين الأرضية. ولم تبق هذه الشريعة الإلهية مسطورة في الكتب بل طبقها المسلمون واقعا على الأرض فكسبوا البلاد وقلوب العباد.
قال الإمام أحمد - رحمه الله - : لا أعلم شيئا من العمل بعد الفرائض أفضل من الجهاد .
ولما ذُكِر له الجهاد جعل يبكي ويقول : ما من أعمال البر أفضل منه .
وقد نص العلماء على أن الجهاد لا يتعين إلا في ثلاث حالات :
1 – إذا التقى الزحفان وتقابل الصفان . لقوله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ زَحْفاً فَلاَ تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ }الأنفال15.
2 – إذا نزل الكفار ببلد ، تعيّن على أهله قتالهم ودفعهم . لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ الَّذِينَ يَلُونَكُم مِّنَ الْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً ) التوبة123.
3 – إذا استنفر الإمام قوما لزمهم النفير . لقوله صلى الله عليه وسلم : وإذا استنفرتم فانفروا . متفق عليه.
إذن وحسب شريعتنا فقتالنا مع اليهود هو دين وليس من اجل تراب الوطن أو القومية أو الحمية أو العنصرية.
وقد جاءت أحاديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم تبين أن القتال يجب أن يكون خالصا لله فعَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ :جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ حَمِيَّةً وَيُقَاتِلُ شَجَاعَةً وَيُقَاتِلُ رِيَاءً فَأَيُّ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ(رواه البخاري).
وعن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من غزا في سبيل الله ولم ينو إلا عقالا فله ما نوى " . رواه النسائي تحقيق الألباني صحيح.
وعن أبي أمامة الباهلي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ماله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له فأعادها ثلاث مرات يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا شيء له ثم قال إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه .
تحقيق الألباني :حسن صحيح أحكام الجنائز ( 63 ).
قال ابن حجرَ في الفتح قوْله : ( مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَة اللَّه هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيل اللَّه ).
الْمُرَاد بِكَلِمَةِ اللَّه دَعْوَة اللَّه إِلَى الْإِسْلَام ، وَيَحْتَمِل أَنْ يَكُون الْمُرَاد أَنَّهُ لَا يَكُون فِي سَبِيل اللَّه إِلَّا مَنْ كَانَ سَبَب قِتَاله طَلَب إِعْلَاء كَلِمَة اللَّه فَقَطْ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ أَضَافَ إِلَى ذَلِكَ سَبَبًا مِنْ الْأَسْبَاب الْمَذْكُورَة أَخَلَّ بِذَلِكَ ، وَيَحْتَمِل أَنْ لَا يُخِلّ إِذَا حَصَلَ ضِمْنًا لَا أَصْلًا وَمَقْصُودًا وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الطَّبَرِيُّ فَقَالَ : إِذَا كَانَ أَصْل الْبَاعِث هُوَ الْأَوَّل لَا يَضُرّهُ مَا عَرَضَ لَهُ بَعْد ذَلِكَ ، وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُور أ.هـ.
وهناك كلام قيم للشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بيان ان القتال يجب ان يكون خالصا لله سبحانه وتعالى فقال.
قوله : (في سبيل الله) . متعلق ب(اغزوا) وهو تنبيه الرسول صلى الله عليه وسلم على حسن النية و القصد، لأن الغزاة لهم أغراض، ولكن الغزو النافع الذي تحصل به إحدى الحسنيين ما كان خالصا لله . وذلك بأن يقاتل لتكون كلمة الله هي العليا لا لحمية أو شجاعة أو ليرى مكانه أو لطلب دنيا .
فإذا قاتل لأجل الوطن : فمن قاتل لأنه وطن لإسلامي تجب حمايته وحماية المسلمين فيه، فهذه نية إسلامية صحيحة ، وإن كان للقومية أو الوطنية فقط فهو حمية وليس في سبيل الله.
قوله : (في سبيل الله) . تشمل النية والعمل، فالنية سبقت، والعمل : أن يكون الغزو في إطار دينه وشريعته، فيكون حسبما رسمه الشارع .
قوله : (قاتلوا من كفر بالله) . (قاتلوا) : فعل أمر وهو للوجوب، أي : يجب علينا أن نقاتل من كفر بالله، قال تعالى : (يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير) (التحريم : 9) . وقال تعالى : (يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) (التوبة :123) فإذا قاتلنا الذين يلوننا، فأسلموا، نقاتل من وراءهم، وهكذا إلى أن نخلص إلى مشارق الأرض ومغاربها .
(ومن) : اسم موصول، وصلته (كفر)، واسم الموصول وصلته يفيد العلية، أي : لكفره، فنحن لا نقاتل الناس عصبية أو قومية أو وطنية ، نقاتلهم لكفرهم لمصلحتهم وهي إنقاذهم من النار .هـ
وقال رحمه الله :أما من قاتل لوطنية أو قومية أو عصبية فليس بشهيد ولو قتل، لكن من قاتل حماية لوطنه الإسلامي من أجل أنه وطنٌ إسلاميٌ فقد قاتل لحماية الدين، فيكون من هذا الوجه في سبيل الله، ولهذا يجب أن نبيّن لإخواننا في الجيش أنهم إنما يتأهبون للقتال لا دفاعاً عن وطنهم من أجل أنه وطنهم، ولكن من أجل أنه وطن إسلامي يقاتلون لحماية الإسلام حتى يكونوا عند الموت شهداء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم: "سُئل عن الرجل يقاتل شجاعة، ويقاتل حمية، ويقاتل ليُرى مكانه، أي ذلك في سبيل الله؟ قال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" .
