القدس والأقصى / خطب مقدسية

الأقصى بين الماضي والحاضر

الأقصى بين الماضي والحاضر

إن الحمد لله تعالى نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما كثيرا، أما بعد:

أيها الأخوة الأفاضل: السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، .. الأقصى هو الحدث المتجدد القديم الحديث، الغائب الحاضر، ذلك الحدث الذي ما أصيبت الأمة بفاجعة في القرن الماضي أعظم منه.

وعندما نتحدث عن الأقصى نتحدث عن بيت المقدس وكذلك نتحدث عن فلسطين، بل نتحدث عن تلك الأرض الطيبة المباركة بلاد الشام، والقدس من أقدم وأعرق المدن عبر التاريخ ، ويدلنا على عِظم هذه المدينة وشرفها كثرة أسمائها، فلها ما يقرب من عشرين إسما، ولحكمة ربانية بالغة - والله يفعل ما يريد وما يشاء - جعل أصل الصراع بل لب الصراع منذ أن أوجد الله تعالى الخليقة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها في تلك الأرض، فكان الصراع بين الحق والباطل عنوانه في تلك الأرض.

وتلك المدينة التي تضيع هذه الأيام منذ قرابة القرن بيد الاحتلال اليهودي الغاصب الذي ما جاء لنهب ثروات معينة كسائر المحتلين على سائر الأعصار والسنين، إنما جاء من منطلق عقدي ومن ثوابت هم ابتكروها واصطنعوها وقاموا بنحتها بإدعاءات وتزوير لتاريخ عريق لقبل خمسة آلاف سنة ( أكثر من ثلاثة آلاف سنة قبل الميلاد )، وهم يدعون أن هذه المدينة ابتدأ تاريخها مع بداية وجود نبي الله داود عليه السلام – الذي لا يعتبرونه نبيا بل يعتبرونه ملكا – وتاريخهم كما يدعون يبدأ قبل ثلاثة آلاف سنة أي أسقطوا ألفي سنة أو أكثر من تاريخ هذه المدينة.

وهذه المدينة أول من سكنها هم اليبوسيون وهم من بطون الكنعانيين الذين انحدروا من شبه الجزيرة العربية وانتقلوا ليسكنوا هذه المدينة المباركة، ومن أقدم أسمائها "يبوس " نسبة إلى اليبوسيين، إذا أصل من سكن تلك المدينة هم العرب.

ثم يبين الله تبارك وتعالى أن أول مدينة عرفت التوحيد وهي معقل التوحيد والإيمان بالله تعالى والعمل الصالح هي مكة ، كما قال تعالى ( إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا )، وقد أخرج الإمام البخاري رحمه الله من حديث أبي ذر الغفاري رضي الله عنه عندما سأل النبي عليه الصلاة والسلام قلت : يا رسول الله ، أي مسجد وضع في الأرض أول ؟ قال : ( المسجد الحرام ) . قال : قلت : ثم أي ؟ قال : ( المسجد الأقصى ) . قلت : كم كان بينهما ؟ قال : ( أربعون سنة.

في هذا الحديث إشارة إلى أن المسجد الأقصى – وقد رجح ذلك الحافظ ابن حجر رحمه الله – قد وضع في عهد آدم عليه السلام، لأنه أول من وضع قواعد المسجد الحرام وآدم عاش عشرة قرون على التوحيد، وفي ذلك دِلالة على أن هذه المدينة أصلها بدأ بالتوحيد ومرجعها إلى المسلمين.

وتعتبر مدينة بيت المقدس من أكثر المدن تعرضت للغارات والهدم والحرق والغزاة والمحتلين، وقد ذكر المؤرخون بأن بني إسرائيل نزحو في العام 1189ق.م. من مدينة أريحا إلى بيت المقدس وما جعلوا مدينة يمرون بها إلا أهلكوها وأحرقوها ثم استولوا عليها، وبعد مدة من الزمان توالت الحملات العدائية والإحلالية في تلك المدينة حتى شملت الفرس والملك الآشوري سنحاريب ثم بعد أن استولى عليها اليهود وأفسدوا فيها وجعل الله تبارك وتعالى علامة ذهابهم ونهاية دولتهم العلو والإفساد فسلط الله عليهم الملك البابلي نبوخذنصر فسباهم وقتل منهم عددا كبيرا.

