دراسات وتوثيقات / دراسات وبحوث

الفاتيكان والمسجد الأقصى

عيسى القدومي

طرأت تغيرات متسارعة على موقف الفاتيكان (1) من القضية الفلسطينية بشكل عام ومن قضية القدس والمسجد الأقصى على وجه الخصوص؛ تلك المواقف والقرارات كانت الدافع لبعض الباحثين في دراسة (2) تلك الأسباب ومحاولة فهم دوافعها.

في البداية وقف الفاتيكان فيوجه المشروع الصهيوني وعارض المشروع الداعي لإقامة دولة يهود في فلسطين باعتباره الراعي للوجود والأماكن المقدسة النصرانية في القدس منذ أمد بعيد. وأصدر الفاتيكان بيانا في الشهر الخامس من العام ١٨٩٧م، وقبل انعقاد المؤتمر الصهيوني في بازل بسويسرا «٢٩ - ٣١ آب / أغسطس ١٨٩٧م» جاء فيه: «لقد مرت ألف وثمانمائة وسبع وعشرون سنة على تحقيق نبوءة المسيح بأن القدس سوف تدمر... أما فيما يتعلق بإعادة بناء القدس بحيث تصبح مركزا لدولة إسرائيل يعاد تكوينها، فيتحتم علينا أن نضيف أن ذلك يتناقض مع نبوءات المسيح نفسه، الذي أخبرنا مسبقا بأن القدس سوف تدوسها العامة «جنتيل» حتى نهاية زمن العامة «لوقا ٢١/ ٢٤» أي حتى نهاية الزمن» (3).

واتخذ بابا (4) الفاتيكان «بيوس العاشر» موقفا مباشرا عندما استقبل هيرتزل في العام نفسه، حيث أبلغه «رفضه إقامة وطن يهودي في فلسطين لأنه يتناقض مع المعتقد الديني المسيحي» (5)

غير أن هذه المواقف من الفاتيكان لم تدم طويلا، وأخذت بالتراجع، بداية مع الاعتراف بالحقوق المدنية لليهود في فلسطين (6)؛ ثم بقبول القرار رقم ١٨١ القاضي بتقسيم فلسطين إلى دولتين، فلسطينية ويهودية، والداعي كذلك إلى تدويل القدس (7).

 فحينما اعتلى «بولس السادس» سدة البابوية، زار في عام ١٩٦٤م القدس والأماكن المقدسة لدى النصارى والتقى برئيس الكيان الصهيوني في الوقت الذي كان الصراع العربي الصهيوني في أوجه ذروته.

ومع مجيء «يوحنا بولس الثاني» في العام ١٩٧٩م تعاظم دور الفاتيكان السياسي بشكل لم يكن مسبوقا على الإطلاق، وأطلق شعار «أن نكون في العصر» على أعمال المجمع الفاتيكاني (8).

وفي عام ١٩٦٥ م شارك في أعمال ذلك المجمع ما يزيد عن ٢٣٥٠ مندوبا مما أعطى المجمع بعدا عالميا، وأخذت فيه قرارات فاجأت الكثيرين لاسيما تلك المتعلقة بالعلاقة مع اليهود، والتي لا تزال نتائجها وآثارها ماثلة حتى يومنا هذا (9).

حيث نشطت الحركة الصهيونية وسعت لاستصدار وثيقة بتبرئة اليهود من دم المسيح ورفع اللعنات عنهم في الصلوات التي كانت تعرف بـ «صلاة لتنصير اليهود»، والاعتراف بأنهم شعب الله المختار وبأن الله أقام معهم عهدا وميثاقا على ما جاء في العهد القديم ووضع حد لكراهية اليهود واضطهادهم، وهو ما يعرف باللاسامية (10).

ولإصدار تلك الوثيقة مارست الصهيونية العالمية ضغطا مركزا من أجلها، والتي أدت إلى تقارب كاثوليكي يهودي وفتح باب الحوار بينهم والذي كان موصدا لسنوات طويلة، واستغلت الجمعيات اليهودية تلك الوثيقة وطالبت وضع ما جاء فيها موضع التنفيذ.

ورفع الكاردينال من تأييده لليهود بأن دعا أعضاء مجمع الفاتيكان إلى ضرورة الامتداد بالمسيح في محبته للشعب اليهودي (11)، بل وقام بجولات إعلامية في أمريكا ودول أوروبا بغرض إقرار الوثيقة (12).

وقام الفاتيكان منذ ذلك الوقت بورشة تعديل كل النصوص المعادية لليهود وعقيدتهم، وتشكيل لجان للتنسيق والمتابعة بهدف وضع العلاقات اليهودية المسيحية على سكتها الطبيعية ولإقامة حوار صريح بين الكنيسة الكاثوليكية واليهود!! وتبادل الزيارات على أعلى المستويات وتلا ذلك التحول الأكبر «١٩٦٢ م- ١٩٦٥ م» المتمثل في الاعتراف بالشعب اليهودي وبحق العودة إلى أرض فلسطين «وبإقامة وطن قومي لليهود»، مما أثار المجموعة العربية التي حضرت المجمع والتي وقفت موقفا سلبيا من كل تعديل يمس أسس العقيدة المسيحية (13).

