فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار

تقرير: في القدس.. حرب صامتة لحسم ديموجرافي لصالح اليهود

 

التاريخ: 11/5/1430 الموافق 06-05-2009

 

سجّل الربع الأول من العام 2009، تصعيدًا إسرائيليًا غير مسبوق فيما يتعلق بالصراع الديموجرافي في مدينة القدس، ومحاولات الجانب الإسرائيلي حسمَ هذا الصراع لصالحه عبرَ سلسلة من الخطوات والإجراءات.

ومن أبرز القرارات التي اتخذها الاحتلال الإسرائيلي لتهويد المدينة المقدسة قيامه بعزل تَجَمّعات سكانية كبيرة يقارب عدد سكانها 160 ألف مَقْدسيٍّ خارج الحدود البلدية المصطنعة للقدس، حسبما كشف أحدث تقرير صادر عن الأمم المتحدة.

وبحسب التقرير فإنّ هذا العدد يزيد عن التقديرات الفلسطينية المحلية التي كانت تتحدث عن عزل 125 ألفًا في أحياء و بلدات "الرام، ضاحية البريد وكفر عقب وسميراميس ومخيم شعفاط وضاحية السلام وبلدة عناتا"، وهي أكثر التجمعات السكانية المقدسية كثافة.

وكانت أبرز الإجراءات الإسرائيلية حتى نهاية العام المنصرم 2008 بهذا الشأن استكمال بناء الجزء الأكبر من جدار الفصل العنصري حول المدينة المقدسة، مما جعل هذه البلدات والأحياء بهذا العدد الكبير من سكانها معزولة عن القدس، وهو إجراء يهدد هؤلاء بفقدان حقهم بالإقامة في مدينتهم مستقبلاً، وبالتالي تكون السلطات الإسرائيلية المحتلة قد نجحت في التخلُّص من هذا العدد الكبير من السكان دفعة واحدة، بعد أن كانت إجراءات الطرد الصامت والتطهير العرقي تستهدف أفرادًا أو مجموعات صغيرة بذريعة عدم إثبات مركز الحياة في المدينة المقدسة.

تشريد 5 آلاف مقدسيّ

وتهدد إجراءات الهدم مئات المنازل التي قررت بلدية الاحتلال في القدس تشريدها منذ مطلع العام الجاري 2009، بمعنى فقدان المأوى لأكثر من خمسة آلاف مقدسي يقطنون في نحو 1100 وحدة سكنية تلقى أصحابها إخطارات بالهدم، ليضاف هذا العدد من السكان إلى نحو 500 نسمة غالبيتهم من الأطفال والنساء هدمت مساكنهم منذ مطلع العام الجديد.

وفي تقرير لها، استعرضت "وحدة البحث والتوثيق" في مركز "القدس" للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، أهم المعطيات المتعلقة بالديموجرافيا الفلسطينية في القدس، والتي تشير إلى أنّ عدد المقدسيين داخل أسوار البلدة القديمة من القدس وصل حتى مطلع العام 2009 إلى نحو 36 ألفًا، بعد أن كانت معطيات سابقة تحدث عن عدد يتراوح ما بين 33 ألفًا إلى 34 ألفًا.

ويفسّر المركز هذه الزيادة إلى انتقال عشرات العائلات المقدسية للسكن في البلدة القديمة بسبب الحواجز والجدار الذي فصل هذه العائلات عن مركز حياتها وتعرضها للتهديد المباشر بإسقاط حقها في الإقامة من قبل وزارة الداخلية، رغم أنّ ظروف السكن في البلدة القديمة صعبة جدًّا حيث الازدحام الشديد في المساكن، واضطرار بعض الأُسَر إلى تحويل محلات ومشاغل أحذية إلى مسكن لإيواء أفرادها كما هو الحال في خان الأقباط أحد الأسواق الشهيرة دخل أسوار المدينة المقدسة.

في مقابل ذلك تشير معطيات مركز "القدس" إلى وجود ما يقارب ثلاثة آلاف مستوطن يَقْطنون "حارة الشرف"، أو ما يسمى "بالحي اليهودي" الذي أُقِيم على أنقاض الحارة الفلسطينية بعيد سقوط المدينة المقدسة عام 1967. إضافة إلى نحو 1000 مستوطن آخر يقطنون في 70 بؤرة استيطانية مُوَزعة على الحيين الإسلامي والنصراني في البلدة القديمة.

ويسعى الإسرائيليون إلى زيادة عدد المستوطنين في البلدة القديمة لمواجهة الكثافة السكانية الفلسطينية العالية، من خلال سيطرتهم على مزيد من العقارات المتاخمة للمسجد الأقصى والمجاورة لما يسمي بالحي اليهودي.

ويرى خبراء فلسطينيون وإسرائيليون في مجال الديموجرافيا أنّ جميع الإجراءات والخطوات التي اتخذتها بلدية الاحتلال في القدس بإدارتها اليمينية الحالية والقاضية بهدم مئات منازل المقدسيين ستفشل في اقتلاع الأعداد الهائلة من المقدسيين، لأنّ معدل النمو السكاني الفلسطيني يصل إلى 3 أضعاف النمو السكاني اليهودي غير الديني، ونحو ضعفي النمو السكاني اليهودي الديني. وبالتالي فإن حسم الصراع السكاني والديموجرافي هو في استمرارية هذا النمو والتزايد في أعداد السكان.

ويُشار إلى أنّ لجنة إسرائيلية شكلت بعد احتلال القدس عام 1967 أطلق عليها "لجنة جفني"، تقف وراء ما يسمى قانون التوازن السكاني الذي طُبّق في العام 1973، وكان الهدف من ورائه مراقبة التزايد السكاني الفلسطيني في القدس بحيث لا يزيد عن 22% - 24% من إجمالي عدد السكان.

وقد ارتبطت المعضلة الديموجرافية بقضية البناء الفلسطيني في القدس، حيث تبنّت الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة سياسةً خاصّة فيما يتعلق بالتنظيم والبناء في القدس وأخضعت لاعتبارات سياسية تحددها التوجهات السياسية الإسرائيلية العليا القائمة على نهب أراضي المقدسيين وتقييد النمو الديموجرافي الفلسطيني ومكافحته من خلال مكافحة البناء الفلسطيني في المدينة المقدسة، وعلى هذا الأساس طبقت السياسة القائلة بمنع البناء على 70% من أراضي الضفة، وعلى 86% من أراضي القدس.

المصدر:الإسلام اليوم

 

.