أنشطة المركز / فعاليات
مركز بيت المقدس بغزة يجري حواراً مع الفلسطيني الوحيد الذي كان ضمن قافلة الحرية
مركز بيت المقدس بغزة يجري حواراً مع
الفلسطيني الوحيد من غزة الذي كان ضمن قافلة الحرية
ضمن التغطية الحيَّة والمتواصلة التي يقوم بها مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية ـ فرع غزة لأحداث أسطول الحرية , وما تبعها من تداعيات كان هذا اللقاء مع أحد شهود العيان الذين عاشوا أحداث القرصنة الصهيونية , و الذي كان على متن السفينة التركية , وهو المواطن أحمد الدهشان والذي يبلغ من العمر خمسة وأربعين عاماً من سكان حي الزيتون بمدينة غزة , والذي كان برفقة زوجته المواطنة وفاء الدهشان البالغة من العمر خمسة وأربعين عاماً والمريضة بسرطان القولون ,, وإليكم نص الحوار .
المركز : في البداية حمداً لله على سلامتكم , والله نسأل أن يكتب ذلك في ميزان حسناتكم يوم القيامة .
الدهشان : حياكم الله وأهلاً وسهلاً بكم .
المركز : ما الذي دفعك للذهاب لتركيا , وكيف سافرت إلى هناك ؟
الدهشان : الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين , وبعد :
لقد أصيبت زوجتي العام الماضي بمرض عضال وهو مرض السرطان في القالون , وأجريت لزوجتي عملية جراحية في المستشفى الأوربي بقطاع غزة , وقد قرر الأطباء بعدها بأنها تحتاج إلى عملية إشعاع بالكيماوي , وهو غير متوفر في بلادنا وموجود في بلاد محدودة مثل تركيا , وعلى إثر ذلك قمت بالتواصل مع الجمعيات والمؤسسات الخيرية فتبرعت جمعية قطر الخيرية مشكورة بتكاليف العلاج والتي تقدر بثلاثين ألف دولار .
ذهبنا إلى تركيا عبر معبر رفح البري , ومكثنا في تركيا أربعة أشهر للعلاج , وبعد ذلك طلبت زوجتي مني أن نذهب إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة ـ خاصة أنها كانت متخوفة من مصيرها , والله سبحانه وتعالى وحده يعلم كيف ستكون الأمور ـ وبالفعل ذهبنا إلى مكة المكرمة ومكثنا فيها خمسة عشر يوماً , وهناك كانت المفاجأة وهي أن المصريين لا يسمحوا لأي أحد بالصعود على متن الطائرة إلى مطار القاهرة الدولي إلا بعد فتح المعبر, وحينها كان المعبر مغلقاً وللأسف الشديد استمر إغلاق المعبر قرابة السبعين يوماً , وبعد الصبر والانتظار طويلاً أبلغنا أن معبر رفح البري قد تم فتحه فتوجهنا على الفور من مطار جدة إلى مطار القاهرة , ولكن المؤسف أن المصريين قاموا باحتجازي أنا وزوجتي المريضة والعديد من الإخوة في غرفة المطار لعدة أيام , ولم يسمحوا لي بالدخول إلى قطاع غزة .
قررت بعد ذلك أن أرجع من حيث أتيت إلى جدة , وبالمناسبة لا يوجد معي إقامة في جدة , وإنما الإقامة التي كانت بحوزتي هي إقامة في تركيا ؛ لذا قررت العودة مرة أخرى إلى تركيا قسراً وعدت إلى تركيا ومكثت حوالي أسبوع وعلمت بموضوع الأسطول البحري , وكنت حينها في أنقرة فتوجهت إلى اسطنبول وقابلت مدير الحملة التي تنظم تلك القافلة , وشرحت له حالتي فتفهم الرجل ما قلت له وأخذ جوازي وجواز زوجتي , وسجلنا مع أعضاء القافلة , وأقاموني عندهم إقامة كريمة تستحق الذكر والشكر , وقدموا لي كل ما يلزم من مأكل ومشرب وملبس ومبيت , وجلسنا عندهم مدة خمسة أيام , وبعدها توجهنا جميعاً إلى مدينة أنطاليا الساحلية , وجلسنا هناك أربعة أيام داخل أحد النوادي بانتظار انتهاء الإجراءات , وتجميع أعضاء القافلة , وكانت هناك تعقد الفعاليات , والمؤتمرات الصحفية , ومراسلة سفراء الدول , وهناك تعرفت على العديد من أبناء الدول الإسلامية والعربية .
المركز : هل كان هناك أحد من قطاع غزة غيرك على متن أسطول الحرية ؟
الدهشان : لا . كنت فقط أنا وزوجتي من سكان قطاع غزة , حيث صعدنا إلى السفينة يوم الخميس الموافق 27 5
المركز : حينما كنت تتحدث عن معاناة قطاع غزة , وعن الحصار الظالم المفروض على قطاع غزة , كيف كانت ردة الفعل من أعضاء قافلة الحرية ؟
الدهشان : ردة الفعل أنهم كانوا يزدادون إصراراً وتصميماً على الوصول إلى الهدف الذي جاءوا من أجله وهو الوصول إلى قطاع غزة , ورفع الحصار الظالم , وكنت أشاهد الإرادة والعزيمة والصمود للوصول إلى ما يريدون .