ثم بعد ذلك اتحد اليهود والفرس وأخرجوا الرومان منها، ثم بعد ذلك قبل مجيء الإسلام دامت بيد الامبراطورية الرومانية قرابة سبعة قرون، وهي في كل تلك الحملات تتعرض للهدم ثم البناء والحرق والإعمار وهكذا، إلى أن بقي اسم هذه المدينة ثابت وشامخ .

فأول ما سميت "يبوس" وكذلك سميت "أور سالم " أو "أور شالم" أو "أور شليم"، وهي تسمية عبرية وكذلك من التسميات الرومانية " إيلياء " أو " إيليا" بالقصر أو " إلياء" بحذف الياء، وهنالك تسميات كثيرة لتلك المدينة.

لكن الأمر الهام في هذا الموضوع أنها عندما فتحت – وقد بشر النبي عليه الصلاة والسلام بفتحها – وبدأت الجيوش تنتقل إلى بلاد الشام في خلافة أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه ثم وصلوا إلى بيت المقدس في خلافة عمر رضي الله عنه وأرضاه، وفتحت من غير قتال، وكما يذكر المؤرخون أنه لم يرق دم امرئ واحد، وجاء عمر رضي الله عنه من المدينة إلى بيت المقدس وتسلم مفاتيحها.

وفي كل مراحل الغزاة لتلك المدينة تتعرض إلى حرق وإبادة وسفك دماء، وهذه هي المرة الأولى التي تفتح ويرحب أهلها بالفاتح، وكما قال الأول بأنهم جاءوا لإنقاذ الناس من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، لذلك عاشت تلك المدينة في عهد الإسلام أفضل ما يكون.

ولفضل تلك المدينة كان الصحابة رضوان الله عليهم يقصدونها بطلب العلم والسكنى والعيش والرباط والعبادة، بل بعضهم نذر عند النبي عليه الصلاة والسلام إذا فتحت مكة أن يصلي ركعتين في بيت المقدس وأقره عليه الصلاة والسلام بذلك، فهي أول قبلة للمسلمين وثاني مسجد وضع في الأرض وثالث المساجد التي تشد الرحال إليها، والمسجد الأقصى بين النبي عليه الصلاة والسلام أنها مبتغى الفاتحين ورباط المجاهدين، وفيها تضاعف الصلوات ويرجى لمن خرج من بيته مصليا في المسجد الأقصى أن يخرج من خطيئته كمثل يوم ولدته أمه كما ثبت ذلك في الحديث الصحيح.

وتلك الأرض وهذه البقعة التي بارك الله فيها وفيمن حولها كما قال عز وجل ( الذي باركنا حوله ) وتلك الأرض المقدسة وتلك الأض المطهرة، مع مرور الزمان وضعف الدولة الإسلامية تكالب عليها الامبراطورية الرومانية رافعين شعار الحروب الصليبية متسترين بذلك، وقد رُدّت العديد من تلك الحروب التي حاولوا فيها الاستيلاء على تلك المدينة والأرض المباركة إلا أنهم فشلوا حتى اغتصبوها واحتلوها في أواخر القرن الخامس الهجري وبقيت قرابة ثلاث وتسعين سنة بأيديهم إلى أن قيض الله لها القائد الهمام صلاح الدين الأيوبي رحمه الله وفتحها وعاش النصارى في كنف الدولة الإسلامية أفضل من عيشهم عندما كانت بيد اليهود وعندما كانت بيد الامبراطورية الرومانية، لماذا؟ لأن الصليبيين عندما اغتصبوا تلك البلاد قتلوا سبعين ألفا من المسلمين.

وهكذا استمرت المؤامرات لغرض السيطرة على تلك الأرض المباركة، وكان من آخر المواقف التي حاولوا الوصول لأرضنا الحبيبة فلسطين عندما كانت الخلافة العثمانية في أواخرها جاء أحد الأثرياء إلى السلطان عبد الحميد الثاني كي يعطي بعض الامتيازات لليهود في فلسطين، فرفض واستغرب من هذه المطالب وقال لمرافقه: هل كنت تعلم بما يريد هذا الخنزير ، ثم طرده وقال: لأهون علي أن أقطع قطعا في مبضع من أن أرى جزءا من امبراطوريتي يقتطع، ثم قال لهم: اذهبوا فإنه سيأتي اليوم الذي تتسلمون فيه فلسطين من دون مقابل – وهذا فعلا الذي حصل -.

