دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

ثورة الأبحاث الصهيونية ونظيرتها العربية

ثورة الأبحاث الصهيونية ونظيرتها العربية

جهاد العايش

 

أهمية الموضوع :

تكمن أهمية الموضوع لما للمراكز من دور أساس في صناعة الفكر وتسويقه وجني ثمراته , وقد كانت هذه  المصانع أو المطابخ الفكرية  في الغرب تحديدا,  وراء ما وصل إليه من ثورة  نهضوية فكرية أو صناعية بجملتها الإستراتيجية  أو الإستشرافية السياسية على الصعيد الداخلي أو الخارجي  على حد سواء  وكيفية مواجهة التحديات حيث أسهمت مراكزهم في معرفة خصومهم  وكيفية تكييفهم  أو تحييدهم أو القضاء عليهم , حتى نجحت "بنوك الفكر" الغربية في اختراق مفاصل الحياة العربية والاسلامية.

لقد تحولت الفكرة الغربية بعد إشباع  وتخمة أصابها وأصاب خزائن  أرشيفاتها المتنوعة والعديدة  من جمع المخطوطات- أو سرقتها - من خزائنها الدفينة في عالمنا الإسلامي والعربي ومثلها  الكتب  المطبوعة والمنشورة  ومن جمع البيانات والتقارير التي ترصد كل كبيرة وصغيرة من سلوك وعادات العرب والمسلمين وأنماط حياتهم  , وتحويل كل ما سبق من أرشيف  معلوماتي  , إلى "خزانات أوبنوك أو أرشيف فكري " تسعى  بكل خبث ودهاء  إلى  صهر كل ما سبق في قانون أو منظمة تعمل في تذويب أو إعادة توجيه ,بحسب أهواء ورغبات الغرب ليصير السلوك الاسلامي والعادات العربية الاصيلة إلى غير مضمونها وفحواها.

وكان  مقابل كل ما سبق من  ضعف وغياب رؤية عربية وإسلامية  إستراتيجية إستشرافية  تبصر فيها ومنها طرق حماية بيضتها و مستقبلها , وطرق مواجهة خصمها , حتى غدت الأمة بلا راع يرعاها ويحمي عقيدتها .


اليهود وثورة الأبحاث :

    أدرك اليهود وبوقت مبكر أهمية مراكز الدراسات ودورها في دعم مسيرة الحركة الصهيونية في اختراق المشرق الإسلامي , وأنه لا بد من إيجاد المبررات المقنعة لأتباع اليهودية والغرب الصليبي بمبررات العودة إلى أرض الميعاد , تجسدت بمنطلقات توراتية وعنصرية صهيونية , فقد أدرك قادة الحركة الصهيونية أنه ينبغي عليهم إزالة عدة إشكاليات واستحضار عدة مبررات  , تقوم على أسس علمية مدعومة  بجملة من الأكاذيب والتحريفات والمغالطات التاريخية والدينية , وتمثل ذلك في عدة عناصر ,كان منها :

- بذل الجهد في إقناع  اليهود  وتحفيزهم - دينيا وماديا - للهجرة إلى فلسطين.

- تكييف العقلية الأروبية وإقناعها لتبني  وإيجاد مبررات التقاطع معها لدعم المشروع اليهودي  للوصول إلى فلسطين .

-  خداع العرب وإغراقهم في خطة شاملة مبنية على سيل من الأكاذيب وإثارة الفتن وتفتيت اللحمة الإسلامية العربية   لتخذيلهم  عن الفلسطينيين في سيل من الأكاذيب . 

     - اعتماد شبكة معقدة من الدعاوى, والتلفيقات التاريخية, والنصوص الدينية ,(وارتباط اليهود بفلسطين) لتكوين معالم واضحة للشخصية والدولة اليهودية .

     - رسم صورة محرفة لفلسطين وأهلها, على نحو يدعم فكرة هجرة اليهود إلى فلسطين من خلال الفروق بين اليهود و العرب (شعب الله المختار, نقاء العرق اليهودي ).

وقد نبّه قادة الحركة الصهيونية جيشا من البروفسورات لخدمة هذه الفكرة , وتربى في محاضن المخابرات الصهيونية , وهذا ما صرح به بنغوريون  حينما قال : " يندر أن تجد أكاديمياً أو إسرائيلياً في إسرائيل لم يتثقف على أيدي الموساد , أو من خلال منظمات الإرهاب ".

 وفي وقت وطريقة تزامنت مع سير الحركة عمليا تجاه فلسطين .

ومن أشهر المستشرقين اليهود في القرن الماضي:

1. سلومون مونك: حاول التوفيق بين الفلاسفة اليونانين و المسلمين من جهة , وبين العقائد اليهودية من جهة أخرى  ليوجد من خلال  ذلك  دمج العقيدة الإسلامية  بهرطقات الفلاسفة  لتنشأ الثغرات التي  تطعن بعقيدة الإسلام

2. أرمينوس فامبرى: كان له دور في توثيق الروابط الصهيونية مع بريطانيا وكان له دور في تأمين مقابلة هرتزل مع السلطان عبد الحميد وكان يوجة هرتزل في كيفية اللقاء .

 3إجنتس جولد تسهير: وُصف بسيد الباحثين في الشؤون الإسلامية, أقام في القاهرة وسورية وفلسطين ,قدم ( 592 ) بحثاً إسلامياً منها (الظاهرية مذهبهم وتاريخهم) و (دراسات إسلامية) و (الإسلام والدين الفارسي) وآلت جميع دراساته وبحوثه إلى الجامعة العبرية  في القدس .

4. يعقوب باست: أتقن العربية وألف كتابا في تكوين الأسماء في اللغات السامية وشارك في تحقيق (تاريخ الطبري) و (كتاب الفصيح) للثعلبي .

5. جوزيف هوروفستش:اشتغل في مدرسة عليكرة الإسلامية في الهند , وقدم رسالة الدكتوراه في كتاب "المغازي" للواقدي وحقق جزأين من طبقات ابن سعد وهما في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم  . وهو عضو مجلس إدارة الجامعة العبرية عند التأسيس , واقترح بنشر كتاب أنساب "الأشراف  للبلاذري" وقد نشر المجلد الرابع والخامس بتحقيق اثنان من اليهود , له بحوث منها ( الجنّة في القرآن) وبحث بعنوان ( أسماء الأعلام اليهود ومشتقاتها في القرآن) .

 6. ماكس مايرهوف: أكبر الباحثين الأوروبيين المتخصصين في تاريخ الطب والصيدلة عند العرب ومن أبحاثه (الأطباء اليهود والمصريين الذين اشتهروا في العصر الأموي)

 7. دافيد بانت: أستاذ اللغة العربية في الجامعة العبرية ,وقد اهتم بالكُتاب اليهود العرب الذين كتبوا بالعبرية

 8.باول كراوس: أتقن العربية, وأكب على دراسة الكيمياء عند العرب, فأخرج كتابا بعنوان (تحطيم أسطورة جابر بن حيان) وهي تفيد  أن أبحاث جابر من أعمال مجموعة من الإسماعيليين ورسالة عن (أخبار الحلاج) ورسالة للبيرونى ,  وقد أعد رسالة  الدكتوراة عن الرازي  .       

9- البروفسور ارنون سوفير : أستاذ الجغرافيا في جامعة حيفا، ويعتبر من أهم الخبراء الاستراتيجيين والإستشرافيين اليهود المعتمد لكثير من الساسة الصهاينة كما  أن كثيرا من آرائه لها رواج عندهم   , فهو صاحب فكرة  الانفصال أحادي الجانب عن الفلسطينيين. وله  دراسة جدا هامة  أحدثت صدى واسعا عند صناع القرار الصهيوني لأنها بحثت الحالة الديموغرافية اليهودية في فلسطين من عام  2000- 2020- مخاطر وإمكانيات، وقد خلصت دراسته  إلى أن 42 % , فقط من اليهود، مقابل 58 %  من العرب، من مجموع15.2  مليون نسمة" محذرًا أنه ومن دون الفصل سيختفي الكيان الصهيوني عن الخريطة خلال سنوات؟!".                                                                     

§ لقد أدرك الصهاينة بعد تأسيس الدولة أن هؤلاء النفر من الباحثين هم بمثابة  العمود الفقاري للدولة  ورأس مالها.