وحينها زار «يوحنا بولس الثاني» كنيس يهودي في وسط العاصمة روما، وقد وصفت الصحافة الزيارة بالتاريخية ومنعطفا خطيرا في سياسة الكرسي الرسولي بعد إعلان ١٩٦٥م، وفي كلمة ألقاها في الكنيس اليهودي ١٩٨٦م قال البابا: «إن الكنيسة الكاثوليكية تندد بالحق والاضطهاد وكل المظاهر المعادية للسامية الموجهة ضد اليهود في كل وقت وبواسطة أي كان... إن اليهود هم الأخوة الأعزاء المحبوبون للمسيحيين وفي الإمكان القول إنهم الأخوة الكبار، إن الكاثوليك واليهود يجب أن يتعاونوا فيما بينهم لتعزيز السلام والعدل والكرامة الإنسانية لأنهم الأوصياء والشهود على نزول الوصايا العشر» (١٤) .

وفي عام ١٩٨٦ م قطع «يوحنا بولس الثاني» إجازته الصيفية ليقابل تسعة من رؤساء المنظمات اليهودية في مقره الصيفي خارج روما. وفي عام ١٩٩٣ م تم توقيع الاتفاق الفاتيكاني الإسرائيلي وتلاه حفل إحياء محرقة اليهود وقد جرى في عقر دار الفاتيكان.

وانفرطت السبحة!! وزادت الوثائق الفاتيكانية، ففي عام ١٩٩٨ م صدرت وثيقة فيها أسف بشأن «الأخطاء والهفوات التي قام بها أبناء الكنيسة وبناتها» (15) وتلك الوثائق كانت بلا شك أكبر من مجرد اعتذار وإنما هي ندم وطلب للغفران من اليهود (16) على ممارسات لم يقترفها من يطلب التوبة والمغفرة!!

والزيارة التي قام بها «يوحنا بولس الثاني» لاقت ترحيبا من قبل سلطات الاحتلال، وعلق أحد كبار الحاخامات على الزيارة بقوله «إن كنيسة روما قد تحولت إلى واحد من أفضل أصدقاء الشعب اليهودي بعدما كانت عدوا لدودا له» (17) وفيت لك الزيارة آذار 2000م وضع «يوحنا بولس الثاني» رسالة على حائط البراق - المبكى عند اليهود- وهي عادة وطقس يهودي كتب فيها: «يا إله آبائنا وأجدادنا يا من اخترت إبراهيم وذريته لحمل اسمك إلى الأم، إن الحزن يغمرنا حيال تصرفات الذين تسببوا خلال التاريخ بتألم أولادك هؤلاء ونحن إذ نطالب مغفرتك نود أن نلتزم إقامة إخاء فعلي مع أهل العهد» (18). وبذلك قد حقق «يوحنا بولس الثاني» لليهود ما لم يكونوا يأملون به ويتوقعوه.

وتلك المواقف دفعت أصوات من داخل المجمع والكنيسة لمعارضة هذا الحوار مع اليهود، والاعتراض على الاعتذار والمبالغة غير المبررة لكل تلك الوثائق المواقف، وقد برر تلك المواقف الفاتيكان بأنها لهدف استنقاذ القدس وجعلها رمزا للسلام والمصالحة.

وقد أنكر مجلس كنائس الشرق الأوسط الذي يمثل كل الكنائس في المنطقة العربية تلك التقلبات، وأصدر المجلس في عام ١٩٨٥ م، بيانا جاء فيه: «إننا ندين استغلال التوراة واستثمار المشاعر الدينية في محاولة لإضفاء صبغة قدسية على إنشاء «إسرائيل» ولدمغ سياستها بدمغة شرعية. إن هؤلاء لا يعترفون لكنائس الشرق الأوسط بتاريخها وبشهادتها وبرسالتها الخاصة ويحاولون زرع رؤية لاهوتية غريبة عن ثقافتنا».

وحذر مجلس رؤساء الكنائس في الأردن في بيان له (19) من وجود نحو أربعين فرقة تنصيرية تعمل في البلاد تحت غطاء «الجمعيات الخيرية وستار الخدمة الاجتماعية والتعليمية والثقافية». تحاول أن تفرض ذاتها بكل الوسائل لأنها مدعومة سياسيا وماليا من بعض الدول!! والخطير في الأمر - كما صرح - وجود أجندات خفية لهذه المجموعات الأقرب إلى «المسيحية المتصهينة» (20) وحذر مجلس رؤساء الكنائس من خطر هذه الفرق على المسيحية في الأردن وعلى العلاقات المسيحية الاسلامية.

وفي النهاية رضخ الفاتيكان وتحول من موقع المقاومة إلى المساكنة والمهادنة ثم التعايش إلى بلوغ مرحلة الاعتراف بدولة إسرائيل وتبرير الممارسات والإجراءات.

وكان الفاتيكان أبان قيام دولة اليهود في أرض فلسطين قد نشر نداءات باباوية بشأن جمع التبرعات وتمويل ريعها للأماكن المقدسة التي كان لها أثر كبير في زيادة الأعمال الاجتماعية والخيرية والثقافية (21).

ولا شك أن الكيان الصهيوني استغل الظرف الذي تعيشه الطوائف النصرانية لتضغط على الفاتيكان للاعتراف بإسرائيل وقايضت الكنيسة مقابل السماح لها بممارسة الأنشطة الدينية دون مضايقات أو قيود، ولعب اليهود لإحداث فتنة بين الفرق النصرانية الموجودة في فلسطين وهذا ما دفع «لتسارع تلك الوثائق».

