فلسطين التاريخ / تهويد وتزوير وإجرام
مدلولات تهويد الآثار في فلسطين
مدلولات تهويد الآثار في فلسطين
غزة – مركز بيت المقدس للدراسات التوثيقية – ساهر الحاج
أعلنت الحكومة الصهيونية قرار ضم أكثر من 150 موقعاً أثرياً لجملة الآثار اليهودية المزعومة من بينها مساجد وقناطر ومعالم أثرية، أبرزها المسجد الإبراهيمي بالخليل ومسجد بلال بن رباح في بيت لحم، وأيضاً من بين الآثار المهودة والتي نسبها اليهود زوراً لأنفسهم مدناً فلسطينية عريقة كانت قائمة قبل نزول التوراة، أبرزها مدينة عسقلان ومدينة بيسان ومدينة قيسارية على الساحل الفلسطيني، إضافة إلى قلعة رأس العين بيافا، وهي المعروفة بحصن الصادق وقد حولته سلطات الاحتلال إلى منتزه وطني، إضافة إلى منطقة سوسيا جنوب بلدة (يطا) بالخليل حيث تضم أبنية وأثار كنعانية قديمة في صورة تبدو للجميع على أنها أكبر مجزرة للتاريخ، ولا شك أنه كما هو الحال دائماً فإن أبطالها دوماً الصهاينة.
إن هذا الإعلان عن تهويد هذه الأماكن يدلل على ما يلي:
- يعتمد اليهود على سياسة التدرج حتى تسنح لهم الظروف المناسبة لتنفيذ ما يجيش في صدورهم من خبث وخسة، فمثلاً الظروف التي كانت إبان وعد بلفور لم تكن لتسمح لليهود لإعلان يهودية فلسطين علانية ، لكنهم اليوم يجعلون يهودية الدولة شرطاً لاستئناف المفاوضات العقيمة ، واليوم انتهاكات تلتها إعلان يهودية العشرات من المواقع الإسلامية، وغداً الطامة الكبرى وهو تهويد القدس بالكامل ومن ثم في النهاية تهويد فلسطين رسمياً وبغطاء دولي.
- تدلل هذه الفعلة على عقدة النقص عند اليهود وشعورهم بأنهم لا ينتمون لهذه الأرض، وأنهم يبحثون عن صلة ولو مزيفة ومكذوبة وغير واقعية لإثبات أحقيتهم بهذه الأرض، وهم بذلك يكذبون ويزورون تاريخ أمة بعينها أمام أعين ومسامع أمة المليار ونصف المليار مسلم بلا حرك يُذكر.
- رصد رد الفعل الدولي وخصوصاً الإسلامي منها تجاه المقدسات، ولا شك أن رد الفعل لم يرتق لمستوى الجريمة التي يرتكبها أبناء القردة والخنازير ضد المقدسات الإسلامية ، ولا شك أن المأساة أصبحت أمراً مألوفاً وهذا ما يبحث عنه الصهاينة تحديداً، وهو أن يصبح خبر هدم المسجد الأقصى أمراً عادياً ورد الفعل لا يرتق لمستوى الجريمة.
- اعتداء الصهاينة على المقدسات يرسخ لدينا الآيات الكريمة التي تؤكد تحريف اليهود لكتاب الله سبحانه وتعالى، ولقد قال الله في حق الذين حرفوا التوراة " فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا به ثمناً قليلاً فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون" . فإذا كان هذا حالهم مع كتاب الله الذي حرّف عن علم ويقين منهم وبأيديهم ، فإذا كان هذا هو حالهم مع كتاب الله فكيف سيكون حالهم مع المساجد بيوت الله.
- يأتي هذا التزييف للتاريخ في ظل ظروف مواتية جداً من خلال الموقف الحرج في الضفة الغربية بسبب ملفات الفساد التي باتت تنشر بشكل يومي لسلطة رام الله وأيضاً ما تقوم به الصحافة العبرية من كشف عن ملفات عمالة لمقربين جداً من صناع القرار من حركة حماس جعل موقف أكبر حركتين على الساحة الفلسطينية محرجاً، وبحاجة لإبداء التعليل منها والدفاع عن موقفها لإقناع الجمهور الفلسطيني بطهارة منهجها وطريقها، وهذا لا شك يستنفذ طاقة ووقتاً وجهداً ، وهذا كله سيأتي لا محالة على حساب القضية الفلسطينية ولاسيما المقدسات التي تهود يومياً.
- تقوية المبررات الصهيونية أمام الرأي العام الدولي، وإظهار الكيان الصهيوني بأنه صاحب الحق في هذه الأرض ، بل إن ترويج السفارات الصهيونية لهذه الحقائق ولهذه الآثار كونها آثاراً صهيونية والتسويق لها من قبل مؤسسات صهيونية تعلم جيداً ما هي المهمة الموكلة إليها فهم يعلمون جيداً مع من يتعاملون، وهذه النشرات ستوزع على صناع القرار في العالم وعلى رؤساء ونواب الدول التي ترزح فيها سفارات الكيان الصهيوني - وللعلم فإن السفارات الصهيونية في العالم لها الدور الأكبر في تشكيل الرأي العام الدولي والذي نراه دوماً منحازاً للكيان الصهيوني - وهذا يدل على مدى الجهود الجبارة التي تبذلها هذه السفارات حتى وصلت إلى هذه النتائج وطبعاً في ظل غياب دور فاعل للمؤسسات العربية والإسلامية بخصوص هذا الملف، ومن بين نتائج هذه الجهود تصوير الفلسطينيين بأنهم مغتصبون ويطالبون بحق ليس لهم .
- الإعلان الصهيوني هذا يأتي ضمن سياسة صهيونية مؤكدة تثبت لكل الواهمين واللاهثين وراء السلام المزعوم أن الصهاينة لن يتنازلوا عن الضفة الغربية كما يزعم البعض بل إن هذا الإعلان يندرج تحت سياسة تهويد الضفة الغربية فالعديد من الأماكن التي تم الإعلان عنها يقع في قلب الضفة الغربية .
.