الآن المسجد الأقصى يبكى على حاله هذا المكان العظيم الذي عندما فتحه عمر أوقف أرضه لعامة المسلمين، لذلك مسؤولية استرجاع تلك الأرض المباركة لا تتوقف على الفلسطينيين فحسب ولا على العرب، بل على كل مسلم أن يتحمل مسؤوليته تجاه هذه الأرض فهي ملك لجميع المسلمين لأنها وقف ولا يجوز أن نتنازل عن ذرة منها، وفتاوى العلماء بتحريم بيعها أو بيع شبر منها أشبه بالتواتر وقد أكدوا على ذلك.

لكن هنالك أمر هام جدا؛ كيف لنا في ظل الضعف والهوان والمواقف المخزية في هذه الأيام أن يكون لنا دور تجاه ما يقوم به المحتل اليهودي في أرضنا من أبشع أنواع الإحلال، لأنهم جاءوا لا ليخرجوا بل جاءوا ليمكثوا أمدا بعيدا، لأن وجودهم ينبع من معتقدات توارتية تلمودية في كتبهم المحرفة بل زادوا على ذلك، وزوروا الكثير من الحقائق، والأمر الهام أننا المسلمون كيف نصيغ وكيف نعيد تلك القضية لنفوسنا ولقلوبنا وهي تحاك عليها المؤامرات من قبل اليهود بل ومن قبل من تسربت إليهم بعض تلك المخططات – علموا أو لم يعملوا – وسنقتصر على أمرين اثنين فيما يتعلق بكيفية محاولة الاستيلاء على تلك الأرض فقد مارسوا جميع أنواع الإجرام؛ اغتصاب .. احتلال .. سفك دماء .. هدم منازل .. تغيير معالم .. استيلاء على مقدسات.. هدم مساجد .. هدم مقابر وما شابه ذلك، فما تركوا وسيلة تخطر على بال إنسان إلا وسلكوها لمحاولة الاستيلاء وإلصاق هذه الأرض بهم وكأنها أرضهم!! فهم في كتبهم يقولون بأن هذه أرض الميعاد في توارتهم المحرفة، وكما سمعتم يعيدون تاريخها إلى داود عليه السلام ويلغوا الفترة التي سبقت.

منذ أكثر من مائة عام هنالك حملة تهويدية إحلالية اغتصابية للأراضي الفلسطينية بكل أنواع الطرق، وهذه القضية ما بدئت منذ عام 1917 منذ وعد بلفور المشؤوم ولا بدأت منذ احتلال القدس سنة 67 من القرن الماضي، إنما بدأوا عام 1871 م واستمرت العملية ست سنوات بمسح شامل وكامل لجميع القرى والمدن والأراضي الفلسطينية من خلال "هيئة استكشاف فلسطين" وقاموا بعمل أربعة أنواع من الخرائط :

الأولى: الأسماء الصحيحة الحديثة بالانكليزي.

الثانية: أسماء العهد القديم.

الثالثة: أسماء العهد الجديد.

الرابعة: أماكن وموارد المياه.

ثم عندما جاءوا واغتصبوا تلك الأرض كان في معتقدهم أنهم ما جاءوا طارئين بل هم أشاعوا وأثاروا بأنهم أصحاب الأرض الأحقاء بها ونحن الفلسطينيون طارئون عليها!! هكذا يشيعون وللأسف نتيجة لقلة الوعي وابتعادنا عن التأصيل الشرعي الصحيح لتلك القضية الإسلامية انساق الكثير وراء مصطلحات هم ابتدعوها وابتكروها .

اليهود عُرف عنهم الخديعة والمكر والكذب والتزوير، ولنذكر بعض الأمثلة على قضية وأساليب تهويد تلك الأرض، ففي عام 1949 ادعوا وفق الوثيقة البريطانية أن مقدساتهم 49 مقدسا، وبالمناسبة اليهود ينطلقون من عقدة النقص بقلة المقدسات ودائما يحاولون أن يكثروا تلك المقدسات المزورة المدعاة حتى يلصقوا أنفسهم بتلك الأرض، وفي عام 2000 أصبحت مقدساتهم 326 مقدسا، والآن تزيد على 360 بعد أن ضموا كما سمعتم في الآونة الأخيرة المسجد الإبراهيمي، وادعوا أنهم يرجعون إلى إبراهيم عليه السلام وإبراهيم بريء منهم وقد بين الله تعالى ذلك وهذه فرية قديمة ( ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين . إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) لا الكافرين.