الموقف حيال القدس:

طالب الفاتيكان بعد قيام حرب ١٩٦٧م بجعل القدس «مدينة مفتوحة ومحرمة» وخاضعة لنظام دولي، وجرت اتصالات بين الفاتيكان والكيان الصهيوني كان من نتائجها أن قرر الجانبان مواصلة اتصالاتهما لإيجاد تسوية مقبولة تتعلق بالأماكن المقدسة.

وبعد أن أصر الفاتيكان على تدويل القدس ردت دولة الاحتلال على ذلك الإصرار بإعلانها «القدس عاصمة أبدية لإسرائيل» عاصمة إسرائيل الموحدة!! وبعدها تخلى الفاتيكان عن مبدا التدويل واكتفى بالمطالبة بإجراءات وقواعد قانونية تحفظ له وللوجود النصراني الكاثوليكي بعض الضمانات الخاصة.

ويعزى التراجع في موقف الفاتيكان لعدة أسباب أهمها: نفوذ الولايات المتحدة الأمريكية وضغطها السياسي والاقتصادي على الدولة الكاثوليكية، وكذلك الخوف على الوجود النصراني الكاثوليكي في فلسطين.

وحينما جاء مؤتمر مدريد «١٩٩١م»، ليفرض على جميع الأطراف -التي لها صلة بالقضية الفلسطينية- أن تبدل من مواقفها، وتتعاطى مع الوقائع الجديدة والمتغيرات الدولية بأسلوب وطريقة مختلفة عن السابق؛ فبدأت الاتصالات بين الفاتيكان وبين الحكومة الإسرائيلية، وتم تشكيل لجنة مشتركة، مهمتها وضع آلية لإقامة علاقات دبلوماسية ، وفي أول جلسة للجنة المشتركة اعترف ممثلو الفاتيكان «بحق إسرائيل في العيش داخل حدود آمنة» (22) وطالبوا الوفد الإسرائيلي بضرورة تحقيق « تسوية للمشكلات المتعلقة بوضع الكنيسة قبل إقامة علاقات دبلوماسية كاملة مع إسرائيل» (23) وفي ٣٠ كانون الأول / ديسمبر ١٩٩٣م تم التوقيع على الاتفاقية، التي اعترف الفاتيكان بموجبها بالكيان الصهيوني وتبادل معها وثائق الاعتراف الرسمي وفي العام ١٩٩٤ م أقام معها علاقات دبلوماسية (٢٤).

الفاتيكان وحلوله لقضية القدس:

تطور موقف الفاتيكان من قضية القدس عبر الفواصل الزمنية، والمراحل التاريخية، من سياسة تقوم على التشدد والاستعلاء إلى سياسة تدعو إلى الانفتاح والحوار بين الأديان، والتعاطي على أساس الرعاية المسكونية (25) والغرض من كل ذلك هو إنقاذ «المصالح المسيحية، والوجود المسيحي في الأرض المقدسة» (26).

فبعد أن كانت سياسة الكنيسة الكاثوليكية ولعدة قرون ماضية، ترتكز على ثوابت أساسية، وهي عدم جعل القدس عاصمة لدولة يهودية حتى قيام الساعة استنادا إلى ما ورد في إنجيل لوقا (27) ومع مجيء البابا يوحنا بولس الثاني، تم تذليل الكثير من المعوقات المانعة من تحقيق هذا الاعتراف، غير أن الظروف الدولية وإصرار إسرائيل على مواقفها من القدس والأماكن المقدسة بشكل خاص أخرا الجهود المبذولة على هذا الصعيد.

أما موقف البابا الشخصي فقد كان صريحا لجهة الاعتراف بدولة إسرائيل وهو الذي قال فرسالة «رسولية» بتاريخ 20/٤/1984م: «لأجل الشعب اليهودي الذي يعيش في إسرائيل، ويحتفظ في هذه المنطقة بعلامات غالية جدا من تاريخه وإيمانه، أطلب في صلاتي الأمن والطمأنينة العادلة التي ينشدها ويسعى إليها كل بلد» (28) وفي تصريح آخر له يقول: «الشعب اليهودي الذي يعيش في دولة إسرائيل يحق له كأي شعب أن يتمتع بالأمان المرغوب والاستقرار العادل» (29).

صلاة بالطريقة اليهودية:

وزاد التقارب بشكل لا فت حينما زار «بنديكتوس السادس عشر» القدس في 12/٥/2009م، وصلى أمام حائط البراق في شرقي القدس ووقف خاشعا لدقائق ووضع رسالة في أحد شقوق الجدار، عملا بالتقاليد اليهودية.

وأكد بنديكتوس السادس عشر في كلمته هناك أن التزام الكنيسة الكاثوليكية بالمصالحة مع اليهود «لا رجوع عنه». وأضاف «إن الكنيسة تواصل تثمين التراث المشترك للمسيحيين واليهود وترغب في تفاهم متبادل واحترام يتم ترسيخه من خلال دراسات الكتاب المقدس والدراسات اللاهوتية كما من خلال الحوارات الأخوية» (30).

وهذا ما دفع «الشيخ محمد حسين» مفتي القدس والديار الفلسطينية إلى توجيه خطاب لبنديكتوس السادس عشر وحثه فيه على لعب دور فاعل لوقف «العدوان الصهيوني» على الفلسطينيين. وقال: «إننا في هذه البلاد التي غاب عنها الأمن والسلام جراء الاحتلال الإسرائيلي نصبو إلى يوم الحرية ونهاية الاحتلال وحصول شعبنا على حقوقه المشروعة ومنها إقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس وحق عودة اللاجئين إلى مدنهم وقراهم التي هجروا منها» (31).