وأنهم  صانعوا  الرموز الاجتماعية للدولة  , فمنحهم   كيانهم لقبا  يعتزون به  " جيش البروفسورات , وجعلوا لهم مكانة لا تقل شأنا عن مكانة  رجال السياسة أو القادة العسكريين . و أشبعت نهمهم فتبنت  أبحاثهم التي كانت أساسا في صناعة سياسات "دولة إسرائيل" المعاصرة  التي وضعتها الصهيونية .

         لقد استوعبت المؤسسة الصهيونية العملية البحثية اليهودية رموزها في أهم المؤسسات , وبأرقى الوسائل   وبأعلى الصلاحيات القائمة على العمل المؤسسي  المرتبط بتوجهات الدولة  فمنحتهم صلاحيات منها  :

أولا : الإطلاع على أرشيفات ومخازن الوثائق  البحثية , مثل أرشيف الدولة في القدس, والأرشيف الصهيوني المركزي , وأرشيف تاريخ الشعب اليهودي وغيرها من الكنوز .

ثانيا:  وفرت لهم مجالات تشغيل تناسب الباحثين كل حسب تخصصه, لتشجيع المهاجرين منهم إلى فلسطين.

ثالثا: إشراكهم في رسم السياسات الدولية , وإقامة منتديات فكرية وورش عمل تجمعهم بكبار الساسة الصهاينة .

رابعا : إتاحة الفرصة لهم للتحدث في مختلف المسائل التي تَهم الدولة.

خامسا: إتاحة المجال للسفر وحضور المؤتمرات والندوات وورش العمل المختلفة في أرقى المؤسسات الأوربية والأمريكية للاستفادة من الخبرات الأجنبية المختلفة.

 ونجد أن هناك تناغم مرن بين هؤلاء الباحثين في مؤسسات حكومة الكيان اليهودي و بين الاستخبارات الصهيونية - ولا غرابة في ذلك لأن ( 4%) من السياسيين, و( 5% ) من العسكريين بعد تقاعدهم ينتسبون إلى مراكز الدراسات - ويهدف ذلك:

1.إعداد الدراسات الخاصة والدقيقة بشأن المستجدات على الساحة الإسلامية والعربية و الفلسطينية.

2. تصويب الجهود المتناغمة وفق متطلبات الأهداف الإستراتيجية الصهيونية وفق متطلبات المراحل المنشودة والأحداث العالمية.

    وسنستعرض أمثلة على هذه المؤسسات البحثية والعلمية في الكيان اليهودي, ودورها في عملية التنمية الحقيقية لكل قطاعات الدولة اللقيطة.

وقبل أن نخوض غمار التعريف ببعض هذه المؤسسات فلا بد أن ندرك تماما أن وراء هذه المؤسسات رجال الأمن  من أتباع الحركة الصهونية وهذا ما ذكره الكاتب اليهودي "يئير عميكام" : أنه في كل مدرسة تعنى بالإستشراق, ضابط كبير من سلاح المخابرات لتوجيه دراسات الإستشراق .

1- الجامعة العبرية في القدس :

   أول من أطلق فكرتها عالم الرياضيات اليهودي "  تسفي"   عام 1882م, حيث تم طرح المشروع رسمياً في المؤتمر اليهودي الأول عام 1897م وتقرر بناؤها في المؤتمر اليهودي الثالث عشر عام 1913م وتبرع دافيد رئيس المؤتمر الصهيوني بمبلغ 25 ألف دولار لتأسيسها عام 1918م , وقد وضع "حايبم وايزمان" حجر الأساس ودشنها بلفور عام 1925م , وتحوي ما يزيد عن مليون مجلد و 60 أمين مكتبة و متحف للآثار اليهودية ولها دار نشر خاصة بها  .

2- معهد الدراسات الإفريقية -الأسيوية :

تأسس عام 1941م وهو يتبع الجامعة العبرية  وبتكليف من الحكومة أُنشئ معهد للبحث في مواضيع خاصة منها : اليهود في بلاد العرب , فلسطين في التاريخ الإسلامي واليهودي والعربي وجمع المخطوطات .

 3- المعهد الإسرائيلي للأبحاث الاجتماعية:

 تأسس عام 1948 م , ومخصصاته من ميزانية الدولة . يقوم بالنصح وتوجيه الدراسات للمؤسسات الإسرائيلية حول طبيعة الصراع ومتغيراتها بين العرب واليهود .

4- معهد بن تسفي للدراسات اليهودية:

تأسس عام 1948 ويهدف إلى صبغ الهوية اليهودية على فلسطين وينظم لها المؤتمرات و الندوات . ويقوم بالدراسات الدعائية للمؤسسات الحكومية لتسويق المفاهيم والتصورات الدعائية  اليهودية حول فلسطين .

5- معهد الدراسات الاقتصادية:

أنشئ عام 1964م وهدفه تشجيع الدراسات الاقتصادية لدعم الاقتصاد اليهودي ودراسة الاقتصاديات الفلسطينية والعربية وأثر المقاطعة على إسرائيل .

6- معهد ترومان لدراسات الوفاق:

يعمل على حصد  وجمع  الدراسات و المطبوعات العربية  ليقوم على دراستها والتعرف على مستجداتها .

 حتى إنه كان قديما يُعنى بدراسة لوحات الحائط في الدول العربية , ويتابع  سياسات العرب  الفلسطينيين .

 ويرصد حركة الأحزاب السياسية الفلسطينية  .

7- مركز هاري ترومان  : مقره في جامعة القدس تأسس  عام 1965 يحمل اسم  الرئيس الأمريكي السابق "هاري ترومان" والذي قام هو على تأسيسه  .

من أهم مراكز الفكر الصهيونية  التي تقدم الدراسات الإستراتيجية لصُنّاع القرار في دولة الكيان اليهودي على الصعيد السياسي والإقتصادي وله أبحاث ودراسات والعديد من البرامج والنشاطات التي تخدم فكرته, كما يقدم أيضا المنح الدراسية .

8- مركز دراسة أوضاع عرب إسرائيل:

 يتعاون مع الجامعة العبرية والجيش والخارجية ويهتم بالفلسطينيين وتاريخهم .

9- مركز ليفي أشكول :

 متخصص في الشؤون اليهودية و التغيرات العقدية في المجتمع الإسرائيلي و الحروب ونتائجها على المجتمع الإسرائيلي و دور الصحافة اليهودية ودورها في حالات الطوارئ.

10- معهد مارتن بوير للتقارب اليهودي العربي: يهتم بالتقريب بين اليهود والعرب وتعليم لغة الطرفين .

11- مركز جافي للدراسات الإستراتيجية: هو العقل الأمني لدولة اليهود وخزان المعلومات والدراسات الخاصة بذلك يعمل على إطلاع المؤسسات على المعلومات الأمنية .

12- معهد ديان لأبحاث الشرق الأوسط وأفريقيا : تأسس عام  1959 بقرار من رئيس  ومؤسس  (الموساد) (رؤوفين شيلواح) ، وعرف آنذاك باسم "مركز شيلواح"  وألحق عام  1965 بجامعة تل أبيب , وأهم ما يميز هذا المعهد هو سرقة أرشيف مركز الأبحاث الفلسطيني إبان اقتحام  اليهود بيروت عام 1982م . وهنا لفتة  وهي: أن عصر السبعينيات  هو قمة فورة  مؤسسات البحث  الفلسطينية , ولو شهدت هذه  الفترة  بروز القنوات الفضائية  الفلسطينية  والشبكة العنكبوتية  مع الحرية التي كان يتمتع  بها الفلسطينيون في كثير من دول العالم , لهزم الإعلام اليهودي  حتما.

 وقد تغير اسم المركز عام 83 م إلى معهد ديان , وهو من أخطر مراكز الدراسات التي قدمت خدمة جليلة للغرب والكيان اليهودي  في  اختراق و تفتيت الأقطار العربية"  , وكان بمثابة المركز الوحيد حتى  حرب حزيران عام 1967م ,  والذي تستمد منه المؤسسة العسكرية الصهيونية  رؤيتها الإستراتيجية الأمنية .

