دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

الاحتلال الصهيوني أمام خيارات ضيقة وتحديات صعبة

محمد الناجي / خاص لمركز بيت المقدس

 20-11-2012

في الوقت الذي تدخل فيه الحرب على غزة يومها السابع يزداد العدو الصهيوني حنقا واضطرابا وتوترا, ويعاني من ضيق في التفكير وانسداد في الأفق وصعوبة في التخير بين الخيارات, ونفاذ وإفلاس لبنك الأهداف الذي لطالما تغنى به.

منذ اليوم الأول من الحرب لم يحقق الاحتلال الصهيوني أي إنجاز عسكري يمكنه أن يفاخر به سوى اغتيال نائب القائد العام للقسام والذي يصفه الاحتلال برئيس الأركان أو بجنرال حماس ( أحمد الجعبري ) مع التأكيد بأنه نال منه غيلة وغدرا بعد اتفاق تهدئة أبرمته المقاومة مع الجانب المصري وبموافقة الجانب الصهيوني على تلك التهدئة .  

وكان الاحتلال الصهيوني يظن بأنه من اليوم الأول من الحرب سيفاجئ المقاومة الفلسطينية ويضرب أركانها ويشل قدراتها العسكرية إلا أن ذلك لم يتحقق بفضل الله سبحانه وتعالى؛ ففي اليوم الأول قام الاحتلال الصهيوني وعلى حين غفلة بضرب المركبة التي كان يستقلها الشهيد الجعبري ونال منه وظفر به , وأعقب تلك الضربة مباشرة  استهداف أماكن لقادة عسكريين بارزين وأصحاب قرار في كتائب القسام ــــــ  الجناح العسكري لحركة حماس ــــــ كاستهداف منزلين بغارتين منفصلتين أريد منهما استهداف قائد القسام في المنطقة الجنوبية لقطاع غزة , والنائب الثاني لقائد القسام  , كما استهدف الاحتلال الصهيوني  هدفا كان يجزم بأن رئيس الوزراء الفلسطيني ( إسماعيل هنية ) يتواجد فيه  إلا أن تلك المحاولات مجتمعة باءت بالفشل , مع العلم بأن الاحتلال الصهيوني قد أعلن عن اغتيالهم ولم تتضح الصورة إلا بعد إثباتات من طرف المقاومة تنفي استشهاد أي من المذكورين .

 

في الساعة الأولى من الحرب قصف الاحتلال الصهيوني عشرات الأهداف بمئات الصواريخ الثقيلة , وخرج بعدها رئيس الوزراء ووزير حرب الاحتلال الصهيوني بمؤتمر صحفي وتوجها بالشكر لجهاز الشاباك الصهيوني , وأعلن كلاهما ( نتانياهو , باراك ) القضاء على معظم قدرة حماس والجهاد الإسلامي القتالية , وتدمير كل مخازن وقواعد الصواريخ بعيدة المدى !! , وما هي إلا ساعات وإذ بالصورايخ تهطل على ما يسمى بتل أبيب لأول مرة في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني  , وبعد يومين من العدوان أصابت الصواريخ أهدافا أبعد من تل أبيب لتعلن المقاومة الفلسطينية أنها تركت مدينة تل الربيع المحتلة خلف ظهرها , وهذا شكل صدمة كبيرة وصفعة قوية للمحتل المتعجرف خصوصا بعد إعلان كتائب القسام بأن الصواريخ بعيدة المدى والتي تستهدف تل الربيع وما بعدها هي صواريخ من صنع محلي غزي !! , والذي لم يفلح الاحتلال بمخابراته واستخباراته وعملائه وعيونه وتصنته بكشف هذه المفاجأة إلا بعد تحققها على أرض الواقع .

 

كذلك أعلن وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك في المؤتمر الصحفي المشترك مع نتانياهو  أن الهدف من العملية هو منع وصول الصواريخ لمدن الجنوب المحتل , وتدمير البنية التحتية للمقاومة الفلسطينية , والقضاء نهائيا على قدرة الفصائل القتالية وخصوصا القدرة الصاروخية, وحتى لحظة كتابة التقرير والصواريخ تتساقط وبكثافة وبدقة وتقنية عالية جدا, وعلى مدن لم يكن يتوقع الاحتلال وصول الصورايخ إليها .