واستغلالا للموقف وزعت سلطات الاحتلال الصهيوني بيانات إرشادية للأماكن التي سيزورها بابا الفاتيكان، وذكرت أنه سيزور «هيكل سليمان» ف إشارة إلى المسجد الأقصى المبارك، وهي المرة الأولى التي توزع فيها سلطات الاحتلال وبلديتها ف مدينة القدس المحتلة بيانات إرشادية تشير فيها بصراحة لهذه التسمية بدلا من تسمية المسجد الأقصى (32).

الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية ودورها في تهويد القدس!!

تكرر الإعلان عن شراء تجار يهود لأراض من الكنيسة الأرثوذكسية في القدس (33)، والتي يديرها البطريرك والأساقفة اليونانيون وتسيطر على عقارات هائلة تشمل آلاف الدونمات في فلسطين - لاسيما في القدس- والأردن، ومئات الكنائس والأديرة والمباني والمؤسسات التعليمية والمصانع والورش والمساكن، كما تملك شوارع بأكملها بمحلاتها التجارية وساحاتها، إضافة إلى العقارات الأخرى غير المنقولة.

وقد تمكنت سلطات الكيان اليهودي عن طريق البطريرك السابق -ديو دوروس- المتواطئ معها، من السيطرة على مساحات واسعة جدا من أراضي الكنيسة الأرثوذكسية في القدس، وهو ما أثار في حينه سخط الأوساط الاسلامية والنصرانية في فلسطين والأردن، غير أن - ديو دوروس- لم يعبا بكل تلك الاحتجاجات وواصل سياسة بيع الأراضي لسلطات الاحتلال.

فتم بيع ٧٠ دونما لليهود على جبل أبو غنيم تعود ملكيتها للكنيسة الأرثوذكسية مقابل مبلغ ١٥٠ ألف دولار أمريكي فقط!! وتلك الصفقة هي واحدة من مجموعة صفقات قام بها البطريرك اليوناني وتم بموجبها بيع الألاف من الدونمات النفيسة من أراضي القدس وغيرها، والتي ساهمت بتنفيذ الحزام الاستيطاني حول مدينة القدس. وتم بيع مأوى باسم القديسة جوانا في الحي النصراني المجاور في شرقي القدس، ويعتقد بأن بطريرك الكنيسة اليوناني السابق -ديو دوروس- قد حصل على مبلغ ثلاثة ملايين ونصف المليون من الدولارات الأمريكية مقابل بيع هذه الممتلكات – لعتريت كوهانيم-، كما تم بيع ٧٥٠ دونما آخر تقع حول كنيسة القديس أيليا في جنوب القدس لليهود، هذا بالإضافة لفضيحة أخرى نقلتها الصحافة تتحدث عن بيع المقبرة المسيحية الأرثوذكسية في يافا والتي بني على أنقاضها ٢٥٠ منزلا للمهاجرين من اليهود السوفيات.

وكان جواب -ديو دوروس- الأول في صحيفة عبرية واضحا ردا لاتهامه بالتفريط والخيانة حيث قال: متى جاء العرب إلى هنا؟ اليونانيون هنا منذ أكثر من ٢٠٠٠ سنة، ولقد وصل العرب فقط خلال القرن السابع (34).

هذه هي كنيستنا، كنيسة اليونانيين، إذا كانوا لا يقبلون قوانيننا فليس لديهم بديل سوى اختيار كنيسة أخرى أو أن يؤسسوا كنيسة لهم (35).

وبعد كل هذا أتت صاعقة جديدة كشفتها صحيفة معاريف حول صفقة تم خلالها شراء شارع بأكمله من قبل ممولين يهود في الجزء الشرقي من مدينة القدس المحتلة، والذي يقع في ميدان عمر بن الخطاب وفيه العديد من المطاعم والفنادق القديمة والأثرية. وقد بيعت هذه المنطقة في القدس القديمة مؤخرا بصورة سرية ومن دون علم أحد من الفلسطينيين ولا حتى المسؤولين في إدارات الفنادق لتصب في أيد يهودية (36).

وتشمل المنطقة التي تم بيعها لليهود مقابل ملايين من الدولارات معظم المباني القائمة في الطريق الممتدة بين الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية عند باب الخليل وحتى السوق العربي، وتقدر بـ ١٠ دونمات من أراضي شرقي القدس - والتي تقاس من قبل اليهود بالسنتيمتر - وتوفر لليهود ممرا آمنا من ما أسموه الحي اليهودي وصولا إلى حائط البراق - الذي أسموه حائط المبكى. وأوضح الممولون اليهود أن الغاية الأساسية من تلك الصفقه تكمن في -إنقاذ أراضي القدس- لصالح اليهود!!