وتنطلق إستراتيجية المركز من خلال رؤيتين :

الأول - تفكيك البنية الداخلية للدول العربية من خلال الصراعات وتهييج الخصوم و إثارة البلابل والفتن والنزاعات الداخلية .

الثاني - دعم الجماعات والطوائف والخلافات المذهبية والسياسية من خلال دعمها والسعي لإعطائها حقوقا في التمثيل السياسي أو الانفصالي.

ومثال ذلك ما أعدته الباحثة اليهودية : "عوفرا بانجو " العراقية الأصل  المختصة بملف العراق في المركز الذي أعد دراسة لفصل كردستان العراق عن العراق   , وكذلك الباحثة اليهودية  (يهوديت رونين) المختصة في الملف السوداني والتي أعدت دراسة  لفصل الجنوب السوداني !

13- مركز التخطيط السياسي للعلاقات بين إسرائيل والشتات : يعالج مسائل ترابط منظمات يهود العالم وإسرائيل والدعاية لإسرائيل, و تشجيع الهجرة إليها والدفاع عنها.

14- مركز دراسات أدب الأطفال - جامعة حيفا - كلية التربية :   يهتم في تربية الطفل اليهودي وتنشأتهم على الحقد على العرب و أصدر ما يزيد عن  (420)كتابا, يتناولون فيها هذه المواضيع .

15- المركز الأكاديمي الإسرائيلي بالقاهرة: أنشئ عام 1982م في إطار اتفاقيات السلام ومن باب التطبيع الثقافي . فهو مرتبط بأجهزة الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية , يُصدر المركز أبحاثا,   ونشرات باللغة العربية والانجليزية ,  وهو  جسر بين مؤسسات البحث والباحثين المصريين و اليهود .

قدم ورقة عمل لعقد مؤتمر علمي احتفالا ً بمرور 800 عام على معركة حطين 1187م , حيث  قام بمسح للمجتمع المصري , وسبل تفتيت مصر عرقيا وطائفيا  ودراسة الوحدة الثقافية والعقائدية للمسلمين واليهود , وكان  ينوي إقامة مؤتمر بعنوان (العصر الذهبي ليهود مصر ) . وقد استوعب المركز أفضل المختصين تحت مظلته  وأبرز المهتمين بالشأن المصري والمرتبطين بشكل مباشر بجهاز المخابرات الصهيوني الموساد   مثل : شيمون شامير وجبرائيل واربور  وأشيم عوفادايا.

وقد أعد  الباحث (جدعون جرا) رئيس قسم دول شمال إفريقيا في المركز أطروحته للدكتوراه بعنوان : " كيف يحكم العقيد القذافي في ليبيا؟" وجرى في إطارها إقامة سلسلة من الأبحاث والدراسات عن دول المغرب .

كما سعى المركز إلى تأسيس  لجان صداقة أمازيغية صهيونية  في الكيان اليهودي  والمملكة المغربية لينادي من خلالها بإظهار التعاطف المزعوم حول ما أطلقوا عليه المشكلة الأمازيغية التي عقدوا  لها المؤتمرات وورش العمل  والحملات الإعلامية.

16- معهد الدراسات العبرية :ويعنى بتعليم اللغة العربية لليهود , كما يبحث في نشاطات  الحركة الإسلامية الموجودة في مناطق 48 ,ويهدف إلى إيجاد  التفاهم بين العرب و اليهود .

17- جمعية المشروع العربي الإسرائيلي :  ويعمل على تشجيع البحوث الداعية للسلام مع اليهود ,  وإيجاد البرهنة على عقلانية اليهود وتصلب العرب  , ودراسة انطباعات العرب عن اليهود .

18- معهد الدراسات الشرقية – القدس – (الجامعة العربية ) تأسس عام1926:  حيث جمعوا سجلاً ضخماً للشعر العربي القديم , و أنشئوا  قاموسا عربيا عبريا , ورصدوا اللهجات الفلسطينية العامية , وعملوا على ترجمة القرآن إلى العبرية وسيرة النبي محمد عليه الصلاة والسلام .

واهتموا بكثير من الشخصيات الإسلامية الجدلية وغيرها  فقد قدمت  البروفسورة "مغا"  دراسة عن الإمام أبو حامد  الغزالي  استغرقت مدة (15) سنة , وأعدت بحثا في دور عمر بن الخطاب رضي الله عنه من الناحية الدينية .

و أشرفت على بحث لامرأة يهودية تقدمت للدكتوراه في موضوع (قصص الأنبياء ) للكسائي , ورسالة في الماجستير بعنوان ( الإعجاز في القرآن ) وأخرى عن "مقام إبراهيم"  وألفت كذلك كتابا  عن الحج وآخر عن أركان الإسلام والأعياد في الإسلام . لتؤكد أن الدين الإسلامي قريب من اليهودي وفكرة المسجد قريبة من الكنيس اليهودي  ولتعطي انطباعا بأن الدين الإسلامي مقتبس من الدين اليهودي .

 كما أعد الباحث اليهودي "ديكرت" مبحثا  حول  (مشكلة الحجاب في الإسلام )  ويرى فقيه الزمان !! أن الإسلام لم يطلب من المرأة تغطية وجهها , وأنها عادة دخيلة على الإسلام وكانت هذه رغبة من الأوساط الإسرائيلية الرسمية  في تحليل ظاهرة العودة إلى الحجاب .

كما حققوا وطبعوا كتاب (أنساب الأشراف ) للبلاذري ,  ووضعوا له هوامش بالانجليزية  وهو أبرز كتب الأنساب العربية التى تربط بين الأنساب والقبائل ,كما قامت الباحثة " يافية " بترجمة كتاب (ألف ليلة و ليلة). 

وقام  "إسحق حسون "الباحث اليهودي الذي يعمل في "مركز دراسات الأسيوافريقية" في الجامعة العبرية في القدس المحتلة , بتحقيق  مخطوطة "فضائل البيت المقدس" للو اسطي , حيث دسّ السمّ في العسل  وصدّر الكتاب بجملة أكاذيب  [1].

كما ترجموا  إلى الانجليزية كتاب  (ذم الدنيا )لأبي الدنيا, و(الأحاديث الحسان في فضل الطيلسان ) للسيوطي و كتاب (المنقذ من الضلال ) لأبي حامد الغزالي و أعدوا دراسة  استغرقت مدة (15) سنة عن مؤلفات أبي حامد الغزالي والتي تجاوزت (50) كتابا .

كما أنهم عزموا على عقد مؤتمر علمي على مرور (825) عاما على ولادة ابن عربي لأنه من دعاة وحدة الأديان ووحدة الوجود ويمجد التثليث ؟!

 وجميل أن نذكر  في هذا المقام تنبيه الأمانة العامة لاتحاد  المؤرخين العرب من أعمال ونوايا البحّاثة اليهود وغيرهم ممن يبحثون عن ثغرات وسقطات من ينتسبون للدين لينقضوا على الإسلام من خلالها  , فقد أصدرت الأمانة العامة بيانا تحذر فيه من ذلك عام  (1986) جاء فيه : (أن غالبية الكتب المحققة من قبل المستشرقين الإسرائيليين من أعمال الصوفية أو التي تعتمد على الفضائل وهي ليست من القضايا الأساسية في الثقافة والفكر الإسلامي ولكنها في الوقت ذاته من الأعمال التي تستهوي المناهضين للإسلام للبحث في ثناياه عن أمور لا تتفق مع روح الإسلام , والتي يمكن من خلالها استخلاص نقاط ضعف توجه ضد العقيدة الإسلامية) .

19-  أكاديمية  العلوم التاريخية في جامعة تل أبيب :   اهتمت الأكاديمية  بمعركة حطين و دراسة أسبابها وأسباب الجهاد عند المسلمين و كيف تمكن المسلمون من طرد الصليبيين من هذه الأرض التي هي  اليوم بيدهم . وهل يمكن للمسلمين أن يستدركوا هذه الأسباب ؟؟!! بل أعدت احتفالا بذات المناسبة ويتم استثمار هذا الاحتفال للأغراض التربوية والعسكرية والسياسية والإعلامية.كما تنظم (شركة حماية الطبيعة) جولات سياحية بشكل دوري إلى منطقة حطين وغيرها  من المناطق التاريخية التي وقعت عليها معارك تاريخية فاصلة , بل ودرسوا  كتاب الجهاد الذي وضعه القاضي بهاء الدين لصلاح الدين .

