فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام

المسجد العمري ... يا من شددتم الرحال من أجل التماثيل !!

المسجد العمري ... يا من شددتم الرحال من أجل التماثيل !!

بعد 700 عام تذكرت سلطات الاحتلال في مدينة القدس أن مسجد قرية أم طوبا تأسس بدون ترخيص ، وأصدرت وعلقت قرار الهدم والإزالة على بابه ، ليكون مصيره كمصير الـ1200 مسجد سبقوه هدماً وتدنيساً وتهويداً !!

جريمة صهيونية جديدة ضد مسجد تاريخي تم تشييده قبل نحو 700 عام ، وتم ترميمه في عام 1963م ، ويقع جنوب القدس ويعود إلى الفترة الأيوبية - المملوكية واستمر استخدامه وتعميره على مدار الفترة العثمانية حيث خضع لعمليات ترميم في القرن الماضي للمسجد الوحيد في قرية أم طوبا ، التي فوجئ أهلها بقرار صهيوني لهدم المسجد العمري في القرية من قبل بلدية الاحتلال الصهيوني في القدس المحتلة، وذلك بحجة البناء غير المرخص دون سابق إنذار، رغم مرور 7 قرون على بنائه !!

وذلك ليمنعوا المسلمين في القدس وما حولها من القرى من أي ترميم أو تحديث في المساجد التاريخية التي مازالت قائمة ، ويوصلوا لهم رسالة مفادها : أن أي تعديل في المعالم الإسلامية سيعرضها للهدم والإزالة التامة من قوات الاحتلال ومؤسساته التي أسموها بلدية القدس !! وسلطة تطوير القدس !!

 وهذا ما دفع سكان القرية إلى المرابطة في مسجدهم صغارًا وكبارًا شبانًا وشيوخًا "لمنع تنفيذ هذا القرار الصهيوني الجائر" لمسجدهم الوحيد في القرية التي يتجاوز عدد سكانها 3 آلاف نسمة ، حيث أن البناء القديم للمسجد تبلغ مساحته نحو 200 متر تمّ إضافة نحو 200 متر أخرى لتستوعب المصلين الذين يضطر بعضهم للصلاة في خارج المسجد.

وساد القرية حالة من الغضب العارم بعد اتخاذ هذا القرار الصادر عن سلطات الاحتلال التي تمعن في المس بمساجد المسلمين ، منتهكة للقيم والأعراف والتقاليد والمعاهدات الدولية التي تمنع المس بأماكن العبادة ، وحذر الأهالي من العواقب المترتبة على هذا القرار وطالبوا المنظمات الدولية والعربية والإسلامية و"اليونسكو" التدخل السريع والفوري لوقف عملية الهدم.

وهذه الممارسات ليست بجديدة على قوات الاحتلال فمنذ اغتصاب اليهود لأرض فلسطين في عام 1948 م ، لم ينقطع مسلسل الاعتداءات على مساجد المسلمين ، فبعد الاحتلال تم تدمير أكثر من 1200 مسجد ، والذي بقي منها في مناطق الـ ( 48 ) والتي كانت قائمة قبل الاحتلال ما يقارب 100 مسجد إلى الآن ، وتلك المساجد لم تسلم من أناس عرفوا عبر التاريخ بسوء الخلق والكذب والافتراء والتحريف والظلم والنظر للآخرين بدونية !!

حيث قامت المؤسسات الرسمية اليهودية بتحويل بعض المساجد إلى كنس يهودية : كمسجد العفولة ، ومسجد طيرة الكرمل ، ومسجد أبو العون ، وبعضها الآخر حُوِّل إلى خمارة كمسجد قيسار ، ونادي ليلي كمسجد السكسك في منطقة يافا ، ومسجد عسقلان مازال يستعمل كمطعم ومتحف وغيرها الكثير الكثير . . . وهذه المسيرة اليهودية الحاقدة في الاستيلاء على مساجد فلسطين كانت ولا زالت ولم يردعها حماية المسلمين العُزل في أرض الإسراء والقرارات العربية والدولية .

ولليهود في تلك الممارسات ضد مساجد المسلمين نوايا ومخططات حقيقية والتي منها : التخلص من عقدة النقص التي يعاني منها سادة وقادة اليهود بانعدام أماكنهم المقدسة على أرض فلسطين ؛ وإيجاد تاريخ وثقافة وحضارة لهم على أرض فلسطين وحولها ، وادعاء ذلك التاريخ للأجيال اليهودية القادمة ، ؛ ونزع الصفة الإسلامية عن أرض فلسطين بادعاء أن كل المقدسات الإسلامية هي مقدسات يهودية الأصل ، وأن المسلمين دُخلاء على تلك الأرض ، وما أتى اليهود الآن إلا ليعيدوا الحق إلى أهله ؛ ومن لم يستطيعوا سلبه بالطرق السابقة سيكون مصيره الهدم والتدمير !!

فيا من أقمتم الدنيا لمنع هدم التماثيل في أفغانستان ، فهناك مساجد تدنس ، ومقابر تجرف ، وآثار تدمر ، وتهويد يمسح الأرض شبرا بشبر . ومسلسل هدم المساجد لم يتوقف منذ أن رزح الاحتلال اليهودي البغيض على أرض المسلمين في فلسطين .

فلا توجد بقعة على وجه الأرض في عصرنا الذي نعيشه دنست وهدمت فيه المساجد كما هو في فلسطين على أيدي الاحتلال البغيض ، وما زالت الإجراءات المتسارعة لتهويد القدس والعبث في مقدساتنا الإسلامية هي الأخطر منذ بداية الاحتلال إلى الآن ؛ والتي لا تقل خطورة ومأساة عما يحدث في باقي فلسطين من حصار ودمار نال البشر والشجر والحجر ...

ما نحتاج إليه وقفة صادقة وتفعيل ما نستطيع من أدوات وإعلام دفاعا عن مقدساتنا ، وإيصال رسالتنا للعالم أجمع ، ومخاطبة العقول والقلوب ، وكذلك المؤسسات الحقوقية والدولية ... لكي لا تمر هذه الأحداث وكأنها أرقام جديدة لمساجد تهدم وتدنس !!

فلا ظلم أشد من ظلم من منع مساجد الله تعالى أن يذكر فيها اسمه ، وسعى في هدمها وخرابها ؛ فهذا منتهى الظلم وأعظمه على وجه الأرض الذي قال تعالى فيه : " ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزيٌ ولهم في الآخرة عذاب عظيم " (البقرة/114).

عيسى القدومي

 

.