وهذا البيع وتلك الصفقات المشبوهة أثارت نصارى فلسطين والأردن، فالبيان الختامي لمؤتمر السلط الأرثوذكسي والذي عقد في مدينة السلط الأردنية في مقر جمعية مار جريس الأرثوذكسية العربية بتاريخ 16/٤/2010م بمشاركة نحو ٥٠٠ شخص من الأردن وفلسطين كان واضحا جريئا رافضا لممارسات الكنيسة في القدس جاء فيه:

«إن مؤتمر السلط الأرثوذكسي جاء ليؤكد أن قضيتنا الارثوذكسية ليست قضية مطالب وحسب ولكنها قضية وطنية وعربية بامتياز وهي أيضا قضية تمييز عنصري لها أبعاد سياسية واضحة ومستمرة منذ خمسة قرون (37) ان الأبناء العرب الأرثوذكس في السلط وكل أرجاء الأردن يرفضون ما تقوم به إدارة الكنيسة في القدس التي تعقد صفقات بيع وتأجير لممتلكات ومقدسات الكنيسة وآخرها صفقة أرض مار الياس، التي أصر البطريرك ثيوفيلوس على المضي بها، رغم كل محاولات أبناء الطائفة العرب الأرثوذكس وقفها ، هذه الصفقة ستحيط القدس بمستوطنات وتفصل القدس عن باقي أجزاء فلسطين كما ستساهم مساهمة كبيرة في تهويد مدينة القدس الشريف» .

وأضاف البيان: «إن عقد صفقات البيع والتأجير مع شركات استيطان صهيونية ليس التصرف المرفوض الوحيد من قبل أبناء الكنيسة المقدسية في الأردن وفلسطين، لذا فإننا وبصفتنا أبناء هذه الكنيسة والحريصون على أن تبقى الكنيسة الأرثوذكسية المقدسية أم الكنائس راعية لأبنائها، محافظة على مقدساتهم وأملاكهم، محققة مطالبهم وكلها مطالب حق وعدل». ومن مطالباتهم الفورية: «المحافظة على الأوقاف العربية الأرثوذكسية وعدم التفريط بها، واسترجاع الكنائس المتنازل عنها في أمريكا لتتبع الكنيسة المقدسية» (38).

ومما لا شك فيه أن عملية البيع تأتي في إطار مشروع تهويد المدينة القديمة، والتأثير على مفاوضات الوضع النهائي حول مستقبل المدينة، بالإضافة لممارسات اليهود اليومية في مواصلة الاستيطان وبناء الجدار الفاصل في محيط شرقي القدس المحتلة لعزلها عن محيطها الفلسطيني، والاستيلاء على أراضي أهل القدس وممتلكاتهم بالنصب والاحتيال.

العهدة العمرية وتهويد القدس:

ما سبق يعود بالذاكرة إلى العهدة العمرية حينما حرص أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على الاستجابة لقبول الصلح لفتح القدس، وأبرم الصلح بنفسه بعد أن سافر من المدينة المنورة إلى فلسطين من أجل إتمام هذا الصلح؛ وكان في استقباله «بطريرك المدينة صفرونيوس» وكبار الأساقفة، وبعد أن تحدثوا في شروط التسليم انتهوا إلى إقرار تلك الوثيقة التي اعتبرت من الآثار الخالدة الدالة على عظمة تسامح المسلمين في التاريخ، والتي عرفت باسم العهدة العمرية.

ولتلك العهدة التي أعطاها عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لسكان القدس وبيت المقدس من النصارى معان جليلة: فقد امن امير المؤمنين أهل القدس على أنفسهم، وأعراضهم، وأموالهم، وممتلكاتهم، ومنع التعدي على أي من ذلك، وأن يعطوا الجزية نظير بقائهم على دينهم، وحماية المسلمين لهم. ومنعت العهدة أن يسكن مع أهل القدس من النصارى أحد من اليهود (39)، وذلك نزولا عند رغبة النصارى، لتطهرها من خبث اليهود، وتلك دلالة صارخة على كره أمم الأرض لليهود، ولا زالت هذه الوثيقة محفوظة في كنيسة القيامة بالقدس.

العهدة العمرية التي حددت عباراتها الموقف من اليهود - وكل عهد في الدنيا فيه واجبات وفيه حقوق - فكيف نرى الوثائق والاتفاقات والعهود والوعود تعطي لليهود الحق في الوجود على أرض فلسطين؟!!

وخلاصة الأمر: مع كل المتغيرات والتنازلات والتحولات والمداهنة التي انتهجها الفاتيكان مع الكيان الصهيوني بزعم حرصه على مقدساتهم في القدس إلا أن نصارى فلسطين لم يجدوا أنفسهم خارج دائرة الصراع، وإنما عانوا ما عاناه المسلم في القدس من ممارسات المتطرفين اليهود وإن كانت معاناة المسلمين تفوق ذلك بكثير، وتفريغ القدس من سكانها العرب يجري على المسلم والنصراني في القدس؛ إنما الفارق في المقايضة التي أبرمها الكيان الصهيوني مع المؤسسات النصرانية لتقديم ذلك الدعم والوثائق والمواقف لصالح اليهود هي في مقابل السماح لهم بممارسة حيز - إلى حد ما - من العمل والحرية.

والمبررات التي ذكرها قادة الفاتيكان لحماية الوجود النصراني في القدس لم يتحقق، واضحى عدد النصارى العرب في القدس لا يتعدى ١١ ألف نسمة حسب إحصاءات الكنسية ويشكلون 7,1% من عدد السكان الفلسطينيين القاطنيين في المدينة بينما كان عددهم 29350 نسمة عام 1944م. بل أشار المطران عطا الله حنا (40) الى أن عدد نصارى القدس في تناقص ولا يزيد في هذه المرحلة عن ٨ آلاف نسمة، ولا شك أن هذا ترسيخ للوجود النصراني الغربي والذين هم ليسو فلسطينيين بل يونانيون ولغتهم ليست عربية.