وكذلك ضموا مسجد بلال في بيت لحم وهدموا مسجد من ثلاثة طوابق قيد الإنشاء – مسجد سلمان الفارسي قرب نابلس – ومن أساليب التهويد غيروا معالم البلدة القديمة القدس بكل وسيلة من خلال هدم المنازل وعدم إصدار الرخص للعرب والفلسطينيين بالبناء، ومن خلال الاعتقالات التعسفية ورفع ضرائب الأملاك والتضييق في القضايا التجارية على الفلسطينيين ومن خلال طرد العديد منهم، ولا زالوا لحد هذه اللحظة يصدرون قرارات الطرد، وكذلك تغيير المعالم.

ففي عام 67 أول ما احتل اليهود بيت المقدس " القدس الشرقية " - وفي الحقيقة هي قدس واحدة وهذه بدعة أظهروها غربية وشرقية، وهي ملك للمسلمين – أول ما عملوا استولوا على حائط البراق ويسمونه حائط المبكى، وبعد أربعة أيام هدموا حارة المغاربة بالكامل وفيها أربعة مساجد وفيها المكتبة الأفضلية وفيها أوقاف للمسلمين وأسموها حارة اليهود تأملوا!!

التسميات كلها تنبع من عقائد تلمودية وتوراتية إطلاقا – وسأضرب لكم أمثلة أدلل على ذلك – وكانوا يأتون إلى المقابر في عام 2005 أكثر من 140 عامل يهودي جرفوا مقبرة " مأمن الله " من الجهة الغربية للمسجد الأقصى من باب الخليل ، وهذه المقبرة فيها رفات وعظام الصحابة الأجلاء والتابعين ومجاهدين وعلماء فسووها بالأرض، وبنوا عليها مبنيان ؛ المبنى الأول أسموه " متحف التسامح " – تأملوا دائما الأسماء تكون عكس ما يفعلون- والمبنى الثاني أسموه " الكرامة والإنسانية" فأي كرامة هذه في نبش قبور ؟!!

ثم وصلوا بالتهويد أبعد من ذلك الكوفية التي كانت رمزا للمجاهدين مع عز الدين القسام رحمه الله، هذه رسموها بلونهم – أبيض وأزرق – وقالوا هذه أصلها يهودي، بل ذهبوا أبعد من ذلك - وستستغربون – هم الآن يريدون إظهار أن هذه الأرض كلها يهودية وترجع إلى سنوات سابقة، قالوا الكثير من الأطعمة يهودية وليست فلسطينية مثلا قالوا " الفلافل " هذه يهودية ، يعني ما تركوا شاردة أو واردة إلا هودوها.

الآن يمنع البناء في القدس بالأسمنت والحديد المسلح، ويستخدمون حجارة وأنقاض القرى المهدمة في البناء حتى إذا جاء الزوار والسواح قالوا هذه مدينة عريقة وهذه بنائها قديم – لا يوجد فيها اسمنت وحديد تسليح – ووضعوا اليافطات بالعبري ، هذه تؤدي إلى ضريح فلان وهذه تؤدي إلى الكنيس الفلاني وما شابه ذلك وهم مستمرون بذلك.

يأتي أحدهم إلى قبر مسلم فلسطيني في المقبرة ويضع قطعة صغيرة ويكتب : هذا قبر جدي فلان الفلاني المتوفي سنة 1850 مثلا ، كذب وتزوير هذه أساليبهم ، والأدهى من ذلك أن التزوير وربط هذه الدولة الذين جمعوا من شتات الأرض شذاذ الآفاق من لعنهم الله وغضب عليهم وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت هؤلاء ادعوا أن هذه الأرض هي ملكهم وصاروا يغيروا بالمعالم والأسماء، لكن المؤسف أن كثير من الأسماء التي ابتكروها وابتدعوها وزوروها ألصقوها بمعتقداتهم المحرفة السابقة وتسربت إلينا والكثير من الفضائيات ونشرات الأخبار تردد تلك المصطلحات من غير تأني ولا تدبر ولا دقة ولنضرب على ذلك أمثلة.