وجمعوا كذلك كل الكتب الإسلامية التي اٌلفت عن الجهاد ودرسوها و كل الكتب التي تكلمت عن الفضائل وخاصة بيت المقدس.

مثل: قاعدة في زيارة القدس لابن تيمية , وفضائل بيت المقدس للكنجي , ومثير الغرام في فضل القدس والشام لشهاب الدين القدسي , وفضائل البيت المقدس للمكناسي . [2]

20- مركز فان لير :  تأسس في القدس عام 1959، وتبنى العديد من الدراسات ذات الاتجاهات المختلفة كما شارك في  ما يزيد عن 200 مشروع تندرج  تحت أربعة عناوين رئيسة هي : الدراسات المتقدّمة , والمجتمع المدني في إسرائيل , والثقافة والهويّـة اليهودية المعاصرة , والإسرائيليون و الفلسطينيون وجيرانهم .

21- مركز أبحاث الشرق الأوسط وأمن إسرائيل :والتابع لجامعة تل أبيب حيث أجرى استطلاعا في خمس جامعات إسرائيلية حول أفضل رئيس وزراء للمرحلة المقبلة للعراق يمكن أن يخدم تطلعات إسرائيل في الشرق، وقد تخلل السؤال سبع شخصيات عراقية وعلى الطالب أن يختار ثلاثة منهم حسب الأهمية.

22- مشروع إسرائيل : يعرف المشروع على أنه مشروع غير ربحي تعليمي وغير مقرب من اي حكومة , يهدف لعرض صورة ناصعة  لإسرائيل  وإضفاء الشرعية  عليها , وأطلق المشروع من قبل 3 نسوة  في عام 2002  في ست لغات عالمية  ويعتمد على 500 صحفيّ لنشر الرواية الصهيونية ,   أسّسه ويرأسه " جنيفر لازلو مزراهي "  أهم وأخطر ما صدر عنها ما يعرف بـ"قاموس اللغة العالمية" من عام 2003 إلى  2009,  ولقد اطلعت على قاموس عام 2009  وهو بمثابة وثيقة سرية  يتم تداولاها فقط بين كبار القيادات الصهيونية وهذه القواميس  بجملتها تهدف إلى  تزويد وتدريب ساسة الكيان اليهودي بالعبارات والأساليب اللائقة والمناسبة في تخدير الجماهير الأوربية والأمريكية وتمرير سياسات الكيان , ونرى بهذه القواميس مثابة بروتوكولات صهيونية جديدة. فضلا عن الكثير من مراكز الدراسات ذات الأبعاد والتخصصات المختلفة , والتي لا يتسع المقام إلى إحصائها أو الدخول في تفصيلات أعمالها , ومنها:

 23 ـ مركز بيريز للسلام. وينبثق عنه "برنامج بذور السلام" Seeds of Peace

24ـ معهد هاري ترومان للأبحاث والتقدم نحو السلام .

25ـ المركز الدولي للسلام في الشرق الأوسط

 26ـ معهد جاكوب ـ بلوشتاين لبحوث الصحراء ـ

27-مركز بيغن – السادات للدراسات الإستراتيجية.

28- معهد الدراسات العربية في جامعة حيفا.

29-مركز جافي للدراسات الإستراتيجية.

30-معهد ليونارد ديفيس للعلاقات الدولية.

31-مركز موشيدايان لدراسات الشرق الأوسط وإفريقيا.

32-مركز تامي شتابنمبنر لبحوث السلام.

33-معهد السياسة الدولية لمكافحة الإرهاب.

34-المركز العربي اليهودي في جامعةحيفا.

35- معهد ليوناردو ديفز للعلاقات الدولية .

استعرضنا  وبعجالة جملة من  أهم مراكز الدراسات الصهيونية والتي كانت جميعها في الوقت المعاصر وبرؤيتها الإستراتيجية المستقبلية , تدفع نحو حماية مشروع الحركة الصهيونية ودولتها اليهودية على أرض فلسطين , والمراقب لسياسة هذه المراكز وطبيعة أبحاثها وما يصدر عنها من نشاطات , يلحظ التالي:

أولا : أنها تتكيف مع المستجدات والمتغيرات العالمية .

ثانيا: ـ سرعة إصدار الدراسات والأبحاث, والمشاريع المناسبة في الوقت المناسب .

ثالثا -التوجّه بتركيز عال إلى شرائح مخصوصة تتمكن من الوصول لها بطرق أغلبها مجهولة. ومع أن مراكز الدراسات في الكيان اليهودي كثيرة للغاية, غير أنك تجدها متناغمة متكاملة في أعمالها ومشاريعها.

وأن هذه الدراسات والبحوث تأخذ مكانها في الواقع العملي, ولا تكون حبيسة الأدراج. وما سبق هو بمثابة  معامل "للفيروسات الفكرية " وهي غيض من فيض , ونجد في المقابل البيئة المناسبة لنقل هذه الفيروسات والتي تمثلت بأقوى وسيلة وأسرعها وأحبها إلى قلوب عموم البشر دون استثناء , وهي وسائل الإعلام بأنواعها وفي مقدمتها البث الفضائي الذي يأتينا عبر الشاشة المرئية التي تتصدر مجالسنا ونوليها كل احترام  , لنرى ووفق إحصائية رسمية  لمنظمة  اليونسكو  عدد الكلمات التي تبثها أهم أربع وكالات أنباء عالمية  في اليوم الواحد ,  وكالة استوشتدبرس الأمريكية وتبث 17 مليون كلمة  ووكالة يونايتدبرس الأمريكية تبث 11 مليون كلمة ووكالة رويتر البريطانية تبث 10,5 مليون كلمة ووكالة الصحافة الفرنسية تبث  3ملايين كلمة .

ويمثل مجموع هذه الوكالات ما نسبته 85% من مجموع باقي وكالات الأنباء العالمية.

والسؤال الذي يطرح نفسه؟ ما عدد الكلمات التي يبثُّها إعلامنا الإسلامي  الهادف , وما هي الأدوار التي تقوم بها مؤسساتنا الفكرية والإعلامية  مجتمعة لمواجهة هذا الغزو الفكري الخطير .

والجواب باختصار شديد . انظر مشكورا إلى الشوارع والمدارس والإعلام العربي بأشكاله المختلفة, المرئي منه والمسموع والمقروء في الدول العربية والإسلامية, لترى بأم عينك المخرجات العربية المقززة لأجيال الأمة.

كثير من مراكزنا البحثية أو الإعلامية أو النقابية هي ضحية  الاختراق الاستشراقي الصهيوني أو الغربي الصليبي  وسنتطرق إلى نماذج  لبعض هذه المؤسسات في بعض دولنا العربية تحديدا , وكيف استطاعت ثعابين هذه المؤسسات في اختراقها وتكييفها حسب أهوائهم  وطرائقهم  لتخدم مخططاتهم وأهدافهم, ومن ذلك: هذه المؤسسات الضحية التي وقعت بقصد أو دون قصد في حبائل مؤسسات الدعم الغربي المشبوه التي تعمل وبكامل قوتها وطاقتها الإنتاجية, ومهما كانت المبالغ هي في نظرهم كبيرة جدا فأنها في نظر وحسابات الجدوى  الغربية هي مبالغ زهيدة بسبب ما توفره المراكز العربية من خدمات لو قاموا هم بها مباشرة لكلفتهم الكثير ولن تكون النتائج المرجوة كالتي تأتي بها مراكز اللسان العربي   .

*مراكز دراسات  فلسطينية "نقية" تعمل لخدمة المشروع الفلسطيني .

