القدس والأقصى / عين على الاقصى

"صَباح الأحمد" رحمه الله .. مواقف خالدة في القضيةِ الفلسطينيةِ



"صَباح الأحمد" رحمه الله .. مواقف خالدة في القضيةِ الفلسطينيةِ

د.عيسى القدومي

    ودَعت الكويت قَبلَ أيامٍ أَميرها وقَائد إنسانيتها (سمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح) - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته - الذي وافته المنية بعد مسيرةٍ حافلةٍ بالعملِ مِن أَجل بناء الوطن ، وشَارك  في هذا الوداع ببالغ الحزن والأسى العالم الإسلامي أجمع مستذكرين ما قدمه أمير الإنسانية لشعبهِ وأُمته وقَضايا أُمتهِ العربية والإسلامية من مواقف لا تُنسى، فَهو صاحب المواقف الشجاعة والحكيمة، والأيادي البيضاء، والمسيرة الحافلةِ بالبذلِ والعطاءِ.

    كَما يَستذكرُ العالم أَجمع مواقف سمو أمير الكويت الشيخ صَباح الأحمد المتمسك بحلٍ عادلٍ وشَاملٍ للقضيةِ الفلسطينيةِ، وبَصماته الواضحة في دعم قضية فلسطين وفي القلب منها قضية القدس والمسجد الأقصى المبارك، ودَعم حُقوقِ الشَّعبِ الفلسطيني وصمودهِ ونضالهِ المشروع، ما جَعل دولة الكويت وقيادتها في صدارة الداعمين والمؤيّدين لقضية فلسطين والمقدسات الإسلامية.

فقد أولت دولة الكويت – حكومةً وشعبًا- قضية فلسطين أولوية قصوى، تَشهد لها المواقف والأعمال والتصريحات في الساحةِ العربيةِ والإسلاميةِ والدولية، وتَجسد ذلك بوضوح إزاء الاعتداءات التي تَعرضت لها مناطق الضفة وغزة، في نهجٍ واضحٍ وموقفٍ ثابتٍ التزمته دولة الكويت في التعاملِ مع القضيةِ الفلسطينيةِ.

    وقد كَرَّر أُمراء وحُكام الكويت وصولاً إلى أميرها الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح التأكيد على أن : "الكويت ستكون آخر دَولةٍ تُطبع العلاقات مع الكيان الغاصب" وهو ما يظهر جليًا في موقفِ الكويت الثابت تجاه قضية الأمة المركزية، والمسجد الأقصى، وحقوق اللاجئين، والاستيطان، وعمليات التهويد، والقتل، والتشريد الممنهج من قبل إسرائيل.

   وفي عام 1974 م طَالب سمو الأمير صباح الأحمد رحمه الله الأمم المتحدة بتصحيحِ ما ارتكبتهُ من أخطاءٍ عام 1947، وأكد مرارًا  أنه من دونِ معالجة كارثة ومأساةِ فلسطين لا يُمكن إِحلالِ السَّلامِ في المنطقةِ ، فلا سَلامَ إلا بحلِ القضية الفلسطينية.

        ولا يخفى علينا ذلك الدعم الكبير الذي قدمتهُ دولة الكويت تحت قيادةِ سمو الأمير الراحل في المحافل الدولية والأمم المتحدة وتَصديها للعديد من القراراتِ التي من شَأنها أن تَضر بالقضيةِ الفلسطينيةِ وحُقوق أهلها، ودعمها لأي قرارٍ في صالح فلسطين حيث تَصدى (السفير منصور العتيبي) مندوب دولة الكويت الدَّائم لدى الأمم المتحدة لمثل تلك القراراتِ بقولهِ: "إن دولة الكويت تَعهدت قبل أن تتسلم مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن مطلع هذا العام 2018 ببذل كل المساعي والجهود لدعم القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين".

         وقَال الأمير الراحل في إحدى تصريحاتهِ: "لماذا تَستمر معاناة الشعب الفلسطيني؟ لماذا نَتجاهل ولا ننفذ قرارات مجلس الأمن التي اتخذت؟ لماذا يقف المجتمع الدولي عاجزًا عن حَلِّ هذه القضية؟ ولماذا تُصبح الضحية قاتلاً في عُرفِ إسرائيل؟". وتابع متسائلاً: "لماذا تَتمكن إسرائيل دائمًا من الإفلاتِ من العقاب؟ ولماذا كل هذه الأرواح تُزهق وهذه الدماء تُسال أَمام الصَّمت المطبق للضمير العالمي؟".

 كما قَال سُموه: إنَّ قَضية فلسطين ستبقى هي الأولوية الأولى للكويت، إلى حينِ أخذ الشعب الفلسطيني كامل حقوقه.

   ولم تتوقف مسيرة التبرعاتِ والمساعداتِ الإنسانية لأهل فلسطين على مَرِّ التاريخ ولم يقف دعم الكويت للقضية الفلسطينية عند هذا الحد، إذ رَفضت القيادة الكويتية طوال فترة حُكم الشيخ صباح الأحمد مرارًا وتكرارًا التطبيع مع العدو الإسرائيلي، وعَلى مَدار السنوات الماضية، رفضت الكويت ما يُعرف بـ(صفقة القرن) وأي نتائج مترتبة عليها، مؤكدة أنها تَقبل فقط بما يَقبل به الشعب الفلسطيني وقيادته الشرعية.

  ولا يَسعنا في هذا المقام إلا أن ندعو المولى عز وجل لأميرِ دولة الكويت (سمو الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح)، بدوام الحفظ والتوفيق وتمامِ التوفيقِ والسَّداد في حملِ الأمانةِ، ومواصلةِ مَسيرة الأمير الرّاحل، والعمل لما فيه خير واستقرار وازدهار دولة الكويت الشقيقة والأمَّة العربية والإسلامية، وأن تستمر مسيرة ومواقف دولة الكويت المشرفة إزاء القضية الفلسطينية لما فيه صالح الأمتين العربية والإسلامية.

وختامًا فإننا نُعزي أنفسنا كما نُعزي الشَّعب الكويتي أَجمع في هذا المصاب الجلل، ونسأل الله لهما أن يتغمَّد الراحل الكبير وقائد العمل الإنساني بواسعِ رحمته، وأن يُسكنه فسيحَ جَناته، وأن يَمنّ على القيادة الكويتية والشعب الكويتي الشقيق بجميل الصبر وحسن العزاء.

.