فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار
غزة محاصرة: بيع الغاز المصري للاحتلال.. فضيحة أخلاقية واقتصادية وكارثة لا مبرر لها.
فلسطين الآن / أثارت صفقة الغاز المصرية للاحتلال جدلا واسعا في الأوساط الفلسطينية والمصرية الشعبية والرسمية، لا سيما في ظل الحصار المفروض على قطاع غزة، الذي يشهد نقصا حادا في مختلف أنواع الوقود وخاصة الغاز الطبيعي.
وكانت شركة كهرباء الاحتلال، أعلنت بدء تدفق الغاز الطبيعي المصري عبر خط أنابيب للمرة الأولى الخميس الماضي، وجاءت عملية توريد الغاز بموجب توقيع اتفاق لا زالت بنوده غامضة مع شركة غاز شرق المتوسط لتوريد كمية غاز طبيعي تبلغ 1.7 مليار متر مكعب سنويا لمدة عشرين عاما.
وبحسب شركة كهرباء الاحتلال، فـ" إن ما يزيد على 20 % من الكهرباء التي ستنتج في العقد المقبل ستكون معتمدة على الغاز الطبيعي المصري".
وكانت صفقة الغاز المصرية للاحتلال أثارت جدلا واسعا في الأوساط السياسية المصرية، نظرا لرفض الحكومة الكشف عن السعر التفصيلي الذي تبيع به الغاز، وبررت الحكومة موقفها بأن الصفقة تمت بين شركتي قطاع خاص، وأن الإعلان عن السعر أمر يخصهما.
إلا أن نوابا في البرلمان المصري أكدوا أن الحكومة أعطت دولة الاحتلال عرضا يقل كثيرا عن السعر العالمي للغاز، وأن الفارق كان يمكن أن يوفر نحو عشرة مليارات دولار سنويا للخزينة المصرية.
فضيحة أخلاقية واقتصادية
عضو جماعة الإخوان المسلمين في مصر محمد البلتاجي رفض صفقة بيع الغاز المصري لإسرائيل على مدى 20 عاما، واصفا إياها بأنها تشكل فضيحة أخلاقية واقتصادية، وقال البلتاجي في تصريح له: "ان صفقة الغاز المصري لإسرائيل هي فضيحة أخلاقية واقتصادية في وقت يحاصر فيه الشعب الفلسطيني ويقطع عنه الوقود.
وأضاف " للأسف الشديد تقوم الحكومة المصرية بمد العدو الصهيوني بالغاز وبثمن بخس، مضيفا " ان 20 بالمائة من محطات الكهرباء في إسرائيل أصبحت تعمل بالغاز المصري الذي يباع بعـشر أسعاره العالمية، في حين هناك 9 محطات مصرية تعمل بالمازوت ولا يوجد الغاز الطبيعي في الأسواق المحلية.
ولفت عضو جماعة الإخوان المسلمين في مصر إلى ان هذه الاتفاقية لم تعرض على مجلس الشعب حيث تلاعبت الحكومة للهروب من الرفض البرلماني لهذه الاتفاقية والتي لا تعبر عن ضمير الشعب المصري، وأضاف: ان الشعب ونوابه يرفضون مد العدو الصهيوني بالغاز الذي يتحول إلى جزء من آلته العسكرية لضرب الشعب الفلسطيني.
ثروات مصر الطبيعية يجب أن تكون لأبنائها
كما رفضت جماعة الإخوان المسلمين في بيان لها هذا الموقف المشين الذي سمح للصهاينة بالاستفادة من ثروة مصر، مؤكدين أن ثروات مصر الطبيعية يجب أن تكون لأبنائها، وهي ملك لكل المصريين وللأجيال القادمة، ولا يجوز لأحد كائنًا من كان أن يعبث بها أو أن يتصرَّف فيها طبقًا لهواه أو لتحقيق مصالحه الخاصة.
واعتبرت جماعة الإخوان أن الحفاظ على الأمن القومي المصري يستوجب وقف تدفُّق الغاز عبر الأنابيب للعدو الذي قتل أبناءنا ودفن أسرانا أحياءً في حروب 1956م، 1967م، 1973م، وما زال يهدِّد أمننا القومي بصناعة وامتلاك أسلحة الدمار الشامل.
