فلسطين التاريخ / أعلام بيت المقدس
الشيخ محمود بن عبد الرحمن بن محمود أبو خوصة رحمه الله
رحيل عَلَم مِنْ أعلام السُّنَّة في قِطَاع غَزَّة
هكذا يمضي أهل العلم، ويبقى ذكرهم عبقاً على الطريق، ويبقى ثرائهم ينير الطريق ودعنا قبل أيام عَلَماً مِنْ أعلام السنة، ومعلماً جاهد في سبيل نشر السنة ومحاربة البدعة، فكان لزاماً علينا في جمعية دار الكتاب والسنة أن نُعَرِّف به في السطور التالية:
ترجمته:
ولد الشيخ محمود بن عبد الرحمن بن محمود أبو خوصة في بلدة سكرير قضاء أسدود في العام 1354هـ الموافق 1936م , وقد عاش رحمه الله في أسرة فقيرة , ذاقت مرارة العيش منذ البداية إلى أن هاجر هو وأسرته إلى قطاع غزة اثر نكبة فلسطين في العام 1367هـ الموافق 1948م.
استقر الشيخ وعائلته في مخيم دير البلح للاجئين الفلسطينيين وسط قطاع غزة وهناك بدأ الشيخ مسيرته العلمية حيث أنهى منها تعليمه الأساسي والثانوي في مدارسها .
انتقل الشيخ بعد ذلك إلى جمهورية مصر العربية لإكمال دراسته الجامعية هناك حيث التحق بجامعة عين شمس قسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية حيث حصل منها على درجة الليسانس بتفوق.
عاد الشيخ بعدها إلى قطاع غزة ليمارس مهنته مدرسا للتربية الإسلامية في مدرسة خالد بن الوليد ثم مدرسة فلسطين ثم الفالوجا ثم المنفلوطي الثانوية في دير البلح وكان ذلك في سبعينيات القرن الماضي .
حاول العودة ثانية إلى مصر لإكمال دراسته العليا هناك إلا أن السلطات المصرية منعته من السفر آنذاك لدواع أمنية.
طرد من التعليم بناء على قرار من المخابرات اليهودية وذلك في مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
عاد إلى سلك التعليم في العام 1414 هـ الموافق 1994م مع مطلع قدوم السلطة الوطنية الفلسطينية ,حيث عمل مدرساً في مدرستي أبي عبيدة بن الجراح الثانوية للبنين ومدرسة احمد الشقيري الثانوية للبنيين ومنها تقاعد عن التعليم وذلك في العام 1419 هـ الموافق
عمل الشيخ ومنذ عقود على تأسيس المسجد الشرقي , المسجد الذي عمل فيه الشيخ (رحمه الله) إماماً وخطيباً منذ تأسيسه إلى ما قبل وفاته بعام , حيث كان يعقد دروسه العلمية في ذلك المسجد في شتى العلوم الشرعية .
**مناقبه وصفاته:
كان الشيخ (رحمه الله ) قدوة صالحة وأنموذجًا حيًا داعيًا إلى التوحيد محبًا للسنة ,مظهرا لها, عاملاً على نشرها.. كارها للبدعة عاملاً على طمسها .
فلم يكن علمه مجرد دروس ومحاضرات تلقى وإنما كان مثالا يحتذى في علمه وتواضعه وحلمه وزهد ونبل أخلاقه.
تميز (رحمه الله ) بالصبر والجلد والجدية في طلب العلم وتعليمه وتنظيم وقته الحفاظ على كل لحظة من عمره كان بعيدًا عن التكلف وكان قمة في التواضع والأخلاق الكريمة والخصال الحميدة .وكان بوجهه البشوش اجتماعيا يخالط الناس ويؤثر فيهم ويدخل السرور إلى قلوبهم .
كان (رحمه الله) عطوفا مع الشباب ,يستمع إليهم, ويناقشهم , ويمنحهم الوعظ والتوجيه بالرفق واللين والإقناع لم تفتر عزيمته في سبيل نشر العلم حتى في أواخر حياته , ولما أصابه المرض فتلقى قضاء الله بنفس صابرة راضية محتسبة وقدم للناس نموذجا حيا صالحا يقتدى به لتعامل المؤمن مع المرض الشديد .
نسأل الله تعالى أن يكون في هذا رفعة لمنزلته عند رب العالمين ....
** أبرز شيوخه :
· الشيخ / سليم شراب (رحمه الله )
· الشيخ كامل البلتاجي.
· الشيخ حسن عيسى.
** من أبرز تلاميذه:
1. فضيلة الشيخ : عادل نصار (رحمه الله )
2. فضيلة الشيخ : فؤاد أبو سعيد .
3. د. محمد نجم.
4. الشيخ : محمد أبو صوصين
5. أ.د عبد السلام اللوح.
6. د. محمد أبو شعبان .
7. الشيخ : عبد ربه شعبان.
8. الشيخ : خالد أبو شحادة
9. الشيخ : عاطف حويلة .
10.الشيخ : نزار أبو المعزة.
11.الشيخ : كمال النجار.
وغيرهم الكثير من طلبة العلم .......
** ابرز مؤلفات الشيخ (رحمه الله ) :
1. للشيخ ما يقارب الخمسين رسالة منها:
2. المآخذ على جماعة تقي الدين النبهاني.
3. وجوب إعفاء اللحية .
4. ملاحظة حول النية في العبادات.
5. الرياء والإخلاص.
6. العزة في الإسلام .
7. من فوائد إعفاء اللحية.
8. تربية النفس وعدم الكبر.
9. مسألة القرآن هل هو قديم أم مخلوق.
10.فضل لا اله إلا الله .
11.حول الرياء.
12.تنبيه الناس على بعض الأحاديث الضعيفة .
13.النهي عن القيام للأشخاص .
14.علو الله على خلقه .
15.الشطح الصوفي .
16.معتقدات باطلة حول النبي (صلى الله عليه وسلم) .
** وفاتـــــه :
توفي الشيخ (رحمه الله ) صباح يوم الجمعة الأول من محرم للعام الهجري 1431هـ الموافق 18 ديسمبر للعام الميلادي
** وقد بدت على الشيخ في مرضه الأخير بعض علامات حسن الخاتمة والتي نذكر منها:
1- ترديده لكلمة التوحيد (لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) , وقوله : (لا معبود بحق إلا الله ) .
2- قوله :( اللهم أحسن خاتمتي ) , وقوله : (اللهم لا تجعل مصيبتنا في ديننا ) .
3- ترديده لقوله عليه السلام:( إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلْ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ).
4- ترديده لقوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ).
5- كان يردد قوله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ).
نسأل الله العلي العظيم الذي أجاب دعوة الخليل لما دعاه ((رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ, وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ, وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ))
وأجاب دعوة حفيده يوسف لما دعاه ((رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ))
أن يلحق شيخنا بالصالحين وأن يجعل له لسان صدق في الآخرين وأن يجعله من ورثة جنة النعيم _انه ولي ذلك والقادر عليه_......
رئيس جمعية الكتاب والسنة – خانيونس - غزة
الشيخ / عبد الله بن سليمان المصري
.