وهذه المؤسسات تتبع أحزابا سياسية  أو جماعات إسلامية أو مستقلة , بعيدة عن الدعم الغربي المشبوه , وهي:

1ـ مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية :تأسس عام 2004م, ويعرف هويته بأنه مركز وقفي يهدف لنشر الدراسات والمخطوطات التراثية المتعلقة بفلسطين وعلمائها والقدس والمسجد الأقصى ، لإحياء روح الولاء الشرعي للأرض المقدسة ( فلسطين ) ، وتقديم حلول شرعية واقعية لمشكلة فلسطين من جميع جوانبها ، والدفاع عن الحق الشرعي بملكية فلسطين والقدس والمسجد الأقصى وسائر الأوقاف الإسلامية في فلسطين ، وبناء الإنسان الفلسطيني بناءً تربوياً متكاملاً على فهم السلف الصالح رضوان الله عليهم .

وللمركز نخبة ممتازة من الإصدارات التي تقدم الرؤية الشرعية الأصيلة المستمدة من الكتاب والسنة , فضلا عن مجلة دورية وموقع  على الشبكة العنكبوتية فاعل في تقديم التصورات الشرعية للمستجدات الفلسطينية .

 والغريب في الأمر أنه المركز السلفي الوحيد في العالم والذي يهتم بالقضية الفلسطينية من وجهتها الشرعية التأصيلية ,ومع هذا لا تجد الجماعات ولا الجمعيات السلفية في العالم التي تسعى إلى مد خيوط التعامل والتواصل فضلا عن الدعم المادي , فإدارة المركز تحاول أن تشق طريقها لتحقيق الأهداف والرؤى بصعوبة متناهية , ومع كل هذه الصعوبات نجد أن إدارة المركز حققت كثيرا من الأهداف والبرامج والدراسات  التي وجدت آثارها في كثير من دول العالم  .

2ـ مركز الزيتونة للتدريب والاستشارات: يعرف نفسه على أنه مؤسسة دراسات واستشارات مستقلة، تأسس في بيروت، في منتصف عام 2004م، وهو مرخّص كشركة مساهمة محدودة. غير أنه في الحقيقة أحد أوجه حركة حماس معبرا عن رؤيته واهتماماته بالدراسات الإستراتيجية واستشراف المستقبل، كما يعطي اهتماماً خاصاً بالقضية الفلسطينية، وبدراسات الصراع مع المشروع الصهيوني والكيان الإسرائيلي، وكل ما يرتبط بذلك من أوضاع فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية. وعقد المركز العديد من الدورات وورش العمل وجملة كبيرة من الإصدارات التي تدور حول استقصاء الحالة الفلسطينية , بعيدا عما ذكره المركز عن رؤيته الإستشرافية للقضية الفلسطينية .

3- مركز باحث للدراسات: تأسس المركز  في لبنان عام 2002 (ش.م.م) بمبادرة مجموعة من المهتمين بقضايا البحث والتأليف، الملتزمين بقضايا أمّتهم وفي القلب منها قضية فلسطين.

ومن حيث الدعم يعبر المركز وعلى استحياء أن المركز ليس استثمارًا بالمعنى المادي للكلمة، ولا يتطلع إلى الربحية إلا بما يغطي تكاليف عمله وحاجات التطوير.

مع أن حقيقة الأمر أنه ليس ثمة مركز عربي أو أجنبي يغطي مصاريفه من مدخولات إنتاجه و أعماله البحثية ونحوها  , فضلا عن مركز يعمل في وسط فقير لا يولي لمراكز الدراسات أي بال , فضلا على أن حاجات التطور بحاجة إلى عشرات الألوف من الدولارات فضلا عن المصاريف الإدارية أو البحثية الشهرية أو الدورية . وأرى أن  الاستحياء أو التورية المكشوفة التي يستخدمها كثير من مراكز الدراسات المشبوهة أو النقية هي أسلوب عفا عليه الزمن   وغدت  اتجاهات المراكز أو تمويلها محل دراسة مراكز أخرى , فأرى أن تكون لدينا شفافية مطلقة خاصة بمراكز الدراسات التي وصفناها  بـ" النقية " لأن  فيه مزيدا من نقائها .

ويعلن المركز عن  أهدافه المتمثلة في :نشر وتعميق الوعي العلمي بطبيعة المشروع الصهيوني – الكيان الصهيوني – الحركة الصهيونية العالمية – اللوبيات الصهيونية – الصهيونية المسيحية – علاقات الكيان الخارجية إلخ... 

4- مركز دراسات  الشرق الأوسط : تأسس في العاصمة الأردنية  وقد  صاغ  أهدافه في النقاط التالية:

-إعداد الدراسات والاستشارات للمساهمة في تطوير المنطقة.

-توعية المثقفين في المنطقة بالتحولات والتغيرات الجارية.

-وفير المعلومات الدقيقة والعلمية للباحثين ورعاية المبدعين.

-الإسهام في التنمية الثقافية والفكرية والسياسية في المنطقة العربية.

وعن هويته  الفكرية والاجتماعية فقد اتخذ المركز لنفسه إطارا أردنيا وطنياً ، وإطارا عربياً قومياً ، وإطارا حضارياً إسلاميًا، وإطاراً عالمياً إنسانياً على قاعدة الانفتاح الكامل على الآخر , وفي الحقيقة تجد أن جل أهداف المركز تمحورت في القضية الفلسطينية  والصراع اليهودي عليها وبعض الدراسات التي تخرج عن هذا النسق , محاولة من إدارة المركز أن ينأى بنفسه  من أن يوصف أنه مؤسسة فلسطينية  مراعات للخصوصية الجغرافية التي ينحصر فيها مقر المركز , وليس ذلك بخاف عن الجهات الراصدة للمركز وأعماله.

وغير ذلك من مراكز كثيرة  لا يتسع المقام لطرح المزيد منها أو الإفاضة بالشرح عنها ,  بزغ فجرها  وهي تحاول جاهدة أن تشق طريقها  لتأخذ مكانها كمؤسسات  نهضوية تسعى إلى ترشيد المشروع الفلسطيني .

ومما يعاب على هذه المراكز بجملتها أنها لا زالت تدور في فلك الحديث عن الماضي , والدراسات الإحصائية , ولم تتقدم هذه المراكز بدراسات إستشرافية مستقبلية لتوجيه ودعم صناع القرار الفلسطيني  ,  فهي مراكز دراسات تحاول قراءة الحدث وليس منها ولا فيها من باحثين أو مدراء مراكز يكونون وراء صناعة  الحدث . فهي أسيرة رحى الأحداث , تدور في فلكه  حيثما دار , وحتى ترتقي هذه المراكز فلا بد عليها أن تكتفي من الانكباب الكلي على الرصد للأحداث الذي أجمعت أغلب  الجهود والدراسات  عليه حتى استهلكت الأموال والطاقات , وأرى أن نعيد صياغة أسلوب وإستراتيجيات العمل في مراكزنا وأن نسعى إلى   نقلة نوعية  تعمل بشكل مباشر   لإيجاد الحلول الآنية والمستقبلية  لكثير من آفات تغرق بها القضية الفلسطينية والعاملون في حقلها .

*مراكز دراسات عربية إسلامية نقية تعمل بمصداقية لخدمة المشروع الإسلامي والعربي.

1-مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث في دبي : وهو يتبع الثري الإماراتي جمعة الماجد , وهو بتمويل ذاتي وبالكامل  من شخص الأستاذ جمعة الماجد , كما أن المركز يقدم الدعم لكثير من مراكز الدراسات والمكتبات ومعاهد العلم في العالم دون النظر الى جنس أو دين , وأظن أنه المركز العربي الوحيد الذي تتكامل فيه لجان  العمل وأدوات البحث والإمكانيات المادية , والمركز لا يدور في تخصص معين بل يتلقف كل ما هو جديد من إصدارات علمية أو مخطوطات لم تحقق من قبل .

2-المركز العربي للدراسات الإنسانية – القاهرة :يديره د.باسم خفاجي  , وللمركز تقرير دوري "التقرير الإرتيادي "وعدة دراسات تحمل الطابع الاستراتيجي والعمق في الطرح ومعرفة جيدة  لمكامن الخطر المحدقة على الأمة المسلمة ,  غير  أنك لا تلحظ أثر أعمال المركز على شباب الصحوة فضلا أنه غير معروف لأغلب قيادات العمل الإسلامي , مع أهمية ما يقدمه المركز من طرح .