الآن في نشرات الأخبار التي تقصفنا ليل نهار يقولون " دولة إسرائيل " والإسرائيليون فعلوا " وعملوا ، هذا اللفظ هم ابتكروه ولا يصح لمسلم أن ينقاد لما يشاع ولما يقال، وربنا تبارك وتعالى قد حذرنا من أفعالهم فقال ( يا أيها اللذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا ) فراعنا من كلام اليهود وكما قال تعالى في الآية الأخرى ( من اللذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا لينا بألسنتهم وطعنا بالدين ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا لهم وأقوم ولكن لعنهم الله بكفرهم فلا يؤمنون إلا قليلا ) فنحن مأمورون بعدم الانسياق وعدم التشبه بهم حتى في مصطلحاتهم.

فكلمة إسرائيل هي كلمة عبرية مركبة يعني " إسرا " أي عبد و " إيل " الله ، يعني عبد الله، بالله عليكم هل ينطبق هذا اللفظ عليهم ؟! وإسرائيل هو نبي من أنبياء الله عز وجل وهو نبي الله يعقوب عليه السلام، فهل لهم صلة بيعقوب عليه السلام ؟! لا والله كلا وحاشا، فأولئك صلتهم انقطعت بالأنبياء جميعا بمجرد كفرهم كما انقطعت صلة إبراهيم عليه السلام بأبيه آزر وصلة نوح بابنه الذي أصر على الكفر، فالأصح أن لا نقول " إسرائيل " فكثير من الناس يأتون بموضع الذم ويقولون: إسرائيل فعلت كذا وعملت كذا، اللفظ الصحيح كما سماهم الله، فبني إسرائيل هم أتباع أبناء يعقوب الاثني عشر سبطا الذين آمنوا به وبدعوته وبهم فهؤلاء بنو إسرائيل، أما أولئك الموجودين الآن فليسوا بنو إسرائيل هم شتات من الأرض جمعوا في أرضنا، فالحق أن يقال " يهود" وكلمة يهود ما وردت في القرآن إلا على محمل الذم والنقيصة أما بني إسرائيل فقد فضلهم الله تعالى في وقت من الأوقات فلا يصح أن نقول إسرائيل أو دولة إسرائيل.

بالمناسبة قبل احتلال أرضنا عام 48 كانت هناك عدة مقترحات لتسمية دولتهم الجديدة الموعودة ، فقالوا مثلا تسمى " دولة يهودا " نسبة إلى يهودا أو يهوذا الابن الأكبر ليعقوب عليه السلام، وقالوا تسمة "صهيون " وهي كلمة عربية وهي جبل في القدس، وهذا الجبل عندما سكن اليبوسيون القدس بنوا سورا لا زالت آثاره لحد الآن حتى أن باحثة بريطانية عام 61 للميلاد اكتشفت بقايا هذا السور على جبل صهيون، قالوا نسميها" تسبار " هي كلمة عبرية تعني نبتة الصبر أو الصبار هنا في اليمن يسمونه البلس، وهذه الكلمة يكنى بها المولود عندهم الذي يولد في أرضنا أرض فلسطين، وقالوا تسمى "أرض إسرائيل"، لكن تغيرت هذه التسميات قبيل إعلان دولتهم الغاصبة والآن يسمونها استقلال في 15 مايو/ آيار 1948 قبيل ثلاثة أيام سميت " دولة إسرائيل " والمؤرخون اليهود يكادون يتفقون على أن أول من اخترع أو ابتكر هذه التسمية هو أول رئيس وزراء للكيان اليهودي هو ديفيد بن غوريون، وهو يقول " لا معنى للقدس من غير الهيكل ولا معنى للهيكل من غير أرض الميعاد نمتلكها، وبالمناسبة لحد الآن لا توجد حدود واضحة للكيان اليهودي.

من الأشياء التي هودوها " جبل بيت المقدس " الهضبة التي عليها المسجد الأقصى أسموها " جبل الهيكل" ، دولتهم " إسرائيل" حتى يلصقوا أنفسهم بنبي الله يعقوب ، " القدس " يسمونها " مدينة داود " يلصقوا أنفسهم بداود عليه السلام، النجمة السداسية أسموها " نجمة داود يلصقوا أنفسهم بداود، والهيكل أسموه " هيكل سليمان " وسليمان بريء منهم ولم يبني سليمان عليه السلام هيكلا بل أقام بناء المسجد الأقصى إبراهيم وإسحق ويعقوب وسليمان.

