القدس والأقصى / عين على الاقصى

تَطبيعٌ أَم استسلامٌ؟!

تَطبيعٌ أَم استسلامٌ؟!

التَّطبيعُ يَعني باختصار: تَحويلُ السلوكِ الطارئ أو الجديد إلى مَا يُشبه الطبيعي فَيُصبح جزءا لا يَتجزأ مِنَ حَياةِ الإنسان، أي إقامة علاقات تجنح نحو الطبيعي الذي يسود عَلاقةِ النَّاسِ بِحيث تُصبحُ اعتيادية في القبولِ والتعاملِ المتبادلين .

ومِنْ خِلالِ مَسيرةِ الصِّراعِ مَعَ اليهودِ نَجد أَنَّ الكيانَ اليهودي هُو الذَّي أَصرَّ عَلى جَعلِ العلاقاتِ مَع العرب تَبدو وكأنها طَبيعية، حَيث طَرحَ استراتيجياتٍ كُبرى تُطالب بالسلامِ والتعايش مَعَ اليهودِ الغاصبين، لضَمانِ بَقائهم في المنطقةِ.

والتَّطبيعُ بَرزَ كمصطلحٍ واستراتيجيةٍ لتذويب العداء مع اليهودِ وكيانهم المغتصب لأرضِ فلسطينَ، ولإجراءِ عَمليةِ تَغيير في النَّفسيةِ العربيةِ والإسلاميةِ وتَعديلها لتتواءم وتَتعايشَ وتَتقبلَ الكيانَ اليهودي كجزءٍ طبيعي مع حِفاظ اليهودِ الصهاينة عَلى مَشروعِهم العدواني .

وعَمل الإعلام اليهودي للوصولِ بالعقلِ العربي إلى الاقتناعِ بأنَّ التعايشَ مع العدوِ اليهودي هُو المفتاح للأمنِ والاستقرارِ والسلامِ والرخاءِ، والذي يَعني القبولَ بالكيانِ اليهودي كدولةٍ مستقلةٍ ذات حُدود آمنة يَسهل الدِّفاع عَنها، والتَّسليم بالكيانِ اليهودي كَحقيقةٍ قائمةِ، والاستسلامُ لإرادةِ العدو ومخططاتهِ، ولهذا أَصبحت مُصطلحات السَّلام والتعايش مَع اليهودِ مصطلحاتٌ تَتكررُ عَلى مَسامعنا ويَشدو بِها الإعلامُ صَباحَ مساء، وتُعقد لها مُؤتمراتٌ وندوات!!

والتَّطبيع أَي جَعل العلاقات طبيعية وكأن مَن لم يرتبط بمعاهدات سَلام مع اليهود يَكون أَمرهُ غَير طَبيعي، فَأَسموهُ السَّلام العادل والشامل، وهذه كُلها مُصطلحاتٌ يُحاولون التأثير بها عَلينا وعَلى أَدمغتنا بِجعلها أمرًا واقعًا، باعتبارِ ذَلك هُو الأقربُ للعقلانية .

وأَصبحوا يَنعتونَ كُلَّ مَنْ هو رافضٌ للعقلانيةِ والتَّعايش السِّلمي مَع اليهودِ بالجهلِ لأنهم لا يَقبلون وِجهة نَظرِ الطَّرفَ الآخر!!

 

كتاب: مصطلحات يهودية احذروها، ص14-15.

عيسى القدومي

.