فالذي قاتل حمية نقول له:
لماذا تقاتل حمية؟ هل هو حدب على قومك، أو رغبة في بقاء الإسلام في بلادك؟
إن قال بالأول فليس بشهيد، وإن قال بالثاني فهو شهيد، كما لو قال: أقاتل حدباً على قومي، ليبقى الإسلام في بلادي.
وقال رحمه الله:
فَيَقُولُ الْحَجَرُ، أَوِ الشَّجَرُ: يَا مُسْلِمُ، يَا عَبْدَ اللَّهِ، هَذَا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ" ؛ فالشجر، والحجر يدل المسلمين على اليهود يقول: "يا عبد الله" . باسم العبودية لله .، ويقول: "يا مسلم" . باسم الإسلام .؛ والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: "يقاتل المسلمون اليهود" ، ولم يقل: "العرب"..
ولهذا أقول: إننا لن نقضي على اليهود باسم العروبة أبداً؛ لن نقضي عليهم إلا باسم الإسلام؛ ومن شاء فليقرأ قوله تعالى: {ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون} [الأنبياء: 105] : فجعل الميراث لعباده الصالحين؛ وما عُلِّق بوصف فإنه يوجد بوجوده، وينتفي بانتفائه؛ فإذا كنا عبادَ الله الصالحين ورثناها بكل يسر وسهولة، وبدون هذه المشقات، والمتاعب، والمصاعب، والكلامِ الطويل العريض الذي لا ينتهي أبداً!! نستحلها بنصر الله عزّ وجلّ، وبكتابة الله لنا ذلك . وما أيسره على الله .! ونحن نعلم أن المسلمين ما ملكوا فلسطين في عهد الإسلام الزاهر إلا بإسلامهم؛ ولا استولوا على المدائن عاصمة الفرس، ولا على عاصمة الروم، ولا على عاصمة القبط إلا بالإسلام؛ ولذلك ليت شبابنا يعون وعياً صحيحاً بأنه لا يمكن الانتصار المطلق إلا بالإسلام الحقيقي . لا إسلام الهوية بالبطاقة الشخصية .!هـ
هذا كلام دقيق من الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله يبين لنا الطريق الصحيح في تحرير أرضنا دون الرجوع إلى رايات جاهلية وكما قال صلى الله عليه وسلم: من قُتِل تحت راية عُمِّيَّةٍ ، يدعو عصبية أو ينصر عصبية ، فَقِتْلَةٌ جاهلية . رواه مسلم
الرايات الجاهلية التي ما زلنا نسمعها ومنذ سقوط الدولة العثمانية فكم سمعنا من دعوات قومية أو وطنية أو ماركسية وتركز على هذا الجانب حتى جعلوا النصراني والشيوعي شهيدا بل وصل الحال إلى بعضهم أن يقول سوف ننتصر على اليهود وسوف تغني أم كلثوم في القدس. ان الحرب بصفتها الدينية أعدائنا اليهود يصرحون بها وينظرون لها بل يصرون على يهودية الدولة ونحن نقول ان الحرب ليست دينية !!
فهذا البند السابع من الميثاق الوطني الفلسطيني لمنظمة التحرير الفلسطينية ينص على أن:
الانتماء الفلسطيني والارتباط المادي والروحي والتاريخي بفلسطين حقائق ثابتة، وإن تنشئة الفرد الفلسطيني تنشئة عربية ثورية واتخاذ كافة وسائل التوعية والتثقيف لتعريف الفلسطيني بوطنه تعريفاً روحياً ومادياً عميقاً وتأهيله للنضال والكفاح المسلح والتضحية بماله وحياته لاسترداد وطنه حتى التحرير، واجب قومي.
هذا البند يصرح ان تحرير فلسطين واجب قومي وليس واجب ديني شرعي بينما تصرح كولد مائير ان كل من لا يأتي إلى فلسطين فهو لا اله له.
أما في الماده الحادية عشر في الميثاق فنصها: يكون للفلسطينيين ثلاثة شعارات: الوحدة الوطنية، والتعبئة القومية، والتحرير.
ولم نعرج على بقية البنود التي تمتليء بمثل تلك العبارات و الشعارات التي لا يشم رائحة الإسلام منها والتي يريدون تحرير الأقصى وفلسطين بها .
لذلك لم يكتب لكل هذه الدعاوى النجاح وهذا هو وعد الله واختم بكلام للعلامة ابن عثيمين رحمه الله وكما يقال ليضع الدواء الصحيح على الجرح الغائر .
يقول رحمه الله: فإن كثيراً من الذين يقاتلون اليهود . أو أكثرهم . لا يقاتلونهم باسم الإسلام، وأن تكون كلمة الله هي العليا؛ وإنما يقاتلونهم باسم العروبة؛ فهو قتال عصبي قَبَليّ؛ ولذلك لم يفلح العرب في مواجهة اليهود..هـ.
وليد ملحم
مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية
اليمن – صنعاء
20/7/2010