المركز : خلال تلك الرحلة وأنتم على متن الأسطول هل كانت هناك توجيهات دينية وشرعية من قبل المشايخ لحثكم على الصبر والصمود والتحمل ؟
الدهشان : قبل صعودنا للسفينة عندما كنا في مدينة أنطاليا , وأثناء تواجدنا في السفينة حرصنا على أداء الصلاة جماعة , وكنا نحافظ على تلاوة القرآن الكريم , والأذكار عقب الصلوات المفروضة , وأذكار الصباح والمساء , والمأثورات , وكان هناك عقد ندوات ومحاضرات دينية لبعض المشايخ منهم الشيخ رائد صلاح وغيره , وكانت هناك كلمات للأدباء والكتاب والمثقفين , وكانت الفعاليات متواصلة لقتل الوقت , وشحذ الهمم , والتعبئة العامة للوصول إلى الهدف المنشود وهو قطاع غزة , وحث المتضامنين الموجودين في تلك القافلة العودة مرة أخرى وزيادة العدد في المرات القادمة وجلب أكثر للمساعدات والمعونات , وأيضاً وضع الوفود القادمة مع القافلة في صورة الأوضاع في قطاع غزة , وبيان الوجه الحقيقي لليهود , وبيان المعاناة التي يعانيها شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة وضنك العيش الذي يمر به أهلنا في غزة .
المركز : ما حدث هو عبارة عن قرصنة صهيونية متى بدأت تلك العملية الغاشمة , وما الذي حدث ؟
الدهشان : الذي حدث هو أنه في تمام الساعة 2:15 من فجر يوم الاثنين تم تجاوز قضية كبيرة وهو أن قبطان السفينة تجاوز السفن الصهيونية , وبعد ساعتين تقريبا أي حوالي الساعة 4:15 فجراً كنا نؤدي صلاة الفجر فإذا بالعدو الصهيوني يقوم بقصف السفينة بالطيران الحربي بزخات ووابل من الرصاص مما أنتج هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى وتكسير الأطراف نظراً للتدافع الذي حدث وإلقاء ركاب السفينة من الأعلى للأسفل , ولقد شاهدت أعضاء القافلة وهم يستشهدون .
المركز : النائبة حنين الزعبي قالت أن الاحتلال الصهيوني أطلق نيرانه من الطيران باتجاه الأسطول البحري هل تؤكدون ذلك ؟
الدهشان : نعم أؤكد ذلك وهو ما حدث بالفعل حيث كان إطلاق النيران من عدة طائرات وأقدرهم بثلاث طائرات , وهو الذي تسبب في سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء والجرحى .
المركز : كان عدد المتضامنين داخل السفينة التركية "مرمرة" يقارب 600 متضامن , هل كان عدد الجنود الصهاينة أكثر من عدد المتضامنين ؟
الدهشان : الجنود الذين اقتحموا السفينة يقدرون بأربعمائة جندي مدججين بشتى أنواع السلاح والذخيرة الحية , وكانوا موزعين على طوابق السفينة الأربعة .
المركز : حينما نزل جنود وحدة الإنزال على ظهر السفينة هل باشروا على الفور بإطلاق النيران ؟
الدهشان : الطائرات الحربية الصهيونية هي من باشرت وبدأت بإطلاق النار على السفينة التركية , وذلك تمهيداً لجنود وحدة الإنزال لاقتحام السفينة , وحينما نزل الجنود سيطروا على الطابق العلوى من السفينة وهو الطابق الرابع , وسيطروا على قبطان السفينة , وقاموا بالاعتداء عليه وأصبحنا في حينها لا نملك حولاً ولا قوةً , وشاهدنا أن العدو الصهيوني قد أحكم سيطرته على السفينة وعليه فإنه لا جدوى للمقاومة وأصبح الدفاع عن النفس متعذراً لأن أي عمل سيفضي في النهاية إلى الموت , وعندها قام قبطان صهيوني بالاستيلاء على السفينة , وجرها واقتيادها إلى ميناء أسدود .
المركز : بعدما تمت السيطرة على السفينة كيف تعامل العدو الصهيوني معكم ؟
الدهشان : عقب السيطرة على السفينة تم تجميع جميع أعضاء قافلة الحرية في مكان واحد تحت الشمس المحرقة , وقيدوا أيدينا بالسلاسل والأصفاد , ومنعونا من تناول الطعام والشراب , والتبول والتبرز , فضلاً عن منع الحديث مع بعضنا البعض .
