فلسطين التاريخ / منتقى الأخبار

دولة كرتونية عاصمتها نصف القدس وتلتزم بحسن الجوار الاحتلال

 

هكذا يريدون فلسطين.. دولة كرتونية عاصمتها نصف القدس وتلتزم بحسن الجوار الاحتلال!

 

التاريخ: 6/9/1430 الموافق 27-08-2009

 

"إذا لم تستحِ فافعل ما شئت".. مثلٌ عربيٌّ ينطبق على واقع مرير وزمن عصيب، أصبح فيه الحليم حيرانَ، يخوض فيه السفيه في أمور العامة، لا تعرف من نصَّبهم على رأس الحكم.

السلام، رفض العنف، الالتزام بحسن الجوار، التعايش مع الجيران، إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967م، حل الدولتين، إنهاء قضية اللاجئين.. مصطلحات باهتة حاول كاتبو برنامج "الحكومة" غير الدستورية في رام الله إدراجَها وتمريرَها بين السطور، وهي مصطلحاتٌ رفضها الفلسطينيون على مدار سنوات عجاف أوجعت صموده وتضحياته.

حكومة غير دستورية

بحسب القانون الفلسطيني، فإنه لا يحق لأي شخص إقامة أي حكومة على مزاج معيَّن، لأن إقامة حكومة ينبغي أن ترتبط بعدد من المعايير؛ حتى تمنحها صفة الدستورية والرسمية والقبول، ولعلَّ من أهم هذه المعايير -وفقًا للقانون الفلسطيني- أن الحكومة يجب أن تُعرض على المجلس التشريعي الفلسطيني، وأن يتم إقرارها حتى تتمتَّع بالصفات سابقة الذكر، وإلا فإن الحكومة تكون حتمًا حكومةً غيرَ دستورية وغيرَ شرعية، وبالتالي لا يجوز لها الحديث عن قضايا مركزية تمس الفلسطينيين وانتماءاتهم، وهذا ما ينطبق على "حكومة" فياض غير الدستورية؛ حيث تمَّ تشكيلها وفقًا لأجندات وقرارات صهيونية أمريكية، والمراد منها تمرير قرارات لا تخدم القضية الفلسطينية من أجل تصفيتها، وهو ما لن يسمح به الفلسطينيون كما لم يسمحوا فيه على مدار عقود متواصلة من المؤامرات.

رفض العنف وحسن الجوار

برنامج كرتوني عرضه سلام فياض رئيس "الحكومة" غير الدستورية في رام الله، قال فيه إن فلسطين ستكون فلسطين، دولة محبة للسلام، ترفض العنف، وتلتزم بحسن الجوار والتعايش مع جيرانها، في إشارة إلى "دولة إسرائيل" العدو الأول للشعب الفلسطيني.

لقد تنازل المذكور عن آهات شعبه ومآسي المكلومين، فـ"وداعًا لدماء الشهداء الذين سقطوا برصاص الاحتلال اللعين" دعوة من قلبه دعاها فياض لتثبيت الاحتلال على جزء كبير من أرض فلسطين التاريخية؛ من أجل الاستقرار المزعوم الذي تغنَّى به.

                                          نصف القدس عاصمة!!

إن الأولوية المركزية تركَّزت عند الرجل في إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشريف على حدود عام 1967 كحلٍّ نهائي للقضية الفلسطينية؛ بيد أن الفلسطينيين يكادون يُجمعون على أن سلطات الاحتلال نفسها لا تقبل بهذا الحل النهائي الأخرق؛ فهي -من لا تملك- الأرض تصبو إلى ضمِّ كل فلسطين لها لإكمال "الدولة اليهودية"، بينما يتنازل الرجل عن الجزء الأكبر من فلسطين للاحتلال وبلا ثمن، بل وبخسارة من العيار الثقيل.

لقد تخلَّى فياض حتى عن قدسية القدس، وانكشف زيف انتمائه للقضية الفلسطينية عندما نطقها صراحةً وقال: "لا يمكن أن تكون القدس الشرقية إلا العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية العتيدة".

لقد جرف الرجل نصف القدس كهدية للاحتلال؛ من أجل تحقيق سلام أخرق، كما حاول أسلافه تسويقه على الشعب الفلسطيني.