وشكا كهنة نصارى يخدمون في الكنائس القائمة في محيط مدينة القدس من تواصل الإهانات والاعتداءات الجسدية التي يرتكبها المستوطنون اليهود، وروى عدد من الكهنة في الكنائس الروسية والبولونية والرومانية والإثيوبية أن مستوطنين يعترضون طرق الكهنة، ويعتدون عليهم بالبصق ويكيلون إليهم الشتائم، وفي بعض الأحيان يلجئون إلى الاعتداءات الجسدية بالدفع وإلقائهم أرضا. وجرت اعتداءات على راهبات أيضا. ويقوم هؤلاء المتطرفون بكتابة شعارات بالعبرية ولغات غيرها تتضمن كلمات تسيء للسيد المسيح عليه السلام، وفي أحيان أخرى، يقذفونهم بالحجارة (41).

وفي المقابل تعد القدس من أكثر المناطق والمدن في فلسطين التي تم تفريغها من المؤسسات الفلسطينية - الاسلامية والعلمانية - عبر الكثير من القرارات والإجراءات التي اتخذتها مؤسسات الاحتلال بذرائع وحجج هدفها: «طمس العمل المؤسسي والمدني والاجتماعي الفلسطيني في القدس»!! والمؤسسات التي لم يصبها داء الإغلاق، ساهم الجدار العازل في إخراجها من القدس قسرا!! ونقلت مقراتها من القدس وضواحيها لكي لا تستطيع تحقيق ولو الجزء اليسير من أهدافها التي أنشأت من أجلها، بعد أن منع أعضائها من الوصول للقدس ممن لا يحمل هوية مقدسية.

ولعب اليهود دورا كذلك في تأجيج الصراع بين الطوائف النصرانية في القدس ووقوفهم موقف المتفرج في الكثير من المنازعات بينهم وهذا ما دفع «لتسارع تلك المواقف والوثائق»، على الرغم من أن الباحثين والمفكرين في الغرب ومنهم القساوسة هم أدرى الناس ببواطن الشخصية اليهودية الموروثة منذ آلاف السنين، وحديث بعضهم كـ « مارتن لوثر» في كتابه «نفاق اليهود» (42) الذي كشف الغطاء عن أخلاق اليهود وصفاتهم وغرائزهم منذ ما يقارب الخمسمائة سنة وكأنه يحدثنا حديث شاهد عيان عن سلسلة مجازر اليهود من« دير ياسين» إلى حرب غزة وما بينهما من ممارسات وإجرام.

يقول «مارتن لوثر» (43) عن نظرة اليهود للنصارى (44): «نحن نظرهم «غوييم» وثنيون، ولسنا من طبقة البشر ورتبتنا عندهم رتبة الحشرات» (45) وعن سبهم ووصفهم لعيسى عليه السلام، يقول «لوثر»: «علمت أن بعض اليهود يطلقون على السيد - أي المسيح عليه السلام كلمة «تولا» ومعناها «المجرم المصلوب»»؛ ثم يعود لوثر ويذكر القارئ بما جاء فالتلمود: «ألم يذكر التلمود ألم يقل الربيون، إنك إذا قتلت وثنيا فليس هذا القتل ذنبا أو جناية، ولكنه يغدو كذلك إذا كان القتيل أخاك من بني إسرائيل»!! (46).

وحول اتهامهم مريم عنون كلمته بالآتي «يدعون مريم العذراء بغيا»: وتراهم يطلقون على المسيح «ابن العاهرة» وعلى أمه مريم «العاهرة» ووصفهم وصفا صريحا حيث قال: «ولا نرى في الدنيا من يأتي بمثل هذا إلا الشيطان نفسه» (48).

إلا أن مواقف البابوات قد تغيرت وتبدلت من اليهود ومعتقداتهم وممارساتهم، وما يهمنا هو تبيان موقفهم من تهويد القدس وما يجري عليها من ممارسات صهيونية زورت التاريخ، وطمست المعالم، وضيقت المعيشة على سكانها، وهدمت المنازل وسحبت الهويات، ولم نسمع صوتا نصرانيا رسميا (49) يقف أمام تلك الممارسات والتهويد، بل أن الأصوات الساكتة ساعدت اليهود في المضي قدما بمشاريعهم المتسارعة لتهويد القدس والاعتداء على المسجد الأقصى.

الهوامش:

١ - الفاتيكان هي أصغر دولة من حيث المساحة وعدد السكان في العالم، تقع قلب مدينة روما عاصمة إيطاليا التي تحيط بها من جميع الجهات ويفصلها عنها أسوار خاصة؛ تبلغ مساحة الفاتيكان ٠,٤٤ كم مربع ويقارب عدد سكانها ٨٠٠ نسمة فقط وتعتبر التالي أصغر دولة في العالم من حيث عدد السكان أيضا. ويعتبر الفاتيكان مركز القيادة الروحية للكنيسة الكاثوليكية ودولة يديرها الإكليروس، ويرأس هؤلاء البابا أسقف روما المنتخب من قبل مجمع الكرادلة، وهو عبارة عن هيئة ناخبة من كرادلة العالم أجمع تنتخب البابا الذي يتمتع بصلاحيات غير محدودة مدى الحياة؛ بيد أن بابا الفاتيكان فعليا لا يمارس أيا من صلاحياته على الأمور الإدارية، السياسية والقانونية تاركا تدبير هذه الشؤون لرئيس وزراء دولة الفاتيكان، ومؤسسات الدولة المختلفة، يشغل منصب رئيس الوزراء عادة كاردينال كنسي، معين من قبل بابا الفاتيكان.