فإذا تأملنا حجم التمويل لهذه المراكز والبحوث الجامعية , نجد أنه لا يصل إلى % 1من الموازنات العامة

أضف إلى ذلك اللامبالاة من  كبار التجار وعموم القطاع الخاص في دعم المشاريع البحثية و مراكز الدراسات في العالم العربي .

غير أنك تجد أن الإنفاق على البحث العلمي في دولة الكيان اليهودي يصل إلى قرابة2,6من إجمالي الناتج القومي أي ما قيمته 8ر 9مليار شيكل , وبعبارة أخرى رصدت إحصائية لخمس سنوات  مضت ما تم نشره في العالم من أبحاث  قدرت في  ( 305 ) ملايين ورقة بحث علمية وتكنولوجية ، كان حصة  الاتحاد الأوربي منها % 37 والولايات المتحدة الأمريكية % 34 واسيا والباسفيك

21% والهند % 20 والكيان اليهودي      % 10أما الدول العربية مجتمعة كان نصيبها فقط  % 1 من جملة ما نشر !! وعلى إثر الانتفاضة  الفلسطينية  الثانية , خاض صناع القرار  الصهاينة , حربا من نوع آخر وبأسلوب جديد  يمكن لنا أن نصفه " بالحرب الصامتة" أو كما يعبرون عنها فيما بينهم بـــ"حرب الأفكار"  وذلك من خلال انتشار مراكز الأبحاث والدراسات اليهودية في العالم  وذلك بعد أن تلطخت  سمعة دولة الكيان اليهودي ,  لتكون هذه المراكز منبرا صامتا يتحسس من خلاله وجهات النظر تجاه اليهود وكيفية إعادة البريق لهذا الوجه القبيح .

 وذلك من خلال تأسيس مراكز دراسات تخدم وتهتم بالمشروع الصهيوني وذلك من خلال تحسين وجه دولة إسرائيل  وتحديدا في  أوروبا والولايات المتحدة الأمريكة . وفي الولايات المتحدة  وفي السنوات الأخيرة خاصة استطاع جيش من البروفسورات اليهود اقتحام الدوائر الأكاديمية  الأمريكية ليؤسسوا أقساما ومراكز للدراسات تهتم بالشأن الإسرائيلي من خلال صياغة جديدة موجهة للعقل الأمريكي  في تحسين صورة الكيان اليهودي وإعطاء مبررات منطقية مدروسة لكل الأفعال التي تبدو للغير أنها إجرامية أو لا إنسانية .

وفي آخر المطاف توج اليهود هذه المراكز بهيئة عامة  تتنتظم تحت مظلتها مراكز الدراسات اليهودية  وهي: " رابطة الدراسات الإسرائيلية  "  Association of Israel Studies  (AIC) حيث تعقد مؤتمرها السنوي  الذي كانت بدايته عام 2003م.

      والمتتبع لأولويات الرابطة يلحظ أن النمط الذي اتخذته وسارت عليه في أغلب  أعمالها  أنها تسعى في التغلغل في  سياسات مراكز الدراسات المؤثرة في صناع القرار الأمريكي تحديدا  انك تلحظ قلقا يساور هؤلاء  في كيفية تجميل  الوجه القبيح لليهود في أمريكا .

وقد رصدت الرابطة  قائمة بمراكز الدراسات  والباحثين اليهود  في العالم  , ووفق الرؤى الخادمة للمشروع الصهيوني ناقش المؤتمر عدة ملفات وأهمها تحسين وجه دولة اليهود في نظر الغربيين وعملية السلام والسياسة الخارجية لدولة الكيان اليهودي  والهجرة وغير ذلك من  القضايا والملفات الساخنة , ولم يقتصر المؤتمر على مراكز أبحاث في الكيان اليهودي بل ينتسب إليه مراكز أبحاث كبريات الجامعات في العالم وعلى سبيل المثال لا الحصر :  ميتشجان ويورك وبوسطن ونوتردام وواشنطن وتكساس وبنسلفانيا وكاليفورنيا وبرانديس ورايس وميريلاند وشيكاغو وبورتلاند وكليات عسكرية أمريكية بحرية وجوية وجامعات أوكسفورد وبرادفورد وكلية لندن للاقتصاد وترينت بكندا وجامعة فيكتوريا بأستراليا وجامعة كوبنهاجن بالدنمارك وجامعة بكين في الصين وجامعة ستراسبورج بفرنسا وجامعة هامبورج بألمانيا وجامعة الاقتصاد في براج بالتشيك، وغير ذلك الكثير ...   إن الكم والنوع الهائل  من الجامعات  لهو دلالة واضحة على  تغلغل  اللوبي اليهودي  في مؤسسات  صنع القرار  ومراكز صناعة الفكر  في الولايات  المتحدة  وأروبا بل وكثير من  مراكز الدراسات في كبريات جامعات في العالم .

 ولن أكون مخطئا إن قلت إن التوجه اليهودي لاختراق مراكز البحث في أمريكا , ما كان ذلك إلا بسبب  ما أصابهم من تخمة في مراكز الدراسات في الكيان اليهودي   ووفرة في البحاثة  ومدراء  هذه المشاريع البحثية   فضلا عن المخرجات الفعلية التي أنتجتها مراكز صناعة الفكر في الكيان اليهودي التي بلغت  39 مركز, .هي ثمرة جهود حثيثة  بدأ  قطارها وانطلق  دون توقف   حين بدأت هذه الجهود  قبل تأسيس دولتهم على أرض فلسطين  .

لقد أنتجت هذه المراكز مخرجات تفوقت كماً ونوعاً في فرز خبراء الدراسات  في جميع المجالات البحثية , وإدارة مراكزها وتوفير الداعم المؤمن بأهمية ما يقومون به  لتقديم عطاء سخي يوفر كل أسباب النجاح والتفوق  على كل مثيلاته في العالم .

أنموذج للقرصنة "الصهيوصليبية"  ضد مراكز الابحاث  و الدراسات العربية والاسلامية :

1- مؤسسة الأبحاث الفلسطينية: التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية تأسست في بيروت عام 1963 للتوثيق والبحث العلمي في مختلف جوانب القضية الفلسطينية والصراع العربي ـ الصهيوني. ولعل من أسباب الاجتياح الصهيوني للبنان هو إحتلال هذا المركز و سرقة أرشيفه عام 1978  ثم تفجيره عام1983, والتي تعد المقر الرئيس والخزانة الفكرية الضخمة للقضية الفلسطينية وأهم الباحثين على مستوى العالم والذين كانوا يعملون تحت مظلة هذه المؤسسة بل ونرى أن بعض مراكز الدراسات العربية تقتات من بقايا أفكار  المؤسسة والباحثين الذين كانوا ينتسبون إلى هذه المؤسسة البحثية الضخمة  والتي تستحق حقيقة وبكل إنصاف أن نوليها دراسة تكون على مستوى هذه المؤسسة  , وإن كنا نختلف معها في كثير من الأعمال والقائمين عليها .

 إن فقدان هذه المؤسسة والثروة الفكرية التي تميزت بها الثورة الفلسطينية آنذاك ,  ولا أبالغ إن قلنا أن بعض الدول عجزت أن يكون لها شبيه بهذه المؤسسة  ونخبة العاملين فيها فضلا عن أرشيفها وجزالة إصداراتها كما ونوعا  والذي كان يمثل الوجه الآخر للكفاح الفلسطيني  والتعبئة المعنوية والدور الإعلامي الموجه للقضية الفلسطينية .

2ـ مركز زايد بدولة الإمارات العربية المتحدة ومقره أبو ظبي  التابع لجامعة الدول العربية :

وكانت أوساط المثقفين العرب قد تلقت نبأ إغلاق مركز زايد للتنسيق والمتابعة بقلق بالغ وحزن شديد، حيث شهد المركز - وهو مركز أبحاث تابع للجامعة العربية ومقره "أبو ظبي" - ضغوطا أمريكية صهيونية متزايدة، على مدار العامين الماضيين، وطلبت الولايات المتحدة رسميا إغلاقه . 