الرجل يتمسك مجددًا بـ"حل الدولتين"

يتمسك الرجل بالحلِّ الذي يروِّج له كثيرٌ من قادة العدو الصهيوني، وهو "حل الدولتين"؛ حيث يناشد فياض الاحتلال الإبقاءَ على أمل أن يعمَّ السلام العادل في منطقة الشرق الأوسط؛ ظانًّا أن الاحتلال سيسلِّم له بما قال على طبق من ذهب، ويتناسى الرجل ما أكده التاريخ بأن ما أُخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة.

ويرفض الفلسطينيون حلَّ الدولتين وإقامة السلام المزعوم الذي حاول تسويقه على الشعب الفلسطيني الكثيرون على مدار سنوات عجاف لم تعُد على الفلسطينيين إلا بالويل والضياع، وتهديد البقاء على أرض فلسطين التاريخية، ولم يوضح الرجل رأيه بشأن "يهودية إسرائيل"، في إشارةٍ إلى موافقته الضمنية على إقامتها، والإعلان عنها من باب حسن النية والجوار.

فلسطين دولة كرتونية

تتكفَّل حكومته "غير الدستورية" بما أسماها بـ"المسؤولية عن توفير الأمن والأمان للأفراد والممتلكات، وتعمل مؤسستها الأمنية، المبنية على أُسس مهنية ضمن حدود القانون"، وأنه "لا يجوز للأفراد والجماعات حيازة السلاح أو حمله أو امتلاكه بصورة تخالف القانون"، في إشارةٍ واضحةٍ إلى التخلي عن المقاومة ضد الاحتلال الصهيوني والارتهان لأجندته، والعزف على لحن الرجاء ومناشدة الاحتلال منحَ الحقوق الفلسطينية للفلسطينيين، ولم يستحِ فياض من طرح مساندة الشعب الفلسطيني في "مقاومته الجماهيرية السلمية"، فهو يريد أن يكون الصوت مقابل الدبَّابة، والعويل مقابل الصواريخ والرصاص الحي!!.

إنهاء قضية اللاجئين بالتعويض والتوطين

وبشأن قضية اللاجئين الفلسطينيين فإن الرجل يعرض "حلاًّ عادلاً" لإنهاء قضية مركزية؛ فيرى أنه يجب التوصل إلى حلٍّ عادلٍ يُنهي هذه القضية، في إشارةٍ إلى إمكانية تعويض اللاجئين وتوطينهم في البلاد التي هم فيها أو في دول مجاورة، بيْد أن اللاجئين الفلسطينيين يؤكدون أن الحل العادل لهذه القضية هو حق عودتهم وتعويضهم عن المأساة التي لحقت بهم على مدار عقود متواصلة من التشريد والقهر؛ الذي كان سببه الاحتلال لا غير، مع التمسك الكامل بحق عودة اللاجئين إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1948م.

منظمة التحرير لا تمثل الفلسطينيين

لم تعد منظمة التحرير الفلسطينية هيئةً مستقلةً تمثل الشعب الفلسطيني، ولم تعُد ممثلاً وحيدًا للشعب الفلسطيني؛ لأن بناءها أصابه خللٌ كبيرٌ، وهي بحاجة إلى إعادة بناء وهيكلة؛ بما يضمن حقوق كافة الفلسطينيين في التمثيل بها، ويرفض الفلسطينيون أن يكون هذا الجسم الميت مؤتمنًا على أي قضية مركزية فلسطينية، أو أن تتحكَّم بمصير الملايين من الفلسطينيين في الوطن والشتات.

مؤامرة فاشلة

المتابع للقضية الفلسطينية يجد أنها تعرَّضت لمؤامرات عديدة، فلا تكاد مؤامرة تنتهي حتى تدخل مؤامرة جديدة؛ بَيدَ أن هذه المؤامرات كان مصيرها الفشل الذريع؛ نظرًا لتمسك الفلسطينيين بحقوقهم وثوابتهم، وعادةً ما ينقلب السحر على الساحر، فلا تأتي الرياح بما تشتهي السفن.

القضية الفلسطينية قضيةٌ مركزيةٌ لا يمكن حلُّها من خلال برنامج هنا أو هناك.. قضية لا يمكن حلُّها إلا من خلال انتزاع الحقوق، وإن التاريخ أثبت مرارًا أن ما أُخذ بالقوة لا يُسترَدُّ إلا بالقوة، وأن الاحتلال لن تردعه دغدغة العواطف والتمنِّي بنطح السحاب، بل إن الاحتلال لن تردعه إلا قوة تمحقه وتعيد الحقوق إلى أصحابها.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام

 

.