فتاوى فلسطينية / السياسة الشرعية
واجبنا نحو فلسطين في معركة طوفان الأقصى
الشيخ فيصل بن قزار الجاسم
لا يُعرف عن عالم معتبر قط لا من المتقدمين ولا من المتأخرين أنه أطلق لسانه في نقد المسلمين وقت حرب العدو الكافر لهم وتسلطه عليهم، مهما كانت أسباب نشوب الحرب بينهم، وعلى أي حال كانوا باعتبار الاتباع والابتداع لأن المقام يقتضي النصرة والتثبيت ودحر العدو وهو فريضة الوقت.
ولما شن حاكم سوريا حملته ضد جماعة الاخوان المسلمين متهما اياهم بمحاولة قلب الحكم، وجه الشيخ ابن باز رسالة يدعو المسلمين الى معونتهم ونصرتهم، ولم يوجه الشيخ خطابه للاخوان يعتب عليهم استثارة حاكم سوريا او تخطيطهم للاطاحة به مع ضعفهم وقوته وتمكنه منهم، ولم يشتغل بنقد منهجهم الفكري لان المقام مقام نصرة ضد المعتدي الكافر فكيف اذا كان العدو المعتدي الكافر غاصبا بلاد المسلمين مستحلا حرماتهم، ناهبا خيراتهم، واجب المدافعة والمجاهدة، وقد ذكر الله غدره وخيانته في كتابه فهل يشك عاقل في وجوب أن يكون الخطاب وقت الحرب خطاب نصرة للمسلمين ودعم وتداعي على ذلك بالسيف والمال والمعونة.
بل لا ينتقد المسلمين في هذه الحال الا أحد ثلاثة: جاهل أو أحمق لا عقل له أو مرتزق يسعى في هوى أسياده!
والنقد العام المتعلق بأسباب الحرب وعدته وعتاده إن جاز فإنما يجوز حال الأمن لا الحرب والكلام وقت الفتنة والحرب أشد من وقع السيف: تنشيطا أو تثبيطا، وتعليق الأحكام إنما يكون على المعلوم المتحقق لا المظنون الموهوم، خلافا لما يفعله بعض الدعاة وللأسف ممن يخوضون في التحليلات السياسية ويبنون عليها الأحكام الشرعية معرضين عن الواقع المشاهد المعلوم، فيتركون فريضة الوقت والواقع المتحقق ويشتغلون بالتنظير لفريضة المستقبل المظنون الموهوم ونقد الجماعات ليس كنقد الحكومات وحماس لها نصيب من الولاية في غزة فهي صاحبة الشوكة فيها الآمرة الناهية، فلها نصيب من حقوق الولاية، وعلى هذا فتسليط سهام النقد عليها قد يأخذ حكم نقد الحكومات الاسلامية في بلاد المسلمين، ولا يخفى أن أشده ضررا وأعظمه قبحا ونكارة ما يكون وقت الحرب مع الكفار.
بل من المتعين أن يوجه الخطاب ايضا إلى الحكومات الاسلامية ودعوتها الى القيام بواجبها من النصرة والمعونة حسب القدرة الحقيقية والاستطاعة وأما توجيه النقد وسهامه على المستضعف المستباح وترك نقد القوي القادر التارك لما أوجب الله عليه تجاه المستضعفين فهذا من الكيل بمكيالين وهو نوع من التناقض او المحاباة والمداهنة.
وقضية فلسطين ليست كغيرها من قضايا المسلمين فإن فيها المسجد الأقصى مسرى النبي ﷺ وتطهير المسجد الاقصى من دنس اليهود من أعظم الواجبات وأوجب الجهاد، وما عُظّم صلاح الدين الايوبي عند المسلمين حتى صار لهم قدم صدق في الامة الا لتطهيره بيت المقدس من ايدي غاصبيه النصارى حتى عُد فعله هذا من اجل اعماله، وما فرح المسلمون بمثل فرحهم باسترداد بيت المقدس.
سئل الشيخ ابن باز: ماذا يجب على المسلم نحو المجاهدين المسلمين في سوريا الآن؟ [في احداث حماة سنة 1982م].
فأجاب: الذي نعلم عن حالهم أنهم مظلومون، وأنهم يستحقون العون والمساعدة؛ لأن الدولة الآن تقتل فيهم تقتيلاً شديداً، وهم إنما طالبوا بحكم الإسلام ولم يطالبوا بغير حكم الإسلام، والدولة دولة كافرة نصيرية علوية رافضية باطنية، فيجب أن ينصروا وأن يعانوا حتى يستنقذوا بلادهم من أيدي عدوهم الكافر الملحد الذي لا يألوا شراً بالمسلمين ولا يألوا خبالاً بالمسلمين.
دونك كلام العلماء ودع عنك كلام الجهال والحمقى والمرتزقة.
نصر الله أهل غزة وأعزهم على عدوهم وأبطل كيده ورد مكره وأهلك جنده وكشف شره وأشغله بنفسه.
12 أكتوبر 2023م
.