 وبعد نشره دراستين: "حائط البراق "والحركة الصهيونية , ومحاضرة ألقتها  د.أميمة الجلاهمة  الأستاذة بجامعة الملك فيصل في السعودية  في مركز زايد للتنسيق والمتابعة في أبو ظبي، والتي تدور محاورها حول المرأة اليهودية وما تعيشه من اضطهاد باسم الديانة اليهودية المستمدة من التوراة والتلمود , وقد لقيت هذه المحاضرة استياء مراكز الدراسات اليهودية في العالم والتي بادرت على الفور برفع القضية إلى الخارجية الأمريكية  التي خلصت بتقريرها  متهمة  المركز بمعاداة السامية والترويج لنظريات المؤامرة والانحراف عن مبادئ التعايش والتسامح بين الأديان ,  وترتب على ذلك إغلاق المركز نهائيًا في .2003- 8- 2  

 وقد عبرت الخارجية الأمريكية فور إغلاقه عن الارتياح تجاه الإغلاق، غير أن الكيان الصهيوني يرى أن إغلاق المركز ليس كافيا في حد ذاته. مما حدا  ببعض الأوساط العربية من باحثين وصحافيين التعبير  عن استيائهم , وفي المقابل لم نجد لجامعة الدول العربية المالك الحقيقي للمركز  أي ردود فعل إعلامية ولا غيرها بل مورست ضد الجامعة العربية  ضغوطا من أطراف عربية منعت من مناقشة موضوع  الإغلاق في اجتماع الجامعة  أو حتى فكرة نقله إلى القاهرة .

وإنني إذ استغل هذه المناسبة والتي تأتي بعد سقوط كابوس نظام حسني مبارك  للمطالبة في إعادة فكرة تأسيس  المركز في القاهرة , قلعة العرب والمسلمين  .

§ وقد يتساءل البعض لماذا كل هذه الجهود اليهودية المبذولة لدعم مشاريع الأبحاث ؟!! وإليكم الجواب في نقاط منها :

-        رسم مستقبل آمن لحدودهم وأرواحهم من خلال دراسة الماضي لاستلهام العبر منه بعد تحويره لما يتناسب مع احتياجات المرحلة وكان لمن أسموهم " المستشرقون الجدد" دور هام في ذلك .

-         أن العقل الباطن اليهودي يصارع حقائق التماثل التاريخي وهو أن التاريخ يعيد نفسه , فيجدوا أنفسهم  مندفعين لا شعورياً إلى ما قد يُعيد للمسلمين مجدهم أو كان في الماضي سبباً لمجدهم وهو من باب التخلص من القلق للوصول إلى حالة من الطمأنينة .

-         تقديم تصورات ورؤى مدروسة تساعد المجتمع اليهودي على معرفة حقيقة الصراع الدائر مع المسلمين.

-        تغذية روح الصمود وإرادة التحدي لمواجهة التحدي الإسلامي والعربي وأي مناهض لما أطلقوا عليه ب"أعداء السامية ".

- التعرف على مواطن القوة والضعف عند العرب لمعرفة إدارة الصراع .

- دغدغة المخدوعين من العرب بخطاب سلمي ظاهريّ يظهر النوايا اليهودية الحسنة .

- التناغم مع الحاجات الميدانية والسلوكية للمفهوم والعقلية الصهيونية ( إفساد , خداع  , كذب ,قتل , تدمير   فساد أخلاقي , إباحية من غير حدود ).

- إدارة الوجود الفلسطيني في الداخل مثل الواقع الديمغرافي والتعليمي  والديني والجغرافي .

- استشراف المستقبل من خلال نظريات تحدد طبيعة مستوى إسرائيل ووجودها بعد عدة سنوات .

فهؤلاء هم الذين حذرهم الله تبارك وتعالى في قوله:(فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون )البقرة: 79

*من سمات مركز الدراسات المتكامل:

1-الاستقلالية المالية أو الدعم المالي الغير مشروط أو الغير موجه بأي شكل من الأشكال.

2-وضوح الفكرة وعدم الخروج عنها أو التقلب في تبني الدراسات البعيدة عن الإختصاص .

3ـفاعلية الإنتاج البحثي القائم على الأسس العلمية

4-المساهمة في تنشيط ومعالجة "الكسل الفكري" و تغيير أو استبدال معالم الفشل الفكري إلى الأفضل وإمكانية ترجمته إلى واقع عملي.

5- الحرية في التعبير عن الفكرة بكامل أبعادها بعيدا عن ضغوط البلد المستضيف أو توجيهاته " فإن لم تقل الحق فلا تقل الباطل ".

6-التقييم والتقويم المستمر بشفافية عالية  لأعمال المركز ومشروعاته .

7-البعد عن الشخصانية وبناء الذات في هذه المؤسسات , كما أنها يجب أن تكون عملا جماعيا

8-الوصول لمرحلة التأثير في صناعة القرار السياسي والتوجيه الاجتماعي وغير ذلك من مستهدفات حددها المركز لنفسه .

9-قياس مخرجات المركز ومدى تأثيرها على صناع القرار أو الإعلام أو الجماهير وشرائحه المستهدفة.

10-تكمن قوة المركز بقدر ما يملك من أدوات أو قنوات تأثير على الساحة والشريحة المستهدفة.

11-الوصول لمرحلة التعلق والشعور بالحاجة الملحة من الجهات الرسمية وصناع القرار بأهمية الرجوع لمراكز الدراسات والبحوث لتبني دراساتها وبحوثها .وتكليف هذه المراكز رسميا بدور الاستشارة الفعلية .

12-أن تؤسس لبناء ثقة  مؤسسات  صناعة القرار  بها وبما يصدر عنها ومنها كمستخرجات واستشرافيات .

13-أن تنتقل مراكز الدراسات من مرحلة رصد الحدث وتشخيصه إلى قراءة ما بين سطور الحدث, وأن لا تتعامل مع الحدث بسطحية وثقة مطلقة مهما كان الحدث ونوعه ومن وراءه .

*مد الجسور مع أصحاب وصناع القرار:

    لا أعرف وبمستوى علمي القاصر ثمة مركز أبحاث عربي أو إسلامي مستقل يعمل كمصدر إرشادي لصانعي القرار في عالمنا العربي والإسلامي, ولن استنزف الجهد والوقت في ذكر أسباب ذلك , ولكن أرى أن نطرح بعض  الحلول :

نحن في مراكز الدراسات نقدم أو نسوق "سلعة " وهذه السلعة  هي الفكر وهذا بحاجة إلى جهد تسويقي لمشاريع الفكر خاصة لمن ملك خزانا ضخما من الأفكار والدراسات والإحصاءات والإستبانات والاستقصاءات والاستشرافات التي قامت على فكر منهجي وبحثي أصيل , وكل ذلك يلزم منه , استجلاب ثقة صانع القرار بجودة سلعتنا الفكرية  وذلك من خلال :

1-                 تحسين المنتج الفكري وفق أطر وقواعد علمية لا تقبل أن يعتريها النقص أو الشوائب, ولا تسمح بسهولة نقدها أو تخطئتها . 

2-                 اختيار أحسن وأجود المطابخ الفكرية التي تستخدم أحدث الطرق العلمية البحثية و التقنية .

3-                 الاستعانة بأمهر صناع الفكر وأحسنهم سمعة وأبرأهم ذمة .

4-                 تحسين المنتج والدراسة وطباعتها في أجود المطابع وأرقى التصاميم وأحسن الخطوط.

5-                 طرق أبواب المسؤولين وأخذ آرائهم قبل الدراسة وبعدها والتحاور والتشاور معهم بشأن تفعيل نتاج الدراسة .

6-                 إيصال رسالة واضحة لصنّاع القرار أن لا مفر من مراكز الدراسات إلا إليها , وذلك من خلال بناء الثقة عند أصحاب القرار على مقدرة مراكز الدراسات  على التنبؤ بالمستقبل والثقة في إدارة الأزمات .