٢- من تلك الدراسات كتاب: الصراع على القدس (الفاتيكان في اللعبة الدولية)، صادق النابلسي- دار الهادي- بيروت «لبنان»- ط ١-٢٠٠٥ م. وكتاب «القدس في الوثائق الفاتيكانية» للمطران والسفير أدمون فرحات .

٣- نقلا عن محمد السماك، تاريخ العلاقة بين الفاتيكان وإسرائيل، جريدة النهار اللبنانية، بيروت 17/٦/1994م

٤- البابا هو أسقف روما، هذا المنصب يجعله أعلى سلطة في الكنيسة الكاثوليكية على مستوى العالم تضم سلطته الكنيسة اللاتينية (أوربا الغربية وشمال أفريقيا) والكنائس الشرقية الكاثوليكية الخاضعة للكرسي البابوي. البابا الحالي هو البابا بنديكتوس السادس عشر، الذي انتخب في مجمع الكرادلة في ١٩ أبريل ٢٠٠٥ م. وهو البابا رقم ٢٧٤. ومنصب البابا يعرف أيضا باسم البابوية، ويقال عن تحديد سلطته في الكنيسة بعض الأحيان بأن البابا يجلس على الكرسي الرسولي، وكان لقب البابا يعطى في السابق لكل أسقف في الكنيسة، إلا أنه حفظ مع الوقت لرأس الكنيسة، مع احتفاظ بعض الكنائس بهذا مثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

5- تاريخ العلاقة بين الفاتيكان وإسرائيل، م. س. (الوثيقة الفاتيكانية صادرة في الأول من أيار / مايو ١٨٩٧م ونشرتها صحيفة (La Civilta cattolica).

٦ - القدس في الوثائق الفاتيكانية، ص ١٨١.

٧ - الفاتيكان والصراع العربي - الصهيوني ص ٢٩-٣٠.

٨ - المجمع الفاتيكاني، عبارة عن جمعية عمومية استثنائية للكنيسة الكاثوليكية على مستوى العالم ويمثله ويشارك فيه كافة الكرادلة والبطاركة المطارنة والأساقفة والآباء العامون للراهبات الذين يمثلون بلدانهم وكنائسهم المحلية.

9- الصراع على القدس، ص٤5.

10- نحن والفاتيكان وإسرائيل، أنيس القاسم، مركز الأبحاث- منظمة التحرير الفلسطينية بيروت، ١٩٦٦، ص65، ص٨٠.

11- الموسوعة الفلسطينية، ص ٤١٩.

12- المصدر نفسه، ص ٤٢٠.

13- الصراع على القدس، ص٦٦.

14- صحيفة النهار اللبنانية 14/٤/1986م.

15- أنظر ملحق ١٢ من الوثائق الملحقة في كتاب الصراع على القدس ص ٢٧١.

16- لا يوجد أي صلة بالفاتيكان والكنيسة الكاثوليكية بما قام بها هتلر اتجاه اليهود، وهذا ما أثبتته كتب التاريخ.

17- صحيفة الشرق اللبنانية ٢3/٤/2000م ونقلها صادق النابلسي في كتابه «الصراع على القدس»، ص ٧٥.

18- النهار اللبنانية ٢7/٣/2000 م.

19- صدر البيان الأردن بتاريخ 16/٢/2008م، ووقع البيان عن مجلس رؤساء الكنائس في الأردن المطران بنديكتوس مطران الروم الأرثوذوكس والمطران ياسر عياش مطران الروم الكاثوليك والمطران فاهان طوبوليان مطران الأرمن الارثوذوكس والمطران سليم الصائغ مطران اللاتين والمطران حنا نور أمين سر المجلس.

٢٠- نشر الخبر في الصحف الأردنية في 16 /02/2008 م، وموقع العربية نت، ووكالة فلسطين برس للأنباء ps/arabic www.palpress.

21- الصراع على القدس ص ٨٧، نقلا عن الوثائق الفاتيكانية ص ١41.

22- الصراع على القدس، ص ١٧٦، نقلا عن ملف القدس مسيحيا، لسعود المولى حزيران ١٩٩٦م.

23- المصدر السابق نفسه، ص ١٧٦.

24- النزاع على القدس، نقلا عن القدس بين إسرائيل والفاتيكان.

25- البابوية والشرق الأوسط، ص٩٨.

26- المصدر نفسه، ص٧٧.

27- جاء في إنجيل لوقا، آية ٢١/ ٢٤، قول السيد المسيح: «ويسقطون بحد السيف، ويسبون إلى جميع الأمم، وتدوس الأمم أورشليم إلى أن تتم أزمنة الأمم» الكتاب المقدس العهد الجديد، ١٦١.

28- القدس الوثائق الفاتيكانية ص ١٧٤.

29- صحيفة الحياة ١٩٩٠/٤/٦.

30- موقع العربية نت www.alarabiya.net

31- موقع العربية نت www.alarabiya.net

٣٢- موقع نسيج الإخبارية، الاثنين ١١ مايو ٢٠٠٩ م، خبر بعنوان: ( إطلاق تسمية «هيكل سليمان» على المسجد الأقصى في نشرات إسرائيلية وزعت بمناسبة زيارة البابا) .