المركز : هل تعرضتم للضرب من قبل الجنود الصهاينة ؟
الدهشان : بالنسبة للضرب لم نتعرض للضرب ولكن تعرضنا لما هو أشد وأقسى وأسوأ من الضرب وهو الإهانة والوضع في الشمس المحرقة والمنع من التبول والتبرز , والمنع من شرب الماء , وهنا أستحضر ذلك الحدث وهو أن النائب في مجلس الأمة الكويتي الدكتور وليد الطبطبائي قد قيده العدو الصهيوني بطريقة مشينة وبطريقة مغايرة لباقي المعتقلين حتى أنني شعرت أنهم ينوون بذلك إهانته لما رأوا منه من صلابة وشجاعة , وهذا أثار حفيظة زوجتي "المريضة" مما دفعها للصراخ في وجه الجندي الصهيوني , وقالت له هذا نائب برلماني وعليك التعامل معه كما تتعامل مع شخصية نائب يستحق التقدير .
المركز : وماذا عن الساعات التي تلت سيطرة الصهاينة على السفينة ؟
الدهشان : الحقيقة لقد تم توقيفنا في الشمس المحرقة والقيود تكبل يديك مدة تزيد عن تسع ساعات تحرم فيها من الشراب ومن التبول والتبرز حتى أنه في آخر ساعة سمحوا لي بالتبول وأنا مكبل اليدين مما دفع أحد الجنود لنزع ثيابي حتى أستطيع التبول !! , وبعد أن أوقفونا في ميناء أسدود قاموا بنقل البعض إلى سجن بئر السبع .
المركز : هل سبق لك وأن اعتقلت لدى الاحتلال الصهيوني ؟
الدهشان : نعم سبق وأن اعتقلت ست مرات لدى هذا العدو الصهيوني الغاشم .
المركز : هل سجنك سابقاً ساعدك على تحمل مرارة وشدة الاعتقال ؟
الدهشان : نعم , ولكن هذه حالة مميزة خاصة أن الصلف الصهيوني بدا واضحاً هذه المرة ؛ حيث كنا في الماضي ما نلبث ساعة أو ساعتين ومن ثم يذهبون بنا إلى السجن ويقدمون لنا الطعام والشراب ويفكوا قيودنا , لكن هذه المرة يومين كاملين من الألم والمشقة والمعاناة , والمفاجأة الكبرى أننا عندما وصلنا إلى السجن الذي كان يحوى بداخله كاميرات مراقبة كنا مكبلين ومقيدين وكان في انتظارنا الآلاف من الجنود الصهاينة!! وكنا نتساءل لماذا هذا العدد الكبير من الجنود الصهاينة ونحن أناس عزل مدنيين متضامنين بل علاوة على ذلك مقيدين بالسلاسل .
المركز : هل الجميع تعرض للتحقيق , أم أن البعض تعرض للتحقيق دون البعض الآخر ؟
الدهشان : الكل تعرض للتحقيق , وكنت أنا بطبيعة الحال ممن تعرضوا للتحقيق وتعرضت للتحقيق مرتين لأنني من سكان قطاع غزة , وتم عرضي على رجال المخابرات الصهيونية .
المركز : كيف كان وضع زوجتك المريضة أثناء الاعتقال والتحقيق ؟
الدهشان : على مدار اليومين اللذين تم احتجازنا فيهما لم أر زوجتي سوى ربع ساعة تقريباً , وبعد ذلك لم أرها حتى هذه اللحظة , وبشكل عام الوضع كان صعب للغاية .
المركز : بعد خروجك من السجن هل قمت بالتواصل مع زوجتك ؟
الدهشان : نعم لقد اطمأننت عليها , وهي تتواجد في تركيا بعد أن أبعدها الاحتلال الصهيوني , وهي بحمد الله بخير وستصل قطاع غزة في الساعات القادمة بإذن الله عز وجل .
المركز : نسأل الله لها السلامة والعودة إلى أرض الوطن والشفاء العاجل بإذن الله سبحانه وتعالى .
غالبية المتضامنين ينوون العودة مرة أخرى لفك الحصار عن قطاع غزة هل قابلت أحداً منهم بعد الاعتداء الصهيوني عليكم ؟
الدهشان : للأسف لم أقابل مع أحد منهم , وذلك لأن الظروف لم تكن تسمح بذلك خاصة أنني ذكرت لك الوضع الذي كان يسود خلال احتجازنا عند اليهود .
المركز : هناك قوافل قادمة لفك الحصار عن غزة . لو أتيحت لك الفرصة للمشاركة مرة ثانية هل ستشارك؟
الدهشان : أقسم بالله العظيم لو أتيحت لي الفرصة لأشارك بلا تردد .
المركز : جميع الموجودين على متن أسطول الحرية كانت تجمعهم صفات معينة وهي العزيمة والإرادة والعاطفة الجياشة برأيكم لماذا ؟
الدهشان : لأنهم كانوا أصحاب مبادئ وجاءوا من أجل هدف واحد وهو الذي جمعهم ووحدهم وهو رفع الظلم عن المظلومين ونصرة ونجدة أهل غزة الذين يتطلعون للحرية ورفع الضيم والظلم .
المركز : كلمة أخيرة توجهونها لأحرار العالم .
الدهشان : أناشد أحرار العالم بالعمل المتواصل والدءوب حتى رفع الحصار كاملاً عن هذا الشعب المظلوم .
وفي نهاية الحوار قدم مركز بيت المقدس مجموعة من إصداراته كهدية متواضعة، حيث ثمن الدهشان جهود المركز لنصرة القضية الفلسطينية .
.