 

وفي اليوم السابع من الحرب يفشل باراك في تحقيق أهدافه وأهداف دولته الوهمية المزعومة ويقول بأن فصائل المقاومة مثل الوسادة إذا ما ضغطت عليها فإنها سرعان ما تعود إلى حالها , وفي تصريح آخر يُقر : بأن حماس لا يمكن هزيمتها !!.

 

رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتانياهو بعد سبعة أيام من الحرب يبدو أكثر ضعفا , وكذلك وزير حربه ووزير خارجيته , ويقر نتانياهو في مؤتمر مشترك مع الأمين العام للأمم المتحدة بأن صواريخ المقاومة بمقدورها أن تطال كل مدن ما يسمى ( إسرائيل ) .

 

بعد هذه الجولة الحاسمة والتي أسست لمرحلة من مراحل تحرير فلسطين بإذن الله نجد بأن الاحتلال الصهيوني يعاني من عزلة وقلة تأييد وضيق شديد , كما يعاني رئيس وزراء دولة الاحتلال من ضغوط تمارس عليه من قبل الجبهة الداخلية التي ما عاد لها أن تحتمل كثافة النيران والصواريخ الموجهة للمدن المحتلة في الجنوب .

ولعل من نافلة القول بأن أصوات تعالت داخل دولة الكيان بضرورة إقالة وزير الجيش " باراك " لفشله في العملية العسكرية , كما أن دولة الاحتلال على موعد مع مسيرات دعت إليها المعارضة الصهيونية للتنديد بسياسة نتانياهو وفشله الذريع في عمليته العسكرية وعجزه عن تحقيق أي هدف من الأهداف التي انطلقت من أجلها العملية العسكرية ضد غزة .

 

واليوم بفضل الله سبحانه وتعالى نجد بأن الاحتلال الصهيوني محتار ومتردد في أي خيار يسلك فبعد إعلان جنرالات من جيش الاحتلال بنفاذ بنك الأهداف الذي أعدته دولة الاحتلال , لم يعد أمام وزير الحرب الصهيوني سوى خيارين أحلاهما مر :

الخيار الأول : إما اجتياح قطاع غزة بريا وهذا من شأنه أن يقلب الجبهة الداخلية عليه إذ إنها لا تحتمل أن ترى توابيت جنودها محمولة على الأكتاف وقادمة من أرض غزة , كما أن الأمور ستزداد سوءا بالنسبة لدولة الاحتلال إذا ما ظفرت فصائل المقاومة بأحد الجنود وقبضت عليه أسيرا . وهذا سيفجر كارثة بالنسبة للاحتلال الصهيوني .

وهنا ينبغي التأكيد بأن فصائل المقاومة أوصلت للاحتلال رسالة مفادها بأن القوة التي استخدمتها ضده ما هي إلا 5 % من قواتها وقدراتها العسكرية , وأن القوة الحقيقية والاستبسال يكون عند دخول الجيش الصهيوني إلى قطاع غزة , وهذا ما يجعل الاحتلال يفكر ألف مرة ويعمل ألف حساب للدخول إلى غزة برا .

الخيار الثاني : أن يهرول الاحتلال لتهدئة وهو ما أثبتته كثير من التقارير إذ تفيد المصادر بأن رئيس وزراء الاحتلال استجدى التهدئة من تسع دول عظمى من بينها أمريكا وبريطانيا وألمانيا وغيرها , وبالمناسبة فالعدو الصهيوني في هذه المرحلة من الصراع  يفضل الخيار السلمي وإنجاح مساعي التهدئة ليس حبا في السلام ومنعا لإراقة الدماء , وإنما خوفا من الترسانة التي تمتلكها فصائل المقاومة في غزة ولكن في الوقت نفسه يريد أن يحفظ ماءه ويبحث عن صورة نصر ليس إلا .

 

وتبقى غزة عصية على الانكسار ومقبرة الغزاة , ولسان حالها :  وإن عدتم عدنا , وإن ضربتم غزة ضربنا تل أبيب .

.