*رؤية استشرافية  لدور مراكز الدراسات الإسلامية والعربية :

     ليس من الحصافة بمكان أن نلجأ إلى مراكز الدراسات تأسيسا أو طلبا للمشورة عند نزول المدلهمّات , لكن الفطنة تقتضي أن يكون ذلك كله قبل النوازل ووقوع الكوارث السياسية وغيرها , ولقد بادر البعض لمراكز الدراسات كردة فعل , فأغلب مراكز دراساتنا لم تعط الفرصة الكافية أو الدعم المناسب لتحقق أمنياتها , بيد أننا نجد أن بعضا منها ومع قلة الإمكانيات صنع المعجزات وكان له الأثر الواضح في تغيير القناعات وترشيد المسارات , بل وكثير من هذه المراكز نشأ في ظل ظروف صعبة للغاية في دول بوليسية تحارب وتحاسب على الكلمة حتى اضطر المواطن العربي إلى أن يلجأ إلى  صفحات الجرائد اليومية ويبدأ بحل مربعات الكلمات المتقاطعة .

 غير أن كثيرا من مراكز الدراسات انضوت في أعمالها تحت غطاءات  وترخيصات دور النشر أو المكتبات أو حتى تسجيلات صوتية  , بل ومنهم من عمل تحت غطاء  وترخيص مكاتب كأفرع لمجلات  مرخصة في دول أروبية .  ومنهم من ارتضى أن يقوم على تأسيس وترخيص مركزه في دولة أروبية, ويعمل بعيدا عنها في قطره العربي, الذي يحارب كل رؤية مهما صغرت !!

ومع كل ما سبق فلست متشائما أبدا من مستقبل مراكز الدراسات في عالمنا العربي والإسلامي لأن كثيرا من القائمين عليها يدركون تماما حاجة الأمة لهذه الجهود ومهما تعددت فالرقع كبير والخطب جلل , وبما أنها بدأت بممارسة مهامها أو جزءا  منها فان إخلاصها ومثابرتها لتحقيق أهدافها لهما كفيلان بالنجاح , والمهم أن نحقق أمر الله تبارك وتعالى في قوله : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم  ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون )التوبة : 105

لفتة :شريحة من مراكز الدراسات  لا يستهان بعددها , اتخذت من تراخيص ممنوحة لمراكز ومعاهد البحث والدراسة  مبررا لوجودها وغطاءً لنشاطاتها , ولا يمكن لنا أن نجعلها في قائمة مراكز الدراسات بالمهنية والحرفية الموسومة  بها مراكز الدراسات ,  بيد انك تلحظ كثيرا من نشاطات هذا الصنف من المراكز ليست له علاقة من قريب ولا من بعيد في عمل مراكز الأبحاث  وليس للقائمين عليها خبرة في مجال البحث والدراسة , غير أن هذه الكيانات الدعوية أو الحزبية غاية ما استطاعت أن تحصل عليه من غطاء لعملها الحزبي أو الجماعي أو النقابي .

*سبل النهضة في مراكز الأبحاث والدراسات العربية والإسلامية :

1ـ وجود النية الصادقة لبناء وتطوير مراكز الدراسات لقوله صلى الله عليه وسلم : إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرء ما نوى ...)

   2ـ النظر إليها على أساس أنها ضرورة ملحة أو منتدى فكري للسفسطائيين الجدليين.

3ـ  التحرر من النمذجة والقولبة , الغربية الكاملة  في الطرح لأنها سببت عقدة نقص  عند كثير من قومنا, حتى كادوا يعتقدون  أن كل ما يأتينا من الغرب لا يعتريه الشك  , ولا بد أن تكون روح دراساتنا في مراكزنا ومعاها أبحاثنا  مستلهمة من الشريعة الإسلامية.

4ـ النظر  في "القرآن الكريم" و سنة النبي صلى الله عليه وسلم ,  واستلهام  العبر من أفعال النبيين و سير الأولين , ففيها من قواعد وأسس العمل الإداري والفكر الإستراتيجي والرؤى الاستشرافية لصناعة المستقبل , وإن مدخلات وأنماط صناعة المستقبل( التنبؤي والثقافي والنقدي ) , لا تتعارض مع الدين أبدا , ولو كان المقام يتسع لضربنا على ذلك أمثلة من الكتاب والسنة وفعل السلف الشيء الكثير

5ـ الرجوع إلى كتب الأولين من العرب والمسلمين والتي قامت على حضارة بناء الإنسان عقديا وفكريا وسلوكيا قبل بناء وتشييد البنيان.

6ـ التحول السريع من رصد الأحداث إلى دراستها وتحليلها وإيجاد الحلول والتوصيات الكفيلة بتجاوز الأزمات .

7ـ التحول من قراءة الأحداث إلى صناعة الأحداث, ومن الدفاع إلى الهجوم, ومن الحديث عن الماضي إلى الحديث عن الحاضر و المستقبل.

8ـ الدعوة إلى تأسيس رابطة أو كيان يجمع تحت مظلته جميع مراكز الدراسات العربية والإسلامية تحت اسم " رابطة صناع الفكر "  بحيث تشكل قوة تسعى بجملتها إلى ترشيد ودعم وشحذ المنتسبين إليها , وتتحالف فيه قواهم ضد أعدائهم والمتربصين بالمشروع الإسلامي , كما تسهم بمجموعها إلى فرض آرائها لتكون واقعا عمليا ملموسا بإذن الله تعالى .

*محاذير على مراكز الدراسات والقائمين عليها, يجب تجنبها:

1-                 التمويل أو الدعم المشروط أو المشبوه  الذي به تم اختراق كثير من مراكز الدراسات العربية وكانت به متجرا لبيع العقول العربية للغرب الكافر المتربص بالمسلمين وحضاراتهم .

2-                 التشعب في التخصصات و عشوائية البرامج و الأعمال فإنه يفقد التخصصية والإبداع والتميز في الطرح.

3-                 عدم تبني الشخصيات الإدارية أو البحثية المشبوهة أو المطعون في دينها أو ذمتها .

4-                 تجنيبها أصحاب القوالب الفكرية , أو بليدوا الأفكار والمشاعر والهموم , أو سطحيوا الرؤية .

الخلاصة:

- أن الباحثين اليهود ومؤسساتهم البحثية  مؤسسات عسكرية من الدرجة الأولى.

- أن دولة إسرائيل قامت على هؤلاء البروفسورات ومراكز بحثهم وأما جنود البطش الصهيوني  فهم ينفذون مخططات البروفسورات.

- وإننا نقول بإنه ليس من الصعب أن نكون  أو نُكوِّن جيشاً من البروفسورات والباحثين , لمواجهة اليهود وأكاذيبهم بل و لتخذيلهم  من البقاء في فلسطين.

- مراكز الأبحاث هي ضرب من ضروب الجهاد في سبيل الله  ومقدمة لدحر العدو عن فلسطين وعلينا أن نسعى لتأسيس  ودعم أفراد جيش البروفسورات الإسلامي في داخل فلسطين وخارجها  , وكل منا عليه أن يقف على ثغر وان ينافح من خلال  تخصص يبذل نفسه وعمره وماله فيه . 

 ونحن نأسف كل الأسف ومعه الأسى والحسرة  حينما نرى هذه الجهود اليهودية  المبذولة من الصهيونية وأزلامها في العالم لدعم مراكزهم , ونرى في المقابل "مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية "  وغيرها من مراكز و مؤسسات فريدة  وهامة أخذت على عاتقها مدافعة  المشاريع اليهودية ولا تجد من حكومات العالم الإسلامي والعربي وتجارهما  من يقف إلى جانبها  لإتاحة الفرصة لها و لدعم  مشاريعها  والتي لقيت قبولا  واستحسانا عالميا.

والحمد لله رب العالمين ,,,

 



[1] ولأهمية الكتاب قام مشكورا مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقة  بتحقيق الكتاب تحقيقا علميا رصينا   وصدر في مجلد فاخر  وقد تطرق الكتاب الى مسيرة هذه المخطوطة وكيف نجح اليهود في سرقتها من مكتبة جامع الجزار في  مدينة عكا  الفلسطينية , عام 48 م   .

[2]. لمزيد من الفائدة راجع ان شئت كتاب : الخلفية التوراتية , للكيلاني ,  والكتاب  قيّم جدا في هذا الباب  , الإستشراق وأبحاث الصراع لدى إسرائيل لمؤلفه: إبراهيم عبدالكريم , الناشر : دار الجليل للنشر ,الأردن  وأبحاث متفرقة في أعداد من سلسلة بيت المقدس للدراسات , الصادرة عن مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية .

 

.