من الأشياء التي انتقلت إلينا كذلك مجلس النواب اليهودي ماذا يسمونه ؟ " الكنيست " وهذه كلمة ترجع لعام 142 ق.م. عندما بنوا الهيكل الثاني المزعوم فأنشأوا "الهيئة التشريعية لليهود " وهي أعلى هيئة قضائية لهم، حتى مجلس النواب ربط بمعتقداتهم.

" الهولوكوست" أسطورة المحرقة النازية يسمونها " الهولوكوست" وهي كلمة عبرية تعني القربان ويدعون أنهم أحرقوا قربانا للرب وهذه من الطقوس الكبيرة لديهم، فأسماء ومعالم كثيرة في تلك الأرض ، ما جعلوا شاردة ولا واردة ولا حارة ولا بيت ولا مكان إلا غيروا معالمه، وهذه تحتاج لوقت ولا يمكن تغطيتها بمثل هذه الدقائق.

لكن نقول ينبغي على عامة المسلمين؛ دول وجماعات وأفراد لا سيما المؤسسات المعنية بفلسطين وبيت المقدس أن يعيدوا صياغة تلك المصطلحات وأن لا ينساقوا إلى الإعلام ولا إلى مصطلحاتهم، فعلينا أن ندقق ونعرف معاني تلك المصطلحات ماذا يريدون منها ؟ ومن هنا نطلب من جميع الجامعات والكليات أن يكون هنالك منهج متخصص ببيت المقدس لتوعية الأجيال.

اليهود لديهم ثمان سنوات يدرسون أبنائهم مصطلحاتهم وما يريدون لإلصاقهم بتلك الأرض مهما أمكن، 1500 ساعة ( ثمان ساعات بالأسبوع ) يدرسون كتبهم ومعتقداتهم ، ونحن أصحاب الحق أحرى وأولى بنا أن نعيد هذا التاريخ وأن لا ننساق إليهم وأن نؤرخ تاريخا حقيقيا مبنيا على عقيدة صحيحة، فكما يقاتلوننا بعقيدة باطلة نقاتلهم بعقيدة صحيحة لذلك فلسطين والمسجد الأقصى ما ضاعت إلا عندما تخلى المسلمون عن دينهم وعن مبادئهم وعن إيمانهم وعن تقواهم وعن عملهم الصالح، ولن تعود إلا إذا عدنا إلى ذلك ( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي ) ( إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم ) وكل أسباب النصر التي ذكرت في القرآن أسباب معنوية تتعلق بالإيمان بالله عز وجل والعمل الصالح والتقوى والصبر والثبات وكثرة ذكر الله عز وجل ثم تأتي كنتيجة ( وأعدوا لهم ما استطعتم ).

لذلك تلك الأرض لله عز وجل ( يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين ) لذلك يقول عليه الصلاة والسلام ( لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر – فيفضحهم الحجر والشجر – فيقول يا عبد الله يا مسلم .. ) فمتى ما حققنا إسلامنا واستسلامنا لله تبارك وتعالى وعبوديتنا الحقيقية لرب العباد متى ما كان النصر قريبا جدا، لذلك ربنا تبارك وتعالى حثنا وأوصانا بغير ما آية أن نتمسك بهذا الكتاب الذي فيه سبب عزنا وتمكيننا وشرفنا ( لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم ) أي فيه تمكينكم وشرفكم وعزتكم ( أفلا تعقلون ) ( ولينصرن الله من ينصره ).

فنسأل الله تبارك وتعالى أن يعيد إلى حياض الإسلام والمسلمين المسجد الأقصى، وأن يرزقنا فيه صلاة قبل الممات، ونسأله تبارك وتعالى أن ينصر الإسلام والمسلمين وأن يخذل الشرك والكافرين وأن يعيد إلينا المسجد الأقصى وأن يطهره من براثن اليهود الغاصبين المعتدين، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وصلي اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وجزاكم الله خيرا.

 

أصل هذه المادة محاضرة ألقيت

في جامع الصالح بصنعاء

بين مغرب وعشاء الثلاثاء الموافق 6/4/2010

أيمن الشعبان

مسؤول العلاقات العامة والإعلام

مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية

 

.