٣٣ - تمتلك الكنيسة - بحسب سجلاتها الرسمية - نحو ١٨% من مساحة غربي القدس و١٧% من شرقي القدس ونحو ٣% من مساحة مدن اللد والرملة ويافا وحيفا، وتشمل مساحات من الأراضي والأديرة موجود أغلبها في مناطق مهمة وذات قيمة مادية واستراتيجية كبيرة.

34- نسأل أمثال هؤلاء: أليس الثابت تأريخا وجود القبائل العربية من الكنعانيين في فلسطين قبل ظهور اليهود والنصارى بألاف السنوات؟ ولم ينقطع وجود العرب واستمرارهم في فلسطين إلى يومنا الحالي، فالعرب عاشوا في فلسطين قبل مجيء اليهود والنصارى إليها، وأثناء وجودهم فيها، ألم يستقر فيها العرب أكثر مما استقر فيها اليهود والنصارى؟! ألم يتمكن فيها الإسلام أكثر مما تمعنت اليهودية والنصرانية؟! ألم يغلب عليها القرآن أكثر مما غلبت التوراة والإنجيل التي حرفتها أيديهم؟! ألم تسد فيها العربية أكثر مما سادت العبرية؟ وهل دافع عن هذه الأرض المباركة العرب أم اليهود والنصارى؟!!

٣٥ - صحيفة هارتس العبرية في ٢ / ٩/ ١٩٩٢م، لقاء مع – ديو دوروس- الأول.

٣٦ - صحيفة معاريف العبرية، 18/٣/2009م.

٣٧- وفي ذلك إشارة مطالبهم بالتحرر من هيمنة وسيطرة الكنيسة اليونانية على العرب النصارى فلسطين والأردن، أسوة الأرثوذكس العالم أجمع، حيث يوجد ٢٢٠ ألف أرثوذكسي عربي تحت رعاية ١١٠ من الكهنة اليونان، الذين معظمهم فاسدين وبينهم صراعات عديدة، هذا ما صرح به للصحف الرسمية الأردنية د. رؤوف أبو جابر رئيس المجلس الأرثوذكسي الأردن وفلسطين في ٢/٩/2010 م.

٣٨- صحيفة العرب اليوم الأردنية بتاريخ 18/٤/2010 م.

٣٩- أنظر نص الوثيقة العمرية: الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، مجير الدين الحنبلي العليمي، تحقيق عدنان أبو تبانه (١/ ٣٧٧)، ط ١/ ١٩٩٩م، مكتبة دنديس - الخليل والأردن.

٤٠ - رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس في كنيسة القيامة القدس، وله تاريخ وطني رفضه للاحتلال والتهويد، ويعارض ما تقوم به إدارة الكنيسة في القدس التي تعقد صفقات بيع وتأجير لممتلكات ومقدسات الكنيسة.

٤١ - صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 3/١/2010م، تقرير بعنوان مستوطنون متزمتون يعتدون على رجال الدين المسيحيين القدس،

٤٢ - الكتاب بعنوان «نفاق اليهود» ((The Jews and their lies لمؤلفه الألمانية الدكتور «مارتن لوثر» زعيم الحركة البروتستانتية في ألمانيا في القرن السادس عشر. طبعته «الحركة الصليبية الوطنية» في لوس أنجلوس سنة ١٩٤٨ م، وخلال مسيرة تلك الحركة قامت طباعة عشرين مرسوما بابويا بشأن «اليهود واليهودية»، وامتازت تلك المراسم بصرامة لا تقل عما جاء كتاب نفاق اليهود لـ (مارتن لوثر) وقد نقله إلى العربية الأستاذ المؤرخ الباحث «عجاج نويهض»؛ وهو الذي نقل «بروتوكولات حكماء صهيون إلى العربية»، وقدم له «شفيق الحوت»، وقامت لطاعته دار الفكر في لبنان.

٤٣ - مارتن لوثر هو زعيم الثورة البروتستانتية في ألمانيا في القرن السادس عشر، ولد سنة ١٤٨٣ م وعاش 6٣ سنة.

٤٤ - نبه الناشرون «الحركة الصليبية الوطنية» أنه لا ينبغي لهم النهاية أن يستنتجوا أن وجهة نظر لوثر فيما يتعلق باليهود هي بالضرورة وجهة نظر البروتستانت، وهناك من البابوية من استعمل لغة صارمة إزاء اليهود كلغة د. مارتن لوثر أو بالأحرى أصرم منه ، وأضاف الناشرون مقدمة ترجمتهم للكتاب من الألمانية إلى الإنجليزية: «الواقع أن إقامة اليهود وسكناهم في حارات أو أحياء خاصة بهم لا يشاركهم فيها غيرهم، كان ذلك بمقتضى مراسم بابوية ، و كذلك فصل الجماعات المسيحية عن اليهود كان بمراسيم من بابا روما ، والغاية من هذه الملاحظة تنبيه القارئ إلى أن هذه القضية لم تكن يوما محض بروتستانيتية أو كاثوليكية أو غير ذلك وكثيرون من جميع الأديان وافقوا لوثر وكثير خالفوه» . أنظر نفاق اليهود، ص ٢5 .

45- نفاق اليهود، ص ٨٥.

46- المرجع السابق، ص ١٠٨.

47- الرجع السابق، ص ١١٩.

48- المرجع السابق، ص ١١٠.

19- من أصوات الكنيسة الكاثوليكية أو غيرها، باستثناء نزغ يسير من نصارى العرب الأرثوذكس في فلسطين والأردن.

 

مجلة بيت المقدس للدراسات- العدد الحادي عشر

.