وقالت في بيانها: "إن ما أعلنه النظام أمام نواب الشعب على لسان وزير حكومته يُعدُّ استخفافًا بالعقول، وإن صحَّ ما قيل فإن معنى ذلك أن شركةً مصريةً تعاقدت على بيع الغاز المصري إلى الصهاينة؛ وهذا الأمر يمكن تصحيحه بفسخ عقد الشركة المصرية مع الحكومة المصرية دون مخالفة لما يزعمه البعض من قوانين أو معاهدات دولية.
ودعت الجماعة كل الأحزاب والقوى السياسية والوطنية، بل والمجتمع المصرى كله، إلى أن يعلنوا رفضهم لهذه الفَعلة الشنعاء بحق الوطن والمواطنين، ويطالبون نوَّاب الشعب بضرورة التحرُّك الفعَّال لإلغاء العقد (إن وجد)، ووقف ضخِّ الغاز للصهاينة، وتوجيهه إلى التصدير بالأسعار العالمية إلى دول أخرى؛ الأمر الذي يؤدي بالضرورة إلى توفير مليارات الدولارات التي يمكن أن تضاف للموازنة العامة للدولة لحل مشكلات المواطنين المزمنة.
الأولى ضخ الغاز لغزة المحاصرة
حركة المقاومة الإسلامية حماس، اعتبرت أنه من الأولى ضخ الغاز المصري إلى غزة التي تقبع تحت حصار ظالم.
وقال سامي أبو زهري لفلسطين الآن: " نعتبر أن بدء ضح هذا الغاز إلى الاحتلال يجعل من اللازم أخلاقيا وقوميا التزام مصر بتوفير الغاز المصري لغزة المحاصرة".
الصفقة كارثة وإعانة للاحتلال
من جهته دعا مسئول مصري أسبق نواب المعارضة والمستقلين في البرلمان المصري، إلى تقديم استقالة جماعية والدعوة إلى انتخابات مبكرة تحت رقابة دولية كإجراء عملي قوي على صفقة بيع الغاز المصري لدولة الاحتلال.
ووصف الدكتور عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، تلك الصفقة بأنها" كارثة وإعانة للمشروع الصهيوني الذي يريد أن يلتهم مصر"، وقال: "إنه لا ينبغي لنواب مجلس الشعب السكوت على صمت الحكومة وعجز سلطة البرلمان الرقابية".
وحول تداعيات بيع الغاز المصري للاحتلال أكد تحمل ضررا بالغا ومحققا لمصر وإعانة للمشروع الصهيوني الذي يريد أن يلتهم مصر ويسعى للتمدد في سيناء". وأوضح أن" الغاز الطبيعي احتياطه محدود وهو ملك للأجيال القادمة، وإتمام صفقة بهذا الحجم والعمر ستكون لها آثار كارثية في المستقبل وستهدد الأمن القومي المصري على المدى البعيد".
من جهته اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور علاء الدين الرفاتي في تصريح للجزيرة نت، أن إسرائيل حاولت عقد هذه الاتفاقية مع مصر قبل عشر سنوات، إلا أنها لم تكن معنية بتنفيذها إلى أن حصلت أخيرا على شروط أفضل للصفقة، مضيفا: "أن إسرائيل فرضت أسعارا منخفضة جدا، ونجحت بفرض عدم مرور أنبوب الغاز ضمن الأراضي الفلسطينية.
لا نجد مبرر للصفقة
ويستغرب المحاضر الجامعي المتخصص في الشؤون الاقتصادية محمد مقداد عقد الصفقة في الوقت الذي تمتنع فيه مصر عن إمداد القطاع بالوقود والغاز والمحروقات، واستيراد الفلسطينيين الغاز من إسرائيل بأسعار مرتفعة.
وقال للجزيرة نت "نحن كاقتصاديين لا يمكن لنا أن نتفهم أو أن نجد المبررات لتلك الصفقة، خصوصا وأن غزة هي الأقرب لمصر من كل النواحي، ونحن نقبل أن تعاملنا مصر كما تعامل إسرائيل، رغم أننا أخوة العروبة والجوار".
ويرى مقداد أن استيراد الغاز الطبيعي من مصر يعني خفض تكاليف الإنتاج، والقدرة على تشغيل محطة الكهرباء المركزية في القطاع بما يخفض تكلفة الكهرباء بنسبة كبيرة جدا، وبالتالي ييسر حياة الفلسطيني.